الرئيسية مجتمع المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر..وتستمر المعاناة

المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر..وتستمر المعاناة

كتبه كتب في 3 أبريل 2014 - 11:13

معركة المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر لم تتوقف منذ أزيد من ثلاثة عقود. الضحايا الذين يعدون بالآلاف والمنتشرين بعدد من المدن الذين لازالوا على قيد الحياة، وأبناءهم يواصلون وفي سياق البحث عن جبر الضرر وطنيا ودوليا، المطالبة بفتح تحقيق عن مجريات أحداث الطرد الجماعي من الجزائر في دجنبر من سنة 1975  واسترجاع ممتلكاتهم وإقرار تعويضات مناسبة دون اغفال مسأل الاعتذار الرسمي من لدن السلطات الجزائرية.

مطالب تنضاف إلى سعي جمعيات تمثل للضحايا في التوجه إلى المحكمة الدولية لحقوق الإنسان وإلى القضاء الأوروبي وفق ما تنص عليه مبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وهي مباءئ مبادئ تحرم فعل الترحيل القسري للأفراد في جميع أشكاله، وذلك أمام سياسة الدولة الجزائرية في عدم التعاطي بجدية مع هذا الملف ووالتهرب من تحمل مسؤوليتها كاملة في مصير 45 ألف ضحية، ومحاولتها الالتفاف على الحقيقة التاريخية الإئتلاف المغربي لهيئات حقوق الانسان، والتي تضم جميعات ومنظمات حقوقية، دخلت على الخط وتبنت ملف الضحايا حيث ينتظر أن يعود بقوة.

المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر.. مأساة مستمرة..

 

18دجنبر 1975 يوم أسود لن ينساه الآلاف من المغاربة المقيمين أنذاك ولعقود بالجزائر. ذاكرة الضحايا المتبقين مثخنة بجراح الألم، والفراق، والمصير المجهول. في ذلك اليوم عمدت الدولة الجزائرية وبأمر من رئيسها الهواري بومدين على طرد 45 ألف أسرة مغربية دفعة واحدة، كانت تقيم بصفة شرعية وقانونية فوق التراب الجزائري بعد اندماجها في المجتمع الجزائري منذ عشرات السنين.  المطرودون الضحايا  شكلوا إلى جانب الشعب الجزائري النواة الأساسية لمقاومة الاستعمار، وساهموا بشكل فعال في تنمية البلاد بعد الاستقلال في مجالات عديدة. لكن هذه التضحيات وحسب شهادات الضحايا وحقائق التاريخ لم تشفع لهم لتجنيبهم قرار الطرد الجائر. وهكذا تحولت تعليمات الهواري بومدين التي تم الإعداد لها جيدا مع وزير خارجيته آنذاك عبد العزيز بوتفليقة إلى قرار طرد وبدون سابق إنذار وفي ظروف غير إنسانية لمجموع هذه الجالية المغربية. في ذلك التاريخ أعلن هواري بومدين في خطابه التهكمي الشهير على أمواج الإذاعة والتلفزة الجزائرية أنه سينظم مسيرة سوداء وكررها بمسيرة الدموع من الجزائر إلى المغرب وذلك ردا على تنظيم المغرب للمسيرة الخضراء، طرد لم يحترم حتى مناسبة عيد الأضحى المبارك، وما تشكله لدى المسلمين من رمزية دينية حيث وجدت العائلات المغربية نفسها وبدل الاحتفال بهذه الفريضة في سلم وطمأنينة داخل بيوتهم، وهي تتعرض للاعتقال والترهيب بعد اقتيادها لمخافر الشرطة كل ذنبهم أنهم يحملون الجنسية المغربية.
لم تكتف الدولة الجزائرية باصدار القرار بل جندت لهذه العملية كل أجهزتها الأمنية من مخابرات عسكرية، فكانت  وطيلة شهرين متتالين تقوم بالتنكيل والإهانة من سب، وقذف، وهتك للأعراض، والمس بكرامتهم،  وتجريدهم من ممتلكاتهم العقارية والمنقولة (  منازل، أراضي فلاحيه، متاجر، بيوت، شركات، أموال عينية ونقدية ومعاشات …) وكذا تشتيت أسرهم.
هذا الفعل غير الانساني طال حتى المرضى من داخل المستشفيات الجزائرية  وهو ما تؤكده شهادات هؤلاء الضحايا، في خرق سافر لجميع القوانين والأعراف الدولية مما يجعل هذا التصرف الشنيع وصمة عار في التاريخ . الضحايا وعند دخولهم التراب المغربي، جندت السلطات كل إمكانياتها لإيوائهم داخل خيام نصبت لهدا الغرض، مكث البعض منهم  أياما معدودات وسنوات للبعض الآخر.
التهجير القسري  شكل بداية حياة جديدة لهذه الفئة التي انطلقت من الصفر ومحفوفة بالصعاب، أمام التحديات والصعاب التي واجهت الأسر وأبناءهم فيما بعد.
لم تتمكن مدينة وجدة الحدودية من استيعاب مما حدا الجميع نظرا لحجم العدد. مما حذى بالسلطات إلى توزيعهم على باقي المدن والمناطق الأخرى وإدماجهم في أسلاك إدارية دنيوية وتمكين أبنائهم من متابعة دراستهم. المطرودون كانوا مجبرين على إعادة حياتهم من جديد، والدولة المغربية قامت بدمجهم في السلك الأسفل للوظيفة العمومية، الأطفال تم دمجهم في أقسام وتخصصات ليست أقسامهم أوتخصصاتهم، بل تطبيقا لتوجيهات السلطات العمومية، أما مستواهم المعيشي فقد عرف تحولا جذريا، فعوض المنازل الفردية أصبحوا يسكنون في غرف مستأجرة، وعوض الأجر المستمر، الأجر اليومي وعوض مقاعد المدرسة ورشات التصنيع. كما تزامنت فترة الطرد الجماعي التعسفي ومجموع الانتهاكات أللإنسانية مع ذكرى تخليد العالم لليوم العالمي لحقوق الإنسان، فترتبت عن هذه الانتهاكات الهمجية تصدع نفسية المطرودين مع تدمر معنوياتهم، مما أثر سلبا على صحتهم، وكل هذا التوحش والهمجية، تحاول السلطات الجزائرية، طي هذا الملف، متناسية أن حتى الأطفال الذين عاينوا هذه الجريمة النكراء، أصبحوا الآن شبابا، فأخذوا على عاتقهم جمع شمل أسر الضحايا الذين منهم من انخرط وأسس جمعية المغاربة ضحايا الطرد الجماعي التعسفي من الجزائر والتي كان من أهدافها المطالبة بفتح تحقيق عن مجريات أحداث الطرد مع المطالبة  باسترجاع كل الممتلكات المصادرة من الجزائر أو ما يقابلها ماديا، كذلك المطالبة بتعويض كل المتضررين المتعسف عليهم جراء ما لحق بهم من أضرار جسمانية أو نفسية أو معنوية، إضافة إلى المطالبة بالاعتذار الرسمي من السلطات الجزائرية لفائدة الضحايا باعتبارهم المسؤولين المباشرين عن هذه المأساة.

خديجة الرياضي عن الأئتلاف المغربي لهيئات حقوق الانسان
الملف حقوقي .. وعلى الدولة المغربية أن تنصف وتدافع عن الضحايا

 

لقد توصل الإئتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان بملف ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر من مدة. وكان للجمعية المغربية لحقوق الانسان دور في السابق وتابعت تحركات الضحايا في اتجاه العديد من المؤسسات، وساندتهم في وقفاتهم وتظاهراتهم المنظمة بهذا الخصوص. وداخل الإئتلاف تبنينا الملف ونحن بصدد إعداد تقرير حوله، في انتظار أجرأة الخطوات على المستوى الحقوقي على اعتبار أن للضحايا حقوق ومطالب يجب الدفاع عنها بكل الطرق المتاحة، واتخاذ الإجراءات المناسبة سواء في اتجاه الدولة الجزائرية أو المغربية أو في المنتظم الدولي. فالضحايا يطالبون كذلك بجبر الضرر ، والانصاف،. والتعويض عن التهجير القسري من الجزائر حيث كانوا يعيشون بشكل طبيعي. وبالتالي فأي جمعية أو هيئة لايمكنها إلا أن تكون يجانب القضايا المشروعة لهذه الفئة.
للأسف فهناك تأخر تام في انصاف هذه الفئة رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على المأساة التي خلفت وراءها الآلاف من الضحايا الذين وجدوا أنفسهم دون حماية وسط تجاهل شبه تام لملفهم ومطالبهم. تحركات الضحايا ومن خلال جمعياتهم كانت ملحوظة في السنوات الأخيرة، حيث قامت بنفض الغبار عن أوضاع الضحايا، وقامت بالعديد من الاتصالات، والخطوات  سواء في المحافل الدولية لحقوق الانسان، أو داخل المغرب. كما ساهم تأسيس إطارات للدفاع عن ملفهم، وإعداد لفهم المطلبي، من الناحية الحقوقية والمطلبية والسياسية في كسر طوق الصمت، في انتظار أن تتحرك هيئات حقوقية للتحدث باسم الضحايا. ونحن في الإئتلاف انفتحنا على الملف، خاصة بعد توصلنا به من طرف جمعية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر، وتم ذلك بشكل تلقائى، إلى درجة أننا ضممنا تقريرنا بموازاة مع التقرير الحكومي حول حقوق المهاجرين، ملف هذه الفئة. الدولة المغربية للأسف لم تتحرك بفعالية لانصاف والدفاع عن الضحايا، فأتساءل من سيدافع عن هؤلاء إذا لم تكن الدولة التي ينتمون إليها، خاصة أن الطرد نتجت عنه مآسي عديدة عانى منها الضحايا، وأبناؤهم، وهم يدفعون ثمن سياسة تجاهل لحقوقهم، وعدم تمكنهم رغم مرور كل هذه السنوات من الاندماج وسط المجتمع المغربي بكل مايعينه الاندماج من حقوق وانصاف واسترجاع ممتلكاتهم. وهي أمور يجب على الدولة أن تتجاوب معها وأن تدافع من أجلها.

الحكومة المغربية .. رهانات الحوار الثنائي والطرق الديبلوماسية لكن

 

الحكومة المغربية وفي المذكرة الجوابية حول لائحة الأسئلة الموجهة إليها من طرف اللجنة الأممية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم بتاريخ 16 يوليو 2013 في مادته 33 ( الفقرة 119 ) بخصوص قضية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر، أكدت أن المواطنين المغاربة الذين تم طردهم وبشكل جماعي قد أبلغوا بحقوقهم بموجب الاتفاقية من قبل الأجهزة المعنية المغربية ( مديرية الشؤون القنصلية والاجتماعية، الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج، ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين في الخارج، ومجلس الجالية المغربية في الخارج …) عند تصديق الجزائر على الاتفاقية، وأن الضحايا استطاعوا تقديم شكوى إلى لجنة حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأسرهم، كما صرح رسميا في نفس المذكرة الجوابية أن جمعية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر تقوم بالتعريف والتحسيس بحالة ضحايا التهجير القسري في حين  أن الجمعية راسلت عدة مرات الحكومة المغربية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، دون أن تتلقى أي رد، مما ساهم في تعثر هذا الملف، في الوقت الذي كان فيه من الضروري الوقوف إلى جانبهم ودعمهم، في مواجهة صريحة وقوية للذين ارتكبوا في حقهم كل الانتهاكات الشنيعة لحقوق الإنسان. فالملف مطلبي متكامل وتوجيهه إلى المؤسسات والهيآت المعنية الوطنية والدولية، أهم المطالب إلى كل من الحكومة المغربية في شخص رئيس الحكومة وعدد من الوزراء والمؤسسات والهيئات الحقوقية الحكومية وغير الحكومية. الجمعية أكدت أن الحكومة تعاملت مع ملف الضحايا باحتشام وسجلت غياب تصور واضح لدى الحكومة المغربية لمعالجة هذا الملف الحقوقي العالق منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود علاوة على غياب إجراءات حقيقية كفيلة برد الاعتبار لهؤلاء الضحايا،  فكلما أثير موضوع المغاربة المهجرين قسرا وجماعيا من الجزائر سنة 1975، يقتصر التصريح الحكومي على التذكير بأن المغرب لم و لن يدخر جهدا في سبيل الدفاع عن حقوق هؤلاء المغاربة وأن الدبلوماسية المغربية تضع هذا الملف من بين القضايا الاجتماعية والقنصلية العالقة، ذات الأولوية مع الجزائر.
وضع دفع الجمعية إلى مطالبةالحكومة المغربية بتحمل مسؤولياتها كاملة اتجاه هذا الملف وذلك من خلال استعمال جميع القنوات الدبلوماسية والقانونية المتاحة لها بدل الاقتصار على آليات الحوار الثنائي مع الجزائر كما جاء مؤخرا في رد  الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون يوسف العمراني خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب ليوم 12 نوفمبر 2012 إثر سؤال شفوي تقدم به الفريق الاشتراكي، علما – تشير الجمعية – إلى أن الآلية  معطلة منذ سنوات عديدة.

قصص مؤلمة، لمغاربة رسمت رحلة التهجير القسري

الأطفال وهم يبكون من الجوع

لم يصدق حمراوي المزداد بوهران ما حدث وهو يسترجع الأحداث الأليمة التي صاحبت قرار الترحيل وقال بمرارة «أنا من ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر ، ازددت في مدينة وهران بحمرية في 1952/06/26. والدي دخل إلى الجزائر سنة 1924 فيما دخلت والدتي  المزدادة بمدينة وجدة عام 1935وهي رضيعة لم تتجاوز الأربعين يوما. كانت عائلتي تعيش في سلام و هدوء، وخلال الفترة الاستعمارية كان والدي يعمل تاجرا وفي نفس الوقت كان منخرطا في الثورة الجزائرية وقد توفي في دجنبر من  سنة 1964. في ذلك اليوم الأسود، يوم الترحيل جاء مجموعة من عناصر الشرطة رفقة رئيس أمن عنصري إلى منزلنا  ليتم نقلنا على متن شاحنة تابعة لمؤسسة للكهرباء بطرقة همجية نحو «شاطو نوف» دون سابق إنذار . في ذلك المكان وجدنا هناك مجموعة من الأطفال وهم يبكون من الجوع حيث كان يقدم لهم قليل من الخبز وقليل من الجبن وهي وجبة غير كافية لاسكاتهم، وبعد التأكد من هويتنا وتسجيل أسمائنا، سمح لنا بالعودة إلى المنزل بعد أن تيقن أن من بين أفراد عائلتنا يوجد شهيد. يستسرل حمراوي « تم إرجاعنا إلى المنزل، لكن نفس السيناريو سيتكرر بعد أيام لمرتين وبنفس وتيرة الاستنطافات، ليتم في الأخير إصدار قرار الطرد في حقي دون بقية أفراد عائلتي  لأنني كنت أكبر سنا وكان عمري 22 سنة. لكن والدتي رفضت البقاء بعد القرار، وأصرت على مرافقتي تاركة وراءها مسار حياة وعلاقات انسانية تمتد لعقود، ومنزل رفضت بيعه فيما قبل لأحد الجزائريين بتيرت والذي قدم لنا أنذاك مبلغ 30  مليون سنيتم«.

ممتلكات في المزاد العلني

هواري وهاب لخص شهادته بأسى شديد، فقد طرد من مدينة وهران في دجنبر من سنة 1975، لكنه لم يصدق ما حدث وماتلى ذلك من فصول مأساوية التي صاحبت القرار التعسفي، لكن ماحز في نفسه هو أن يعمد جيرانه إلى سرقة أملاك عائلته بنفس المدينة من خلال المزاد العلني، مع العلم أن فردين من عائلته قاستشهدوا في سبيل القضية الجزائرية». مشاهد مؤلمة تلك التي لازالت تحتفظ بها ذاكرته، حيث كان المغاربة ينقلون بواسطة شاحنات مثل القطيع ويرسلون في ظروف قاسية إلى الحدود المغربية، دون اغفال ماتعرضت النسوة من تعذيب واغتصاب، وكذا تسجيل العديد من الوفيات بين المسنين والمرضى بكوميسرية «شاطونوف» بوهران. الطرد لم يقتصر على سنة 1975 بل هناك حالات طرد سنة 1967.

الموت من الألم..

شهادة أخرى لاتقل مرارة وتحمل أكثر من دلالة وهي لأحمد الذي كان يبلغ من العمر عشرين سنة يوم طرد من الجزائر. أحمد نقل في ذلك اليوم إلى كوميسرية «شاطونوف» بوهران من طرف عناصر الأمن، حيث أخذت له صور وبصمات، وتم اقتياده إلى إحدى الثكنات، حاول الاستفسار عن سبب المجيئ به إلى هذا المكان، إلى أن عناصر الأمن كانت تشتمه بعنف. بالثكنة فوجأ أحمد بوجود المئات من المغاربة الذين يعيشون في أوضاع قاسية، ويقومون بأعمال متعبة. لكن ما أثاره بشدة هو حال أحد المحتجزين المغاربة، الذي كان ينوي الانتحار بعد أن صودرت كل ممتلكاته، وأبعاده عن زوجته الجزائرية وأطفاله الخمس. بعد أسبوع تم اقتياد المحتجزين على متن شاحنات نحو الحدود مع المغرب، كان الجنود يرقصون ويغنون ويطلقون أعيرة نارية في الهواء انتشاء بمصير المبعدين قسرا عن عائلاتهم وديارهم. لكت ماآلم المرحلين كثيرا أن الشاحنات مرت بمحاذاة منازلهم قبل وصولهم إلى مغنية في المساء حيث تم اقتيادهم من جديد إلى إحدى ثكنات الشرطة، واستنطاقهم وتعنيفهم لساعات، قبل وصولهم إلى المغرب، هناك – يقول محمد- طلب منا رجال الشرطة الإدلاء بوثائقنا لكننا أخبرناهم أن عناصر الأمن الجزائريين قد صادروها.  أدليت لهم بجواز سفري الذي كنت أحتفظ به، لننقل بعدها إلى مدينة وجدة نحو معسكر لايختلف كثيرا عن ذلك الذي  نقلنا إليه بالجزائر. خلال الاستنطاق، كتم إطلاق سراح المرحلين الذين يبدون معرفتهم بالمغرب،أما الآخرون فيتم الاحتفاظ بهم بهذا المخيم الذي يوجد به اليوم سوق مليلية. قضيت أيام عديدة به نظرا لأنني لاأعرف أين سأتجه، بل أقسى من ذلك أنني كنت بدون وثائق أما جواز سفري فقد تمت مصادرته.

اتركوا كل شئ وانصرفوا..

في البداية  كان لنا اليقين يقول الحسين أن الجزائر هي موطننا، هناك ازداد وترعرع آباؤنا، الذين عانوا من التعذيب رفقة إخوانهم الجزائريين أثناء الثورة، حيث كان سلاح المستعمر الفرنسي لايميز بين المغربي والجزائري، وكان شعار « يالمغرب ياخويا ياك أنا وانتا اخوان» يجمع الطرفين ويجعلنا نحلم، وننام بطمأنينة، إلى حدود ذلك اليوم الذي أعلن فيه أننا غير مرغوب فينا. ب«حمام بوحدجار» تم استهداف الأشخاص واعتقالهم، ويوما بعد يوم وقبل نهاية شهر دجنبر قام رجال الشرطة بحملة تمشيط من منزل لمنزل ومن شارع لشارع، حيث يتم إفراغ المنازل من المغاربة فقط الذين كان عليهم أن يتركوا ورائهم كل شئ، إلا من حقيبة صغيرة،هي كل ماسمح لهم بنقله، ومفتاح المنزل لدى الجيران ، وعبارة  اتركوا كل شئ وانصرفوا.. تطاردهم.

توصيات أممية لتمكين المطرودين من استرجاع حقوقهم

الجمعية نجحت في الحصول على توصيات مهمة صادرة عن هذه اللجنة الأممية ضد الدولة الجزائرية بتاريخ 10 ماي 2010، أوصت من خلالها هذه الأخيرة بتمكين هذه الفئة من المغاربة من استرجاع حقوقها وممتلكاتها المشروعة المصادرة بالجزائر مع التعويض عن الأضرار التي لحقتها، كذلك مطالبتها بضرورة تيسير جمع شمل العمـال المهـاجرين المغاربة مع عائلاتهم الذين بقوا في الجزائر، وعدم قانونية تطبيق الفصل 42 من قانون ماليتها لعام 2010 الداعي إلى إلحاق ممتلكات المغاربة إلى أملاك الدولة الجزائرية وذلك لكون هذه الفئة من المغاربة التي تم طردها وبالتالي فهي لم تتخلى عن ممتلكاتها، كما أوصت اللجنة في تقريرها النهائي، يوم الأربعاء 18 شتنبر2013، المغرب بضرورة اتخاذ التدابير الضرورية من أجل تحسين وضعية المغاربة المعنيين بالطرد الجماعي التعسفي من الجزائر وتكثيف الجهود الدولية من أجل التسريع بحل هذا الملف العالق، كما حثت اللجنة المغرب على ضرورة تقديم معطيات دقيقة حول التدابير المتخذة في هذا الصدد خلال التقرير الدوري المقبل والذي التزمت الحكومة المغربية أمام الخبراء بتقديمه سنة 2014

الاحداث المغربية

مشاركة