الرئيسية اراء ومواقف درس للنواب المغاربة في الشفافية البرلمانية..هكذا يصرف البرلماني الفرنسي راتبه الشهري بالسنتيم..

درس للنواب المغاربة في الشفافية البرلمانية..هكذا يصرف البرلماني الفرنسي راتبه الشهري بالسنتيم..

كتبه كتب في 14 سبتمبر 2021 - 18:45

ذ. أحمد الميداوي

يكاد الإجماع يحصل على أن رواتب الساسة الفرنسيين هي الأكثر شفافية في العالم مقارنة بغيرها من الدول الغربية والآسيوية، بحيث يمكن لأي فرنسي الاتصال بمصلحة الضرائب أو المحافظة العراقية للوقوف على حقيقة أجور مسئولي بلاده وممتلكاتهم، من رئيس الدولة إلى الوزير الأول فأعضاء الحكومة ثم البرلمانيون..وغير هؤلاء من كبار الموظفين المدنيين والعسكريين. وينطبق هذا (لكن بوتيرة أقل) على كل المسئولين بالديمقراطيات العريقة. ومن هنا نفهم أن السياسة في الغرب هي مرادفة للسمعة والوضع الاعتباري وليس للمال والثروة على حساب الشعوب المغلوبة.

وفي سياق الزوبعة التي فجرتها مؤخرا المصاريف “المغشوشة” لبعض النواب البريطانيين، قرر ثلاثة نواب عن الحزب الاشتراكي الفرنسي الكشف عن الطريقة التي يتم بها صرف رواتبهم البرلمانية المحددة شهريا في راتب صافي يقدر ب 5838 أورو، تضاف إليه التعويضات “التمثيلية” وأخرى خاصة بفريق المساعدين للنواب بمبلغ (نحو ألف أورو).

ويكشف النائب الاشتراكي روني دوزيير الذي أعيد انتخابه ثلاث مرات متتالية عن منطقة إيسون (300 كلم شمال غرب باريس)، للقناة الأوربية الأولى (أوربا 1) وبعدها لجريدة “لوباريسيان” في عددها الأخير، أنه ينفق 1715 أورو شهريا ثمن كراء المكتب ولوازم الصيانة، و843 أورو عن مصاريف النقل، و300 أورو عن نفقات المبيت في الفنادق، و250 أورو لشراء الجرائد، و200 أورو عن الكتب ومبلغ مماثل عن اللباس، و740 أورو للوجبات الغذائية…

ويقول دوزيير إن النائب لم يعد كما كان في الجمهورية الثالثة رجلا منعزلا يشتغل لوحده، بل أصبح اليوم مؤسسة عمومية قائمة الذات بهياكلها ومقرها وفريق المساعدين المأجورين ومعهم فريق المتطوعين من مناضلي الحزب.. ويكشف أن الراتب الشهري للنواب (5838 أورو) لم يشهد تغيرا منذ 1997 مما يعني أن القدرة الشرائية لهذا المبلغ تدنت بنسبة تقارب 10 في المئة.

ويعرض النائب الاشتراكي بكثير من التفاصيل طريقة تدبيره سنة 2020 لراتبه الشهري الخاص بالتمثيلية البرلمانية كاشفا أن مقر المكتب بكرائه ولوازمه المختلفة يأخذ منه 1715 أورو بما فيها فواتير الماء والكهرباء والتدفئة والتنظيف ومستلزمات المكتب، وغير ذلك من المصاريف التي يكشف عنها بالسنتيم.

وبخصوص مصاريف النقل يقول دوزيير إن النواب جميعهم يتوفرون على بطاقة للتنقل من المكتب الوطني للسكك الحديدية. “ولهذا أفضل في الغالب اقتناء القطار عند توجهي إلى باريس. ويحدث أحيانا أن أستعمل سيارتي الخاصة التي كلفتني في التنقلات نحو العاصمة حيث مقر الجمعية الوطنية، 843 أورو سنة 2020. وتقوم الجمعية الوطنية بتعويض المصاريف الخاصة بالتنقلات داخل باريس في حدود سقف سنوي لا يتعدى 2750 أورو. “وفيما يخصني، أفضل، عوض سيارات الأجرة، اقتناء الميترو أو حافلات النقل العمومي اللهم من استثناءات قليلة كلفت البرلمان 328 أورو بدل2750 أورو.

وبما أنه لا يملك منزلا أو إقامة بباريس، فإنه يفضل المكوث بإقامة الجمعية الوطنية وبها 50 غرفة. وعند استحالة الحصول على غرفة بها يختار فندقا بالقرب من الجمعية الوطنية مقابل 30 أورو فقط، والباقي على حساب الجمعية الوطنية، مما يقلص مصاريف الإقامة إلى 300 أورو شهريا.

وفيما حدد نفقات الوجبات الغذائية في 740 أورو شهريا، كشف أن مصاريف اللباس الذي يعد من بين أسس النشاط البرلماني، حيث البذلة الرسمية إجبارية لولوج الجمعية الوطنية، تطلبت منه 200 أورو شهريا بما في ذلك مستلزمات الأناقة الأخرى وأيضا الحلاقة التي حددها صالون الجمعية الوطنية في 21 أورو.

أما المصاريف الخاصة بالتوثيق وشراء الكتب اللازمة لنشاطه البرلماني وخاصة الكتب القانونية والتاريخية، فتستدعي منه 200 أورو، تضاف إليها 250 أورو كنفقات عن الجرائد التي تعتبر، برأيه، وسيلة لا غنى عنها للإطلاع والمعرفة، فيما تأخذ منه بطائق التهنئة ما معدله 23 أورو شهريا، والرسائل الخاصة بنشاطه البرلماني وبتدخلاته المختلفة في الجمعية الوطنية والتي يبعث بها بشكل منتظم إلى سكان دائرته، وعددها 35.900 رسالة سنة 2020، ما قيمته 350 أورو شهريا.

ولم يكشف النائب الاشتراكي عن حجم المصاريف الخاصة بالمكالمات الهاتفية على اعتبار أن النواب يتوفرون على سقف مجاني بمبلغ 6610 أورو سنويا. “وقد حرصت سنة 2020 على أن أقلص مكالماتي إلى 4988 أورو موفرا بذلك للجمعية الوطنية 1622 أورو.

وخلص النائب إلى أن التعويضات عن المهمة البرلمانية تساعد على العموم النواب ممن ليست لديهم ثروة شخصية أو عائلية على مزاولة نشاطهم في “ظروف جد مريحة، كما أوردتُ في تفاصيل النفقات التي قمت بها سنة 2020. ولكل نائب الحق في تدبير تعويضاته البرلمانية كما يرضى ويبتغي”، يقول دوزيير قبل أن يختم :”هناك قانون يتيح معرفة ما إذا كان البرلماني قد اغتنى من مهمته التمثيلية، غير أنه وللأسف غير كافي وغير مُلزم للنواب. ولذا اقترحت مرارا، وبدون جدوى، تعديله بشكل يجعله فاعلا وملزما لجميع النواب. ومن جهتي، فقد وضعت على موقعي الخاص تصريحا علنيا بممتلكاتي وبالأجرة الصافية التي تتبقى لي من راتبي البرلماني والتي لا تتجاوز1500 أورو في أحسن الأحوال، أي أكثر بقليل من الحد الأدنى للأجور”.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *