الرئيسية اراء ومواقف “غالي” في وادي الذئاب.. عفوا، في وادي “إيبرو” Ebro …

“غالي” في وادي الذئاب.. عفوا، في وادي “إيبرو” Ebro …

كتبه كتب في 4 مايو 2021 - 10:16

الدكتور: عبد الله بوصوف

نُتابع باهتمام بالغ كل ما يتعلق بتداعيات عملية ” تهريب ” رئيس المرتزقة إبراهيم غالي الى اسبانيا للعلاج بهوية مزورة، كما نتابع ردة الفعل الإيجابية لمغاربة العالم بصفة عامة و لمغاربة اسبانيا و خروجهم للمطالبة بمحاكمة ” السفاح ” إبراهيم غالي على كل جرائمه سواء بصفته وزيرا للدفاع أو سفيرا  لدى الجزائر أو حتى بصفته زعيما لتنظيم المرتزقة…

كما نسجل إصرار الضحايا على المتابعة فوق الأراضي الاسبانية حيث هو مطلوب لدى مؤسسات العدالة الاسبانية..و تنظيم بعض مكونات المجتمع المدني باسبانيا لوقفات احتجاجية للضغط على المسؤولين أمام الرأي العالم المحلي و الوطني الاسباني و الدولي…لمحاكمة إبراهيم غالي على كل جرائمه ضد الإنسانية…

 وعملية نقل إبراهيم غالي للاستشفاء  باسبانيا بجواز ديبلوماسي مزور ، بعد رفض السلطات الألمانية، ليست بالأمر الهين ، إذ  ان تزوير جواز السفر هو أولًا ، إنكار للهوية الحقيقية لحامله وهو جرم خطير يدخل في عداد جرائم الإرهاب الدولي..و يعاقب عليه القانون الاسباني و كذا قوانين الإتحاد الأوروبي..

و ثانيًا ، محاولة للإفلات من العقاب لأن ” إبراهيم غالي ” مطلوب للعدالة الاسبانية و صدرت في حقه قرارات قضائية…

وثالثًا ، هو اعتراف ضمني باقتراف إبراهيم غالي لجرائم ضد الإنسانية من تعذيب و اغتصاب و إبادة جماعية و اختفاء تعسفي و غيرها…

رابعًا ، هو دليل قوي على أن البوليساريو و كل بيادقها هم فقط دُمى و ” عَرائِس ” تحركهم  السلطات الجزائرية و تلبسهم جلباب الحكومة أو الجيش أو الحقوقيين…وقت ما تشاء و حيث ما تشاء..

الأكيد هو أن هذه العملية عرت عن تنسيق على أعلى مستوى بين اسبانيا في شخص رئيس حكومتها سانشيز و  الجزائر في شخص رئيسها ” عبد المجيد تبون ” ، و تم تقديم ضمانات بعدم المتبعة القضائية لإبراهيم غالي… لكن ما هو المقابل الذي جعل رئيس الحكومة الاسباني يُغامر بالعلاقات المغربية الاسبانية..؟ وهل يمكن التسليم أن أجهزة الاستخبارات البلديْن لم تستشعر تداعيات فرضية وصول المعلومة الى المغرب..؟وهل هي الثقة المفرطة و الزائدة في عمل تلك الأجهزة …؟أم هي فقط قوة يقظة الأجهزة المغربية…؟

لذلك طرحنا سابقا سؤالًا ، يتضمن فرضية تضحية النظام الجزائري بإبراهيم غالي وهوالرجل الطاعن في السن (73سنة ) ، والذي فشل في إخماد التيارات الوحدوية داخل المخيمات و لم ينجح في إحداث ” أًلشُو show ” السياسي و الحقوقي و الإعلامي المناسب في العديد من المحطات ، بدءا بمحاكمة مخيمات ” اكديم ازيك ” ، الى عودة المغرب للمنظمة الإفريقية و الاشتغال  بقوة داخل لجانها و مؤسساتها ، كما لم ينجح في وقف نزيف سحب الاعتراف بالكيان الوهمي ، و مشاركة ممثلي الإقليم الصحراوية المغربية في محادثات جنيف و البرتغال و استقالة المبعوث الشخصي للامين العام في ملف الصحراء المغربية ، بالإضافة إلى ملف جائحة الكوفيد 19  و الخصاص الهائل في المجال الصحي و انهيار المساعدات المالية و العينية…

بالمقابل نسجل التدبير الحكيم للمغرب في موضوع الكركرات و الإجماع العربي و الإفريقي و الدولي حول أحقية التدخل السلمي للمغرب من اجل التدفق السلمي للسلع للبضائع و الشاحنات الى العمق الإفريقي..وتوالي عمليات افتتاح القنصليات مدينتي العيون و الداخلة ثم الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء….

وقد ظلت البوليساريو أثناء كل هذه المحطات ضد القرارات  قرارات مجلس الأمن الدولي و ضد الشرعية الدولية و شكلت مصدر تهديد للسلم العالمي بإعلانها من جانب واحد عن نهاية اتفاق وقف إطلاق النار لسنة 1991..بالتوازي مع نشرها للإعلانات الحربية المثيرة للشفقة من البوليساريو…

و غير ذلك مما  قد يدفع بجنرالات الجزائر لتقديم إبراهيم غالي ” كبش فداء ” لهذا الصراع الجبان حول قضية وهمية ، و تقديمه للعدالة الاسبانية عسى ان يستفيد من بعض ظروف التخفيف لحالته الإنسانية و الصحية المتدهورة ، و بهذا قد تَطوي الجزائر صفحة إبراهيم غالي، كإجراء استعجالي لتقليص الخسائر السياسية و الكلفة المالية لتبعات كيان البوليساريو…

لكن يقظة الأجهزة المغربية وضعت الحكومة الاسبانية و أجهزتها الأمنية في ورطة سياسية حقيقية..سواء أمام الجار المغرب أو الشركاء في الاتحاد الأوروبي أو أمام الإعلام الاسباني و العالمي..كما جعلت من جهة أخرى،استقلالية القضاء الاسباني في المحك خاصة بعد إعلان الحكومة الاسبانية عن  ضمانات عدم المتابعة تحت مبررات “الظروف الإنسانية”..!

و لوحظ في نفس الآن خروج أبواق البوليساريو مرة لإنكار تواجد زعيمهم باسبانيا ،و مرة لتأكيد خبر وجوده في مستشفى اسباني من أجل تداعيات كوفيد 19 ، مع صمت إعلامي تام للحاضنة الجزائر…وهو ما يدفعنا للتشكيك في صحة أغلب روايات البوليساريو و الحكومة الاسبانية ، و ان الاختفاء وراء ” الظروف الإنسانية ” هو فقط لتبرير اتخاذ القرار المُضِر بالعلاقات التاريخية بين المغرب و اسبانيا..

إن الرغبة في التوصل إلى القراءة الأقرب إلى العقل و المنطق بعيدا عن أي انفعال عاطفي أو وطني، هو ما يدفعنا دائما الى عدم إهمال كل التفاصيل مهما بلغت درجة حجمها أو توقيت حدوثها..

لذلك فإننا نعتقد أولًا، إن فرضية إصابة إبراهيم غالي أو محمد بن بطوش بمرض السرطان أقوى من إصابته بالكوفيد 19كما تدعي البوليساريو ، وهو ما تطلب نقله إلى مؤسسة طبية متخصصة في الانكولوجيا “بلاريوخا ” الاسبانية..

ثانيا ، إن اختيار مدينة ” لوغرونيو ”  Logronoعاصمة منطقة ” لا ريوخا ” La Rioja لم يكن صدفة ، اذا علمنا ان منطقة ” لاريوخا ” الحدودية مع منطقة ” الباسك ” تتمتع بنظام الحكم الذاتي ، وان مدينة ” لوغرونيو ” لها  توأمة مع إحدى خيام تيندوف منذ سنة 1991 ، وهو ما يعني  تبادل الزيارات و تخصيص دعم مالي سنوي و دعم سياسي و إعلامي لأطروحة الانفصاليين..فهل تواجد غالي / بن بطوش بمدينة “لوغرونيو ” هو إحدى قنوات الإفلات من العقاب و ضمانة بعدم تسليمه للقضاء الاسباني ؟

لكن ما نشره الدكتور Emanuele Ottolenghi وهو دكتور في العلوم السياسية و أستاذ تاريخ إسرائيل بجامعة اوكسفور و مدير ” تينك تانك”TransatlanticInstitute منذ سنة 2006..

