الرئيسية ثقافة وفن تاريخ وثقافة ميدلت في كتاب قيم

تاريخ وثقافة ميدلت في كتاب قيم

كتبه كتب في 10 أبريل 2023 - 14:31

خليفة بوطيب **
صدر للدكتورمحمد مهيب كتاب تحت عنوان ” ميدلت شذرات تاريخية وثقافية ” من 274 صفحة وباللغة الفرنسية ” Midelt.Esquisses Historiques et Culturelles “…والذي قام بترجمته إلى اللغة العربية ذ.مولاي المصطفى أولاد الشريف.هذا الكتاب الذي جعل منه مؤلفه موسوعة فكرية، جمعت بين جيولوجيا المكان وتاريخه وثقافته، وهو ما يوحي إليه عنوانه المذكورسابقا.وهو ما سيستنتجه القارئ من خلال الحديث عن المكونات الجغرافية للمجال الذي تأسست فيه مدينة ميدلت، بالإضافة إلى الثروات الطبيعية المتواجدة بها، والتي دفعت وشجعت على الاستقرار التليد للعنصر البشري بمختلف مكوناته الاجتماعية، والذي تجسد في مختلف القبائل التي جعلت من سفح الأطلس الكبير الشرقي وجبل العياشي على الخصوصن مكانا للعيش والتدافع الذي أملته ظروف البحث عن الكلأ والماء والحفاظ على الأرض، وهو ما خلف أحداثا تاريخية لعبت فيها تلك القبائل وما كونته من فيدراليات قبلية قطب الرحى. بالإضافة إلى دور تدخلات السلطة المركزية ( المخزن بتعبير الكتاب والمصادر التاريخية) خلال العصر الحديث، ثم المستعمر الفرنسي منذ أواخر القرن التاسع عشرإلى غاية بناء مدينة ميدلت من طرف الفرنسيين سنة 1917 وما تلاها من أحدث أدت إلى استقلال المغرب.
الكتاب إذن يتحدث عن أسباب بناء ميدلت من طرف الجيش الفرنسي، كما هو حال مراكز أخرى بالجنوب الشرقي المغربي في تلك الفترة كمدينة أرفود.مع إبراز مختلف المعطيات الطوبونيمية المرتبطة سواء بتسمية ميدلت، أو مختلف القبائل والأماكن والروايات المرتبطة بأصل تسميتها، كتيزي نتالغمت ( فج الناقة ) وآيت سغروشن( تجميد ابن آوى ) وآيت مرغاد ( بيع الزبدة )وآيت يفلمان ( وجود الأمن ) على سبيل المثال لا الحصر.كما تحدث الكتاب عن ارتباط التاريخ الإجتماعي والإقتصادي للقبائل المستقرة بمجال أوطاط (وهي ميدلت حاليا) بالأطلس الكبير الشرقي ومنه جبل العياشي، الذي يعتبر خزانا كبيرا للمياه نسجت غلى سفحه فيدراليات قبلية، كان من أهما قبائل على شاكلة: ايت ازدك وأيت عطا وأيت يفلمان وآيت خاوة المنبثقة عن القبيلة الأم أولاد الحاج…
هذا النسيج القبلي المتنوع الذي يؤكد نوع التعايش بين مختلف المكونات القبلية أمازيغية وعربية وشرفاءعلويين وأدارسة، بالإضافة إلى اليهود تم تصنيفه كعنصرفعال بالمنطقة خلال فترات زمنية طويلة، خصوصا يهود أوطاط الذين لم يستقروا هناك إلا بعد قدوم آيت ازدك إليها خلال القرن 19.
الزوايا كذلك تم ذكر دورها الديني والاجتماعي بمجال ميدلت بذات الكتاب ، وكيف لعب زعماء تلك الزوايا بما يملكونه من سلطة روحية واعتبارية على الجميع ،من خلق نوع من التوازن بين المكون القبلي بالمنطقة، حيث ذكرالمؤلف زاوية سيدي يحيى أويوسف والزاوية الحمزاوية ثم الزاوية الدرقاوية.
الكتاب كذلك تحدث عن الأعراف والتقاليد والأدب الشعبي المرتبط بقبائل المنطقة، وكذا ببعض المعارك التي خاضتها هاته الأخيرة لمقاومة الاجتياح الفرنسي للمنطقة كمعركة آيت يعقوب ومعركة تازكزاوت.
الكاتب الدكتور محمد مهيب رغم أنه درس الطب ومارسه في مجموعة من المستشفيات والعيادات، فإنه استطاع أن يخرج إنتاجا جميلا ورائعا سيساعد لا محالة الباحثين والمهتمين بتاريخ وثقافة المنطقة، وسيشفي غليلهم بما يوفره من معارف ثمينة ستغني الخزانة الوطنية.

** باحث في تاريخ الجنوب المغربي

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *