الرئيسية ثقافة وفن “بوجلود نتمازيرت”العادة التي تصنع الفرحة أيام عيد الأضحى

“بوجلود نتمازيرت”العادة التي تصنع الفرحة أيام عيد الأضحى

كتبه كتب في 11 يوليو 2022 - 12:52

عبدالعزيز جوبي ـ تارودانت

في كل سنة من عيد الأضحى المبارك تحتفل قرى جبال تارودانت بأحواش “بوجلود نتمازيرت” بحضور فرق الفنون الشعبية كل حسب منطقته،وتستمر الأهازيج والأفراح طيلة أيام عيد الأضحى ،حيث يجتمع شباب الدواوير بقرى تارودانت خلال اليوم الأول للعيد ويباشرون عملية جمع جلود الأضاحي ،يطوفون حول المنازل لإخبار السكان أن أحواش بوجلود “كاين هاد ليلة في المكان الفلاني والحاضر إعلم الغايب” .

عملية اختيار الشخص الذي سوف ينتحل “شخصية بوجلود نتمازيرت” تخضع  لقوانين عرفية متفق عليها تتعلق بالاساس بالبنية الجسمانية للشخص وحسه الفكاهي وتفاعله مع أحواش،ثم ينتقلون لمكان يبعد عن الدوار بكلومترات،مكان مظلم في خربة قديمة ،هناك حيث تشتعل المصابيح وأضواء الهواتف الذكية،يبدأون عملهم في ربط الجلود عن طريق المخيط  بعد صلاة المغرب لتكون على شكل ملابس جلدية جاهزة لشخصية بوجلود،ويحرصون على عدم الإفصاح عن هوية بوجلود لستر المفاجأة على الحاضرين في أحواش الذي سيقام ليلا.

وداخل تلك الخربة تنبعث روائح الجلود ،حيث تشتغل خلايا الشباب في جو سري ،يحضّرون بوجلود بالطريقة التقليدية،جلود لازالت ملطخة بدماء الأضاحي تيمنا بالبركة والأمان ،هذه الطقوس التي تتوارث وتنتقل من جيل إلى جيل رسخت مفهوم “جْماعة” داخل القبيلة،من خلال الرمزية التي تحملها  شخصية بوجلود عبر القرى منذ عصور مديدة.

وبالمقابل هناك فريق آخر ينتظرون وصول بوجلود بالطبول البنادير ،يشعلون النار ويستعدون لليلة أحواش التي سوف تكون مثيرة،هم لا يعلمون من هو الشخص الذي سيرتدي بوجلود ،في حين عنصر الإثارة والتشويق يرتفع لحظة وصول “هرما بوجلود” إلى الصرح الذي يفترض أن يقام فيه “أحواش نهرما نتمازيرت”،ويبدأ الغناء ،”بوجلود يوشكاد فرحاتاس”.

ويطارد  بوجلود المارة و أهل القرية والساكنة التي يمر من جنبها، يقوم بتخويف كل من يمر بجنابه، وأحيانا يضربه ضربا مبرحا، ولن يفلت منه الشخص الذي قد يمسك به،كما أن بوجلود يطلب النقود من أهل الدوار،وهناك من يمازحه بضربة رجل الماعز أو الكبش فوق رأسه،

ويقال أن ضربة بوجلود في الرأس باستعمال رِجْل خروف أو ماعز،”فيها البركة والخير وكتحيد العين والسحر” ” بحسب المعتقدات والتقاليد السائدة بجبال تارودانت، إضافة إلى عدم إظهار ملامح شخصية “بوجلود” يعبر عن الايمان بالقدر الذي يجهله الانسان.

يصل أهل الدوار إلى المجْمع وهو مركز الدوار في موكب كبير رفقة بوجلود، حيث تبدأ الليلة الصاخبة بظهور فرقة أحواش ،يقومون بإحياء الليلة الأولى “لهرما بوجلود نتمازيرت”،بالغناء والرقص وتبادل الشعر الأمازيغي،”والطرح كيسخن ملي كيدخل بوجلود وسط أحواش” ويتفنن في رقصاته وحركاته البهلوانية ،حيث تزرع  هذه العادة العريقة الفرحة في نفوس وقلوب السكان خلال أيام عيد الأضحى.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *