الرئيسية اراء ومواقف السد والماء الشروب: المفاضلة بين السد وبين الضفيرة فوق البئر في قلب الوادي

السد والماء الشروب: المفاضلة بين السد وبين الضفيرة فوق البئر في قلب الوادي

كتبه كتب في 25 أغسطس 2014 - 12:10

اشتهر المغرب ببناء السدود وكانت فوائدها جد مهمة من ضمان ماء الشرب لماء السقي للكهرباء وقد   أنفق المغرب مبالغ جد مهمة في تشييد السدود وتحمل الشعب تلك التكلفة الباهظة شكرا لفوائدها البينة.

لكن السدود لها عمر افتراضي محدود تقريبا حيث يموت السد كلما ملأ بالترسبات وينقص حجم الماء الذي يجمعه سنة بعد سنة حتى يكاد ينعدم الماء الذي يجمعه.

ناقشت في مقالات سابقة فكرة جديدة لضمان الماء للمغرب ولشعوب المسلمين عامة بصفتها الشعوب التي تقع في وسط الكرة الأرضية وتعرف ندرة المطر تقريبا وبالتالي المهددة في ظل   تغير المناخ العالمي بالعطش والفقر والجوع.

لهذا سأقوم  بمقارنة بسيطة بين السد وبين الضفيرة فوق البئر  في قلب الوادي, مقارنة شاملة ومبسطة تقريبا.

من حيث الدراسة: يستلزم إنشاء سد دراسة قد تستمر لسنوات متعددة وتكلف ميزانية جد مهمة  في حين أن دراسة إنشاء مئات  الآبار  وفوقها الضفائر وفي قلب الأودية يمكن أن تستمر لأيام أو أسابيع وعلى أبعد تقدير, ولن تكلف إلا جزء واحدا في المائة تقريبا من تكلفة دراسة إنشاء سد.

من حيث التكلفة: يستلزم بناء سد تكلفة أقدرها في حوالي مليار سنتيم للدراسة ( أي عشرة ملايين درهم) ويستلزم لبنائه على أقل تقدير كسد تلي صغير مبلغ 10 ملايير سنتيم ( 100مليون درهم).

 ويستلزم لرعايته وتسييره وعلى مدى خمسين سنة التي هي العمر الافتراضي للسد حوالي مبلغ شهري لن يقل على 200 مائتا ألف درهم يكون في الخمسين هو سنة 120 مليون درهم.

نزيد ذلك تكلفة نقل الماء عبر القنوات من السد وإلى الحواضر والقرى المجاورة له أو إلى الأراضي الفلاحية التي سيسقيها, والمسافة المتعارف عليها نقل الماء إليها حاليا هي معدل 100 كلمتر وتكلفة نقل الماء اليوم في مسافة 100 كلمتر تكلف على أقل تقدير ولست خبيرا في هذا الميدان بل تقدير وفقط حوالي 70مليون درهم

وبذلك تكون تكلفة سد تلي عمره خمسون سنة فقط أو أقل هي: 10 ملايين + 100 مليون + 120 مليون درهم+ 70 مليون = 300 مليون درهم.

تكلفة كل بئر فوقه ضفيرة مجهزة لترشيح الماء لداخله, حددتها في حوالي 300 ألف درهم, ويكون العمر الافتراضي للبئر مع الضفيرة أكثر من عمر السد بلا شك.

وعليه تكون تكلفة سد واحد تضمن لنا حفر وبناء عدد من الآبار فوقها ضفائر وفي قلب الأودية يكون كالتالي:

300 مليون درهم   مقسوم على 300 ألف درهم يساوي: 1000بئر فوقه ضفيرة في قلب الوادي.

من حيث الرعاية والتدبير:  السد يحتاج رعاية وتدبيرا مستمرا ويوميا في حين أن الألف بئر فوقها ضفائر في قلب الأودية  لن تحتاج أية رعاية, وهي تقرب الماء من الساكنة مباشرة وقرب كل مجموعة بشرية نحفر بئرا فوقه ضفيرة يزود الساكنة بالماء ويرشح منه الماء للفرشة المائية وقت جريان الوادي.

من حيث كمية الماء المحفوظة: السد التلي الذي قدرنا تكلفة تشييده  أعلاه   يمكن أن يكون حجم الماء الذي يجمعه  مفصلا كالتالي:

لو فرضنا أن عرض السد التلي هو 500 متر وطوله مع الوادي 500 متر وعمقه حوالي 10 أمتار تقريبا وهذا الحساب مفترض ومن الصعب تحققه بالتكلفة المفصلة أعلاه.

ستكون سعة السد التلي  هي كالتالي :500x500x10=2500000 مليونين وخمسمائة ألف متر مكعب من الماء.

هذه الكمية طبعا تنقص سنة بعد سنة بفعل الترسبات في قلب السد وبالتالي يجب مراعات نقصانها مع الزمن وتنعدم هذه الكمية في عمر 50 سنة.

زيادة على أن عمق 3 أمتر تقريبا تتبخر من الكمية أعلاه وبذلك يكون مجموع ما يتبخر هو: 500x500x3=750000سبعمائة وخمسون ألف متر مكعب من الماء.

حجم ما يتبخر لا ينقص مع السنوات في حين ينقص الحجم الاجمالي لسعة السد وعليه يكون وفي السنة الأولى من تشييد السد التلي ما نستفيد منه من الماء هو: 1750000 مليون وسبعمائة وخمسون ألف متر مكعب.

كل بئر فوقه  ضفيرة يمكنه وبعد سنة أو سنتين وعلى أقصى تقدير أن يرشح للفرشة المائية  وفي كل جريان للوادي ما يلي:

لو افترضنا مثلا أننا بدل أن نشيد سد على وادي شيدنا مقابله ألف بئر فوقه ضفيرة, والوادي يجري على الأقل أربع مرات إلى خمس  في السنة تقريبا.

يستمر جريان الوادي مثلا ما بين 24 ساعة و 36 ساعة, كل بئر كما فصلت في المقالات السابقة يمكنه أن يرشح للفرشة المائية مثر مكعب واحد في الثانية وفي الساعة 3600 متر مكعب وفي 24 ساعة  86400 متر مكعب.

وعليه يمكن أن يكون ما يرشحه 1000 بئر فوقه ضفيرة وفي كل جريان  وعلى  أقل تقدير, ما يلي: 86400×1000=86400000ستة وثمانون مليون وأربعمائة ألف متر مكعب.

ويكون ما يرشحه الأف بئر فوقه ضفيرة وفي سنة كاملة وعلى أقل تقدير هو:  86400000×4=345600000ثلاثمائة وخمسة وأربعون مليون وستمائة ألف متر مكعب من الماء.

الكمية هذه  يبقى منها وفي كل بئر في عمقه حيث يحتمل وجود بحيرة بفعل قوة الماء حوالي الخمس, والباقي يتسرب وعبر الفرشة لجميع المناطق المجاورة للوادي ولمسافة يمكن أن تصل مئات الكلمترات.

من حيث العمر الافتراضي: العمر الافتراضي للسد لا يمكن بأي حال أن يتجاوز 50 سنة ولا يمكن استغلاله ما لم تنفق عليه لإفراغه مبالغ أخرى إضافية قد تكون مساوية أو أكثر من تكلفة بنائه في حين أن العمر الافتراضي للبئر وفوقه الضفيرة في قلب الوادي يمكنه أن يصل إلى أكثر من ثلاثمائة سنة وزيادة والذي سيحتاج  بعض الاصلاح أو التغيير هو فقط السقف المعد لوسط الضفيرة.

من حيث المخاطر والعواقب: العالم وخاصة شعب العراق اندهش وتخوف من تفجير سد الموصل إبان سيطرة داعش عليه وما يمكنه أن ينجم عن تفجيره من إبادة ملايين البشر في العراق والدول المجاورة له والتي يمر عليها نهر الفرات.

هنا يجب أن نراعي مخاطر السد وانفجاره  بفعل عمل إرهابي أو قوة الماء وما يمكنه أن يجنيه على حياة من شيد من أجل تزويدهم بالماء, حيث يمكنه أن يغرقهم وفي ساعات قليلة, وكمثال بسيط ما وقع في فاس وفي سوس حيث  فتح السد مخافة أن ينفجر وتسبب في فيضانات خطيرة.

تقوية الفرشة المائية بالآبار فوقها الضفائر وفي قلب الأودية يمكنه صحيح أن يتسبب في فيضانات بعض الآبار حيث قد يخرج الماء منها جراء توسع الفرشة وجريان صبيب ماء هائل فيها, لكن هذا الاحتمال جد     ضعيف جدا لأن صعود الماء في البئر يشكل ضغطا زيادة على عروق الماء يوسعها ويزول الخطر في الحين أو لا يظهر أصلا.

من حيث عدد المستفيدين: لكي تستفيد  مجموعة بشرية من ماء السد وجب أن تتولى الدولة نفسها  إيصال ماء السد لها بإنفاق مبالغ  طائلة تكلف المواطن مبالغ جد مهمة لتسديد فاتورة استغلال ذلك الماء, في حين أن عدد المستفيدين من الفرشة المائية غير محدد ويمكن لكل مواطن  أن يحفر بئرا على نفقته ويجد من الماء ما يكفيه لسقي فلاحته وضمان ماء الشرب لقطيعه  زيادة على أن الألف بئر التي تساوي سد تلي تتوزع على مجرى الوادي وبذلك تكون 1000 بئر  رهن إشارة المواطنين وعلى مقربة منهم.

وعليه يمكن أن يكون عدد المستفيدين من الآبار فوقها الضفائر وفي قلب الأودية  عشرة أضعاف ما يستفيد من السد, وقد تستفيد أجيال وأجيال مقبلة.

من حيث السلبيات:   بناء سد على وادي كبير  معناه  منع جريان الوادي تقريبا لحين يملأ السد كاملا, ومعنى ذلك منع الماء عن الفرشة المائية أسفل السد حيث أن الله عز وجل أوجد وفي قلب الأودية ثقوبا هي التي يرشح منها الماء للفرشة المائية, ومنع جريان الوادي يعني حرمان جميع الساكنة تحته من الماء منعا تاما, وما وقع في زاكورة مثلا خير مثال حيث أن بناء سد بنواحي ورززات منع الماء عن الفرشة المائية في زاكورة وأصبحت الواحات الخضراء سابقا ميتة وأصبح السكان مفقرين مجبرين على الهجرة أو حمل السلاح لتخريب السد الذي حرمهم من الماء.

جريان الأودية يسقي العديد من الأراضي الفلاحية البورية التي يرسب فيها الوادي أتربة غنية تمنع ملوحتها وتزيدها فعالية, ومنع جريان الوادي يعني ملوحة تلك الأراضي حتى ولو أصبحت تسقى من السد, لأن السد يعطيها الماء من غير ترسبات وبذلك تموت الأراضي الفلاحية التي كانت تسقى بالأودية ويفقر معها الفلاحون وينقص إنتاجنا الفلاحي في وقت نسعى فيه لزيادة إنتاجنا الفلاحي بتشييد السدود.

حراسة سد واحد تكلف ميزانية ضخمة وجيشا من الرجال ومع ذلك  يمكن  لمجرم واحد أن يرمي في السد سما قاتلا يمكنه أن يجعل شرب الماء أو السقي به قاتلا  للإنسان والنبات والحيوان, والمجرم طبعا يمكن أن يكون من حراس السد نفسه حقيرا أو خائنا أو أن يكون من غيرهم.

ذ.عبد الله بوفيم –  مدير صحيفة الوحدة

مشاركة