الرئيسية اراء ومواقف بين الاستقالة و التهديد بالاستقالة أشواط من الزمن

بين الاستقالة و التهديد بالاستقالة أشواط من الزمن

كتبه كتب في 15 نوفمبر 2012 - 12:45

تعتبر الحملات الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية الأكثر شهرة و تتبعا من طرف العالم، و الاهتمام بهذه الانتخابات يعود للمكانة التي تحضا بها أمريكا  من حيث أنها القوة العظمى في مجال الاقتصاد و خاصة المجال العسكري،  وقد خصصت القنوات العربية حيزا مهما لمواكبة و تتبع نتائج هذه الحملة الانتخابية. لكن ماهي الدروس التي استخلصها السياسيون و باقي الهيئات التنظيمية وكذا المراقبون من هذه العملية الانتخابية؟ كيف تتحول الحملة الانتخابية إلى مرحلة للانتقاد و المساءلة؟ و تبيين نقط القوة بالنسبة للبرنامج الانتخابي و ما هي السبل الكفيلة بتحقيقه؟ هل يمكن للشعوب العربية عامة وخاصة تلك التي شهدت ثورات أن تحضى بمشاهدة مناظرات متلفزة للمنتخبين ؟  حتى يثبتوا ويقنعوا الناخبين بالذهاب إلى مراكز الاقتراع، وهل سيرقى الخطاب إلى جوهر العملية الانتخابية (موضوع الاقتصاد) بدل الحديث عن المرجعيات و الخلفيات التي أكل عليها الدهر و شرب، و السعي إلى تذكيرنا بالماضي “الحافل” بالمنجزات لهذا الحزب أو ذاك. المواطن لايهمه (وهنا لا أعمم) ماهي  الخلفية التي تتحكم في من يحكمه بقدر ما يهمه المنجزات المحققة من طرف من له سلطة تسيير الشأن العام.

و الدروس الأمريكية و الغربية بصفة عامة التي يجب أن نستخلص منها العبر لاتقتصر فقط في الحملات الانتخابية، ولعل أخرها تقديم السيد جورج أنتويسل المدير العام “بي.بي.سي” بإعطاء درس في المهنية، وذالك بتقديم استقالته من منصبه على إثر نشر تحقيق كاذب يتهم مسؤولا سياسيا سابقا في حزب المحافظين في عهد رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر بالاعتداءات الجنسية.

و في نفس السياق وبحجم أكبر قام أكبر مسؤول استخباراتي في الولايات الأمريكية بتقديم استقالته على خلفية تورطه في علاقة  جنسية خارج إطار الزواج، وبرر” بتريوس” تقديم استقالته هذه بأن منصبه وصفته رجل متزوج لا يسمحان له بارتكاب مثل هذه”الأخطاء”، الله عليك يا أمريكا.

وهنا يتضح جليا أن مهما ارتقيت في هرم السلطة الأمريكية أو الدول الغربية فإن مصلحة الدولة تستوجب الاحترام و التوقير، و أن الجميع خاضع للمساءلة بارتكابه أخطاءا قد تبدوا لنا نحن العرب “لاتستحق كل هذه الضجة “. ولعل “غياب” المساءلة هي ما يجعل أبسط المسؤولين عندنا لايفكر في تقديم استقالته، ولايعرف حتى صياغتها.

والدليل على ذالك هو عدم إبداء أي رأي من طرف المعنيين بما نشرته مجوعة من الجرائد العربية و كذا الدولية  بأن “حسناء الكنيست” تسيبي لفني مارست الجنس مع إثنين من أبرز القادة الفلسطينيين هما ياسر عبد ربه و صائب عريقات رئيس لجنة التفاوض الفلسطينية مع إسرائيل، و إذا كانت “الحسناء” اليهودية قد سمح لها الحاخام الأكبر بممارسة الجنس مقابل مصلحة إسرائيل، فمن خول للقادة الفلسطينيين الخضوع لنزواتهم؟ و إذا كان ما ادعته رئيسة الوزراء الإسرائيلية صحيحا، فماهو تبرير القادة، هل  ما قاموا به كان من أجل مصلحة فلسطين؟؟؟؟

لماذا لايحدوا القادة العرب حدوا أمثالهم أو إن صح التعبير أسيادهم الغربيين؟ و ذالك بتقديم استقالتهم عند ارتكابهم أي “خطأ” ي يسئ إلى مصلحة الوطن.

و في المغرب أكبر شيء يمكن أن يصل إليه المسؤول عندنا هو التهديد بالاستقالة، هو الشيء الذي قام به مجموعة من الوزراء بحكومة السيد عبد الإله بن كيران، وهي ظاهرة غير مسبوقة في حدداتها، وكان أخرها تهديد  وزير العدل و الحريات في حالة عدم الاقتطاع من أجور المضربين، و”مخافة” أن يقوم فعلا بتقديم استقالته، نظرا لكونه معروف بشخصيته القوية  و الصارمة منذ أن كان طالبا خاصة في مواجهة التيار الماركسي.  اتحدت الحكومة معه و أصبح الاقتطاع عام على باقي القطاعات. فبعد أن أجهضت هذه الحكومة باسم وزير التعليم العالي على منع الموظفين من إتمام مشوارهم الدراسي و ذالك بإرسال مراسلة للسادة رؤساء الجامعات منحتهم الضوء الأخضر بالاجتهاد في قراءة       وتأويل مضامين المذكرة حسب هواهم، منهم من اقتصر فقط على طلب الترخيص لمتابعة الدراسة و منهم من طلب ب”التفرغ العلمي” ومنهم من أقفل الباب في وجههم… نأتي اليوم لتعميم قرار الاقتطاع رغم كونه حق دستوري، صحيح أن الإضراب يكلف الدولة الكثير، لكن من المسؤول عن الأوضاع المزرية التي تتخبط فيها جل القطاعات. ما العيب عندنا أن نقدم استقالتنا من منصبنا إذا تأكدنا من أن قراراتنا قد “تؤذي” الكثير، عوض أن تحسن من أوضاعهم، لماذا يرفعون المسؤولون شعار التحدي في وجه الآخر ويكتفون فقط بالتهديد بالاستقالة عوض أن يستقيلوا ؟

 

مشاركة