الرئيسية أخبار الجمعيات طرد تعسفيّ لآلاف العمال ..أرباب شركات يحقق أرباحا بالملايير ويتحايلون على القانون والقضاء عاجز عن تنفيذ أحكام

طرد تعسفيّ لآلاف العمال ..أرباب شركات يحقق أرباحا بالملايير ويتحايلون على القانون والقضاء عاجز عن تنفيذ أحكام

كتبه كتب في 9 فبراير 2013 - 08:44

شركات تتحايل على القانون بطرق عصرية وتكون سببا في تشريد معيلي آلاف الأسر، وأخرى تلجأ إلى التصفية القضائية بعد أن تتراكم عليها الديون وتصل إلى مرحلة العجز، رؤساء شركات «ينفخون» في الفواتير وآخرون يؤسّسون شركات وهمية تحتال على العمال وتكبّد الدولة خسائرَ بملايير الدراهم، بعد اضطراب أعمالهم وتدني أوضاعهم المالية وتوقفهم عن دفع ديون كثيرة.. «المساء» تفتح ملف شركات متهمة بخيانة الأمانة وأخرى «كافأت» عمالها بـ700 درهم مقابل 14 سنة من الخدمة، وأخرى تركت المديرية العامة للضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في قاعة انتظار، إلى جانب دائنين آخرين أهمّهم المحاكم التجارية، التي تنظر في قضايا شركات مفلسة لم تعترف يوما بالقوانين..

من بين الملفات التي رُكنت في رفوف المحكمة التجارية في الرباط لسنوات طويلة ملفّ مقاولة تحمل اسم «فاست ديزاين» لم تؤدّ أقساط العمال الناتجة عن الانخراط في نظام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ما ترتب عنه خطأ في التسيير مسّ بالسلم الاجتماعي لمئات العمال.
تبيّنَ، حسب ملف في المحكمة التجارية في الرباط تتوفر «المساء» على نسخة منه، أن هذه «الشركة» لم تحوّل الأموال المقتطـَعة من أجور العمال إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتم اختلاسها والاحتفاظ بالمقتطعات من الأجور المتعلقة بالضريبة على الدخل، التي تقتطع من أجور العمال ومسك محاسبة وهمية غير صحيحة، وفق ما ثبت من تقرير خبرة، كشف أن الخسارة التي عرفتها الشركة تفوق 16 مليون درهم، غير أن الخبرة أثبتت أن الخسارة لا تتجاوز 8 ملايين درهم، إضافة إلى أن المقاولة واصلت نشاطها لمصلحة خاصة نظرا إلى التعويضات والأجور التي كان يتقاضاها مسيّرو الشركة..
غالبا ما تعتمد المحاكم التجارية على خبير للانتقال إلى الشركات، كحالة شركة «فاست ديزاين»، التي انتقل إليها الخبير عبد الحق سحنون للاطـّلاع على الوثائق المحاسبية والتأكد من نظاميتها وتحديد ما إذا كان هناك اقتطاع فعليّ لمستحقات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومستحقات الضريبة من أجور عمال الشركة ابتداء من سنة 2004 وسبب عدم تسديدها لمستحقيها. وقد حددت المحكمة التجارية مبلغ 3 آلاف درهم للخبير تـُستخلص من مصاريف المسطرة، ويمكن للخبير الذي يطرح أكثر من علامة استفهام في أوساط المحامين أن يتقاضى 3 آلاف درهم، التي تمنحها له المحكمة بعد 14 سنة تستغرقها المسطرة القانونية لتصفية شركة ما..
اتهم عمال شركة «فاست ديزين» وهيئة دفاعهم الخبيرَ المكلف من طرف المحكمة بعدم الاستماع إلى عاملات شركة الخياطة وعدم إرفاق الوثائق المقدمة له في تقريره للمحكمة، وبأنه لم يكن محايدا، وبأن كل ما ورد في التقرير لا يعطي صورة حقيقية للوضع المالي لشركة «فاصت ديزاين»، وبأنه لم يتطرق للنقط التي تـُظهر سوء التسيير الذي عرفته المقاولة، ومنها مواصلة استغلال الشركة بشكل تعسفيّ أدى إلى توقفها عن الدفع وعدم سلوك مسطرة معالجة صعوبة المقاولة، وتضخيم الجانب المتعلق بالتحملات الداخلية للمقاولة منذ سنة 2005، واقتطاع مبالغ من أجور العاملات لفائدة إدارة الضرائب والاحتفاظ بها للمقاولة، والشيء نفسه بالنسبة إلى مستحقات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعيّ.
بعد مساطر قانونية طويلة، دامت سنوات، حكم القاضي المقرر بفتح مسطرة التصفية القضائية في حق شركة «فاست ديزين»، وصرّحت المحكمة التجارية بأن الحكم مشمول بالنفاذ المعجل بقوة القانون (غير قابل للتأخير ويمكن استعمال القوة العمومية لتنفيذه) ليبقى مئات العمال بدون عمل، يفترش بعضهم الأرض ويلتحفون السماء.. وراح آخرون ضحية مسطرة قضائية معقدة وطويلة، وخبير أنجز تقريرا يطرح أكثرَ من علامة استفهام..

إغلاق 133 مقاولة وتسريح 8232 عاملا 

مقاولات أعلنت انهيارها وعمال أصبحوا، في رمشة عين، عرضة للشارع بعد إغلاق 143 مقاولة، ما نتج عنه تسريح 1742 عاملا، وهو رقم عرف تراجعا بنسبة 50 % مقارنة مع الفترة نفسها من 2011، أما تخفيض عدد العمال فنجم عنه تسريح 783 عاملا، بما يبيّن تراجعا نسبته 31.1% مقارنة بشهر شتنبر من 2011.
تؤكد جميع الأرقام الجديدة التي تقدمها وزارة التشغيل والتكوين المهني وجود تراجع، رغم تحسن مقارنة مع بداية الأزمة، فخلال الأشهر التسعة الأولى من العام المنصرم، وفق آخر الأرقام المتوفرة بهذا الصدد، عرف إغلاق المقاولات تراجعا بنسبة 42 %، إذ أوصدت 43 مقاولة أبوابها بالمقارنة مع الأشهر التسعة الأولى من 2011، أما قرارات خفض عدد المأجورين فتراجعت إلى 65.2 %، لتصل إلى 24 قرارا.
وعرفت الفترة الممتدة لعشرين شهرا ابتداء من 2011 إغلاق 133 مقاولة، اتخذ فيها أزيد من 100 قرار لخفض عدد العمال، كما شهدت تسريح 8232 عاملا.
ورافقتْ إغلاقَ المقاولات أو خفض عدد العمال إجراءاتٌ طالت بالخصوص وحدات صغيرة لا يزيد عدد المشتغلين فيها على 50 شخصا، تابعة لقطاع الصناعة، كصناعة النسيج والجلد بالخصوص. كما أن المقاولات المتأثرة بدت مُوزَّعة جغرافيا على مناطق بعينها، إذ تظهر الأرقام تركز تسريح العمال في أربع مناطق، منها جهة الدار البيضاء الكبرى والرباط سلا زمور زعير ومكناس تافيلالت ودكالة عبدة.

هكذا تضيع حقوق العمال

سيرا على عادتها كل أسبوع، توجهت نادية مسين إلى صاحب شركة النسيج «تالكي» التى تعمل فيها في المنطقة الصناعية بالدار البيضاء، لتتقاضى أجرها البالغ 2200 درهم، إلا أنها فوجئت بإغلاق الشركة بحجة عدم وجود سيولة مالية لصرف مرتـّبها ومرتـّـَبات زملائها، خاصة بعد أن توقفت مؤخرا طلبات التصدير إلى اسبانيا بسبب، الأزمة الاقتصادية.
غالبا ما يرفض المسيّر القانوني للشركة تنفيذ الحكم الصادر عن المحكمة، إذ تلجأ الشركات إلى وضع المُطالب بحق العمال أمام «متاهات» قضائية جديدة، قد تلخّص في وضعية الإفلاس التي تعرض أمام أنظار المحكمة، تحت ما يعرف بالتسوية القضائية، التي تنتهي إلى ما يعرف بالتصفية القضائية، والتي ينتج عنها نوع من التملص من العديد من الديون، سواء تجاه مؤسسات الدولة أو الأبناك أو العمال أنفسهم.
يقول أحد العمال المطرودين، والذي استقر ملفه في رفوف المحكمة التجارية لـ14 سنة: «بعد الحكم النهائيّ لصالحي، كلـّف عون قضائيّ بتنفيذ ما قررته المحكمة، حيث توجهتُ إلى مقر الشركة فوجدت رب المؤسسة الذي يحمل في الوقت نفسه صفة المسؤول, القانوني لها، وبعدما عرّف العون القضائي بنفسه وبموضوع المهمة التي جاء لأدائها، امتنع رب المؤسسة عن أداء المبلغ المحكوم به، كما منع العون من حجز المنقولات المتواجدة في الشركة.. بعد ذلك، طلب العون إذنا بتسخير القوة العمومية للسهر على تنفيذ الحكم، لكنْ رغم انتقال هذه الأخيرة، رفقة المساعد القضائي، لم يتسنّ لهم التنفيذ، لامتناع وعصيان المسؤول القانوني عن ذلك، حسب ما جاء في محضر العون القضائي.
رفع العامل المطرود شكاية جديدة إلى وكيل الملك في المحكمة الابتدائية، من أجل تحقير مقرر قضائي، حيث شرح الأحكام الصادرة لصالحه ابتدائيا واستئنافيا، كما شرح إجراءات التنفيذ التي قام بها، معززا ذلك بشهادة الامتناع والعصيان التي أدلى بها العون القضائي، رغم تسخير القوة العمومية لمباشرة التنفيذ، لكنْ إلى حدود اليوم، لم يُعرَف مصير هذه الشكاية، ولم تحرك النيابة العامة أي مسطرة بخصوصها، علما أنه لا يوجد ما يمنع ذلك، ما فتح الباب لعدد من التساؤلات والشكوك حول نية «إقبارها». من جهة أخرى، قام المشتكي بحجز بقيمة 40 ألف درهم على أصل السجّل التجاري للشركة بناء على الحكم القضائي الصادر لصالحه، إلا أن دخول الشركة إلى ما يعرف بالتصفية القضائية وضع هذا الحجز في خانة انتظار إلى أن تبُتّ المحكمة في الوضعية المالية الحقيقية للشركة، وتحدد مالها من ممتلكات وما عليها من ديون..
في مثل هذه الحالات، لا بد من التذكير بأن القانون المغربي أعطى أولوية لتسديد الديون التي تستحقها الدولة، من قبيل الضرائب وغيرها، ثم ديون المؤسسات البنكية، بعد ذلك، وفي مرتبة ثالثة، لحقوق العمال، بمعنى آخر، يتم توزيع ما تبقى لدى الشركة -إذا ما تبقى شيء يذكر- حسب تراتبية تضع العمال في المرتبة الثالثة، وهو ما   لا يسمح لهم في معظم الحالات بالاستفادة من أي من الحقوق، نظرا إلى أن الشركة لا تدخل التصفية القضائية إلا في حالة عجز ماليّ وأن ما قد تتوفر عليه لا يكفي لتسديد ديون الدولة التي تأتي في الدرجة الأولى، فبالأحرى تسديد ديون الأبناك وبعدها العمال.. كما أن عملية التصفية القضائية غالبا ما تعرف أشكالا وحالات من التصريحات غير الحقيقية، كما هو الحال بالنسبة إلى التصريح الضريبي (أي تصريح الشركات بالأرباح التي تحققها) الذي ينتج عنه التهرب الضريبي، حيث يتم الإدلاء بمعطيات مالية وتجارية مخالفة للمعطيات الحقيقية، وبالتالي يمكن القول إن بعض المؤسسات قد تتملص من أداء حقوق عمالها، كما تتملص من أداء الضرائب الواجب أداؤها.
ورغم استصدار المشتكي حكما نهائيا لصالحه، حسب عدد من المحاضر التي تتوفر «المساء» على نسخ منها، ورغم من قيامه بالحجز على السجل التجاري للشركة، فقد لا يستفيد شيئا وقد لا يستخلص ولو جزءا بسيطا مما يستحقّ، ليصير ضحية بقوة القانون، بعدما كان ضحية لسلوك مشغـّله غير القانونيّ.

الإفلاس والتصفية

يشهر إفلاس الشركات في كل الأحوال بمقتضى حكم تصدره المحكمة المختصة بناء على طلب من المدين (العامل أو البنك أو مديرية الصرائب) أو من دائنه، الشركة أو المقاولة وهو حكم تقريريّ لا يكشف الحقوق، كغيره من الأحكام، وإنما يقرر حالة جديدة هي إفلاس المدين، وتترتب على صدوره تصفية جماعية لأموال المدين وقيام جماعة الدائنين، ويعقب ذلك قيام إجراءات تمهيدية توكـَل إلى خبير تعيّنه المحكمة ليقوم -حسب سلطاته المنصوص عليها في القانون- بمهمة الإشراف على الأموال المُحصّـَلة من الإفلاس وحصر أموالها العقارية والمنقولة وغيرها والتحقق من ديونها وإجراء المحاسبة بين المدين ودائنيه وتصفية هذه الأموال وبيعها تحت إشراف المحكمة وتوزيع الثمن الناتج عن ذلك بين الدائنين توزيعا عادلا.
حسب محمد صادقو، المحامي في هيئة الرباط، فإن الإفلاس والتصفية هما من أسباب «وفاة» الشركة، وقد يكون حلّ الشركة بالرضا أو بحكم القضاء، فقد يتفق الشركاء على انقضاء الشركة، لأن إرادة الشركاء هي التي أنشأت الشركة، وبالتالي يكون لها دورها في انقضاء الشركة، وإجماع الشركاء ضروريّ لحل الشركة. وقد يكون حل الشركة بمقتضى حكم قضائيّ يصدر بحل الشركة إذا طلب أحد الشركاء ذلك، لعدم وفاء شريك بما تعهّد به أو بسبب الخلاف بين الشركاء أو عدم القدرة على التعاون في ما بينهم، كامتناع المدير الشريك عن إدارة الشركة أو إساءته إلى تلك الإدارة أو لأي سبب آخر تقدّره المحكمة.
ويعتبر المحامي صادقو أن الإفلاس كلمة يتجاوز عدد حروفها سبعة أحرف لكنها كفيلة بإثارة رعب من يوشكون على الاقتران بها كمدير الشركة أو العمال، وإذا كان البعض يستغلونها للإفلات من الضرائب أو قوانين الدولة التي يعيش فيها، فإنها تبقى في كل الحالات وصمة عار تثير القلق والاضطراب وتجلب الإحباط، ليس لأصحابها فقط وإنما حتى لمن يسمعها..
ويقصد بتصفية الشركة الأعمال أو العمليات التي يتم بموجبها إنهاء التعاملات والآثار التي خلفتها الشركة المنحلة أو المنتهية في الواقع القانونيّ، وتسوية المراكز القانونية للشركة باستيفاء حقوقها وسداد ديونها، ومن ثم تقسيم ما تبقى من أموالها على الشركاء، وإنْ لم يتبقّ شيء فإن ذلك يعني أن الشركة قد مُنيت بخسائرَ ويتعين على كل شريك الإسهام فيها حسب مسؤوليته عن ديون الشركة وعلى ضوء نصوص العقد وأحكام القانون. ويتضح من ذلك أن التصفية وسيلة لإنهاء عقد الشركة ومحو شخصيتها القانونية وليس غاية في ذاته.

شركات على الورق

حسب مذكرة وُجّهت لرئيس المحكمة التجارية في الرباط، تتوفر «المساء» على نسخة منها، فإن عشرات العمال أخبروا رئيس المحكمة عن طريق محاميهم، أنهم كانوا يشتغلون كعمال في شركة «تيمكو»، قبل تسريحهم جماعيا بعد إغلاق الشركة، وأنهم دائنون للشركة بمبالغ مالية بموجب أحكام صادرة في حقهم في مادة نزاعات الشغل تفوق قيمتها الإجمالية 11 مليون درهم. وتقدم العمال بالمذكرة الكتابية إلى رئيس المحكمة من أجل مطالبة مُسيّري الشركة تضامنا في ما بينهم أداء النقص الحاصل في أصول الشركة وتمديد مسطرة التصفية القضائية إلى شركة «إينوفاطيكس»، موضحين للمحكمة أنه ومنذ 2001 وشركة «تيمكو» تعيش وضعية اقتصادية صعبة، إذ عمدت في بداية شتنبر 2002 إلى توقيف نشاطها مؤقتا، مشيرين إلى أن شركاء شركة «تيمكو» كانوا هم أنفسهم شركاء شركة «إينوفاطكس»، المالكة الأصلية للعقار حيث يوجد مقر الشركتين. ونظرا إلى تداخل الذمة المالية للشركتين، والتي كان يتولى مسؤولية إدارتهما شخص واحد، ومخافة الانعكاسات السلبية التي يمكن أن تطال شركة «إينوفاطكس» والذمة المالية لمُسيّريها في حالة إعمال مسطرة صعوبة المقاولة في حق شركة «تيمكو» وتوقيف نشاطها فقد أصرّ الشركاء على مواصلة استغلال شركة «تيمكو» رغم العجز الحاصل إلى حين
إيجاد حل يمَكـّنهم من الإجهاز على حقوق الدائنين، وبالأخص الأجراء، دون أن يطالهم عقاب ودون أن تتضرر شركة «إينوفاطكس» من ذلك، ففي الوقت الذي كانت شركة «إينوفاطكس» تستفيد من الأرباح التي يدرها النشاط الاقتصادي لشركة «تيمكو» كانت هذه الأخيرة تتحمل كافة التكاليف الاجتماعية، وفي الوقت الذي كانت شركة «تيمكو» تـُشغـّل ما يفوق 293 أجيرا مرتبطين بعقود عمل مستمرة لم تكن شركة «إينوفاطكس» تـُشغـّل سوى 19 أجيرا، أغلبهم حراس في مقر الشركة وعمال نظافة.
وتقول المذكرة الموجهة لرئيس المحكمة التجارية في الرباط إن شركة «إينوفاطكس» لم تكن في الحقيقة سوى شركة على الورق ولم يكن هناك أي شيء يميّزها، سواء من حيث الإدارة أو النشاط عن شركة «تيمكو»، بل إنها في الحقيقة الواقعية لم تكن تمارس أي نشاط، والدليل على ذلك توقف نشاطها مباشرة بعد توقف نشاط شركة «تيمكو».
وتشير المذكرة إلى أنه، وبنية مبيتة ومن أجل التخلص من حقوق الدائنين وحتى يمكن التستر على تداخل الذمم المالية للشركتين وبتواطؤ مع الشركاء الجدد، تم تفويت أغلب أسهم الشركاء القدامى من شركة «تيمكو» إلى شركاء جدد، من بينهم أجنبيّ يملك أغلب الأسهم في شركتـَي «إينوفاطكس» و«تيمكو».
رغم الوضعية الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الشركة، واصل الشركاء الجدد استغلالها، وكان همّهم الأساسي هو نهب ما تبقى من ممتلكاتها، حسب ماجاء في محضر تبذير المحجوزات، الذي يشهد فيه العون القضائيّ بأن أكثر من نصف المنقولات موضوع الحجز تم تبديدها.. وبدون احترام للمساطر القانونية توقفت شركة «تيمكو» نهائيا عن نشاطها وتوقف، بدوره، نشاط شركة «اينوفاطكس»، التي لم تكن في الحقيقة تمارس أيّ نشاط..
وظلت شركة «تيمكو»، بعد نهب كامل ممتلكاتها، عرضة للإهمال وبدون حراسة إلى أن شبّ فيها حريق يبدو أنه كان مُفتعَـلاً بهدف التستر على النهب الذي تعرّضت له الشركة والتهرب من الإدلاء بالوثائق المحاسباتية التي تثبت تداخل الذمم المالية للشركتين وسوء التسيير الذي كانت شركة «تيمكو» تتعرّض له.

