رمضانيات…مقامات العميري(7)

اعتبر فن المقامة أحد الفنون اللغوية في الأدب العربي التي اشتهر بها بديع الزمان الهمذاني (969م/1007م) و الذي يعتبر مؤسس هذا الفن و رائده ممن كتبوا فيه، فقد كتب عددا من المقامات التي لا تزال معروفة حتى وقتنا هذا. ولعل أهم كتاب المقامة المغاربة محمد العميري، الذي أتقنها و تفنن فيها و كتب عددا من المقامات التي شكلت موضوع دراسات و بحوث لعدد من طلاب الجامعات المغربية لنيل شهادات التخرج، كما حظيت باهتمام بعض النقاد الذين اعتبروا أن مقامات العميري لا تقل أهمية و وزنا عن روادها، سواء من حيث لغتها أو المعاني المكثفة التي تلامس روح العصر.

المقامـــةالسابعــة.

المقـامـة الغـزيـة

حدثنا الحاج عمر اللعيبة قا ل :

دخلت أكاديريوم هزت المقاومة الفلسطينية الصهاينة هزا ،بعد هجومهم الغادر على غزة، وأيقنوا بزوال المجد والعزة ، ومساحل العربان لا تسمع لهم حسيسا ولاركزا ،فاختفى الجميع تحت الصفر،فاختبأ فهد تحت جناح صقر ،وتوارى زيد في عباءة عمرو،و (أبو تخريقة) يستبدل خرقته ليصلي العصر،وزنيمو السلف بين التطويل والقصر ،وحز كل هامة وجز كل بظر،(1)وهل يجوز في الحلزون الذبح أم العقر والنحر؟!وهل تزوج بنت سبع أم تطلق بنت شهر؟!ومتى يكون للحرمة الخيار بين(الخيار والجزْ ر) (2)؟!و(أبو الفتوح)   يجهر بخيانته رغم عروبة مصر،و تسربل( الأسد) جلدة الفأر، وشل(نصر) (3)وعجز (الصدر)(4) وأعداءالأمة بين الجميع :هذا يؤلب (تغلب ) ،والآخر يستصرخ (بكر)، والأمم المتحدة تزملت برداءالخفر،و(بان كي مون) تدثربعباءة القبر،وتلبست أروبا فروة التواطؤ والغدر…

قال الراوي:

ثم قصدت إقامة(ابن زهر)(5)في وقت شديد الحر علي أنعش النفس برذاذ البحر،وأنسى حياة اللغوب والقهر،وأتأسى عن زمان النفاق والعهر…. فإذا بمديرنا (عماد) على رصيف مقهى (الرشاد)-وبمعيته رهط من الصحراويين الأمجاد ،يرتشف كوبا معنبرا من شاي(السبسيل) ،وهو يلعن (المنابهة وبرحيل)، ويحمد الله  الذي  عجل له بالرحيل من معقل كل مؤاجر ،وموئل كل (بيدوفيل)!!!…

قال الحاج عمر:

فقاطعه صديق طرماح صحراوي يدعى (أبا الأغضف الكنتاوي):

-ألم تقل في ذلك (قافا)(6)، فنحن مازلنا نفخر بك شاعرا وقيافا وعيافا .؟!

فرد عليه (عماد):

-أخجلت في التواضع بما أجدت من ترافع،ورغم أن قريحتي مكدودة ،وشيطانة شعري مصفدةمرصودة،فقد جادت بهذه الأبيات المعدودة:

أيا(فرغانة) يا مغنى الجمال متى               متى أعود إلى عشي ومنتقلــــــي ؟!

كالطير ساح اغترابا لم يجد بدلا            عن كنه فبكى في كل مرتحــــــــــــل

بليت في عملي بناظر فكـــــــــه                       يقضي الأويقات في لهو وفي كســل

وويحي من حسن لورفضت طلبته           حرمت شقته في الصيف والعطــــــل

وبسمة ابنة عمي- إن هي برزت-           كأنها ملك تمشي على مهــــــــــــــــل

أخاف ثورتها،أخاف سورتها                 فأسلم أمري مقهورا على خجــــــــل

وبين سلكين ذقت المرمنفردا                 في كل يوم وفي الآحاد والعطــــــــل

وللأساتذ أغراض تزاحمني                   كل بمأربه،والوقت كالأجـــــــــــــــل

أقضي سويعات يومي في مصالحهم           وبعض ليلي كأني شبه معتقـــــــــل

وللنيابة أغراض مؤقتــــــــــــــــة                مهما يكن عبؤها ،تجزى بلا مهل

وللمفاتش أوقات تضايقنــــــــــي                    كل بسورته ,والنقد كالأســــــــــــــــل

قال الراوي:

فقلت له:

-حنانيك يا( عماد)يامفخرة كل إدارة وناد،وبرد وسلام كل أستاذة وأستاذ،

وقامع أهل العناد،ومطهر البلاد ،ومخلص العباد من شرذمة الاستبدادوالفساد،

تعطلت من وجهك الجميل الساحة،وخلت من قدك النحيل الباحة، وحرمنا

  من  قفشاتك وشطحاتك في الاجتماعات وأثناء الاستراحة…

أنت مديـر ونحريــــر ومفخرة                     بل أنت عبقري حييت من بطـــل

حطمت حزب(أهرمان)(7) -رغم شوكته-        فرقت جمعهم في السهل والجبل

همشت راعيهم قزمت داعيهم                مرغت سمعتهم في الطين والوحــــل

قلمت بازيهم ،شتتت ناديهم                 فتت(داعشهم)توا بلا مطــــــــــــــــــــل

فاختفت الجرذان بعيد رؤيتكم            ولازمت جحرها خوفا من العطـــــــــــل

وأقسم العز حقا لا يعود لهــم             حتى يعود له القذافي وابن علـــــي !!!

قال الحاج عمر:

فتركتهم يتجادلون:هل شعري هجاء أم مديح ؟! أم أنني امرؤيخلط الذهب بالصفيح؟!

الهوامش:

1-إشارة إلى ظاهرة ختان الإناث.

2-إشارة إلى مفت مغربي أفتى بجواز استعمال المرأة للجزر أو المدق لتلبية حاجاتها الجنسية في غياب الزوج أو  إذا كانت غير متزوجة.

3-المراد:حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني.

4-المقصود:مقتدى الصدرزعيم التيارالصدري الشيعي بالعراق.

5- إقامة(ابن زهر):إقامة سكنية بحي( السلام )بمدينة أكادير.

6-القاف:شكل من أشكال الشعر الصحراوي الحساني.

7-أهرمان: إله الشر أو الشيطان في الميتولوجيا الفارسية.