الرئيسية تمازيغت الكتاني يحرم الاحتفال بالسنة الأمازيغية وأبوحفص يرد عليه

الكتاني يحرم الاحتفال بالسنة الأمازيغية وأبوحفص يرد عليه

كتبه كتب في 14 يناير 2013 - 20:43

‎كثيرة هي الأمور التي تجمع السلفيين ويتوافقون عليها خاصة ما هم أمور التشريع والتنظير للإسلام حسب فهمهم المتشدد للدين الحنيف. غير أن الخلاف الذي نشب بين اثنين من صقور السلفية في المغرب، الشيخان محمد عبدالوهاب رفيقي الشهير بأبي حفص والحسن الكتاني، حول شرعية الاحتفال بالسنة الأمازيغية التي تصادف الثالث عشر من يناير، يعيد إلى الأذهان عمق التفكير الأصولي. تفكير يتوزع بين جناح يحاول أقلمة أفكاره مع مستجدات العصر وما يعرفه المجتمع المغربي من تطور في التعاطي مع تاريخه وتقاليده الإنسانية، وبين جناح يصر على جر الطقوس المغربية الأصيلة لشعب متسامح مع ذاته ومع تراثه إلى صراع ضيق يحصر كل شيء في إطار ديني صرف، ويغلفه بجبة التحريم الشرعي فقط من أجل التضييق والحجر تحت ذريعة إحداث النعرات الجاهلية والخروج عما جاء به الدين الإسلامي في مختلف مظاهر الاحتفال.

‎عندما هنأ أبو حفص أخواله بحلول السنة الأمازيغية، جاء رد الكتاني قاسيا حيث اعتبر أن تهنئة أبوحفص بحلول السنة الأمازيغية الجديدة باطلة، وتنم عن جهل كبير بالإسلام الذي جاء، كما يقول الكتاني، لدحض كل احتفال شعبي يخرج عن ثنائية العيدين اللذين جاءا في السنة. الكتاني أعطى الموضوع أكثر مما يحتمل حين أدخل إيض نوسكاس الفلاحي ذا الرمزية التراثية والحضارية والإنسانية، ورمى به في معمعة الصراع الديني الذي لا يتاونى الشيوخ السلفيون في استغلال أي مناسبة للإعلان عن أنفسهم كحماة للدين الإسلامي الذي لا يستقيم، في نظرهم، إلا إذا ما مارسوا الوصاية عليه وعلى عموم الناس.

‎الكتاني ذهب بعيدا في موضوع الاحتفال بالسنة الأمازيغية، واعتبر أن التظاهرة السنوية تحمل أبعادا علمانية يحركها بعض المتشبعين بالأفكار التحررية الحداثية، وأنهم هم من يقفون وراء الدعوة إلى هذه الاحتفالية لتحقيق أغراض شخصية ولتوسيع دائرة الحرب على الدين الإسلامي. واهم هو الكتاني أن يكون هذا اللغط صحيحا. فالناس في البوادي وفي القرى البسيطة والنائية والمعزولة في شتى أقاصي المغرب لم يدر بخلدهم كل «هاد الفهاما العظيمة» وهذا الفتح المبين الذي يحذرنا منه الكتاني.

‎أبو حفص رد على زميله السلفي أن المناسبة السنوية تخلو من أي رمزية دينية أو عقدية، ولا تعدو أن تكون احتفالية بالأرض وبخيراتها. وأضاف الشيخ أن الإسلام جاء لتشجيع العوائد والأعراف ولم يبطلها بل أقرها ووافقها ما لم تخالف الشرع.

‎الناس هناك في المغرب العميق مارسوا حياتهم بشكل عادي وبشكل تلقائي منذ مئات بل آلاف السنين، واحتفلوا كما كانوا يرون وكما ورثوا ذلك عن أجدادهم على هذه الأرض بالسنة الأمازيغية الفلاحية من دون أي اكترات بكل ما قد تحمله المسألة من حمولة عقدية كما يحاول الكتاني جر الناس إليها. الناس هنا عرفوا إيض نوسكاس سنوات تاريخية ضوئية سبقت ظهور الفكر الوهابي الاستئصالي الذي يحمله هذا الشيخ ومن يدور في فلكه ويحاول فرضه على الشعب المغربي. الناس هنا احتلفوا ويحتفلون وسيحتفلون بكل ما يربطهم بحضارتهم وبأرضهم ويعبر عن موروثهم الجميل، ولا ينتظرون من يأتي اليوم لكي يمارس سلطة الوصاية عليهم فقط لأنه يعتبر نفسه المنزه والعارف الكبير بما يصلح لهم وما لايصلح لهم في دينهم وفي دنياهم. عارف بدينهم الإسلامي الذي جاءهم واحتضنوه بكل الدفء الممكن وآمنوا به ومارسوه عقائد وعبادات بكل الإيمان والخشوع المناسبين. دين إسلامي فهموه وفهموا أبعاده الدينية والدنيوية، وفهموا أساسا أنه لا يتناقض أبدا مع عاداتهم وأنه جاء لينسجم مع كل الطقوس الإنسانية التي كانت تمارس على هذه الأرض من دون أي تعارض يذكر مع دينهم، وهذا منذ مئات السنين.

حسن بن جوا

مشاركة