الرئيسية اراء ومواقف سجن ايت ملول المحلي: صناعة العبودية وإهدار الحقوق

سجن ايت ملول المحلي: صناعة العبودية وإهدار الحقوق

كتبه كتب في 7 ديسمبر 2013 - 22:57

يتضمن النقاش حول مشروع إصلاح منظومة القضاء، موضوع تعزيز وحماية حقوق و إقامة النزلاء بالمؤسسات السجنية، بما يترجم إلى الانسجام ( والدستور الجديد) ومع الاتفاقيات الموقعة سابقا في هذا الإطار.

  إلا إن هذا النقاش أقصى بقصد أو بغير قصد مطالب وآراء وملاحظات شريحة مهمة ضمن هذه المعاملة، وهم نزلاء المؤسسات السجنية خاصة المعتقلين السياسيين والحقوقيين القابعين حاليا داخلها، والذين يرصدون بشكل يومي ومباشر الخروقات والفرق الشاسع بين الخطاب الرسمي والواقع الحقيقي كما هو الحال بالسجن المحلي لايت ملول.

 إن هذه المؤسسة السجنية هي النموذج الأمثل للسياسة الممنهجة لإدارة السجون التي تجعل الإنسان وسط طاحونة العبودية، و تلغي آدميته و أبسط حقوقه الطبيعية !كيف ؟

 قبل الدخول في تشخيص هدا التناقض بين الخطاب والممارسة، الخاضعة والمتحكم فيها بفعل السياسة الجنائية بشكل عام يلزمنا أولا تقديم ملاحظات تقنية عن هذا السجن .

 لقد شرع العمل بهذه المؤسسة السجنية مند سنة 2003 حيث كانت تحتوي حيين هما (الرحمة والتوبة) إضافة إلى حي النساء، إلا أنه و بحلول سنة 2010 أضفت بناية جديدة  بحيث أصبحت الأولى بمثابة الشجرة التي تخفي وراءها الغابة حيي (الانضباط والامتثال) الذين بنيا خلف السجن القديم بحيث أصبح الأمر هو سجنين بإدارة واحدة قد تسمح أو تتجاوز ولوج لجان (التحقيق  والمعاينة مثلا أو اللجان الحقوقية) من ولوجها من عدمه حسب إرادتها.

 بعودتنا لحي الامتثال كحي جديد مثلا: فهو يتوفر على 72 غرفة تحوي كل واحدة ثماني آسرة اسمنتية وتبلغ مساحة كل غرفة 17 متر مربع فيها مرحاض وحيد ، أي بطاقة استيعابية لا تتعدى 576 نزيلا . لكن الواقع عكس هده المعايير المسطرة سلفا إذ ينزل بهذا الحي حولي 1200 نزيلا و بذلك تضم كل غرفة 16 نزيلا . كحد أدنى بمعدل متر مربع وحيد لكل نزيل. نفس الشيء ينطبق على ساحة الطواف التي لا تتعدى 1200 متر مربع. مما يجعل السجناء يعيشون يوميا في جحيم الاكتظاظ و كان هذا السناريو مهيأ له سلفا مع سبق الإصرار منذ الشروع في بناء هذه المؤسسة ؟!

 إن هذا الواقع يجعل النزلاء يصابون بأمراض مختلفة ( الظهر، البرد، الزكام، السل، الأمراض الجلدية..) و يحرمهم من حقهم في نوم طبيعي ما يحتم على إدارة السجن التغاضي عن ظاهرة النوم خلال فترة الطواف تحت الشمس والهواء المقدرة بساعة ونصف في الصباح والمساء، و بالتالي يمكننا ان نجزم بان الواقع الذي تسبب في إغماء المرحومة آسية الوديع، قد عاد مجددا لسجن ايت ملول ما يوضح التراجع الخطير على مستوى حقوق السجناء. ويظهر هذا جليا أمام غرفة المستعجلات بممرض وحيد يفتح ساعتين في اليوم تعرف شجارا وتسابقا دراميا لعشرات المرضى من أجل الفوز بفرصة نادرة  للتداوي أو( التشخيص ؟! ).

وعلى مستوى النظافة فإن كل مواد تنظيف الغرف يتحملها النزلاء بدءا بمعدات التنظيف و أدواته إلى المواد المستعملة (صابون ، مسحوق تايد، جافيل …)، ومن حيث النظافة البدنية بهدا الحي الجامع 1200 نزيل فيتوفر على حمام وحيد يفتح في أحسن الأحوال مرة في الأسبوع ( الأربعاء ) ساعة ونصف صباحا، وساعة ونصف في المساء حسب مزاج الإدارة التي إن تفضلت بفتحه مساء فانه لا يتوفر على المياه الدافئة، إنه لواقع العصور الحجرية التي تفوق علينا أهلها في الحقوق الطبيعية. فمن حيث الوضوء و الصلاة  في الغرف فلا وجود إلا  للماء البارد مما أصاب العديد بأمراض البرد أما الصلاة في وقتها خاصة الفجر، فأرضية الغرفة مكدسة بالأبدان البشرية الغارقة في النوم.

– محمد أمزوز/ معتقل سياسي –

مشاركة