الرئيسية للنساء فقط نساء يحاربن الفقر والأمية بإمكانيات ذاتية بنواحي تنغير

نساء يحاربن الفقر والأمية بإمكانيات ذاتية بنواحي تنغير

كتبه كتب في 30 أكتوبر 2013 - 12:48

تقاوم نسوة الدواوير التابعة لجماعة واكليم بالجنوب الشرقي باقليم تنغير، الفقر والتهميش بطريقتهن الخاصة وإمكانيات ذاتية جد محدودة.. يبحثن بعزيمة وأمل عن مصدر للدخل عن طريق الانخراط في أوراشوبرامج للتكوين المقدمة من لدن جميعات محلية من شأنها تنمية قدراتهن في العمل والتحصيل والمغامرة لإحداث مشاريعهن الخاصة.

أحلامهن بسيطة. وعزيمتهن أقوى. هي كل زادهن في محاربة الدرجة القصوى من التهميش والعزلة المفروضة على المناطق النائية باقليم تنغير. نساء من مختلف الأعمار قدمن من دواوير متناثرة في الجبال والمناطق القاحلة ٠ دوار أيت المكسوب، أيت مولاي ابراهيم، أيت مولاي أحمد ثم دوار سناش.. كان ذلك خلال أحد أيام شهر يونيو الماضي. أما المناسبة فهي تسلم مجموعة من آلات الخياطة في إطار مشروع لتنمية المناطق المنجمية لمستفيدات محليات في إطار المشروع الموقع بين نسيج جمعوي محلي، وشركة لمعادن بإميضر. الحدث الذي طال انتظاره بين الساكنة تحول إلى مصدر للأمل طبع يوميات نسوة هذه الدواوير الموشومة بالبحث عن مصدر استثنائي للاستمرار في البقاء ومقاومة الظروف اللمناخية والاجتماعية القاسية، فكانت تجربة الانتقال إلى جماعة واكليم وبالتحديد إلى القاعة المتعددة التخصصات حيث كان أعضاء من  جمعية ( المرأة والطفل للتنمية والتعاون) منكبون على تأطير إحدى ورشات محاربة الأمية. كانت النسوة ورغم الحرارة وطول الطريق، وصعوبة الوصول إلى مقر المركز، يترقبن بداية حصة من الدروس. بين لحظة وأخرى، كن يلجن مستعجلات إلى المركز، مصحوبات بدفاترهن، وكراريسهن الدراسية، وهن على استعدادا لتلقي درس جديد من دروس محاربة الأمية.. « لي بغا يستافد مرحبا به، وبلا شروط أيضا.. هذه هي القاعدة ديالنا». هكذا لخصت إحدى المؤطرات، «مسطرة» قبول النساء في مختلف الدورات التكوينية الممتدة على طول السنة. دروس تقدم بالتحديد في ساعات مابعد الظهر والسبب في ذلك « حتى تنتهي النسوة من القيام بأشغال المنزل، والتفرغ للدروس».

«ماما» سيدة في عقدها الرابع من دوار « أمانوقيدار» إمرأة ، ترد على أكثر من لسان بين المؤطرين والنسوة الأخريات، هي نموذج للكدح اليومي في الصباح ، وهي ببيتها بين الأبناء، ثم في الحرص على التعلم. كانت رغبتها في التحصيل لاتوصف، هكذا وصفتها إحدى عضوات الجمعية، انخراطها في برنامج لمحو الأمية مكنها من قهر عزلتها وأميتها. استطاعت أن تلامس عالم الكتابة والقراءة بشكل أذهل أقاربها، وكذلك أعضاء الجمعية « ماما دابا كتقرا القرآن، وكتكتب وترسل الميساجات من المبورطابل ديالها..» تعلق فاطمة بفرح، وهي تقدم القائمة الطويلة من المستفيدات اللواتي، قطعن مع أميتهن وتمكنن من تغيير حياتهن.  داخل إحدى قاعات المركز وأمام آلة للخياطة جلست أمينة البالغة من العمر تسعة وعشرين سنة، تتابع بانتظام تعليمات المسؤولة عن المركز. جلوسها أمام الآلة، كان بمثابة أمنية ظلت عصية على التحقق لسنوات، قالت « بعدا ايلا تعلمت نخيط، غادي ندور الحركة وتبيع أونشري..». المستفيدة استرسلت في  حديثها « المشكل الذي سنواجهه في المستقبل، هو كيف سنسوق منتوجاتنا التقليدية، وتحقيق مداخيل لاقتناء المواد الخام ، حيث يطرح اليوم ضرورة الانتقال إلى العمل التعاوني ، وتأسيس تعاونية».

متطوعون .. ومستفيدون من مختلف الأعمار

أغلب المؤطرين من الجمعية، متطوعون، منهم المجازون، وحاملوا شهادات مهنية متعددة، في المعلوميات والمحاسبة، لكنهم عاطلون « ليس لنا دخل، ونحن نقوم بتنفيذ هذه البرامج كواجب اتجاه نسوة المنطقة بشكل تطوعي لاغير » تفسر فاطمة بنبرة وثوق. تطوع أثمر وبعد سنتين فقط، نتائج باهرة، أولها، تضيف المسؤولة الجمعوية « الثقة، وتزايد الاقبال على هذا النوع من البرامج من لدن الساكنة المحلية» هذا التجاوب، يفسر في العدد والذي يصل إلى  مائتي إمرأة من مختلف الأعمار، والمناطق بالجماعة. المستفيدات، أصبح لديهن سلطة القرار، من خلال التحكم في تدبير شؤونهن ، وتدبير حاجياتها، بطريقة جديدة بعيدا عن تأثير أو توجيه الرجل. الحصص التي تنظم لفائدتهن تتوزع إلى حصتين، في الأسبوع، أما السر في ذلك، فيكمن في منح أكبر عدد من النسوة فرصة الانخراط، والتعلم. تستغرق كدة كل حصة أربع ساعات في اليوم، خلالها، تلقن للنسوة ،كيف يعتنين بقطيع الماشية، وتنمية مداخلهن من ذلك « تجربة توزيع قطيع من الأغنام من فصيلة (الدمان) بمساعدة المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي منذ شهور، أسفرت عن نجاح التجربة، وتمكنت النسوة من الحصول على عدد إضافي من رؤوس الأغنام». تربية الماشية، والانخراط في المشروع، لم يكن بالأمر السهل. فمن الصعوبات التي واجهها أعضاء الجمعية، كانت إقناع الرجال بالدوار بقبول مبدأ مشاركة النسوة في مثل هذه الأنشطة والبرامج فبحكم عادات وتقاليد المنطقة كانت النسوة تترددن في المشاركة، وإبعاد جملة من الاتهامات والتفسيرات حول خروجها من منزلها، وتغيير الصورة الخاطئة لعملها ومن ثمة الانتقال إلى المركز المتعدد التخصصات بالجماعة، للاستفادة من حصص التكوين. لكن المثير وحسب العديد من الشهادات هو « مطالبة النسوة بمهن جديدة كالطبخ مثلا علاوة على حرف كانت إلى حدود الشهور الأخيرة خكرا على المراكز الحضرية». رهان كان حاضرا ضمن انشغالات الجمعية، فهذه الأخيرة لازالت تتخذ من «دار القبيلة» مقرا لها، لكن بشكل مؤقت، حيث يتوقع حسب تصريحات الأعضاء أن يقوم مالكها باستعادتها، مما يفرض البحث عن مكان جديد كمقر للجمعية. هذه الأخيرة، تقدمت وفي منااسبات عديدة إلى المنتخبين وشركة مناجم بطلبات من أجل  توفير مقر للجمعية، قد يساعدها على اتمام رسالتها في أحسن الظروف، خاصة أمام الحاجة الملحة لانتشال جزء من الساكنة من الفقر والعوز الذي تتخبط فيه المنطقة بشكل عام.

نساء حوامل يضربن عن التلقيح..

رغبتهن في القطع مع أميتهن وتعلم مهن جديدة ، لاتخفي معاناتهن اليومية مع افتقار دواويرهن وجماعتهن من البينات والمرافق الضرورية. فقائمة الخصاص لاتحد، وعلى السبيل المثال، تواضع الخدمات الاستشفائية بالمستوصف المحلي بدوار واكلم، البناية المذكورة لاتحمل إلا الاسم فقط، ممرضة واحدة، وخدمات جد محدودة، وأدوية لاتتجاوز المسكنات في أحسن الظروف. يظهر ذلك حسب شهادات أدلت لنا بها الفعاليات الجمعوية بالمنطقة، عند حالات الولادة، حيث تضطر النسوة الحديثات الوضع إلى قطع مسافة طويلة للوصول إلى المستوصف، لكنهن يفاجأن بأن عملية التلقيح غير ممكنة، والسبب أن الممرضة تربط الأمر بضرورة وجود أكثر من إمرأة قصد فتح العلبة، وبالتالي تلقيح الرضع. إزاء هذا الوضع، وفي رد فعل احتجاجي فإن النسوة يعرضن عن ذلك، حيث تشير الشهادات إلى أن عددا منهن قد فضلن عدم خضوعهن للتلقيح، نتيجة هذه العراقيل، رفض كانت له تداعيات صحية خطيرة عليهن وعلى أبنائهن. غياب دور للولادة، يزيد بدوره من محنة النساء ، فهن يضطرن إما الولادة بشكل تقليدي، مما يعرضهن لمخاطر الوفاة. أو الانتقال إلى مدينة تنغير في أحسن الظروف، وفي الحالات الخطيرة الانتقال إلى مدينة ورزازات أو الراشيدية، مع ما يعنيه ذلك في قاموس القاطنين بهذه المناطق الوعرة البحث المضني عن وسيلة نقل للتمكن من الانتقال في ظروف مناسبة، وهذا ما يجعل مطالب الساكنة بضرورة توفير سيارة إسعاف من ضمن الأولويات لتجاوز الظروف الصحية المأساوية بهذه المناطق المعزولة. علاوة على مطلب تعيين أطباء اختصاصيين للتخفيف من حدة الخصاص المسجل في الموارد البشرية لقطاع الصحة هذا بالرغم من المراسلات والملتمسات التي رفعها السكان بمعية المجتمع المدني بالمنطقة إلى مسؤولي القطاع الصحي إقليميا ومركزيا للتدخل وتوفيرها. في هذه الدواوير المنسية  أو لى الأقل وحسب تصريحات محمد وهو فاعل جمعوي من ساكنة المنطقة فإن  «المبادرة ببرمجة قوافل طبية متعددة التخصصات في اتجاه دواوير هذه المنطقة الهامشية، قد يخفف من التخفيف من حدة هذا الوضع».

الماء .. بحث «سيزيفي» عن الحياة

قسوة تضاريس المنطقة تحيل مباشرة إلى مشكل ندرة مياه الشرب. فكارثة العطش ظلت تحوم حول الساكنة المحلية خلال الشهور الماضية بقوة. أزمة أخرجت السكان عنوة إلى البحث عن الماء. مشكل يظهر بشكل كبير لدى النسوة اللواتي يجبرن بحكم تقاليد المنطقة علىالسير على الأقدام أو امتطاء الدواب، والانطلاق في رحلات  بحث شبه «سيزيفية» إلى المنحدرات، وتشعبات وادي «تركيت»، للبحث عن قطرة ماء وسط صحراء من القحط والجفاف « يندر وجود الماء في هذه المناطق شبه الصحراوية، المتوفر منه معظمه مالح ولايصلح للشرب، حيث يستعمل فقط للغسل » . هذا الوضع الإستثنائي دفع الجهات المسؤولة إلى القيام بأعمال الحفر وانجاز أثقاب مائية في أكثر من موقع، عسى أن يتم اكتشاف منابع مائية تغني الساكنة عن مشاق التنقل «أعمال الحفر جارية في عمق يصل إلى 90 متر والهدف توفير مياه الشرب لسد الخصاص» يعلق أحد أبناء المنطقة، قبل أن تسترسل، في سرد التفاصيل اليومية الضاجة بالسأم التي تصاحب عادة رحلة البحث عن هذه المادة الحيوية. « المشكل يشكل سدا مانعا للمستفيدات من متابعة برامج الجمعية، والالتزام بها ومتابعتها بشكل منتظم « ساكنة المنطقة، خاصة النسوة، هاجسهن اليومي  هو توفير كميات من مياه الشرب مهما كلفهن الثمن.. لذلك فنحن لانفاجأ بالارتباك االذي يطبع هذه العملية » تقول إحدى المؤطرات بالجمعية. بالمقابل ندرة الماء بالمنطقة، ترجمتها الاحتقانات الاجتماعية بين ساكنة الدواوير التابعة لجماعة أميضر ، وشركة للمعادن. وهي احتقانات تبرز أهمية هذه المادة الحيوية في حياة الساكنة لا في الأنشطة الفلاحية أو لغرض الشرب. هنا بالجنوب الذي يطبعه المناخ الصحراوي يشكل الماء بالنسبة لسكان الدواوير والجماعات القروية المنتشرة عبر تراب الاقليم، ثروة لاتقدر بثمن. بل أنه  يعتبر هاجسا يوميا للوصول إلى مصادره، خاصة المياه الجوفية باللجوء إلى الآبار واستغلال مياه الخطارات….. تجنبا لكارثة الندرة والجفاف قد تجبرهم على اختيار طرق الهجرة والنزوح إلى المدن المجاورة. أولى ثمار مجهودات الجمعية في مجال محاربة الأمية، تمكين النسوة المستفيدات من امكانية انجاز وثائقهن الإدارية « نظمنا للمستفيدات زيارة إلى مقر الجماعة، واكتشفنا أنهن اكتسبن جرأة في طلب مختلف الوثائق، مقارنة بالسابق حيث كان الرجل أو رب الأسرة هو الذي يتكفل بهذه المهمة دون سواه ..» تعلق فاطمة بنبرة تفاؤل، وهي تتطلع إلى ما قد تحمله الأيام القادمة من برامج جديدة لفائدة نسوة دواوير معزولة بمنطقة إميضر الغنية بثرواتها المنجمية قد تخفف من  عزلتهن.

الأحداث المغربية

مشاركة
تعليقات الزوار ( 1120 )
  1. موضوع من صحافي غير متمرس او له جنسية اجنبية نشر هده الأخبار بدون تأكيد مسبق. هل هده حريةالصحافة… التي حاورت نساء لا يتجاوز مستواهن المعرفي 6 ابتدائي إن لم أقل العام الأول في برنامج محاربة الأمية..

Comments are closed.