الرئيسية ثقافة وفن سيرك عمار الإيطالي يحط رحاله بأكادير

سيرك عمار الإيطالي يحط رحاله بأكادير

كتبه كتب في 25 يناير 2012 - 22:27

كل من يمر بمحاذاة الخيمة المنصوبة المجاورة للطريق الرئيسية المؤدية للطريق السيار بمدخل أكادير ، يختلجه فضول الاستطلاع واكتشاف ما تكتنزه الخيمة من أسرار وخبايا تأسر العقل، وتعد بعروض و فترات ممتعة ومثيرة تبقى راسخة في الذهن، تقدم في مسرح يتسع لأكثر من 1500 متفرج، بالنهار يسكن الصمت والسكون أرجاء السيرك، و ما أن يحل الليل حتى تنبعث ضوضاء الموسيقى وأضواء كاشفة وأخرى ملونة حول محيط خيمة السيرك، تجعلك تنجذب أكثر لمشاهدة عرض، من فنون السيرك، قل ما تتاح فرصة حلوله باكادير.

 لأول مرة  قرر منظمو سيرك إلفيرليجيو الايطالي ، أن يحطوا رحالهم بمنطقة سوس ،فبعد محطة الدار البيضاء ، جاء الدور على مدينة اكادير وضواحيها  ليستمتع سكانها بمشاهدة عروض و فنية وكوميدية، يمتزج فيها الفرح مع الدهشة، والذهول مع البهجة، تتخللها مشاهد  تخطف الأنظار، وتجعل الإنسان يحبس أنفاسه، يتفنن في تقديمها فنانون قادمون من أكثر من 12 جنسية من كل بقاع العالم. من سحر الهند إلى رشاقة عاشقي السامبا البرازيلية، تجمعهم خيمة يعرضون فيها  مواهبهم ومهاراتهم ضمن طبق فني يشمل فقرات متنوعة تناسب عموم الجماهير أطفال وكبار، أفراد وعائلات.

عروض و فقرات متنوعة

تحت أضواء ساطعة و متناغمة، ممتزجة بموسيقى الأوبيريت الإيطالية، وتصحبها تصفيقات الحاضرين من جمهور اكادير، كبارا وصغارا، إلى جانب بعض السياح، بعد دخول أنطونيو المشرف عن العرض، لحلبة المسرح، بقامته القصيرة وبلكنته الايطالية، تحدث في كلمة افتتاحية ترحيبية لأهل عاصمة سوس، ليعطي إشارة انطلاق فقرات السيرك الايطالي المتنوعة، ستدوم ساعتين من الفرجة والإثارة، تضم  أكثر من  20 فقرة تنقسم إلى مشهدين، تفتتح برقصة (Parade Toons Valenciennes) من الموروث منطقة البندقية الإيطالي، لتتوالى فترات العرض المليئة بمشاهد الفرجة والمتعة والإثارة.

فيرا النمرة الرشيقة

هي شابة برازيلية، رشيقة وجميلة ومدهشة، تجعل كل من يتابع فقرتها شارد الذهن من سرعة وخفة فقرتها الفنية المميزة، والتي دخلت مسرح السيرك متنكرة في رداء نمر، ممسكت بشريط احمر معلق من الأعلى، و برشاقة متناهية اعتلت إلى سقف الخيمة، لتؤدي حركات متناسقة ما بين دوران وصعود وارتقاء، وتناغم حركاتها مع لحن الموسيقى، رسمت على محيا الحاضرين ملامح الدهشة والإعجاب، ختمها بحركة بهلوانية ظن الجمهور في تلك اللحظة أنها ساقطة لا محالة، غير أن رشاقة وخبرة فيرا البرازيلية كانت تعد بسيناريو أخر.

أمين المتوحش الوسيم

إنه أمين، مروض التماسيح وأفعى الأنكوندا الأمازونية، كل من يلمحه من الجمهور عبر بوابة مسرح السيرك، بلباسه الرياضي، يستقبل الجماهير الحاضرة، لا يروج في مخيلته، أن سماحة بسمته ووسامته، تخفي شخصية أخرى لشاب جزائري مفتول العضلات، هو ابن مدينة جاجا بولاية وهران، يبدع في ترويض ومداعبة حيوانات خطيرة من تماسيح وأفاعي “الاناكوندا” ذات العشر أمتار، يجازف بحياته في تقديم عرض مثير للجمهور، أقوى لحظاته، حين يضع رأسه بين فكي التمساح، ويحمل فيما بعد فوق ذراعيه القوية أفعى الاناكوندا التي يبلغ وزنها  إلى ما يتجاوز  100 كلغ، ليداعبها ويخلق فرجة لها متعة وإثارة خاصة، كون من يتابع عرضه يجعل جلده يقشر ويندهش من طريقة ترويضه لها.

”سوبر بايك ” حائط الموت

 سرعة، تناغم، وخطر الموت المحدق …، وأوصاف متعددة يمكن أن تصف بها الرباعي كارلوس ميووين أندريس ويليام، سوبر بايك، شبان يقودون دراجات نارية، فعلى الرغم أنهم ينحدرون من جنسيات مختلفة من دول أمريكا اللاتينية إلا أنهم يبهرون الجمهور بتناسق وإنسجام حركاتهم البهلوانية، من داخل جار كرة حديدية متوسطة الحجم، يقومون بتأدية حركات دورانية متعددة بسرعة فائقة ومهارة في القيادة، وفي منتهى الدقة والتناسق، من داخل كرة متوسط الحجم، بالكاد تسعهم هم الأربعة، في مشهد يخطف الأنفاس، بحكم أن أبسط خطأ في التقدير قد يودي بهم جميعا إلى ما لا تحمد عقباه.

المحارب ستييف طونيي والحيوانات المفترسة

جاءت الفقرة التي ينتظرها الجميع، منذ أن وطأة أقدامهم بالسيرك ”عمار ال فيرليجيو” الإيطالي. في هذه الفقرة، سيتابع جمهور عرضا فنيا لنمور مختلفة السلالة بيضاء قطبية و نمور أخرى ذات المظهر الأصفر المزركش بالأسود المنحدرة من غابات الهند الموحشة، وكالمحارب الشجاع  كما يصفونه في الصحف و المجلات الدولية، يدخل المروض طونيي ستيف، حيث برع حفيد داريكس المعروف ب”مروض القرن” في لعبه مع النمور المفترسة بأنيابها التي تكشر عنها من حين لأخر، وهي تقوم بتأدية حركات متنوعة من قفز ونط فوق النار، وحركات أخرى من دوران وتحيات للجمهور الحاضر، وكأنها قطط وديعة مدللة، في المقابل، لم تكن مهمة المروض الوسيم بالسهلة، إذ كان عليه المغامرة بحياته، من أجل أن يستمتع الجمهور بعرضه. ليغادر ستتيف المسرح السيرك، على أن يعود في فقرة ثانية، تاركا الحاضرين ينتظرون ما جاد به الفنانون الآخرون من مواهبهم الفنية المتميزة.

سيرك إل  فيرليجيو  بعيون جمهور اكادير

اخويا هادشي زوين عندهم، حسن من السيرك لي قبل، وكثار فيه الحيوانات ” هكذا علق مندهشا عبد الرحمان شاب في مقتبل العمر يمتهن التجارة، بعد حضوره لأحد عروض السيرك، تعبيره دلالة عن تقديم فقرات متنوعة في ترويض الحيوان الأليف والمفترس من أسود إفريقيا إلى نمور الهند إلى تماسيح و حية الاناكوندا الأمازونية، والتي لم تكن حاضرت ضمن عروض سيرك، سبق وأن حط الرحال باكادير السنة الماضية، في حين أن السعدية وهي آم لأربعة أطفال حضرت إلى السيرك رفقة زوجها و أبناءها، و اعتبرت حلول سيرك إلفيرليجيو الإيطالي إلى اكادير، بمثابة فرصة سانحة، قل نظيرها لمتابعة عروض حية، لترويض الحيوانات المفترسة مباشرة وبأم الأعين، وزادت بدعائها، بأن يحفظ الله الشبان الأربعة الذين يقدمون عرضهم المدهش والمثير بالدوران بدرجاتهم النارية، في كرة الموت، على الرغم من أنها أغمضت عينيها، لحظة دخول الدراج الرابع داخل الكرة، مخافة رؤية مشهد مرعب في حالة حدوث اصطدام. كذلك عبرت الحاجة حبيبة وهي جدة جاءت لمشاهدة ما يروج داخل خيمة السيرك إلى جانب أحفادها، مشيرة إلى فرحتها لحضور عروض السيرك الايطالي الرائع على حد قولها، وهي بدورها قامت بإغماض عينيها، وغطت وجه أحد أحفادها الذي كان جالسا إلى جانبها، مخافة أن تراوده كوابيس أفعى الأنكوندا الطويلة الحجم التي اقشعر جلدها من مشاهدتها في حلبة السيرك .

نفس الإفادة أشارت إليها سناء، شابة تدرس بالجامعة مضيفة انبهارها لفنون السيرك، بابتسامة عريضة تكشف إعجابها الشديد لما تابعته خلال مجمل العروض المقدمة، و قالت بان المشاهد التي تابعتها بالسيرك الإيطالي، ستبقى راسخة في ذهنها لأنها المرة الأولى في حياتها، تحضر عرضا للسيرك، بعدما كانت تكتفي فقط بمشاهدته عبر شاشة التلفاز. مضيفة أن مشاهدة عرض حي من المستوى الاحترافي بأكادير هي مناسبة لا تعوض، إذ أن غالبية المنظمين يفضلون زيارة الرباط و الدار البيضاء.

سيرك إل فيرليجيو …فن موروث أبا عن جد منذ 1870

هو الأمر الذي أشار إليه المروض ستيف طونيي فإلى جانب موهبته في ترويض السباع والنمور، فهو المشرف عن السيرك بأكادير، والحفيد السادس رفقة أخيه ماكس المشرف العام على السيرك، وكلاهما من سلالة عائلة طونيي ويدبران مشروع العائلة، منذ أن تقاعد الوالد ليفيو الذي سلم المشعل لابنيه قبيل سنوات، وعاد لمسقط رأسه بمدينة ميلانو الإيطالية موطن العائلة، التي امتهنت فن السيرك منذ القرن التاسع عشر وبالضبط عام 1870، سنة تقديم جده أريستيدي تونيي، لأول عرض باسم رمز السيرك التجاري  إل فيرجيليو” الأقدم على حد تعبير ستيف من رمز شركة كوكاكولا العالمية، وجال منذ ذلك الزمان عبر العديد من بقاع العالم، ليتم الاعتراف به فيما بعد، من قبل ملك إيطاليا كسيرك وطني للبلاد سنة1950، ليتم تلقين فنون السيرك جيل بعد جيل من أبناء عائلة طونيي  إلى ماركوس أخر عنقود العائلة ذو الأربع سنوات، وهو إبن شقيق ستيف الذي يتواجد بدوره باكادير، ويتلقى تكوينا في الرشاقة الحركية، ويعتبر الخلف القادم للأخذ بزمام الإشراف على السيرك للمضي على نهج أجداده ولما لا ترويض السباع كجده ليفيو أب الاخوين ستيف وماكس، والوفاء بعهد العائلة العاشقة لفنون السيرك.

سيرك عمار أسعار مناسبة وحضور محتشم

على هامش العرض و في حديثنا مع ستيف طونيي المشرف العام للسيرك خلال مرحلة باكادير، يعتبر أن الأسعار تظل متاحة وموازنتها المالية جد مناسبة لكافة الجماهير، بالنظر إلى حجم النفقات الضرورية اليومية من تغذية للحيوانات إلى راتب الفنانين وشهرية العاملين، الذين يبلغون 90 فردا أغلبهم مغاربة يعملون رفقتهم خلال جولة المغرب.

مشيرا إلى  كون ”سيرك عمار” إل فيرليجيو ، يقترح عرضا لساكنة اكادير وزوارها و بأسعار تناسب جميع شرائح الاجتماعية، إبتداءا من تذكرة 60  دراهم إلى 200 درهم كتذكرة من صنف الدرجة الأولى، إذ مقارنة مع حجم المصاريف وفي جولة مماثلة بالدول الأوروبية، تقدم العروض إبتداءا من 20 أورو كأقل تسعيرة ممكنة، وفي مدينة لا تستأثر بأهمية مقارنة مع أسعار التذاكر حين يحل السيرك في عواصم ومدن كبرى، بأوروبا وأسيا.

فعلى غرار الأسود والنمور التي تستهلك ما يرواح 10 كيلوغرامات فما فوق من اللحوم، إل جانب التماسيح وأفاعي الأنكوندا ذات الحجم الكبير، والحيوانات الأخرى المتعددة، والتي لا تحتمل البقاء من دون أكل، بالإضافة إلى مصاريف وسائل اللوجيستيك وكافة المصاريف الأساسية لإعداد السيرك، التي ليست بالهينة، وفق ما أشار أنطونيي بوورو المنحدر من جزيرة سردينا الايطالية، مقدم العرض خلال جولة  رفقته في كواليس السيرك الايطالي، والذي أشار أن الغرض من محطة اكادير، ليس الغرض المادي المحض فحسب، بل التعريف بسيرك إل فيرليجيو الإيطالي، المتوارث عن الأجداد، والذي يقدم عروض من نوعية احترافية، وهو الأمر الذي يجب أن يدركه عموم الجمهور، لأن هنالك عروضا من السيرك، للأسف، لا ترقى للمستوى المطلوب وطموح الحاجين لخيمة السيرك الطامعين في مشاهدة مذهلة تخطف الأنظار، وهو ما يضر بسمعة فنون السيرك، مع العلم أنه يتوجب عليهم احترام الخصوصيات المحلية لكل منطقة على حدا، وهو الأمر الذي نأخذه بعين الاعتبار، ونسعى إلى تقديم فقرات تناسب العائلات و موجهة لعموم الجمهور الناشئ والبالغ.

هذا وعبر ستيف طونيي، عن أمله بأن يلقى السيرك إقبالا أفضل في ما تبقى من محطة اكادير، والذي ستمتد إلى غاية 25 من شهر فبراير، بالنظر إلى أن مستوى الحضور لايزال متواضعا، ولا يوفر هامش ربح المطلوب على الأقل لتسديد النفقات، بحكم انه لا يرقى إلى حجم توقعاتهم من المداخيل المرتقبة، إذ يتأسف على الموقع الغير استراتيجي، البعيد عن وسائل المواصلات، ما يصعب أكثر مهمة استقبال وفود أكبر من جمهور ساكنة المدينة وزوارها من السياح المغاربة والأجانب. مضيفا أن أهل اكادير ومنطقة سوس والمغاربة كافة، شعب مضياف ومعطاء ومتسامح مقارنة مع عدة دول ومناطق أخرى، وهو ما لمحه من خلال تواجده بالمغرب، وجولته الاستطلاعية بالمدينة، مشيرا وبنبرة متفائلة، إلى أن ساكنة أكادير وضواحيها، لن تبخل عن دفع ثمن تذكرة لحضور عرض لسيرك، يقدم فقرات متنوعة  وشيقة من المستوى الاحترافي .

سيرك ”عمار إل فيرليجيو”  بالأرقام

يضم خيمة تسع ل 1500 متفرج، مجهز بمركبات ألعاب ضوئية جد متطورة لتقديم مشاهد إنارة متنوعة وفنية، إلى جانب نظام هيدروليكي (لجريان الماء) مصمم خصيصا لحلبة السيرك  مدعوم بقناة مائية تضخ 50 ألف لتر من الماء.

يشغل ما يراوح 90 شخصا، من عمال و موظفين مساعدين و تقنيين وحراس امن ومضيفات إستقبال جلهم مغاربة، إلى جانب فنانين من 12 جنسية مختلفة من : إيطاليا، فرنسا، بولونيا، الصين، تركيا الهند، جورجيا، الأرجنتين، البرازيل، كولومبيا، سوريا والجزائر.

يشمل أكثر من 60 حاوية ، 30 شاحنة نقل ،إلى جانب قافلته التي تمتد لأكثر من كيلومتر طولا.

تتكون حديقة حيوان بالسيرك من

 7 أسود ازدانت بشبلين الأسبوع الماضي.

4 نمور
 7 اسود
 4 تماسيح
 2 من ثعابين الاناكوندا إلى جانب فصائل اخرى من الحجم المتوسط والصغير
 3 خيول
 5 مهور من صنف البونيي  poneys
3 من الحمير المتوحشة
و أسد للبحر و فرس النهر .

 إنجاز : طاقم سوس بلوس

مشاركة