الرئيسية سياسة كيف يلتف رؤساء الجماعات المعزولون على قرارات الداخلية للترشح من جديد؟

كيف يلتف رؤساء الجماعات المعزولون على قرارات الداخلية للترشح من جديد؟

كتبه كتب في 28 أغسطس 2015 - 18:17

نجح رؤساء الجماعات المعزولون في كسب «شرعيتهم» مرة أخرى ضد قرارات المنع التي ووجهوا بها خلال مرحلة إيداع الترشيحات للانتخابات الجماعية لـ4 شتنبر، وفاز أكثريتهم في معاركهم بالمحاكم ضد وزارة الداخلية، بعدما صدرت لصالحهم أحكام تسمح لهم بالترشح بالرغم من أن السلطات قررت منعهم من ذلك.

حقوق سياسية ومدنية

ويقول حزب التقدم والاشتراكية، وهو من الأحزاب التي قبلت تزكية رئيسين لجماعتين عزلتهما وزارة الداخلية بسبب ما تعتبره «خروقات جسيمة في التدبير»، إن المحاكم «أنصفت مرشحيه الذين يتمتعون بحقوقهم السياسية والمدنية، ولا يمكن إنكارها لأسباب واهية». ويرشح هذا الحزب علي أمنيول، رئيس جماعة مارتيل، وقد عزلته وزارة الداخلية في يناير الفائت، وكان منتميا إلى حزب الأصالة والمعاصرة حينئذ. ورفضت السلطات المحلية ترشيحه، لكنه نجح في استصدار قرار قضائي يسمح له بالترشح. وارتكب أمنيول، خلال توليه لمهام رئيس جماعته، بحسب قرار العزل الصادر عن وزارة الداخلية، خروقات كثيرة، أبرزها عدم احترام القواعد التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية، ومنح شواهد إدارية بمثابة الإذن بالتحفيظ دون احترام المقتضيات القانونية الجاري بها العمل، والإشهاد على صحة إمضاء عقود بيع وتنازلات عرفية لعقارات تابعة لأراضي الجماعات السلالية، ومنح رخص البناء دون احترام القوانين والأنظمة الجاري بها العمل في مجال التعمير، كما رشح الحزب نفسه رضوان المسعودي، رئيس جماعة سباتة بالدار البيضاء، الذي عزل هو الآخر في نونبر 2013، وكان منتميا حينئذ إلى حزب الاستقلال، غير أن السلطات قررت منعه من الترشح، لكن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء أبطلت قرار المنع. ويخوض المسعودي الانتخابات الجماعية مرة أخرى في الدائرة نفسها. وعزلت السلطات المسعودي بسبب ما تقول إنها خروقات قام بها، تتمثل في عدم سحب التفويض من مساعد تقني بمقاطعة سباتة رغم علمه بقيام المعني بالأمر بالإشهاد على تصحيح إمضاء عقود عرفية تتعلق ببيع ورهن محلات سكنية عشوائية، وذلك دون احترام القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، وعدم إرسال نسخ من عقود البيع والكراء إلى مصالح التسجيل والتنبر وعدم الاحتفاظ بنسخ منها.

اجتهادات الداخلية

وتطرح قضية ترشح الرؤساء المعزولين وكسبهم لدعاويهم ضد وزارة الداخلية، بعض الملاحظات بشأن قرار السلطات منع رؤساء جماعات من الترشح دون أن تحيل ملفاتهم على المحاكم، أو دون أن يكونوا قد ارتكبوا أفعالا ذات طبيعة جنائية خلال فترة تسييرهم لجماعاتهم. وقال قيادي في حزب العدالة والتنمية، فضل عدم الكشف عن هويته، «إن وزارة الداخلية تعسفت في بعض الحالات في منع رؤساء معزولين من الترشح دون أن يكون قرارها مسنودا بقرار قضائي نهائي»، موضحا أن «تجريد الأشخاص من حقهم في الترشح يجب أن يكون مستوفيا للشروط القانونية، لا أن يكون اجتهادا غير مبني على القانون، خصوصا إن كان قرار العزل ينطوي على أفعال لا تستوجب المتابعة الجنائية، ولا يمكن بأي حال أن تحل السلطات محل الناخبين في تقرير مصير رئيس جماعة لم يظهر كفاءة في تسييره لجماعته وارتكب أخطاء استوجبت أن تتدخل وزارة الداخلية وتعزله». ويعتقد حسن طارق، وهو أستاذ للعلوم السياسية في جامعة محمد الخامس بالرباط،  أن «وزارة الداخلية كان لديها ربما تقدير سياسي حول آثار العزل، لكنه لم يجد القالب الإداري الذي يستجيب لمبدأ الشرعية، ولذلك جرى إسقاط اجتهاداتها بمنع الرؤساء المعزولين من الترشح، وتُرك الحسم للناخبين». ويرى طارق أن قرار العزل لا يمكنه قانونا، أن يمتد لصبح قرارا ضمنيا بالمنع من الترشح، ولذلك انتصرت المحاكم للشرعية حينما لم تجد في تقدير السلطات سوى شطط في استعمال السلطة».

وترشح جميع الرؤساء المعزولين في الولاية الجماعية (2009-2015) تقريبا، باستثناء رئيس جماعة المعاريف، أحمد القادري، الذي قرر أن يعتزل العمل الانتخابي، ورئيس جماعة وزان، محمد الكنفاوي، الذي أوقفته الشرطة هذا الأسبوع لوجوده في حالة فرار منذ عزله في يناير الفائت، بسبب ارتكابه لأفعال ذات طبيعة جنائية خلال توليه رئاسة جماعته. وكلا الرئيسين ينتميان إلى حزب الاستقلال.

إشكالات أخلاقية وسياسية

إلا أن حزب الاستقلال رشح رؤساء معزولين آخرين، مثل زين العابدين حواص، رئيس جماعة حد السوالم، المعزول في يناير الفائت من لدن وزارة الداخلية، على قرار قضائي يسمح له بالترشح مرة أخرى تحت يافطة حزب الاستقلال، بعدما قرر حزبه الأصلي، حزب الأصالة والمعاصرة، التخلي عنه عقب عزله.

لكن أحزابا أخرى ارتأت أن تتفادى مواجهة وزارة الداخلية في المحاكم، مثلما هو حال حزب التجمع الوطني للأحرار، إذ قرر سحب تزكيته لصالح محمد بازين، رئيس جماعة أيت أورير، ومنحها لعضو غادر لتوه حزب الأصالة والمعاصرة يدعى لحسن مراش. وقال قيادي في التجمع الوطني للأحرار إن حزبه «رشح بعض الرؤساء المعزولين بالفعل، لكنه قرر أن يراجع تلك التزكيات بحسب الخروقات المرتبكة والمنسوبة لكل واحد منهم، وهكذا رأت قيادة الحزب أنه من الأفضل عدم تزكية الرئيس المعزول لجماعة أيت أورير». وعزلت الداخلية بازين لارتكابه خروقات، من بينها تسليم شواهد إدارية مخالفة للقانون بهدف التحفيظ أو الإذن بقسمة بقع أرضية، بالإضافة إلى منح رخص البناء والسكن دون احترام القوانين الجاري بها العمل في مجال التعمير. وإذا كان «الأحرار» قد تخلوا عن رئيس أيت أورير، فإنهم أبقوا على ترشيحهم لمحمد الخطابي، رئيس جماعة بني يخلف في إقليم المحمدية، إذ حصل هو الآخر على تزكية من حزب التجمع الوطني للأحرار لخوض الانتخابات الجماعية رغم عزله في يناير الفائت. لكن السلطات منعته من الترشح، بيد أن المحكمة الإدارية أبطلت قرار المنع، وهو الآن وكيل لائحة حزبه رسميا.

وتتهم الداخلية الخطابي بارتكاب خروقات خلال توليه رئاسة جماعته، أبرزها التشجيع على التقسيم غير القانوني للعقارات، وتسليم رخص السكن وشواهد المطابقة دون احترام القوانين والأنظمة الجاري بها العمل في هذا المجال. وعدم استخلاص بعض المستحقات لفائدة الجماعة، وأداء مصاريف كميات غير مبررة من الوقود.

ويرى حسن طارق أن الأحزاب التي زكت ثم دافعت عن ترشيح رؤساء معزولين لأسباب تتعلق بطريقتهم في تدبير جماعاتهم، تطرح «إشكالات عميقة من الجوانب السياسية والأخلاقية».

اليوم24

مشاركة