و هذه السنة بالتحديد تمر القضية النسائية بمنعطف خطير و هام جدا، فمن جهة الترسيم القانوني للمناصفة من خلال التنصيص عليها صراحة في الدستور الجديد، و من جهة اخرى تشكلية يتيمة من النساء إلا من إمراة واحدة، بحقيبة اصبحت لصيقة بالعنصر النسائي، و كأن النساء ولدن فقط لتدبير الشأن الاجتماعي رغم انه من بين اهم القطاعات.
هذه المرأة الوحيدة او كما سميت “يتيمة عقد الحكومة” القادمة من التيار المحافظ، و الحاملة لحقيبة يوجد على رأس أولوياتها مجموعة من القضايا الحساسة التي كانت و لازالت محط خلاف بين التيار المحافظ و التيار الحداثي ببلادنا، فعلى سبيل المثال لا الحصر قضية العنف ضد النساء، و تحرير المرأة، و تحقيق المساواة و الحداثة و قضايا اخرى، خبرنا من قبل سواء من خلال تصاريح رسمية أو غير رسمية موقف السيدة الوزيرة منها، و رأيها فيها.
و هنا يبقى السؤال الذي يطرحه المهتمون و الفاعلون في الحقل هو: كيف ستستطيع السيدة الوزيرة التوفيق بين توجهاتها الشخصية و توجهات وزارتها ؟ و كيف ستتعاطى مع تلك القضايا و التي دشنت فيها سابقاتها خطوات مهمة اصبحت موضوع التزامات دولية ؟
إن ما يدفعنا لطرح هذه التساؤلات و غيرها، هو مرور ازيد من 100 يوم على تولي السيدة بسيمة الحقاوي لحقيبة وزارة التنمية الاجتماعية، و لم نسجل لها اي خروج رسمي تفصح فيه عن برنامجها و كيفية تعاطيها مع القضايا التي تضطلع بها الوزارة، إلا من بعض الخرجات الاعلامية المناسباتية التي تبقى فيها تصريحات السيدة الوزيرة عامة و فضفاضة، و التي كانت آخرها مشاركتها في برنامج تلفزيوني بثته القناة الأولى بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، السيدة الوزيرة و من بداية البرنامج حتى نهايته لم تكشف بشكل واضح عن استراتيجيتها على رأس وزارة التنمية الاجتماعية، بل اكتفت بتحليل و مناقشة فلتة الحكومة الحالية و المتمثلة في كونها المرأة الوحيدة داخل التشكيلة، و اسبابها و تداعياتها، كما ان وزارة التنمية الاجتماعية غابت عن تخليد اليوم العالمي للمرأة هذه السنة ما عدا حضور السيدة الوزير في مجموعة من المحافل و الفعاليات التي اقيمت بالمناسبة.
لقد كنا ننتظر ان يكون العيد الأممي للمرأة مناسبة لتفصح السيدة الوزيرة عن استراتيجية وزارتها، و برنامج عملها، فثامن مارس شكلت محطة دائمة الحضور في انشطة و برامج سابقاتها. كنا ننتظر و معنا كل الفاعلين في الحقل الاجتماعي ان نحدد ولو بتقريب معالم المرحلة المقبلة من العمل مع وزارة التنمية الاجتماعية.
إن ما يمهنا اليوم و في رحاب الذكرى ليس الاستفسار عن سبب التراجع الكبير و إن صح التعبير الخطير، الذي مس بروح الدستور، دستور المناصفة، و من يتحمل المسؤولية عن مشاورات و مفاوضات تشكيل الحكومة فنعلم جميعا ان هيئاتنا السياسية لا زالت تسيطر عليها عقليات ذكورية، الشيء الذي اكدته السيدة الوزيرة، بل الأهم من ذلك هو البحث عن السبل الكفيلة بتحصين المكتسبات بل و تثمينها لا سيما و ان القادم من الأيام يخفي ما يخفيه، فما وقع و يقع ليس حيف في حق القضية النسائية فقط، بل خرق دستوري خطير ينذر بتنزيل مشوه لمقتضياته و هو ما نبهنا له من قبل و قرعنا نواقيس الخطر اتجاهه إبان الاستفتاء على الدستور الجديد. لكن اثبت الواقع ان المناصفة بقيت مجرد شعار يفتقر إلى التفعيل و التنزيل الحقيقي على ارض الواقع.
و حتى لا نكون من ذوي النظرة السوداوية لا بأس ان نقبل و لو مؤقتا بالوضح الحالي و الذي يتلخص في 17 بالمائة من التمثيلية النسائية في البرلمان في انتظار ما ستفرزه انتخابات الجماعات المحلية، و ب، 1 بالمائة من هذه التمثيلية على مستوى التشكلية الحكومية. و في الوقت نفسه نوجه رسالة قوية مفادها ان لا تراجع عن المكتسبات و مزيد من المنجزات، في انتظار ما ستفصح عنه السيدة الوزيرة.