الرئيسية اراء ومواقف مأساة مهاجري جنوب الصحراء بتيزنيت

مأساة مهاجري جنوب الصحراء بتيزنيت

كتبه كتب في 3 فبراير 2016 - 10:34

يتم ترحيلهم قسرا من طنجة و مدن الشمال المغربي إلى مدينة تيزنيت منذ عدة أشهر. مهاجرون ينحدرون من دول جنوب الصحراء يتجاوز عددهم 200 شخص، يعيشون أوضاعا مزرية في مدينة تقل فيها فرص العمل وفي غياب استراتيجية فعالة لمساعدتهم على إيجاد حلول عملية لتحسين أوضاعهم المعيشية.

 لا يكاد يخلو ملتقى طرق أو شارع من مهاجرين في مقتبل العمر يمدون أيديهم و يطلبون دراهم من المارة. وجدوا أنفسهم في مدينة صغيرة بعدما تم ترحيلهم من طنجة و ضواحيها بالقوة، لتتلاشى أحلامهم في الوصول إلىسبتة أو مليلية أو حتى الضفة الأخرى من البحر المتوسط. بعضهم استطاع جمع ثمن تذكرة السفر ليعود إلى شمال المغرب، ليتم القبض عليه مرة أخرى واستقدامه إلى تيزنيت، كما هو حال “إريك” المنحدر من الكامرون، والذي وصف لي بعضا من معاناته وآماله.

“لقد هاجرت من الكامرون عبر نيجيريا و النيجر إلى الجزائر ثم المغرب. تم القبض علي في طنجة مع مهاجرين من جنسيات أخرى و استقدمونا عبر حافلات النقل إلى هذه المدينة. نحن نعيش وضعا صعبا. نضطر للنوم في العراء ولا نملك أية حقوق.  شخصيا عملت في جني الزيتون وبعض المزارع مقابل أجر لا بأس به، لكني لا أملك أوراق الإقامة وبالتالي ليس لدي الحق في العمل هنا”. وعن شروط الحصول عن أوراق رسمية سألته فأجاب: “لقد حاولت الحصول عليها في مكناس لكنهم طلبوا مني وثائق تثبت إقامتي بالمغرب لمدة لا تقل عن سنتين. وثائق مثل فواتير الماء و الكهرباء، وأنا لم أسكن سوى في الغابة و الشارع لمدة ثلاث سنوات، فكيف لي إثبات إقامتي بالمغرب”؟

إريك و مجموعة من المهاجرين الآخرين وجدوا أنفسهم في مدينة لا توفر فرص الشغل الكافية  لأبناء المنطقة، فما بالك لمهاجرين لا يملكون حق العمل. بعضهم يشتغل في القطاع غير المهيكل بشكل غير قانوني مقابل أجر أقل بكثير مما يتقاضاه عامل مغربي.

ساكنة تيزنيت  باتت تستغرب لهذه الأفواج من المهاجرين التي ترميها حافلات النقل بالمدينة و كأن الدولة تريد تكفيل سكان المنطقة مسؤولية ايوائهم وإطعامهم. و الحقيقة أن المجتمع المدني بالمدينة غير قادر على تقديم المساعدات الكافية لهذه الفئة التي صارت جزءا من المجتمع التيزنيتي و المغربي عموما.

أمام الإهمال و اللامبالاة الذي يطال هذه الفئة من قبل الدولة المغربية و سلطاتها المحلية، فأنا أتساءل عن مصير هؤلاء المهاجرين اللذين تركوا أوطانهم بحثا عن لقمة عيش و مستقبل أفضل، ليجدوا أنفسهم في دولة لا تكترث لأبنائها ولا لأبناء قارتها. إذا كان المغرب لا يستطيع توفير ظروف العيش الكريم لمهاجري جنوب الصحراء، فالأحرى به إرجاعهم إلى بلدانهم الأصلية كما تفعل ألمانيا  ودول أوروبية أخرى حاليا مع المهاجرين المغاربة الغير شرعيين.

في دجنبر 2014، تم اعتماد إستراتيجية وطنية للهجرة واللجوء لتدبير تدفق المهاجرين في إطار احترام حقوق الإنسان، و أمر الملك بتسوية وضعية المهاجرين السريين المتواجدين بالمغرب، لكن عملية التسوية هذه شملت عددا قليلا من المهاجرين المطالبين بحق اللجوء، وتحت ضغط منظمات حقوقية عالمية، لتبقى فئة عريضة من النازحين تتخبط في متاهة الفقر والتهميش و التسول.

إن مسألة الهجرة تشكل اليوم تحديا كبيرا للبلدان التي تستقبل وافدين من دول قريبة أو بعيدة و من ضمنها المغرب، والذي صار يلعب دور الدركي ويحول دون وصول المهاجرين إلى أوروبا برا و بحرا. هو مطالب اليومبإيجاد حلول واضحة لحل هذه الأزمة، عوض ترحيل المهاجرين من مدينة إلى أخرى دون توفير أدنى شروط العيش.

كوثر الدغيرني

 

مشاركة