الرئيسية جهات ندوة بأكادير تسلط الضوء على تاريخ وجغرافيا سوس..هذه تفاصيلها

ندوة بأكادير تسلط الضوء على تاريخ وجغرافيا سوس..هذه تفاصيلها

كتبه كتب في 24 مايو 2023 - 19:21
 متابعة من أكادير ـ عزيز جوبي 
بمبادرة من شعبة الاجتماعيات نظم المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بسوس ماسة يوم الثلاثاء 23 ماي 2023 ندوة فكرية وثقافية تحت عنوان ” قضايا من تاريخ و جغرافية سوس ” بالمركب الثقافي خير الدين بإحشاش أكادير،بتنسيق مع فريق البحث في التراث المغربي المخطوط، وفريق البحث في الجفرافيا – الاعداد – الديمغرافيا – التنمية بكلية الآداب والعلوم الانسانية.

هذا الصرح العلمي والأكاديمي ساهم في مقاربته وتأطيره ثلة من الأطر والاساتذة والباحثين في التاريخ والجغرافيا  يتقدمهم الأستاذ محمد أيت جمال،والاستاذ الحسن أكوناض،والاستاذة خديجة الراجي ،والأستاذ محمد الدحماني،حيث تأَتّتْ الفرصة لتسليط الضوء على بعض المؤهلات الطبيعية التي تزخر بها سوس وكذا بعض مناهل الارث الحضاري العريق والمتجدر والذي يستلهم الدارسين لعلم التاريخ.

في سياق متصل أورد “محمد فرح” وهو أستاذ باحث شارك في أشغال هذه الندوة ،حيث غاص خلال مداخلته تحت عنوان “حاحا:المخزن والمحيط القبلي 1872ـ 1912″،وهي حصيلة أطروحة تقدم بها لنيل شهادة الدكتورة في شعبة التاريخ،حيث قال أن حاحا مجال ممتد نحو سوس يتقاسم معه نفس الخصوصيات الطبيعية و التاريخية ويعتبر جزءا لا يتجزأ من سوس ،وتحدث الاستاذ  “محمد فرح” عن المحيط القبلي والاجتماعي لمنطقة حاحا ،وحاول وصف العلاقات التي كانت تربط المخزن بالقبائل،موضحا التقسيمات المجالية لهذه القبائل خلال القرن 19م.

“الاستاذ محمد فرح” رصد أيضا أخبار حاحا خلال هذه الحقبة القديمة إلى سنة 1873م ،وفسر التداعيات التي كانت في تلك الفترة بحضور وغياب المخزن الذي كان يضمن الأمن من خلال استمرار مرور القوافل التجارية بالطريق الساحلية وكذا ضمان استخلاص الجبايات والضرائب من القبائل في تلك الفترة،وحدد “الاستاذ فرح” وسائل حضور المخزن في تلك المرحلة التاريخية في (القايد،الخليفة،شيوخ القبائل ،الأمناء والعدول،الاعوان والمقدمين)،كما تحدث “الاستاذ الباحث فرح” عن تأثير التنظيم الذي كان يحكم العلاقات الاقتصادية خاصة الاسواق التي كان لها دور اقتصادي في مجال حاحا وأشار إلى بعض مظاهر التوتر التي تجسدت في الصراع الذي كان حول المياه بين القبائل،وأشار أيضا الاستاذ الباحث في حديثه المطول إلى أن المخزن حاول تقسيم مجال حاحا وإعادة توازن المنظومات الموروثة في تلك المرحلة التاريخية ،وكان يعتمد على “الحَرْكاتْ” لفرض السيطرة على القبائل والاعتماد على الكتل العائلية التي كانت تعتبر أساس نفود المخزن أنداك.

أما الاستاذ الباحث “رشيد شباب” فقد تحدث خلال مداخلته عن “الجباية في سهل سوس وعاليته من خلال الكنانيش المخزنية  1865ـ 1822” ،وعرّف بهذه الدراسة متحذثا عن المنافد التي استغلها المخزن خلال هذه الفترة ،ثم وضّح مضامين بعض الملفات الجبائية التي تم الاطلاع عليها من خلال دراسة الكنانيش المخزنية والاستعانة بوثائق جبائية وتحليلها،و أورد “الاستاذ الباحث رشيد شباب” آثار مساهمة الكنانيش المخزنية في كتابة التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لسوس وكذا أهمية هذه الكنانيش التي إستحذثها المخزن المغربي خلال تلك الفترة، ثم وقف على التدرج في أداء الجبايات ثم التشديد عليها خلال فترات من تاريخ المغرب،وحاول الاستاذ “رشيد شباب” المقارنة بين هاتين الفترتين من خلال تعسف واجحاف المخزن في طرق جمع الجبايات وتقديرها واعتماد المخزن لأسلوب المراسلات.

وتابع الاستاذ الباحث  رشيد شباب حديثه خلال مداخلته مؤكدا أن المخزن عمد إلى استعمال الحرْكة لمهاجمة بعض القبائل بسوس التي لم تكن تؤدي الجبايات على الدوام ،في حين كان المخزن يعتمد على معايير أداء هذه الجبايات حسب كبر و صغر المساحات المزروعة ،وأشار الاستاذ إلى ارتفاع  إسهامات الضرائب بالخصوص في تارودانت،وخلص أن السياسة الجبائية التي فرضها المخزن خلال تلك المرحلة ساهمت في تأجيج العلاقة بين المخزن والقبائل ،كما أسفرت بعد ذلك على نتائج تمثلت في إفراز نظام جبائي غير منتظم وغير معمم في سنوات الجفاف ،وإضفاء الشرعية على كل المستجدات الجبائية من طرف المخزن الذي لجأ  إلى استخدام أسلوب الشدة لتحصيل ضرائب جديدة.

ارتباطا بفحوى هذه الندوة ألقى “الاستاذ علي أعدي” مداخلة تحت عنوان :(التاريخ المحلي للبادية الجبلية بسوس من خلال وثائق المخازن الجماعية من القرن 17م ـ19م ) حيث أفاد في مفصل حديثه أن الجبل كان من المناطق التي استقرت به القبائل وتكيفت مع ظروفه الطبيعية ،كما اعتبر “الاستاذ على أعدي” أن موضوع المخازن الجماعية جد متشعب ،نظرا لكونها عرفت تحولات تاريخية عميقة ،وكذا مساهمة الانسان في بقائها ،ولعبت هذه المخازن الجماعية على حد تعبير الاستاذ “علي أعدي” دورا مهما في ظهور مجموعة من الفقهاء ،كما اعتبر “الاستاذ  أعدي” أن هذه المكونات عرفت تراجعا مهما، الامر الذي ساهم في تردي إنتاج القبيلة وندرة الموارد وبساطة الانتاج و وفقدان اليد العاملة ،وفتح الاستاذ الباحث نافدة حول تأثير  حضور و غياب تمثيلية المخزن بمجال سوس ،قبل أن يشير في ختام مداخلته إلى تعدد وظائف هذه المخازن الجماعية التي تعتبر موردا ترابيا حضاريا صمد لفترات طويلة.

وتقدّم عبد الرحيم بوقدون وهو أستاذ باحث في الجغرافيا بمداخلة عَنْوَنَها بـ”الموارد المائية بسوس بين التغايرية المطرية والاستغلال البشري” حيث قارب فيها الاستاذ “بوقدون” بين حقينتي سد مولاي عبد الله وسد ابن تاشفين وتأثير الاستغلال البشري هذين السدين على الموارد المائية بسهل سوس مقابل ندرة التساقطات المطرية ، وشح مياه الري ، استمر النشاط الفلاحي العصري في التوسع في سهل سوس.

وأضاف الاستاذ عبدالرحيم بوقدون أن تراجع حقينتي هذين السّدين جعل المزارعين يلجأون إلى استغلال المياه الجوفية التي عانت من ضغط مهول ، مقابل عجز تصاعدي متراكم في الموارد،وأردف الاستاذ :”شهدت منطقة سوس ماسة خلال العقود الأخيرة خصاصا متفاقما في الموارد المائية الموجهة لأغراض الري الزراعي” ، وذلك بسبب مجموعة من العوامل في مقدمتها ندرة التساقطات المطرية خلال مواسم متتالية ، مما أثر سلبا على الموارد المائية السطحية والجوفية لدرجة أصبح معها الجفاف ظاهرة هيكلية في هذه المنطقة.

بدورها مريم عبيدة أستاذة باحثة شاركت أيضا في أشغال هذه الندوة وساهمت بمداخلة قيّمة بعنوان :”التنمية الترابية وعلاقتها بالفاعلين الترابين بإقليم تارودانت جهة سوس ماسة”، باعتباره موضوع يكتسي أهمية بالغة في البحث العلمي، وتهيكلت هذه الدراسة حول مفهومين أساسين: التنمية الترابية والفاعل الترابي،  حيث أجابت “الاستاذة مريم عبيدة” خلال هذا الطرح  على إشكالية مفادها: دور الفاعل العمومي والمدني في تحقيق التنمية الترابية، بهدف تشخيص تمثلات الساكنة من تدخلات الفاعل العمومي والمدني في تحقيق التنمية، ثم حاولت الاستاذة خلال مداخلتها تفسير تمثلات الساكنة من تدخلات الفاعل العمومي حسب المتغيرات التالية (الانتماء الجغرافي، السن، المستوى التعليمي، المهنة، الانتماء الحزبي، التجربة في العمل الجمعوي)، وكذا تفسير دور الفاعل المدني في تحقيق التنمية الترابية بالمتغيرات التالية ( الانتماء الجغرافي، المستوى التعليمي، المهنة)، وعزّزت الاستاذة مداخلتها خلال هذه الدراسة بمجموعة من الدعامات ووسائل التحليل المتعلقة بالأساس بخرائط التمثيل المطلق، واستخدام برنامج SPSS لتفريغ الإستمارة.

كما أغنى هذه الندوة مجموعة من الأساتذة في شعبة التاريخ من بينهم ،الأستاذ مولاي حفيظ الادريسي بمداخلة تحت عنوان “مجال باتي زمن التمهيد والخصوع للاستعمار الفرنسي”،بالاضافة إلى إسهام الأستاذ رحال مبارك بمداخلة مقتضبة تحت عنوان ” التكافل الاجتماعي في سوس مابين ق 16م ـ ق19م”،في حين اختتم الاستاذ محمد تنضافت أشغال هذه الندوة الفكرية بمداخلة عَنْوَنَها بـ “محاولات التسرب الاجنبي بالجنوب المغربي 1836ـ1904”.

وفي لحظة اعتراف وعرفان تم تقديم تذكار رمزي لأستاذة التعليم العالي بكلية الاداب والعلوم الانسانية خديجة الراجي تكريما لها وتقديرا لمسيرتها العلمية وجهودها الحثيثة في سبيل تكوين الطلبة الباحثين وتفانيها في مساعدتهم وتوجيهم.

 

 

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *