الرئيسية بيزنس أسر من سوس: آل أخنوش…قصة كفاح بدأت بدكان البنزين الذي تحول إلى “هولدينغ”

أسر من سوس: آل أخنوش…قصة كفاح بدأت بدكان البنزين الذي تحول إلى “هولدينغ”

كتبه كتب في 4 أبريل 2023 - 20:55
أمينة المستاري

 

لا يختلف اثنان على أن تركيبة الأسر السوسية كانت عبارة عن عائلات مركبة، تضم الأجداد والأبناء والأحفاد، تسود بينهم قيم الاحترام، ويحرص كبيرهم على تعليم صغيرهم مبادئ الدين والعلوم، وحثه على التمسك بالقيم في مجتمع محافظ لا زالت ملامحه لحد الآن.

وانتشرت لدى الأسر فكرة تأصلت لديهم، إضافة لتعلم أصول الدين، إرسال أبنائهم لتعلم أصول التجارة في وقت مبكر، لاسيما بالدار البيضاء حتى أصبح الذهاب إليها حلما يراود أطفال وشباب المنطقة سواء بالأسر الفقيرة أو المتوسطة.

في قرية هادئة بتافراوت، بالضبط بقرية أكرض أوضاض، عرفت أسرة ابراهيم أخنوش بالعلم والمقاومة، كان محبا للقراءة وشارك في مقاومة الاحتلال من داخل جيش أحمد الهيبة، لكنه حرص كذلك على تربية وتعليم أفراد أسرته، خاصة حفيده أحمد بن امحمد بن ابراهيم أخنوش، المعروف بدوره بمشاكسة المستعمر، وتزعمه حركة المقاومة في أملن بتافراوت، وعصاميته التي مكنته من أن يصبح من رجال المال والأعمال.

وكعادة أبناء سوس، التحق أحمد أولحاج أخنوش بالدار البيضاء سنة 1919، لتعلم مبادئ التجارة، بعد أن درس الحساب والفقه وحفظ القرآن، ليلتحق ببعض معارف أسرته وأقاربه، ويتمرس على “الحرفة” وحتى يتمكن من التواصل مع الزبناء تعلم الدارجة المغربية، وأصبح ملما بمبادئ التجارة والأحياء والأماكن التجارية، وتعلم تحمل المسؤولية في سن مبكرة.

كان حلم مؤسس أسرة أخنوش أن يصبح رجل أعمال على شاكلة مجموعة من أهل قرية، وعمل جاهدا على تحقيق ذلك، بمدينة كبيرة تتيح الفرصة لمن يعمل أكثر، دخر ما يكفي من المال لفتح أول دكان لبيع “بترول ثقيل” كان يشتريه من شركات أجنبية، ويقوم ببيعها بالتقسيط، فقد كان طموحا وشغوفا بالميدان. توالت السنوات، وفتح دكاكين أخرى كلف أشخاصا من بلدته بإدارة كل واحد منها، فمبدأ الثقة كانت سارية عند السوسيين الذين يستقبلون الوافد الجديد ويمنحونه الفرصة لإنشاء مشروع، ويبدأ من الصفر، طبعا وهو الذي منحت له الفرصة من قبل.

بدأت أعمال أسرة أولحاج تتوسع، وحماس العمل يزداد يوما بعد يوم، فقد كان أحمد أولحاج طموحا، لكن وقوع منافسة تجارية من شركة فرنسية شكلت في فترة نقطة تحول له، اضطر معها بفضل ذكائه من تغيير الدفة، ودفع التجار السوسيين إلى تحسين طريقة عملهم وتطوير متاجرهم، لصد محاولة إفلاسهم.

واجه خطة المستعمر لإفلاس “ولاد البلاد” بخطة مضادة، وتمكن التجار السوسيون من استقطاب الزبناء ليس فقط المغاربة بل الأجانب أيضا، ونافسوا المتاجر الفرنسية “العصرية” في الأحياء الراقية.، وطبعا كان أخنوش يعمل في الخفاء مع المقاومة وجعل بعضا من عقاراته “محطات بنزين” بالمدينة مكانا لاجتماعات أعضائها.

حرصت أسرة أخنوش على ربط علاقات قرابة ومصاهرة، مع أسر من المنطقة، خاصة أسرة واكريم التي أصبح فيما بعد شريك أحمد أولحاج، فالعائلات الكبيرة السوسية، لطالما فضلت الإبقاء على خيرها فيما بينها  تطبيقا للمثل “زيتنا في دقيقنا”.

تعاطت أسرة أخنوش لتجارة الحبوب بأكادير، واحتل مؤسسها منصب أمين التجار بها، قبل أن ينخرط في العمل السياسي في حزب الاستقلال بالمنطقة.

 اقتنت أسرة أخنوش سنة 1949 أول محطة لبيع البنزين بالدار البيضاء، فقد مكنت علاقة المصاهرة مع واكريم من تحقيق حلم لطالما راود أحمد أولحاج، وتحولت إلى محطتين اعتقل بسبب استضافته للوطنيين والمقاومين بها وجعلها مقرا لعناصرها بشكل سري.

بعد الاستقلال، أسس أحمد أولحاج أخنوش وصهره أحمد واكريم أول شركة لتوزيع الوقود بالمغرب “أفريقيا”، ثم أسسا مصنع “مغرب أوكسيجين” لصناعة الغازات الطبية والصناعية، لتتحول المشاريع إلى هولدينغ أطلقا عليه اسميهما “أكوا” عبارة عن أحرف المؤسسين الأولى.

لكن المنعطف الذي غير مسار الأسرة، انهيار منزلهم بأكادير خلال الزلزال، ومقتل الوالد ابراهيم وبعض أفراد الأسرة وانهارت مجموعة من ممتلكاته، وأصابته بصدمة فهو المتعلق بوالده وكان فقدانه بمثابة شرخ داخله، جعله يلملم جراحه ويعود إلى الدار البيضاء، لتربية ابنه الوحيد عزيز، الذي منحه الاهتمام وحرص على أن يتلقى تعليما جيدا حتى يكمل مشواره ويسير على منواله لتسيير “الهولدينغ”.

كان أحمد أولحاج أخنوش بالإضافة إلى السياسة، محبا للفن والرياضة والصحافة، مما جعله يؤسس أول حزب ” الحزب الحر التقديمي” ويصدر جريدة “العدالة” ترك أمر تسييرها لـ”ابراهيم شرف الدين”، حسب ما جاء في كتاب الدكتور عمر أمرير حول “العصاميون السوسيون”.

ورث عزيز أخنوش  وتلقى مبادئ وأسرار “الحرفة” في سن مبكرة، فقد أرسله والده في بداية الثمانينات إلى كندا لإتمام دراسته العليا، ليحصل على  ماجيستير إدارة الأعمال، ودبلوم في التسيير والتدبير الإداري، ويعود إلى بلده لتسلم دفة التسيير والقيادة لمشاريع والده، وفعلا عمل الإبن الوحيد على تطوير العمل وتوسيع استثماراته، حتى أصبح مليارديرا ليسير على خطى والده، فهو “ابن الوز العوام”.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *