الرئيسية اراء ومواقف الصداقة الحقيقية ذهبت في مهب المصالح!

الصداقة الحقيقية ذهبت في مهب المصالح!

كتبه كتب في 18 سبتمبر 2015 - 22:46

في الآونة الأخيرة خفت العلاقات الاجتماعية المبنية على الحب والتسامح والإنسانية بعد أن قضت المصلحة على طبيعة الحياة وجمالياتها وقيمها الروحية واصبح الكثيرون يشتكون من غياب الصديق الحقيقي عن حياتهم، فمنهم من ينفي وجود الصداقة ويعتبرها من المستحيلات ومنهم من يعتبر نفسه محظوظاً لحصوله على الأصدقاء في حياته ولكن الدراسات الاجتماعية والنفسية اثبتت أن الصداقة حاجة أساسية للإنسان من الصعب أن يعيش محروماً منها.

صداقات لا تتطور

تقول نجلاء فهد صنقر: هناك الكثير من الصداقات التي تمر في حياتنا ولكنها للأسف من الصعب أن تتطور لتصبح حقيقية لأنها تنتهي بانتهاء الإطار الذي يجمعها كالعمل أو الدراسة فالصداقة ليست بطول او قصر المدة الزمنية فقد خسرت وصدمت ببعض الصديقات على الرغم من العشرة الطويلة التي جمعتني بهن، ومع ذلك لدي صديقات يجسدن المعنى الحقيقي للصداقة تعرفت عليهن من فترة قصيرة لان الإنسان يحتاج للصداقة حتى لا يشعر بالوحدة.

وترى مها محمد الدليلان أن الصداقة الحقيقية هي نعمة من الله وملح الحياة، ويقال أن من يموت ولديه صديق واحد فقد عاش حياة عظيمة، فالصداقة مواقف وهناك صداقات عابرة كثيرة مرت في حياتي ولم تستمر ولكنها تتمتع ببعض الإيجابيات أما بالنسبة لصديقاتي الحقيقيات فهن نعمة كبيرة وأعتقد أن الصداقة تحتاج إلى الكثير من التفهم لكي تستمر.

وتؤكد سعاد الطريسي بأن الصداقة تحتاج لسنوات طويلة حتى تتوطد لهذا لا يمكننا أن نضحي بها، وتعتقد أن الصداقات التي تتكون في مرحلة مبكرة من العمر تكون أكثر تماسكاً لأن الأصدقاء في هذه الحالة يكونون كبروا سوياً واختبروا الكثير من الذكريات التي جمعتهم بذاكرة مشتركة وأصبح لهم تاريخ مشترك يرتبط بالحنين إلى أيام الطفولة والمراهقة.

لا أحب هذا النوع من الصداقات

وتؤكد جود المطيري – موظفة – أن الصداقة علاقة جميلة فهناك نوع من الصداقات تكون بين اشخاص تتسم بالقوة نسبة لارتكازها على قيم ومبادئ داخل الأصدقاء حتى ان بعض الأصدقاء نحسبهم أشقاء بل إن بعضهم علاقته اقوى من علاقة الأخوة، لكن بالمقابل هناك نوع من الصداقات قائمة على المصالح وبكل أسف هذه الصداقات تكون هشة ولا قيمة لها في نظري ويمكن أن تنتهي إذا انقطعت هذه المصالح لذلك لا أحب هذا النوع من الصداقات.

للصداقة شروط

ومن جانبها تقول موضي السبيعي: للصداقة شروط أهمها التوافق الفكري والنفسي والإحترام المتبادل بين الاثنين وكذلك تشابه الميول والإتجاهات إضافة إلى تقارب العمر وربما كان للأخلاق الحميدة دافع كبير للحفاظ على الصداقة الحقيقية البعيدة عن المصالح الشخصية التي تترفع عن السلوكيات الخاطئة مثل الغيبة والانشغال بعيوب وخصوصيات الآخرين.

وتؤكد رزان العمر بأن الأصدقاء الحقيقيين هم من يدعمونك ويقفون بجانبك عندما تمر بأوقات صعبة في حياتك أو تجارب حزينة كالمرض أو فقد شخص عزيز، وهم ايضا الذين يتذكرون مناسباتك السعيدة على جدول حياتهم ويسارعون لتهنئتك بها من غير أن تذكرهم، إنهم يتعاملون مع الصداقة كالشيء العظيم الذي يستحق أن يعطونه وقتهم وعواطفهم.

الإنسان كائن اجتماعي

وقالت د. هياء المزيد – رئيسة قسم الخدمة الاجتماعية الإكلينيكية في المدينة الطبية الجامعية بالرياض -: عُرف الإنسان بأنه كائن اجتماعي يرتبط بعلاقته الاجتماعية منذ لحظة ميلاده الأولى لتكون والدته هي محور كيانه الاجتماعي منذ ولادته وبعد ذلك تتطور هذه العلاقة لتشمل والده وأفراد أسرته الصغيرة وبعد دخوله للمدرسة يبدأ بتكوين العلاقات مع أقرانه.

وهنا يبدأ عالمه الصغير بالتوسع ليشمل الأصدقاء وهم أهم الأشخاص المؤثرين على سلوكه في مرحلة المراهقة لتمتد بعض الصدقات إلى المراحل التالية في حياته، وهنا نجد أنه يخرج بعدة أصدقاء وفي أضيق الحدود بصديق واحد وهنا نتساءل ما هي الصداقة وما الذي يميز هذا الصديق ليجعل من هذه العلاقة تستمر؟

وتشير الى ان لفظ الصداقة مأخوذ من الصدق وهو قول الحقيقة بمفهومها الواقعي دون مجاملة أو تحسين يشوبه الكذب والصداقة هي علاقة اجتماعية تربط شخصين أو أكثر على أساس الثقة والمودة والتعاون بينهم.

بعيداً عن الأنانية أو تضارب المصالح

وتؤكد بأن الصديق هو من يصدق صاحبه القول ويدافع عنه في غيبته ويدفع عنه ما يضره، فهو الناصح والمستشار والمستمع والمصحح الذي يبوح له صديقه بكل ما في خاطره من أفكار ويتحدث معه عن خبراته ومواقفه وردود أفعاله ليكون هذا الصديق المرآة التي تصحح أو تنصح، ومن هنا تستمر هذه العلاقة بعيداً عن الأنانية أو تضارب المصالح وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما وضع معيار الصداقة بأنها المرآة التي تعكس المرء فقال صلى الله عليه وسلم (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)، وهذا يوضح كيف نختار أصدقاءنا لأنهم يعكسون شخصياتنا أمام أفراد المجتمع الآخرين، وهذا درس نبوي شريف بضرورة حسن اختيار الصديق وليست كل العلاقات تنم عن صداقات ولكن هناك منهم ما يطلق عليه معارف وهم من يعرفهم الشخص في محيطة الاجتماعي دون أن يرتبط معهم بعلاقات عميقة تدخلهم في خصوصيته وتفاصيل حياته، وهم الزملاء في الصف والجامعة والعمل وكثيرا من الأحيان لا نجد بينهم الصديق الحقيقي.

ولقد اختلفت معايير الصداقة في العصر الحالي وبوجود وسائل التواصل الاجتماعي تغير مفهوم الصداقة واصبح الفرد يضم لقائمته مجموعة كبيرة ويسمون بالأصدقاء ولكن هل هذا حقيقي؟

الحقيقة تكمن في جدوى وجود الصديق بأدواره المختلفة فهو المصحح الناصح الذي يخشى على صديقه من أن يمسه سوء ويكون درعا يحميه ويساعده على رؤية حقيقة المواقف ليكون الحكم فيها عادلا أقرب للصواب.

وبينت المزيد بأن شأن الصداقة شأن الكثير من العلاقات الاجتماعية التي تغيرت نوعاً ما في عصرنا الحالي فأصبحنا اليوم نعاني من خسارة من كنا نظنهم أصدقاء لتُظهر المواقف حقيقة معادنهم وقد نصاب اليوم بخيبات الأمل بسبب المادية التي صبغت حياتنا العصرية فبات الحصول على صديق صعباً والحفاظ عليه هو الأصعب فكم من شخص وجد من كان يظنه صديقا يصارعه على رزقه أو يكن له الحسد أو ينافسه على لحظات سعادته.

وفي رأيي أن الصديق يملك قلبا كبيراً ليستوعب حالات الغضب والحزن واليأس التي قد تمر بنا ونحتاج لقلب الصديق الصدوق ليشاركنا تلك اللحظات وأجمل الصداقات التي تبنى بالزمن وتصقلها الخبرات في مسرح الحياة لنجد أنفسنا نكبر ونشيخ معها وعندما نفقدها نشعر أننا فقدنا نصفنا الآخر، وهذا ما نحتاج أن نعلمه لأبنائنا فمن الصعب الحصول على صديق صادق محب في زمن من المصالح.

ولكن يبقى الخير والأمل موجود ولكن الانتقاء أمر مهم والحفاظ على الصداقات الحقيقية هو الأهم وكل طرف لهذه العلاقة له حقوق كما عليه واجبات تجاه تلك الصداقة، لنضمن استمرارها ونجاحها، فالعطاء مفتاح لري شجرة الصداقة فكما نحب أن نأخذ يجب أن نمتلك القوة والصدق والقلب الكبير القادر على العطاء فلا يكفي أن نبحث عن الصديق ولكن يجب أن نبحث في أنفسنا ونعلم ذواتنا كيف نكون أصدقاء صادقين لمن حولنا.

شيبي

مشاركة