ـ ما نشره ـ في موقع ” منظمة الدفاع عن الديمقراطيات ” FDD و التي يوجد مقرها بواشنطن العاصمة في فاتح ابريل 2021..لا يجب أن يمر مرور الكرام ، لأنه سلط الضوء على موضوع مهم جدا يتعلق بالعلاقات المغربية الإيرانية و حزب الله و الملف الديني بأوروبا و البوليساريو و الجزائر و فينزويلا…

 فقد ذكًر الكاتب بقطع المغرب لعلاقاته الدبلوماسية مع إيران سنة 2009  تضامنا مع مملكة البحرين و رفض المساس بسيادته ووحدته الترابية …ثم سنة 2018عندما تبث ظلوع التعاون حزب الله مع عصابة البوليساريو  و تسليح و تدريب عناصرها، و زيارة “النانة لبات الرشيد” لبيروت سنة 2017  مع وفد من البوليساريو و لقاءهم بقياديي حزب الله…

كما كشف الكاتب عن تاريخ  إيران و حزب الله في تزوير جوازات السفر لتحقيق لغايات مشبوهة و أنشطة إرهابية..مذكرا بتوقيفات أفراد ” حزب الله “بكل من البيرو (Mohammad Amadarبجواز سفر دولة سيراليون سنة 2014 ) ، وإيقاف إيرانييْن بجوازات سفر اسرائلية مزورة بالأرجنتين سنة 2019 ..كما أن الأجهزة الأمنية الأرجنتينية ستذهب إلى أن تلك الجوازات تم تزويرها باسبانيا…

و بعدها بشهور قليلة سيتم توقيف إيرانييْن آخريْن بجوازات سفر مزورة بدولة الإكوادور…و في6 يناير 2021 سيتم بالمغرب إيقاف مواطن لبناني ينتمي إلى حزب الله و بحوزته جوازات سفر متعددة و بطاقات هوية…بالإضافة الى تسليم السلطات المغربية المواطن اللبناني ” قاسم تاج الدين ” وهو المسؤول المالي لحزب الله سنة 2017  للسلطات الأمريكية التي ستطلق سراحه في يوليوز 2020.. و يُحتمل في إطار عملية تبادل  الأسرى…

الكاتب سيكشف عن ملف شائك تُصارع فيها إيران( الشيعة ) المغرب ( السنة ) ، أي الشأن الديني و إصرار إيران على نشر التشيع بوسط أفراد الجالية المغربية بأوروبا..مع تسخير كل إمكانياتها المالية و إغراءاتها  البترولية لتمكين “مؤسسة آل البيت” من نشر التشيع بأوروبا..وللتذكير فقد افتتحت إيران مقرا  كبيرا ” لمؤسسة آل البيت ” بمدريد الاسبانية..حيث تعتمد على خدمات اللاجئين العراقيين الشيعيين المتواجدين باسبانيا..في عمليات نشر التشييع…

كما لم يُخْفِ الكاتب مرارة إيران عند توقيع المغرب لإعادة العلاقات مع إسرائيل في دجنبر 2020..وهو ما يطرح عدة أسئلة عند توقيف عضو بحزب الله بالمغرب و معه جوازات مزورة و بطاقات هوية متعددة، بعد شهر فقط من توقيع إعادة العلاقات المغربية / الإسرائيلية…!

إن كل هذه العوامل مجتمعة تقربنا من قوة فرضية تواطؤ كل من إيران و حزب الله في عملية “وادي إيبرو ”  إلى جانب الجزائر في تهريب المجرم ” إبراهيم غالي ”  إلى اسبانيا بجواز سفر مزور ، تَجنُبًا للمُساءلة القضائية و بعيدا عن الإعلام العالمي و المؤسسات الحقوقية …

فإبراهيم غالي / بن بطوش ، مطالب بالمثول أمام القضاء الاسباني للإجابة عن جرائم الاغتصاب و القتل و الإبادة الجماعية و الاختفاء القسري…في وقت تتصدر فيه ثقافة حقوق الإنسان و محاربة العنف ضد النساء فيما يطلق عليه الآن “ثقافة الاغتصاب” أو” Culture Rape”… كل العناوين الكبرى تحت القيادة الأمريكية الجديدة ..أي في عهد الديمقراطي جو بايدن..

إن واقعة تزوير جواز سفر لزعيم المرتزقة غالي / بن بطوش ، من طرف الأجهزة الأمنية الجزائرية و الدخول لاسبانيا منتحلا لهوية مزورة..فبالإضافة الى انه جُرم يُعاقب عليه القانون…فإنه يدفعنا لاستحضار تاريخ و ذكرى ” أدولفو خامينسكي Adolfo kaminsky” و الذي يعد أحد أكبر أيْقونات تزوير الجوازات و الوثائق الشخصية في العالم…

” أدولفو “هذا ، استثمر موهبته في التزوير  طيلة ثلاثين عاما من أجل إنقاذ المئات من اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية..كما ساعد الجنود الفرنسيين الفارين من التجنيد في حرب لاندوشين و غيرهم من رجال المقاومة  و معارضي الأنظمة الديكتاتورية بكل من اسبانيا و البرتغال و اليونان و دول أمريكا اللاتينية و وقف الى جانب مانديلا ضد الأبارتايد… كما قدم خدماته ” لجبهة التحرير الوطني ” أثناء الحرب الجزائرية في أواخر الخمسينات و بداية الستينيات..و لكل مُعارضي الحرب الجزائرية سواء داخل شبكة جينسون RéseauJeanson ، أو شبكة كوريال RéseauCuriel…

و في سنة 1971سينتقل ” ادولفو ” للعمل  والعيش في الجزائر، وهناك سيقدم دورات تكوين و تدريب العديد من الجزائريين و ناشطين من انغولا و جنوب افريقيا…وغيرهم على تزوير جوازات السفر و الوثائق الشخصية…

لكن المفارقة الصارخة هي أنهاذا قام” أدولفو كامينسكي ” بتزوير جوازات السفر من أجل الحرية و إنقاذ حياة الناس و منع العنف و الاغتصاب و الإبادة الجماعية…واستحق بذلك لقب ” البطل ” و أوسمة رفيعة…فإن جنرالات الجزائر و بعض تلامذته ( مَجَازًا ) ، وظفوا عمليات تزوير الجوازات في التستر على المجرمين وإخفاء الإرهابيين و السفاحين و مغتصبي النساء… و جعلوا من أعمال التزوير عقيدة راسخة في أعمالهم القذرة…

و لعل اقوى دليل على تجدر عقيدة التزوير في عقلية جنرالات الجزائر هي واقعة ” وادي إيبرو ” بتزويرهم جواز سفر  ” غالي ” زعيم الانفصاليين و إدخاله تحت جنح الظلام لمستشفى باسبانيا..خوفا من القضاء الاسباني..لكن هيهات فقد انقلب السحر على الساحر..وأصبحوا عُرَاتًا أمام الرأي العام العالمي و الإعلام و الهيئات الحقوقية الدولية…

فمتى تنظف المنظمة الإفريقية بيتها و تطرد عصابة البوليساريو بعد دخولها عن طريق أظرفة و رشاوي النظام الجزائري..؟ هل سيُحاسب ” جهاز المؤتمر ” بمنظمة الاتحاد الإفريقي ، جنرالات الجزائر على فضيحة  تزوير جواز سفر و تهريب المجرم ” إبراهيم غالي ” المطلوب لدى العدالة الاسبانية، ضدا في  ميثاق و مبادئ منظمة الاتحاد الإفريقي خاصة المادة الرابعة في فقرات م و س …؟و هل تتوفر صفات دولة في كيان لا يقدر حتى على إصدار جواز سفر لرئيسه، مادام أن جواز السفر هو أحد عناوين السيادة الوطنية…؟

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *