الرئيسية اراء ومواقف رمضانيات…مقامات العميري(3)

رمضانيات…مقامات العميري(3)

كتبه كتب في 16 مارس 2024 - 18:30

اعتبر فن المقامة أحد الفنون اللغوية في الأدب العربي التي اشتهر بها بديع الزمان الهمذاني (969م/1007م) و الذي يعتبر مؤسس هذا الفن و رائده ممن كتبوا فيه، فقد كتب عددا من المقامات التي لا تزال معروفة حتى وقتنا هذا. ولعل أهم كتاب المقامة المغاربة محمد العميري، الذي أتقنها و تفنن فيها و كتب عددا من المقامات التي شكلت موضوع دراسات و بحوث لعدد من طلاب الجامعات المغربية لنيل شهادات التخرج، كما حظيت باهتمام بعض النقاد الذين اعتبروا أن مقامات العميري لا تقل أهمية و وزنا عن روادها، سواء من حيث لغتها أو المعاني المكثفة التي تلامس روح العصر.

          المقامــــــــــة الثالثـــــــــــــــــة

المقامة الوليمية

حدثنا الحاج عمر اللعيبة قال:

لما استنفرت أمريكا الطاقة، لتأمين مصادر النفط والطاقة ،بتطبيق بروتوكولات الفوضى الخلاقة وتسويق شعارات براقة. من قبيل الثورة والربيع والديموقراطية العملاقة ،و كشط كل مقاومة وشفط كل طاقة،وحينما دمرت جلق(1 )وبغداد،وعم الفساد بلاد العرب والعباد،و تلت الشعوب للجبين ونحرت نحر )شمر((2)للحسين!( 3))، غادرت كناسي لاستقصاء أحوال معارفي وناسي ،فإذابي ألتقي بصديق حميم يعمل بالتعليم فقلت له:

-يخبرني حدسي وتعلمني نفسي بأنك قادم لتوك من وليمة أو وضيمة(4)، وتقرأ في ملامح وجهك آثار الغنيمة !

فقال:

-أصبت والله كبد الحقيقة ،يا محلل كل عويصة وعميقة…حصل لي اليوم شرف كبير،فقد كنت ضيفاعلى خوان السيد المديروبمعية خل خوله النائب( فرمان)(5)الإنابة في كل أمور النيابة وفي حلحلة مشاكل كل مدرسة بجبل أو نواة إعدادية بغابة-جنبه الله تعليقات كل جريدة وبيانات كل نقابة …

قال الراوي:

فلما دخلنا دار الضيافة، اشتممنا رائحة الحليب والكنافة،ثم فوجئنا بوجود غادة رشيقة وفي ملابس جذابة أنيقة فخلناها أول الأمر خليلة للمدير أو عشيقة،لكن سرعان ما ظهر السر وبانت الحقيقة حينما أخبرنا السيد المدير بأنها الباحثة الاجتماعية الأستاذة عتيقة.

قال الحاج عمر:

فخلعت عالمة الاجتماع إزارها وحلحلت زنارها ،وتفقدت أزرارها فتمنى كل من في المجلس مزارها!… فكتم الرائي انبهاره،وكظم الناظر استنكاره!…

وبعد أن تجشأنا تخمتنا، وأبردنا غلمتنا، تحدثنا في كل الشؤون ،وكان حديثناذاشجون فمن( رجب طيب أردوغان ) إلى( طارق السويدان) إلى اختبار وضوء (بنكيران) على يد حرم سفير المريكان، ومن صاحب( الشكولاطة)إلى صاحب(الكراطة)(6) ومن إكراميات( رباح )إلى مدرسة النجاح إلى منتديات الإصلاح…فتذكرت قول ابن أبي السباع  السوسي –عجل الله رجوعه ليتحف جمهوره وجموعه-:

مالي وللإصلاح أرقبه                   فوقائع التاريخ تكتبــــــــــــــــــــــه

دع عنك أمرا لست تدركه               تبديه والإكراه يحجبــــــــــــــــــــه

ما أصلح العطار من جسد                للــــــــدهرفيه يد تخربـــــــــــــــه

مثل العجوز تروم معجزة              ولى الشباب فكيف تطلبـــــــــــــــــه؟!

كم مصلح أبدى عزيمته                 حتى رأى الإحباط يغلبــــــــــــــــــه

فإذا الذي ترجى شفاعته                ولج الضريح وصار ينهبــــــــــــــه

وإذا الذي هطلتْ سحائبُـــه              سَحَبَ البساط. فمنْ يُؤنـِّبُــــهُ؟!!!

قال الراوي :وبعد أن أكرم المدير وفادتنا،وأحسن رفادتنا ،وبقداح الشاي الصحراوي عدل مزاجنا،دعونا الله أن يعجل له بالإقرار ،ويجنبه كزازة(7) المسؤولين الكبار!…ثم تذكرت مديرين سكنوا هذه الدار حتى البارحة ،وروائح الفساد والتسلط التي كانت منهم فائحة-عافاك الله من كل مكروه وجائحة-!-وكأنني بأحدهم وهو يردد في صحن هذه الدار على أسماع أزلامه المصطفين الأخيار:

                        الجمعية ظهري،والنيابة أزري    والحكم حكمي،والأختام أختامي؟!

قال الراوي:

ثم ودعني (قائمقام النائب)بمعية تلك الكاعب ،فركبا السيارة،وتركا لي الحسرة والمرارة!فبدأت ألعن الحظ الذي لم يرفع مقامي في سلاليم المسؤولية والإدارة ،فأحظى – أنا الآخر- بمثل تلك السيارة،وبمرافقة مثل تلك الغادة اللثغاءالفوارة،وأجوب فيافي (المهارة)وأقطع سباسب (هوارة)وأتخلص من الجذاذة والاستمارة،ومن الممنوع من الصرف ومن اسم الإشارة،ومن تركيب عبارة وتلقين مهارة ،ومن تلاميذ عقولهم كالحجارة!!!

قال الحاج عمر:

فقلت له:بخ بخ أبا عمارة،أوقد مبسما أو اشعل سيجارة،فالدنياحظوظ وليست فهلوة أو شطارة!!!

++++++++++

الهوامش:

جلق: الاسم القديم للعاصمة السوريةدمشق.

شمر:هو شمربن ذي الجوشن قاتل الحسين بن علي بن أبي طالب سنة61هجرية.

الحسين: هو الحسين بن علي بن أبي طالب،لما مات معاوية بن أبي سفيان، وخلفه ابنه يزيد، تخلف الحسين عن مبايعته، ورحل إلى مكة في جماعة من أصحابه، فأقام فيها أشهرًا، ودعاه إلى الكوفة أشياعه (وأشياع أبيه وأخيه من قبله) فيها، على أن يبايعوه بالخلافة، وكتبوا إليه أنهم في جيش متهيئ للوثوب على الأمويين. فأجابهم، وخرج من مكة في مواليه ونسائه وذراريه ونحو الثمانين من رجاله. وعلم يزيد بسفره فوجه إليه جيشًا اعترضه في كربلاء (بالعراق ـ قرب الكوفة)، فنشب قتال عنيف قتل الحسين على إثره في يوم الجمعة العاشر من المحرم عام 61هـ .

4- وضيمة:الوضيمة طعام العزاء.

5-الفرمان: القانون أو المرسوم أو الظهير باللغة التركية.

6-إشارة إلى قضية الشكولاطة الذهبية التي قدمت لزوجة أحد الوزراءفي نفاسها ,وأدي ثمنها من مال الشعب ,والكراطةإشارة إلى فضيحة ملعب الأمير مولاي عبد الله أثناء بطولة العالم للأندية سنة 2014والتي أطاحت برأس كبير من حزب السنبلة.

7-الكزازة: الشح والبخل.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *