الرئيسية ارشيف أيت ملول: ضابط شرطة ومولات الدجاج…: قصص مسنين انتشلتهم المبادرة الوطنية من الضياع

أيت ملول: ضابط شرطة ومولات الدجاج…: قصص مسنين انتشلتهم المبادرة الوطنية من الضياع

كتبه كتب في 12 أغسطس 2017 - 12:34
بعد أن عاش المصطفى فاروقي، ضابط شرطة متقاعد، حياة مهنية نشيطة، وجد نفسه بين عشية وضحاها مقعدا، نزيلا داخل دار المسنين “التكافل” بآيت ملول، بعد أن قست ظروف الحياة عليه، ليجد ما افتقده خارجه من اهتمام وأسرة…حاله كحال مجموعة من المسنين بالدار التي تضم 78 مسنا، أمثال لا باشا مولات الدجاج، ودا الحسين مول الضيعة…
الضابط مصطفى…دار العجزة بعد 30 سنة من الخدمة
المصطفى فاروق أو كما يسميه المسؤولون “حكيم دار التكافل” مصدر للنصح لا يفلت لا صغيرة ولا كبيرة، يقوم بانتقاد ما لا يروقه أو يراه غير صائب ويبلغ به الإدارة حتى تقوم باللازم.
يقول المصطفى معلقا على ذلك بابتسامة هادئة: باقي ضمير الشرطي كيحركني”، فهو الذي قضى مدة من حياته تجاوزت 30 سنة، يقوم بعمله وواجبه الوطني بإخلاص وتفان بمجموعة من المدن المغربية، فهو اختير من بين 600 خبير تم إدماجهم في شلك الوظيفة العمومية للاستفادة من خبراتهم، في فترة الستينيات.
يحكي المصطفى: ” اخترت من بين 600 خبير، وفي الثمانينات اخترت ضمن تجريدة مغربية توجهت إلى غينيا الاستوائية وعدت بعد 8 أشهر إلى تطوان حيث كنت أعمل، وفي سنة 2005 أحلت على التقاعد وعدت بعدها إلى أكادير، وبسبب إصابتي بالسكري الذي فتك بقدمي اليمنى اضطر الأطباء إلى استئصالها.
انقلبت حياة “حكيم دار التكافل” رأسا على عقب، وتغيرت أحواله الأسرية، خاصة أن صرف أموالا على المنزل الذي كان يكتريه بعد أن حصل على قرض بنكي، فصدر ضده حكم بالإفراغ، ولم يشفع له عقد الكراء ما صرفه أثناء الإصلاحات، ليخرج خاوي الوفاض ويجد نفسه متشردا، مديونا، ولم يكن أمامه من حل سوى اللجوء لدار للمسنين، فكانت “دار التكافل” مأواه الذي احتضنه.
يصف ” الحكيم” حالته بعد لجوئه للدار:” الحمد لله، استعدت صحتي بعد أن تحكمت في نسبة السكري في الدم، وهاد الناس ديال الدار الله يعمر ليهم الدار خيرهوم ما ننساه”.
لا باشا الزوين…تطرد الملل بتربية الدجاج  
داخل الدار، حديقة واسعة تضم أشجار ونباتات ، تتواجد ضيعات صغيرة، تودي إليها أبواب صغيرة تدخل مباشرة إلى منطقة خصصتها نزيلة “لا باشا الزوين” لتربية الدجاج والأرانب “خم”، هوايتها التي أصبحت تأخذ جزءا كبيرا من وقتها، خاصة وقد سبق لها العمل في الضيعات الفلاحية بمجموعة من مناطق سوس ولها دراية بمجال الفلاحة وتربية الدجاج.
“لا باشا” تتحدر من منطقة الحنشان، بإقليم الصويرة، قدمت إلى المنطقة سنة 1975 أيام “المسيرة الخضراء”، تزوجت ولم ترزق لأطفال قبل أن يتوفى زوجها وتجد نفسها وحيدة.
تقيم لا باشا حاليا في دار التكافل، بلغت 60 سنة بين أحضان الدار، وأصبحت عنصرا مهما داخلها، فبعد مغادرتها الدار عدة مرات لإحساسها بالفراغ، عادت إليها بعد أن اقترحت فكرة تربية الدجاج والأرانب بمساحة خصصت لها نزولا عند رغبتها، وأصبحت بالتالي مزودا رئيسيا لنزلاء الدار، يأكلون بفضلها “الدجاج البلدي” والبيض فيما تقوم إدارة دار التكافل بتوفير العلف.
أصبحت لا باشا “مولات الدجاج” مشغولة بشكل دائم بدجاجها، ولم تعد تحس بالكآبة والملل فقد أصبح لها ما يمكن أن يغلها ويملء وقتها، خاصة وهي تعاني من مرض السكري وأمراض أخرى جعلتها عاجزة عن العمل، في غياب معيل، ووجدت في الدار راحتها تقضي ساعات مع دجاجاتها تنظف الخم وتعتني بالكتاكيت …
دا الحسين… نزيل يزود الدار بالخضر
ليس مولات الدجاج وحدها من استفادت وأفادت، فدا الحسين الملقب ب”مول الضيعة”، رغم بلوغه عقده الثامن، إلا أنه ما يزال قادرا على تقديم خدماته للدار، بعد أن لجأ إليها لقضاء ما تبقى من عمره، وحتى لا يكون مجرد نزيل اقترح أن يقوم باستغلال خبرته في المجال الفلاحي، وقامت الإدارة بمنحه قطعة أرض يغرسها بالنعناع التيزنيتي، بعض الأشجار المثمرة والخضر التي يمد بها مطبخ الدار…يقضي فيها وقته، قبل أن يتوجه لقاعة الرياضة ثم يحمل جسده النحيل إلى غرفته، هناك يختم نهاره مع مذياعه ليتنقل بين الإذاعات.

قدم  “مول الضيعة”من مدينة تيزنيت، تاركا وراءه “الجمل بما حمل” ووجد راحته بدوره داخل الدار، بعد أن عمل دلى أجانب، وكان يمارس أعمالا فلاحية… والرابط المشترك بينه وبين المصطفى ولا باشا فالمرض أنهكه، وأصيبت رجلاه بانتفاخ يقول دا الحسين:” جيت من تيزنيت ورجلي منفوخين حيث فيا الملح، لكن ملي جيت هنا دار التكافل المسنين داومت الدوا والراحة وشوية الرياضة والحمد لله”.

 
أمينة المستاري
مشاركة