الرئيسية اراء ومواقف رمضانيات: مقامات العميري- الجزء الثاني/الحلقة الرابعة

رمضانيات: مقامات العميري- الجزء الثاني/الحلقة الرابعة

كتبه كتب في 1 أبريل 2024 - 18:30

اعتبر فن المقامة أحد الفنون اللغوية في الأدب العربي التي اشتهر بها بديع الزمان الهمذاني (969م/1007م) و الذي يعتبر مؤسس هذا الفن و رائده ممن كتبوا فيه، فقد كتب عددا من المقامات التي لا تزال معروفة حتى وقتنا هذا. ولعل أهم كتاب المقامة المغاربة محمد العميري، الذي أتقنها و تفنن فيها و كتب عددا من المقامات التي شكلت موضوع دراسات و بحوث لعدد من طلاب الجامعات المغربية لنيل شهادات التخرج، كما حظيت باهتمام بعض النقاد الذين اعتبروا أن مقامات العميري لا تقل أهمية و وزنا عن روادها، سواء من حيث لغتها أو المعاني المكثفة التي تلامس روح العصر.

 

                         المقامة الرابعة.

مقامة الألغاز والأحاجي في مقتل الخشقاجي.

حدثنا الحاج عمر اللعيبةقال:

جلست في السقيفة مع ابنتي (البتول ولطيفة)نتبادل أحاديث لطيفة،ونكتا خفيفة…فصاحت (البتول)  وَقد دبَّ في أَعضائِها النَحيفَة قَفقَفَةٌ وَرِجفَة عَنيفَة:

-كفوا عن مثل هذه الأمور السخيفة؟!!نريد مواضيع حصيفة،وقضايا منيفة…

كيف يحلو التنكيت بدل التوبيخ والتبكيت ،بعد أن غدا سقف الأعاريب من زجاج،و كثرت فيهم الترهات و الألغاز والأحاجي، وانقلب عذبهم لملح أجاج، بعد مقتل (الخشقاجي)؟!!،وكيف حار الناس في تحديد القاتل والمسؤول، وهل هو من (عامر)؟!!أومن(سلول  )؟!! …فشمت   الحاسد ،وتعزى العذول،وشك الثقات وارتاب العدول، وتعذب العاقل وانتشى المسطول والبهلول،وصمّت (العربية)وعيّت عن تحديد العلة والمعلول  والمسؤولية والمسؤول ،ولسان حالها يقول:

وقاتله بالنشاب إن خفت كيده         إذا ما دنا فادفع بما شئت واطرد

ولا غرم في المقتول دفعا لشرّه         إذا لم يفرّط قاتل في التزيّــــد

وتألقت (الجزيرة)وتأنقت في سرد المستحيل  والمعقول، وجيشت الخيول وصوبت المدافع والمتاريس والنصول،ورقص (القرضاوي )-من نشوة -على إيقاع الدفوف والطبول،واحتضن(بشارة)ودعا له بالبشارة والسعد والقبول،وهاج (منصور )وماج(فيصل) كالغول واستبشر(الإخوان)وزغردت(إيران)ونددت بمثالب القاتل،ونوهت بمناقب المقتول…

ثم اهتزت(الرياض) وثوبها من الخوف مبلول ،لا السكوت ينفع ولا الإقرار مقبول ،فكشرت(واشنطن)وابتزت(إسطنبول)،و قال(ترامب):أين المحاسبة ؟!!،وصاح (أردوغان):أين (الأنتربول)؟ّ!!واختلط المعقول بالمنقول،وهاجت ذئاب العالم تريد قطها من كعكة البترول،ومن دية المقتول،ووزعت أدوارها للإجهاز على الطريف والتالد،والصناديق والأصول،من أجل حذف الفاعل وبناء الفعل للمجهول!!!…

قال الحاج عمر:

-فقاطعتها أختها  (البتول)وقالت لي:

-وأنت يا والدي فماذا تقول في هذا العبث واللا معقول؟!!  ألا تظهر عواره ،وتهتك أستاره؟!!

فقلت:

-لله در الشاعر المصري العظيم(أحمد نسيم)،شاعر الوطنية والزعيم ,إذ يقول لأصحاب مثل تلك العقول:

        فرحتم بكاس الجور حيث وراءَها         من العدل كأس للظلوم تغـــول

        سيهدم دهر العدل ما قد بنيتمُ               وتصبح دور الظلم وهي طلول

      لا تَظلِموا الأَقلامَ إِنَّ سَبيلَها              عَونُ الضَعيفِ وَنُصرَةُ المَخذولِ!!!

وأجمل منه قول (خليل مطران)مخاطبا زبانية(آل عثمان)وأسلاف(أردوغان)بعد مذابحهم في سوريا ولبنان:

   كسروا الأقلام هل تكسيرها            يمنع الأيدي أن تنقش صخرا؟!!

  قطعوا الأيدي هل تقطيعها             يمنع الأعين أن تنظر شزرا؟!!

 أطفؤوا الأعين هل إطفاؤها             يمنع الأنفاس أن تصعد زفرا؟!!

 أخمدوا الأنفاس،هذا جهدكم             وبه منجاتكم منا فشكــــــــرا؟!!

قال الراوي:

ثم جاءت زوجتي بصحن من بصاره،ذهبية ممزوجة بأنسام  لعطاره،قد فاح منها ثومها كعروسة تغلي إثاره،فتهجمنا على الإناءوغزت أناملنا قراره،وعلمنا أن الدنيا خداعة مكارة غداره!!!…

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *