الرئيسية اراء ومواقف حين تحجب الهواتف القيم الانسانية وتحول حامليها لمراسلين يخرقون خصوصيات الاخر

حين تحجب الهواتف القيم الانسانية وتحول حامليها لمراسلين يخرقون خصوصيات الاخر

كتبه كتب في 21 أغسطس 2023 - 12:27

*سناء بوحاميدي

في هدوء الصباح اليوم سرحت افكر بما احزنني هذه الايام فقررت ان اكتب على صفحتي ما يجول في خاطري واشارككم هذا الهم:
بكل صدق صرت اكره الهواتف التي حجبت القيم الانسانية عن كثير من العقول فاخترقت الحدود وتجاوزتها فصار كل مالك هاتف مصورا يوثق الاحداث ويتعدى الخصوصيات ولا يطرق بابا او يستأذن صار صاحب كل هاتف يظن ان هاتفه يرخص له اقتحام الاماكن وحياة الاخرين والتصوير دون إذن ونقل البث فصار كل الناس مراسلون ينقلون الصغيرة والكبيرة عبر الصور والمقاطع والبث الحي في كل الاماكن حتى الموت يبثون سكراته والدفن والعزاء والحزن وملامح الداخل والخارج وفي الافراح ينقلون التفاصيل واركان البيوت والتي لم تشهده عين ولم تسمعه أذن ناهيك عن التعليق والتأويل والتحليل المرافق للبث واصدار الاحكام وفتح المجال للتدخل في كل صغيرة وكبيرة واقتحام حياة الغير بلا حق ولا ضمير عالم كله ينظر للمظاهر يهتم بالقشور يقيم الصورة يحكم على المنظور يسوق للاستهلاك والتفاخر والتباهي يركز على حاسة او اثنين يلغي بها باقي الحواس يؤمن بالمادة ليس له رسالة واضحة ولا هدف محدد ولا انجاز حقيقي غير البث والنقل المباشر لاحداث تتكرر تشبه بعضها البعض ليست انجازا في حد ذاتها ولا تأتي بافكار هادفة ومحتوى يرقى بجوهر الانسان غير نقل لمجرد النقل وتقمص دور المراسل والصحفي ضمن ملايين منهم لا دور لهم سوى ملء فراغ حياتهم بمهمة مجانية لا نفع منها غير فتح باب الغيبة والنميمة والتنمر والتحليل الذي لا يضيف لصاحبه شيء غير ضياع الجهد والطاقة للشعور باهمية نتائجه اللامهمة عالم مزيف اخترق كل القيم والمبادئ وتجاوز كل الخطوط الحمراء فرق الشمل ودمر البيوت وجعل البشرية استهلاكية تنظر للمادة تفقد الشعور الانساني الحقيقي وتتقمص مشاعر مصطنعة مقلدة ماتكرر من المشاهد اليومية والمسرحيات والتمثيليات التي غسلت ادمغة البعض فتخيل ان دور البطولة فصل عليه وانه بطل يعيش قصة من القصص التي يراها تتكرر يهرب من واقعه ويعيش في عالم افتراضي بجنون العظمة واضعا تاجا في مملكة التفاهة والجهل لفعلا انها كارثة حقيقية ان تكون قمة الانجازات المتباهى بها مقاطع مصورة لحياة الاخرين ومركز الكون عند البعض في تحقيق السبق والانفراد بالمحتوى الذي لا يحتوي على شيء حقيقي الا شريط بث حي لحدث من احداث حياتنا مؤسف ما نتجه له مؤسف ان تخترق الهواتف عقول البشر مؤسف ان تكون كاميرا الهاتف اكثر تركيزا ويلغي ذكاء آلة عقل وفكر انسان سكن عقله واخترق حياته دجال بعين واحدة صنعه انسان ليسلب عقول البشرية ويخترق حياة الناس ويفصل كل جسد عن فكره وروح الانسانية ليكون كل من يحمل هاتفا جسدا مغيب الاحساس والروح مبرمجا على شاشة بكاميرا البث والنقل المباشر غسلت الهواتف عقولا وجمدتها وجعلت اخرى كل محور تركيزها محصور على زوايا المشهد اي مس اكبر من هذا واي جنون؟! روضت العقول وصار لكل انسان سيد يحكمه ويتحكم بتفاصيل يومه يحمل سيده بين يديه يظنه المسيطر عليه فهو مجرد هاتف محمول لكن الحقيقة ان ذلك المستهان به يشتريه من ماله ويحسن اختياره ويدقق بتفاصيله حتى يكبل به نفسه ويصير عبدا له يطيعه بكل رنة وينحني له بكل وقت وحين صارت طاعة الهاتف تفوق طاعة الاهل والوالدين ولا داعي ان اقول انها فاقت الصلاة الواجبة والاستجابة للواجب فما عاد الهاتف مجرد جهاز اتصال بل سيد يأمر ويُطاع يتحكم بكل ايامنا وجزئيات حياتنا قد يمنعنا الاكل والشرب والحياة ويجمد اوقاتنا ليكون الاول بكل اوقاتنا نتقبل فقدان كل شيء حتى من كان سببا بوجودنا ولا نتحمل البعد عن هواتفنا واذا انتهى الشحن توقفت الحياة حتى يعاد شحنه واذا وقع وانكسر تنكسر قلوبنا ويغيب النوم عنا وتنتهي الحياة حتى يصلح او يشترى غيره ملك العقول وسيطر على القلوب وألغى كل الحواس ماعدا ما ارتبط به فأي خطر بعد هذا الخطر على الانسانية والعالم خطر مبارك مرغوب محبوب تملك واستقر واحتل كل بيت وفرق الشمل تربع على عرش القلوب حتى صار اقرب واهم من الأم والأب والإبن….

*عدل موثقة

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *