الرئيسية اراء ومواقف رمضانيات: مقامات العميري(10)

رمضانيات: مقامات العميري(10)

كتبه كتب في 23 مارس 2024 - 18:30

اعتبر فن المقامة أحد الفنون اللغوية في الأدب العربي التي اشتهر بها بديع الزمان الهمذاني (969م/1007م) و الذي يعتبر مؤسس هذا الفن و رائده ممن كتبوا فيه، فقد كتب عددا من المقامات التي لا تزال معروفة حتى وقتنا هذا. ولعل أهم كتاب المقامة المغاربة محمد العميري، الذي أتقنها و تفنن فيها و كتب عددا من المقامات التي شكلت موضوع دراسات و بحوث لعدد من طلاب الجامعات المغربية لنيل شهادات التخرج، كما حظيت باهتمام بعض النقاد الذين اعتبروا أن مقامات العميري لا تقل أهمية و وزنا عن روادها، سواء من حيث لغتها أو المعاني المكثفة التي تلامس روح العصر.

                                     المقامــة العاشرة

                                   المقامة الإصلاحية

حدثنا الحاج عمر اللعيبة قال:

لما طال ثواء(أم الحبيب)عند النسيب،استفزتني غادةمكارة غدارة ،رأيتها وقد تبرجت

وتضرجت ،وأصبحت كالمهرة التي تسير بغير عنان لايكبحها لكم بالأكف،ولايوقفها ضرب بالعيدان،فقلت:

          أميلي وجهك الحاني إلينا          لنرى أضللنا في الحياة أم اهتدينا؟!

فقالت:هيهات، هيهات يا( أبا نجاة)!ألمثلك أعددت كل هذه العدة،واشتغلت كل هذه المدة؟!- أنت ؟! يا كناسة الكناسة تهيم بالعباسة …دع عنك   الوساوس  ولا تتكالب على ابنةالأشاوس!!!

قال الراوي:فلم أستسلم وأعدت الكرة، وقلت لها هذه المرة:

                  واها لفـــــوز ثم واها

                                            ليت عينيها لنا وفــــــــاها

                بِثَمنٍ نُرضِي بهِ أبَاها

                          فَاضتْ دُمُوعُ العَينِ من جــــــــــــــراها

فردت علي صاخبة ،وبطريقة غاضبة:

                    يا طلـــــــــــعة تابوت                        في موكب أعـــــراس

                    لو كنت من الخمروتحسى             لقاءك الحاســـــــــــــــــــــي

                    فما أنت من النــــــــــاس            ولكن مسخ نسنـــــــــــــاس؟!

قال الحاج عمر:

فهزني إعصار الغضب إلى (برحيل)في آخر سبت من أبريل(1)…علي أمتع نظري،وأملي بصري بطرف كحيل،أو خد أسيل،أوشادن يشفي الغليل…فدلني بعضهم على باب الثانوية،والتي أصبحت- بعد انفتاحها على محيطها-مرتعا للفساق واللواطية،والتحرش بكل غادية وبادية…

قال الراوي :

فانطلقت مهرولا ،وعلى الشر كنت معولا ،فإذا بالثانوية قد ذوت أغصانها ،وذهب روحها وريحانها:لا كواعب ولا غلمان ،ولا أي شيء مما وسوس به للنفس الشيطان!فسألت أحد الجهابذة الأجلاء الأساتذةعن سبب توقف الدراسة:أهو(فرمان)(2)من الإدارة؟أم مرسوم من الحراسة؟فقال:

-هذه منتديات الإصلاح،والدخول لغير الأساتذة مباح،حتى يساهم الجميع في حلحلة المشاكل وتضميد الجراح!!…

قال الحاج عمر:

ثم بعدذلك عدت إلى داري وأنا أجر أذيال هزيمتي وعاري ،وأردد قول ابن أبي السباع السوسي–عجل الله رجوعه ليتحف جمهوره وجموعه،ونور مغانيه وأسمعناأغانيه-:

مالي وللإصلاح أرقبه

                                 فوقائع التاريخ تكتبــــــــــــــــــــــه

دع عنك أمرا لست تدركه

                               تبديه والإكراه يحجبــــــــــــــــــــــــه

ما أصلح العطار من جسد

                                 للــــــــدهرفيه يد تخربــــــــــــــــــه

مثل العجوز تروم معجزة

                             ولى الشباب فكيف تطلبــــــــــــــــــــــه؟!

كم مصلح أبدى عزيمته

                             حتى رأى الإحباط يغلبـــــــــــــــــــــــــــــه

فإذا الذي ترجى شفاعته

                              ولج الضريح وصار ينهبـــــــــــــــــــــه!!!

وإذا الذي هطلتْ سحائبُه

                           سَحَبَ البساط. فمنْ يُؤنـِّبُــــــــــــــــــــــــهُ؟!!!

الهوامش:

1- آخر سبت من أبريل :التا ريخ الذي كانت تعقد فيه منتديات الإصلاح.

2- الفرمان:القانون أو المرسوم أو الظهير عندالأتراك العثمانيين.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *