الرئيسية ثقافة وفن الفن الشعبي بالصحراء نماذج من رقصات شعبية

الفن الشعبي بالصحراء نماذج من رقصات شعبية

كتبه كتب في 5 يونيو 2013 - 13:33

تقديــــم:                            المعتقد الشعبي في شكل فن فولكلوري

تعرف المعتقدات الشعبية على أنها هي القوى المحركة وراء كل الأفعال الإجتماعية التي يأتيها الفردبنفسه أو مجتمعا مع الناس، ويمككنا بذلك ان نعثر على معتقد أو تصوير معين يكمن وراء جزئية من جزئيات السلوك في اي ميدان من ميادين النشاط الإنساني، وفي الصحراء فإن الفنون الشعبية تدخل في هذا الإطار، خاصة رقصة الكدرة التي تحمل في دلالاتها أبعادا رمزية ذات صبغة روحية سكنت وجدان ومخيلة إنسان الصحراء، إذ سنحاول من خلال هذا العمل المقتضب تسليط الضوء على أبعاد ودلالات بعض الرقصات الشعبية بالصحراء في علاقتها بمعتقدات العامة؟

1ـ رقصة الكدرة                                         

تنتشر رقصة الكدرة بين سكان منطقة واسعة، تمتد من الحمادة شرقا عبر أقاليم درعة وزمور إلى الساقية الحمراء. إلا أن صيتها ارتبط بمنطقة وادي نون. ورقصة الكدرة هي رقصة شعبية قديمة، ارتبط اسمها بالقدر المصنوع من الطين الذي تم إقفاله بجلد المعز المذبوح لتوه. وذلك بجعل الشعر إلى الأسفل والجانب الأملس إلى الأعلى ثم يعرض لأشعة الشمس قصد تجفيفه بعد أن يتم أحكامه في فم القدر جيدا . ثم يؤخذ مغزلان خشبيان لضرب الجلد في موقع القدر وفق إيقاع خاص وأغنيات خاصة. وتوضع في القدر سبع حصي صغيرة قبل إحكام الجلد عليه، إذ أن المعتقد السائد يرجع الحجرات السبع إلى درء العين، وجلب الحظ السعيد.

    إن رقصة الكدرة في الواقع عبارة عن مسرحية مرتجلة، يقوم بتمثيلها الشباب الذكور خاصة. بحيث يقوم أمهرهم في معرفة الإيقاع بالضرب على القدر بواسطة قضيبين خشبيين، وذلك بعد أن يتحلق حول الكدرة جماعة من الشباب الذكور، فيبدأ الإيقاع على القدر ثم تصفق جماعة من الشباب المتحلقين حوله وفق الإيقاع نفسه. وفي الوقت ذاته يرددون نشيدا على شكل حوار بين فئتين يتعلق موضوعه بالمناسبة، وهي غالبا ما تكون حفلة عرس. وبعد لحظة من الإيقاع الساخن وهو شرط ضروري تشترطه الراقصة، تدخل وسط الحلقة فتاة في كامل زينتها متلثمة ثم ترقص متقنعة بملحافها، ويذهب إعتقاد العامة إلى أن الفتاة التي تؤدي الرقصة يجب أن تكون عزباء فالرقص على إيقاع الكدرة سيجلب لها لا محالة الزوج الصالح. حيث يتصاعد رقصها شيئا فشيئا حتى يدخل البطل ليكشف عنها القناع ويتعرف على محاسنها ويعلق عليها خنجرا دلالة على حمايتها، وعلى أنه اختارها زوجة المستقبل. وإذ ذاك ينسحب فيتغير الإيقاع ويشتد أكثر من السابق ويكون موضوع النشيد حول الراقصة مثل “وهاه من دار الكلادة لبيتيل ولا عياد”يامباركة ورغية دلي لكرون علي” “يا عريش لبنان خلي داك الزين يبان”، وتبقى الرقصة في الاستمرار حتى قرب نهايتها، فيتغير الإيقاع للاستراحة قبل استئناف الرقصة من جديد مع فتاة أخرى.

     وقد خصص الكاتب إبراهيم الحسين لهذه الرقصة كتابا, أبرز فيه أنها رقصة شعبية تعتمد بالأساس على خطى الجسد وموضوع الإيماءة ومركز الرؤية ومصدر الحركة في الفضاء, وتقدمه في أهم تمفصلاته وتمظهراته ضمن سياقات كوريغرافية عديدة ومتنوعة يتكامل فيها الديني والجمالي والميتافيزيقي والأسطوري, ويقوم هذا الفن على سيمائه الرقص الفردي داخل حوار جماعي يعج بالكلمة والنغمة والحركة والقول الشعري.

   ولقد ارتبطت الكدرة في منطقة وادي نون، باسم الفنانة “لبشارة بنت حمودي بن محمود”. وهي من أقطاب الغناء والرقص الحساني، وهي فنانة داع سيطها على الصعيد الوطني والعالمي.

 تربت وازدادت بمنطقة وادي نون، وقد أحبت كثيرا الفنون المرتبطة بالتراث الحساني منذ نعومة أظافرها. بحيث كانت لها مكانة هامة في الحياة الفنية الصحراوية دشنتها منذ أواخر الأربعينات وبداية الخمسينات، فساهمت مساهمة فعالة في الحفاظ على نمط مهم من تراته الزاخر والمتمثل خصوصا في  الكذرة، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك ادا رنقت بهذا النمط الفني لتساهم بالتعريف به إقليميا ووطنيا، خصوصا بالساحة الحمراء بموسكو وباريس وكندا وإسبانيا.

2ـ رقصة الطبل:

الطبل عبارة عن إناء خشبي يسمى “تزو” متسع متوسط الغور، يستعمل عادة لجمع لبن النوق عند الحلب. لذلك أريد استعماله ليكون طبلا يغطى بقطعة من جلد الإبل أو الغنم (غالبا ما يكون إبلا). تشد بحبال من نفس الجلد بعد وضعها في الماء ليسهل شدها، ويزركش هذا الطبل بالحناء.

لا تزال توجد طبول قديمة كبرى في العديد من الدور ذات السيادة والجاه إلى يومنا هذا.وكان يستعمل الطبل قديما للفرحة القصوى واستنفار سكان الحي لكل أمر هام، أو عند الخوف. وقد تقلصت هذه الاستعمالات حتى اقتصرت على الأفراح خصوصا الأعراس والختان والعقيقة وغيرها.

لهذا الطبل أغاني متميزة تقال أوان ضربه ليست كالتي تنشد عند استعمال الآلات الموسيقية الصحراوية الأخرى المسمات “تيدينيت” و”اردبين” و “القيتار”.بحيث يقتصر أغانيه على الأمداح النبوية. أما فرقته تتشكل أساسا من النساء ولا بأس من الاختلاط ببعض من الرجال.

3ـ رقصة الهرمة

يوجد في إحدى مناطق الإقليم لون آخر من الفلكلور يعرف بالهرمة. وهي رقصةأصيلة من أصالة قبائل وادي نون. تقابلها رقصة أحواش عند باقي القبائل المجاورة.

ورقصة الهرمة عبارة عن صف من الشيوخ يتخلله بعض الشباب، ويتوسط الصف شيخ مسن له خبرة في اللغة، اي بالكلمات والمقاطع الشعرية والأمثال العربية المشهورة.

تبدأرقصة الهرمة بافتتاح الشيخ برفع صوته بكلمات عربية فصيحة مجملة ومركزة أولمثل واقعة تاريخية أوصفة حميدة أوغزل..فيرددها المشاركون بالتوالي وهم منقسمون في صفهم إلى ميمنة وميسرة. وكلما حمت الرقصة إلا وبدأت الحركات الرشيقة وركزت الأرجل المنتظمة وينتج عن ذلك إيقاع موسيقي تتحرك له مشاعر المتفرجين

تختتم الرقصة بتصعيد الصوت فيها وتشديد ركزات الأرجل، وأثناء ذلك يتقدم بعض من له الخبرة أكثر، ويرقص مع فتاة أمام الصف بالذهاب والإياب من رأس الصف إلى آخره، ومن آخره إلى أوله وهكذا تتم في حركات منتظمة وألحان شعرية غزلية جياشة.

هذه الرقصة متداولة في قبيلة ايت احماد في جميع قراها وفي قبيلة ايت بوعشرة وأيت زكري. وقد جاءوا بها من عند قبائل الشرق طاطا وزاكورة.إلا أن هذه الرقصة لم تعد تتداول إلا نادرا وقد لحقها ما لحق( بكنكة)من نسيان

خاتمـــــــة:

    لقد حاول الصحراويون تكسير فحولة الصحراء بملئ أوقاتهم بأشياء كثيرة، تلعب الفنون الشعبية الدور الأساسي فيها. لأنه كان أكثر التصاقا بتجارب الناس اليومية وأكثر تعبيرا عن دواخلهم وأحاسيسهم إلى درجة ربطها بطقوس خاصة تؤدى فيها هذه الرقصات، وهو مارسم معتقدات في مخيلة العامة،رأى فيها رجال الدين مظاهر بعيدة عن روح الإسلام، أما الدراسات الإستعمارية  فصنفتها ضمن دائرة السحر الذي يعترض مع الدين.

بيبليوغرافيا:

1ـ إبراهيم الحيسن، التراث الشعبي الحساني، العناصر والمكونات.

2ـ إبراهيم الحسين، ثقافة الصحراء: الحياة وطقوس العبور، دار أبي رقراق للنشر، الرباط 2011.

3ـ إبراهيم الحسين، رقصة الكدرة، الطقوس والجسد.

4ـ إفادات شفوية: من أعضاء جمعية الكدرة للرقص الشعبي الحساني، بآسا

Hammou hasna من انجاز الطالبة.

http://youtu.be/atJ5teDtFmI

مشاركة