“كلما زرت تافراوت تنتابني غصة داخلية لا أكشف عنها لأحد وأنا أرى تلاميذ وتلميذات تافراوت يعنانون الأمرين للوصول إلى المدرسة، يقول الحاج العربي مصلح رئيس جمعية تمالوكت المقيم بمدينة الدار البيضاء، ويضيف “تتضاعف معاناتي كلما أسمع عن جموع الفتيات اللواتي ينقطعن عن الدراسة كل سنة فيوسعن من شروخ الهدر المدرسي”. فتافراوت تؤدي فاتورة الهدر في صفوف الفتيات بالخصوص بسبب طابعها المحافظ ووعورة تضاريسها وعوز أغلب ساكنيها.
فمن قلب هذه معاناة العربي مصلح خرجت في سنة 2005 فكرة النقل المدرسي المجاني بمساهمة رجالات المنطقة يؤكد.
يضيف رئيس جمعية تمالوكت في سرد حكاية النقل: “وأنا منشغل بهذا المشكل عنت لي يوما فكرة اقتناء حافلة لنقل التلاميذ، ولتنزيلها من دماغي على أرض تافراوت، اتصلت بأعيان المنطقة واحدا تلو الآخر، أول من اتصلت به جشعني على الاستمرار في مسعى انتشال التلاميذ من آفة الهدر، فعوض الرد عن الفكرة المقترح قام من مقعده وقبل رأسي”.
في نفس اليوم والليلة اجتمع لفيف من رجالات المنطقة ومعهم الحاج العربي على فكرة توفير النقل المدرسي، وقبيل تفرقهم من” لقاء عشاء” جمعوا بشكل تضامني 41 مليون سنتيم، كان الإصرار على اقتناء حافلة ديدنهم الأول، فخرجت الحلم بإصرارهم إلى الوجود وشرعت أول حافلة سنة 2005 في نقل التلاميذ أربع مرات في اليوم.
جماعة أملن التي انخرطت مند اليوم الأول في المشروع أمنت توفير السائقين على نفقاتها، وبعد انطلاق عجلات النقل المدرسي ظهر مشكل التأمين اليومي للمحروقات يضيف المتحدث ” عندها طرقنا باب عزيز أخنوش ولم يتردد في تأمين حصة دائمة من المحروقات إلى يومنا هذا”.
فرح كبير انتاب الجميع عندما تحركت سنة 2005 أول حافلة انتقل عامل إقليم تيزنيت يومها إلى تافراوت لتدشينها معطيا الانطلاقة لأول تجربة فريدة على المستوى الوطني، بدا واضحا إعجاب العامل يومها بالفكرة واندهاشه لها. النقل بدأت بتسيير من جمعية تمالوكت القروية قبل أن تشرف عليه اليوم جمعية خاصة تقود التجربة.
فجمعية النقل المدرسي بتافراوت تأسست في الآونة الأخيرة يرأسها الحفيظ أمشاعرو، ورئيسها الشرفي صاحب الفكرة الأولى هو الحاج العربي مصلح، الجمعية تولت تسيير هذا المشروع الاجتماعي التضامني بثلاثة حافلات بعد جلب ثانية من إحدى البلديات بفرنسا واقتناء ثالثة لتأمين نقل 350 تلميذة وتلميذا من 43 دوارا، من مختلف دوائر تافراوت، بعدها جاءت فكرة إنشاء مكتبة متنقلة لنقل المعرفة عبر تراب منطقة تافراوت، مزودة بمقاعد ورفوف للكتب التربوية. تجربة رائدة انتقلت من تافراوت مند أزيد من ست سنوات، قبل أن تنتقل غلى مدن جنوبية مجاورة ويجري اليوم التفكير لتعميمها على تراب إقليم تزنيت لمحاربة الهدر المدرسي بالمناطق المعزولة.
سوس بلوس
