الرئيسية اراء ومواقف رمضانيات: مقامات العميري(14)

رمضانيات: مقامات العميري(14)

كتبه كتب في 27 مارس 2024 - 18:30

اعتبر فن المقامة أحد الفنون اللغوية في الأدب العربي التي اشتهر بها بديع الزمان الهمذاني (969م/1007م) و الذي يعتبر مؤسس هذا الفن و رائده ممن كتبوا فيه، فقد كتب عددا من المقامات التي لا تزال معروفة حتى وقتنا هذا. ولعل أهم كتاب المقامة المغاربة محمد العميري، الذي أتقنها و تفنن فيها و كتب عددا من المقامات التي شكلت موضوع دراسات و بحوث لعدد من طلاب الجامعات المغربية لنيل شهادات التخرج، كما حظيت باهتمام بعض النقاد الذين اعتبروا أن مقامات العميري لا تقل أهمية و وزنا عن روادها، سواء من حيث لغتها أو المعاني المكثفة التي تلامس روح العصر.

 

      المقامةالرابعة عشرة

المقامة الاستعطافية

حدثنا الحاج عمر اللعيبة قال:

بينما نحن جلوس ،بمقهى (الهاموس)،نتبادل المباسم ونرتشف الكؤوس،وبجانبنا مجموعة من الجهابذة الأجلاء الأساتذة مجتمعين حول مائدة  ،تجمعهم  محبة زائدة،وهم يلتمسون من أحدهم الود ،ويقبلون منه الرأس والخد،وهو لايزيدهم إلا الهجر والصد،والقطيعة والبعد.

قال الراوي:فلما بلغ حزامهم الطبيين،وكادوا يرجعون بخفي حنين،تقدم إليه آخر أستاذ ،والدمع منه وابل ورذاذ ،وقال له بصوت أخاذ:

صاحب الجوانح المجمرة والنقانق المزعفرة والكواظم المعنبرة:

أتشرف أصالة عن نفسي ، ونيابة عن الأساتذة  من بني جنسي:

               خفافيش أعماها النهار بضوئه***ووافقها قطع من الليل مظلم

أن يتقدم إلى جنابكم المنيف ،و مقامكم الشريف ،بهذه المظلمة عسى أن تتراجعوا عن قراركم في حق تلك الشرذمة المحطمة،  يادامي الأظفار، ومالك السهول والفيافي والقفاروقاهركل نحرير ومهمش كل عون أو وزير. صوابك بين لا يدفع،وجرمهم مكشوف لا يتقنع:

نناشدك الله أن تجود علينا بفضلات فتاتك وألا تبخل علينا بهنيهات من نفيس أوقاتك وألا تستقوي علينا (بالإكثار والبوكرين) ) (1فتتزعزع قناعتنا وتتشتت جماعتناوتبور بضاعتنا وتتبخر سلعتنا (2  ) فتكون بذلك قد أغلقت باب الازدراد وعرضتنا لشماتة (الحسين وشداد) وكل أستاذة وأستاذ. فلسان حالنا يقول كماقال شاعر مجهول:

يا أيها المولى الغضنفرالذي         أيامه طائعة أمــــــــــــره

ومن له منزلة في العلا         تكل عن أوصافها الفكــــــره

إليك نشكو حالنا إننا         حاشاك من قوم أولي عســـــره

أحدث المولى الحديث الذي         جرى لهم بالخيط والإبره

صاموا مع الناس ولكنهم         كانوا لمن أبصرهم عبـــره

لهم من ا لفول بصارة         في كل يوم تشبه النشـــــــره

 أقول كلما اجتمعوا حولها:    تنزهوا في الماء والخضره

وأقفل باب الازدراد  فلا     جوانح لديهم ولا نقانق ولا فطره

فارحمهم إن عاينوا كعكة         في كف طفل أو رأوا تمره

تشخص أبصارهم نحوها         بشهقة تتبعهاعبرةو زفره

ألالعنة الله على المفتري            وثنتان لإبليس أبي مره

نصركم لله على الأضداد؛ من أهل الشقاق والعناد، وواعدكم على المعدلة حسن العاقبة في المعاد؛ إن الله لا يخلف الميعاد.

قال الحاج عمر:

فهمس صديقي الأهوج (أبو الضوضاءالأعوج): َلَيسَ فيهم فائِدَه، إِلا ظُنون فاسِدَه، وَترهات بارِدَه، وَحَسرات زائِدَه،فقلت له:

هذا بَحرُ عِرفانٍ مفيض الحِكَم     مَن أَتاهُ نالَ مِنهُ الفائِدَه.!

الهوامش:

1-الإكتار والبوكرين:اسم أستاذين بثانوية الداخلة بأولاد برحيل.

2-السلعة:بفتح السين :الريح التي تخرج من الإنسان،وهي من نواقض الوضوء.)الفسو والضراط(.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *