الرئيسية تربويات حالة طوارئ داخل البيوت المغربية..استعدادا لامتحانات نهاية السنة

حالة طوارئ داخل البيوت المغربية..استعدادا لامتحانات نهاية السنة

كتبه كتب في 5 يونيو 2013 - 12:50

تعيش العديد من الأسر في فترة الامتحانات المدرسية ما يشبه حالة الطوارئ، خاصة عندما يتعلق الأمر بالامتحانات المؤهلة لنيل شهادة الباكالوريا، حيث تتخلى هاته الأسر عن جزء كبير من عاداتها الاجتماعية والترفيهية، من خلال تجنب الزيارات العائلية والتقليل من مشاهدة التلفاز، وذلك في سبيل أن توفر لأبنائها الجو الذي تعتبره ملائما للدراسة.

تمر الساعات ببطء شديد داخل منزل أسرة محمد، فكل المقيمين به محرمون حتى من أبسط وسائل الترفيه كالتلفاز، لأن الأسرة تعيش ظرفا استثنائيا، يتمثل في امتحانات الباكالوريا التي من المقرر أن يخوضها إبنه الأكبر بعد أيام قليلة.

محرومون من وسائل الترفيه

«مشاهدة التلفاز من شأنها أن تحرم منير من التركيز خلال حفظ دروسه»، يقول الأب ذو الخمسين عاما، فهو يحاول قدر الإمكان إبعاد إبنه عن مختلف مصادر الإزعاج والتشويش، وهو الأمر الذي لا يتأتى بالنسبة إليه إلا عن طريق حرمان كل أفراد الأسرة من متابعة برامجهم التلفزية المفضلة.

يعتبر محمد أن حصول إبنه على درجات مرتفعة في امتحانات الباكالوريا، والتي ستضمن له بالتالي الالتحاق بمقاعد أفضل الكليات، يستحق أن يقدم أفراد الأسرة التضحيات والدعم اللازم لمنير خلال تلك المرحلة الانتقالية من مساره الدراسي، لذلك فهو يحرص على توفير الأجواء الهادئة داخل البيت، كي يتسنى لمنير التركيز خلال مراجعة دروسه.

يقوم محمد بتوبيخ أفراد أسرته، بمجرد أن تتعالى أصواتهم إلى درجة صار فيها الضحك بصوت مرتفع أمرا نادر الحدوث داخل المنزل، الذي صار بمثابة معسكر على المقيمين فيه الالتزام بقواعده الصارمة.

لم يعد الأب يتقبل أيضا فكرة أن يزاول ابنه أنشطة رياضية بالموازاة مع حصص التقوية التي يستفيد منها داخل البيت على يد أحد الأساتذة، ما دفعه إلى مطالبته بعدم الاستفادة من حصص السباحة، ليجد منير نفسه في نهاية المطاف مرغما على الرضوخ لرغبة والده وعدم التوجه إلى النادي الذي يمارس فيه هوايته المفضلة، وملازمة البيت، حيث يقضي وقته في إنجاز التمارين.

بالرغم من تذمر أفراد الأسرة من البرنامج الصارم الذي يفرضه الأب عليهم، خاصة منير الذي يرى أن والده يمارس عليه ضغوطا نفسية تنضاف إلى مشاعر القلق والخوف التي تسيطر عليه قبل الامتحانات، مازال محمد يصر على حرمان أفراد أسرته من الوسائل التي اعتادوا أن يتغلبوا على الملل من خلالها، ولا يبدي أي استعداد لإضافة جرعة من الترفيه إلى حياتهم.

حظر تجول!

لا يختلف الوضع كثيرا بالنسبة إلى عبد الله وأسرته، لأن الأخيرة اعتادت بدورها أن تتخلى عن عاداتها الاجتماعية والترفيهية كذلك، خلال الأيام التي تفصل أبناءها عن اجتياز الامتحانات النهائية، لذلك فالأسرة لم تتردد هاته السنة أيضا في تقديم الدعم اللازم والمواكبة لابنتها مريم التي تستعد لاجتياز امتحانات الباكالوريا.

يصر عبد الله ذو الحادية والستين عاما على اختبار قدرات ابنته بنفسه ومدى استيعابها للدروس التي استفادت منها خلال عام كامل، حيث يوظف الأستاذ المتقاعد خبرته في مجال التعليم من أجل مواكبة مريم بالشكل الذي يضمن لها الحصول على درجات مرتفعة في مختلف المواد التي ستمتحن فيها.

تستفيد التلميذة أيضا من دعم ومواكبة أشقائها الأكبر سنا، الذين يتولون مهمة شرح الأمور المستعصية لمريم، ومساعدتها خلال حفظها لدروسها، والإجابة على الأسئلة التي يراهنون على أنها ستكون حاضرة في أوراق الامتحانات، لأنهم مروا من نفس التجربة.

يمتنع عبد الله كما هو الحال بالنسبة إلى الزوجة والأبناء عن السفر خلال الأيام التي تفصل الأبناء عن اجتياز امتحانات نهاية السنة الدراسية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالامتحانات المؤهلة لنيل شهادة الباكالوريا، التي يفرض خلالها الأب حظر تجول على أفراد أسرته الصغيرة، ويمنعهم حتى من حضور المناسبات العائلية التي يدعون إليها.

عزلة اختيارية

«واش غير ولادك اللي كيدوزو الامتحانات؟»، عبارة تتردد دوما على مسامع حميد من طرف المحيطين به، الذين لا يتقبل العديد منهم فكرة ملازمة كل أفراد الأسرة المنزل خلال فترة الاستعداد لامتحانات نهاية السنة وعدم تبادل الزيارات مع الأقارب.

يؤكد الأب الخمسيني أن الانعزال خلال تلك الفترة يكون دوما نابعا من إرادة أبنائه، الذين كانوا يرفضون فكرة السفر، لأنهم لا ينعمون بالأجواء المثالية للدراسة إلا داخل البيت، ما جعل الوالدين يلجآن إلى مساندة أبنائهما من خلال ملازمة البيت، حيث يتناوبان على تقديم المساعدة لهم خلال حفظهم لدروسهم وتحضير المشروبات والأطعمة التي من شأنها أن تزيد من قدرتهم على التركيز.

رغم الانتقادات الكثيرة من طرف القريب والبعيد، تصر الأسرة على الاستمرار في ذلك النمط، لأنها ترى فيه الوسيلة المثالية التي من شأنها مساعدتها على العبور بأبنائها إلى البر الأمان من خلال اجتياز عقبة الباكالوريا والتفوق في مشوارهم الدراسي.

شادية وغزو

مشاركة