الرئيسية اراء ومواقف لماذا لم تسقط الصحافة في غرام الوزيرة

لماذا لم تسقط الصحافة في غرام الوزيرة

كتبه كتب في 23 ديسمبر 2012 - 14:04

نعتذر مسبقا  لدافعي الضرائب من الشعب المغربي، المباشرة منها والغير المباشرة ؛ عن كلفة ساعات من الزمن الرقابي والتشريعي المتعثر أهدر في تحليل إشكالية : لماذا لم تسقط الصحافة والإعلام في غرام الوزيرة المحترمة ؟ ومابال آذان المغاربة التقطت فقط وصف السيدة الوزيرة للباحث سعيد الكحل بالغير المتدين خارج سياقها؟ ولماذا لغة المفاهيم والاسقاطات التفسيرية التي تنظمها الوزيرة المحترمة لا تطرب مسامع أغلبية الإعلاميين؟ لعل السؤال مهم مادام طرح بحدة وبحرقة خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة المرأة والأسرة والتضامن والتنمية الإجتماعية ؛ ولعله يملك راهنية لا يملكها في نظر واضعيه مثلا أن ثلثي النساء المغربيات يعنفن وهو بالفعل رقم مقلق ومخيف.

ولنا أيضا أن نعرف هل فعلا الصحافة المغربية لا تحب وزيرتنا الوحيدة ؛ ولا تثمن عملها ولا تتحدث عنها إلا بالسوء وتتقول بلسانها وتحيك لها الدسائس وتحرك ضدها الإدعاءات.

حاولت أن أبحث في رفوف ذاكرتي عن مواقع اشتباك الصحافة والوزيرة ، فتذكرت مثلا موضوع تزويج القاصرات ، قالت الصحافة عن الوزيرة أنها ترى أن استعداد القاصر للتزويج غير مرتبط بسنها بل باستعدادها الجسدي وبلوغها ، وهذا ما قالته الصحافة وتبرأت منه الوزيرة مرارا، ولا أخالها إلاصادقة ، وهنا سنلجأ إلى التحكيم إنصافاً للطرفين؛ ونتدبر قليلا في أرشيف المواقف وفي قنوات تصريفها، ومن أجل توفير الحيثيات السليمة للموضوع؛ لا بأس أن نتذكر بعض المسافات التي ينتظم فيها معسكر الوزيرة فيما يتعلق بموضوع حقوق المرأة؛ فالوزيرة نددت دوما بالخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية ؛ خصوصا أنها تدفع باختراق الأموال الأجنبية للخصوصية المغربية ؛ عبر رجل اسمه سعيد السعدي ؛ وتحركت مسيرات ضد نكهة العملة الصعبة الممنهجة ضد الاسرة المغربية، الغريب اليوم أن الحكومة الجديدة تكاد تتحول إلى مكتب صرف من فرط تهاطل عملات القارة العجوز ودولارات العم سام الكريم ؛ودراهم وريالات الخال “أبو حمد”فكيف صمتت المسيرات وعدل حماة الخصوصيةعن التنديد بأجندة العدو الخفي الذي يتآمر على ما يطلق عليه الخصوصية من باب المصارف والدعم.

ودائما قرينة براءة الصحافة والوزيرة؛ تفرض أن نتحرش بالذاكرة علها تتكرم وتفرج بصراحة عن كل مواقف الوزيرة، المدافعة بقوة عن التعدد اللامشروط خلال مناقشة مدونة الأسرة ؛ رغم أن المدونة تركت الباب مواربا بموافقة الزوجة أو حقها في التطليق ؛ومن يستطيع أن يفهم الموقف المعروف من سن التزويج أوالسماح بالتزويج لطفلات فرضت الطبيعة أن يبلغن بأجسادهن قبل عقولهن وسيكولوجيتهن ؛ وكيف نفسر الحديث عن الرضائية من عدمها في علاقات تحت سن الرشد القانوني على الأقل ؛ وإلى ماذا نحتكم في موقف غريب من قضية الطفلة أمينة الفيلالي وغيرها التي وضعت حداً لأيامها في زيجة سعيدة في أحضان المغتصب – حسب أرقام وزارة الوزيرة التي أكدت أن أغلبية هذه الزيجات “سعيدة”- ؛ وكيف نفهم التصلب والامتناع ؛في التعامل مع أوضاع اجتماعية صعبة تتخلل المشهد اليومي بقوة وإلحاح يجعل من العبث عدم مواجهتها بالآليات الوقائية والتقويمية وبالحلول والتي فاتحتها المكاشفة والاعتراف.

فهل بسياسة النعامة سنوقف آلاف الولادات السنوية لأطفال خارج شرعية الأسرة ؟؛ وهل بغض الطرف سنوقف مجازر الإجهاض اليومية ورمي الأطفال في صناديق القمامة ؟؛ وهل بعلاقات التوتر والتخوين مع جمعيات المجتمع المدني سنعطل سلاسل انتقال الأمراض المنقولة جنسيا التي تنخر الهرم السكاني المغربي في صمت ؛ هل نكتفي بدراسات ميدانية حول قتامة الدعارة لنجيبعلى طلبات الكشف والتقصي من أجل الفعل الإصلاحي والردعي والوقائي؛ وهل سنحقن مسكن العفة والهندام في الشارع لنوقف مقاولات الدعارة الناجحة ؛هل سنستمر في ترتيب الراهنية والأولوية على مزاج النزالات الانتخابية وما يطلبه المصوتون؛ وهل سنغير واقعا اجتماعيا ممعناً في السواد باستنبات جمعيات وأصواتا تتكلف بتعويم مشاريع تعرية نفاق مجتمعات تتماهى مع تجارة الأجساد وصناعة النخاسة .

إن كل هذه الإشكاليات أحرجت وستحرج كل الحكومات ، من أقصى يمينها إلى أقصى يسارها ، وستبقى على راهنيتها مؤجلة إلى ما لا نهاية ، وسترهن بالطبع مجتمعاتنا في دهور متجددة من الصمت والسلبية؛ بشكل يضع المطالبات والمطالبين بمعالجتها والكشف عنها مشاريع شياطين ودعاة تسفيه المجتمع النظيف؛ وحماة الانحلال والحداثة الفاسدين؛ و ستقمع أصوات المجتمع المدني الدافعة بضرورة المكاشفة وتعرية الوجه الحقيقي لمجتمع فيه أطفال بلا أوراق ثبوتية ؛ وأمهات تعترف بهم الطبيعة والواقع وتنكرهم الجهات الرسمية وأختام الشرعية ؛ وأسر تنمو في الشوارع والأزقة وفي بعض كرم الجمعيات ويتأبى المجتمع على الإقرار ببعض الحق في الحياة بما تبقى من كرامة …!.

هل يعتبر كل من يشخص مكامن العطب والبؤر المكلفة للمجتمع؛ ونقط احتقان التقدم والتنميةوالإنتاج ؛ مشجعا للدعارة أو مدافعاً عن الحمل خارج دفئ الشرعيةأو مصاصاً لدماء الأجنة أومناقضا للقيم أياً كان مصدرها؛ لماذا ندفع بتزويج قاصرخوفاً عليها من ضعفها وحماية لها من فراغ قيمي وسيكولوجي وأخلاقي أحياناً؛ هل نضمن بهذه المغامرة تهذيبا وردعاً وإدماجاً وتخليقاً؛ ألا نعيدانتاج نفس الهشاشة ونعمق الفراغ القيمي والأخلاقي،ونكتب صيغاً متجددة للأمية والجهل والضعف والتخلف وكل الأمراض المجتمعية، وندفع بتداعيات أخطر على مستوى أسر تقودها طفلة أمية عاجزة ؛ ألا نكرس بهكذا مقاربة وضع الدونية والقصور؛ ونؤبد التفاوتات ونعظم المسافات بين النساء وحقوقهن الاقتصادية والاجتماعية وكل أجيال الحقوق.

لا يمكن في ظل التناوب الثاني وما عرفه الفعل السياسي من محاولات إنعاش ورد اعتبار أن نقبل موقفين متضاربين في العمق بين أعضاء الحكومة من جهة وبين الواجهة الحكومية والواجهة البرلمانية من جهة أخرى لنفس الهيئة في موضوع العنف ضد النساء واتفاقية سيداو وغيرهما من أبجديات المصالحة ؛ وبالمناسبة وحده موضوع القضية النسائية ودون غيره يسمح بتضارب الصف البرلماني والصف الحكومي دون أن تضطر الحكومة مثلا إلى إصدار بيان تعبر فيه عن قلقها على تماسك أغلبيتها وتراص قناعاتها واختياراتها كما حدث في مجموعة من المناسبات لعل أحدثها حين حاولت الأغلبية البرلمانية أن تغرد خارج عجقة القانون المالي ؛ مؤسف حقاً أن موضوع حقوق المرأة والرسائل الشاردة التي تطلقها بعض مكونات الأغلبية النيابية لم تستنفر مكونات الأغلبية لتشد آذان صفوفها النيابية – كما بادرت في كل الخرجات النيابية وموضوع تعيين الولاة والعمال نموذجا-لم يعد مقبولا أن يستمر موضوع حقوق المرأة في حلبة المشادات المهينة للانسان وللخيار الديمقراطي وللأمل في التغيير ؛ بشكل يسيئ إلى صدقية ترافع المدافعين ومقاومة المعارضين ؛ويعبث بخيوط الثقة بين السياسي والحزبي والحكومي.

لن نزايد بالخوض في مصادقة حكومة بنكيران زعيم حزب العدالة والتنمية المسنود من حركة التوحيد والإصلاح على مشروع قانون رقم 125.12 يوافق بموجبه المغرب على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع كل أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، اتفاقية طالما خاض الحزب ضدها مسيرات ومرافعات ومعارك ضارية باسم الخصوصية المغربية ، نلتمس في الالتزامات الدولية للدولة المغربية عذراً مقبولا لهيأة حزبية لم تتحرى قط التفهم أو التماس الموضوعية في مجموعة من القرارات الصعبة لحكومة عبد الرحمان اليوسفي فرضتهاإرادة الوطن من جهة وتداخل بنيةالسلطة من جهة أخرى ، ودفع فاتورتها الخيار الاشتراكي والرصيدالشعبي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بفعل التشكيك والتخوين .

بقي أن نعرف هل من واجب الصحافة أن تحب أحدا ً، لا أظن ؟كل ما أعرفه أنه لا ينبغي لها أن تشد رحال الشوق إلى غير هوى الحقيقة والخبر..!!!

مشاركة