رسائل إلى وزير العدل

وجّهت لجنة العاملات والعمال ضحايا التسريحات الجماعية والإغلاقات اللاقانونية للمعامل وعدم تنفيذ أحكام قضائية، التابعة لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، رسالة إلى وزير العدل والحريات، تتوفر «المساء» على نسخة منها، تطالبه فيها بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لفائدة العمال والعاملات ضحايا التسريحات الجماعية.
وقالت اللجنة، في مذكرة موجهة لوزير العدل، إن منطقة الرباط سلا تمارة ومنذ سنة 1999 شهدت موجة من التسريحات الجماعية والإغلاقات اللاقانونية للمعامل، إذ وُوجهت احتجاجات العمال للدفاع عن حقوقهم بتدخلات عنيفة للسلطات الأمنية وبالاعتقالات وتحريك المتابَعات الجنحية في حق بعضهم، بدعوى حماية حرية العمل.
وأخبر العمال من خلال رسالتهم إلى وزير العدل أنهم أصبحوا عرضة للشارع بعد أن تراكمت مديونيتهم في انتظار تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدتهم، إذ لم يجنوا بعد سنوات من الانتظار سوى البؤس والمأساة والإحباط وفقدان الثقة في العدالة..
وتضمنت الرسالة نفسها اتهامات لمسيّري الشركات، الذين ارتكبوا أخطاء في التسيير، إضافة إلى ضعف الرقابة القضائية وتواطؤ بعض «سانديك» التصفيات القضائية مع المسيّرين وفساد بعض الأحكام القضائية وعدم تفعيل دور النيابة العامة من أجل تحريك المتابعات، الأمر الذي شجع مسيّري الشركات على نهب أموال الشركات واختلاس مساهمات العمال لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المُقتطـَعة من أجورهم واختلاس الأموال المُقتطـَعة لفائدة الضرائب من أجورهم عن الضريبة على الدخل.
ومن بين الملفات التي عُرضت على وزير العدل، والتي تتوفر «المساء» على نسخ منها، ملف عمال وعاملات شركة «ديفطيكس»، الذين تم تسريحهم جماعيا بعد إغلاق الشركة منذ سنة 1999، ليتوجه الجميع إلى القضاء، الذي أصدر حكما لفائدتهم بالرجوع إلى العمل، غير أن الشركة امتنعت عن تنفيذ الحكم وتقدم العمال، من جديد، بشكاية أخرى لتصدر المحكمة أحكاما لفائدتهم بالتعويض.
وبعد أن خابت آمالهم في الوصول إلى مسطرة التنفيذ العادية بسبب العراقيل التي شابت المسطرة، حيث قامت الشركة المذكورة بكراء مقرها لشركة «سانديكو»، أصدروا أمرا  بإجراء حجز لدى الغير.
ما زال عمال شركة «باسمونتري الديوان»، التي شهدت تسريحا جماعيا لما يزيد على 100 عاملة وعامل منذ سنة 2001، ينتظرون تطبيق الأحكام الصادرة لفائدتهم، غير أن امتناع الشرطة القضائية عن مؤازرة العون القضائيّ ومسايرة النيابة العامة لها وعدم اتخاذ وزارة العدل أيّ إجراء، عرقلت تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدتهم، ما جعلهم بين السماء والأرض، ينتظرون المجهول.
وعبّر العمال والعاملات، في رسالتهم إلى وزير العدل، عن تخوفهم من قيام مدير الشركة بتهريب الآلات والسلع..
يجمع ملف عمال شركة «سميرة ميس سلا» 200 عامل وعاملة تم تسريحهم، بسبب عدم التزام مسيّري الشركة بتنفيذ مخطط التسوية القضائية المُلتزَم به بعد صدور الحكم القضائيّ. ورغم التقرير الذي أنجزه الخبير، والذي اقترح فيه أن تجاوز الوضعية الاقتصادية يقتضي تخفيض عدد عمالها وموافقة عاملات وعمال الشركة على مقترح الخبير بتخفيض عدد العمال ما جعل المحكمة التجارية في الرباط تصدر حكما يقضي بتحويل التسوية القضائية لشركة «سميرة ميس» إلى تصفية قضائية، وطالب العمال وزير العدل بتسريع المسطرة واتخاد الإجراءات اللازمة لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لفائدتهم وعدم إفلات مسيّري الشركة من العقاب عن الأخطاء في التسيير التي ارتكبوها.
ولم يسلموا عمال شركة «ليتل جيم» في سلا، بدورهم، من عملية تسريح جماعيّ لأزيد من 200 عامل وعاملة بعد الحكم الصادر عن المحكمة التجارية في الرباط، القاضي بتحويل التسوية القضائية إلى تصفية قضائية للشركة بسبب عدم الالتزام بمخطط الاستمرارية.
ولم يقم مالك الشركة، إلى حدود الآن، بإيداع المَبالغ المحكوم بها عليه من أجل تعويض العجز الحاصل في أصول الشركة.
وطالب العمال وزير العدل بتنفيذ الأحكام الصادرة لفائدتهم وبتسريع المسطرة وتنفيذ الحكم الصادر في حق مسيّر الشركة.
وينتظر عمال «مطاحن الساحل» في الرباط، منذ سنة 2007، تنفيذ أحكام صادرة لفائدتهم، بعد أن وضعوا بين يدَي وزير العدل مراسلات كثيرة تطالب بالإسراع في تنفيذ الأحكام واتخاذ الإجراءات المطلوبة، بعد أن انتظروها لـ6 سنوات.

تحقيق : جلال رفيق

سوس بلوس

مشاركة