محمد حمضي
من باب التنوير أولا
يعرف ذوي الاختصاص تصميم التهيئة بأنه وثيقة التعمير التي تحدد حق استخدام الأرض على مستوى المجال الذي يطبق فيه. ويعتبرونه كذلك الأداة التي تحول توجهات المخطط التوجيهي للتنمية الحضرية إن كان موجودا، إلى تعليمات قانونية ملزمة للإدارة و العموم. وللقبض أكثر على الهدف من هذه الوثيقة يكفي الرجوع إلى القانون رقم 12- 90 وخصوصا المادة 12 منه.
تصميم التهيئة وقبل أن يتم الشروع في تنزيله ، حدد المشرع حزمة من المراحل وجبت دراسة المشروع المرور منها ، وهي : التحليل الميداني – عداد مشروع تصميم التهيئة دراسة المشروع من طرف اللجنة المحلية – البحث العلني – دراسة طلبات المواطنين والمواطنات وملاحظات المجالس الجماعية المعنية من قبل اللجنة المركزية والموافقة على تصميم التهيئة بموجب مرسوم – نشر مرسوم الموافقة على تصميم التهيئة في الجريدة الرسمية .
قصة دار الضمانة مع تصميم التهيئة!
صعب أن يستوعب القارئ(ة) المعلومة التي يؤكدها أكثر من مصدر بأن مدينة وزان العريقة ، تعطل بها تصميم التهيئة من مطلع سنة 2012 لليوم ؟ فكيف لجماعة ترابية بثقلها التاريخي ، تتطلع لكي تعانق المستقبل ، وتحلم لتكون ضمن المدن الناشئة ، أي المدينة الدامجة لجميع الفئات والضامنة لحقوقها ، أن تحقق ذلك ، وهي لا تتوفر على وثيقة جاذبة للاستثمار ومحفزة عليه ؟ لندع كل هذا وننتقل لتسليط القليل من الضوء على المنطقة الضبابية التي توقف فيها اليوم مشروع تصميم التهيئة لدار الضمانة ، بعد قطعه جميع المراحل التي أشرنا إليها أعلاه ، وطبعا لن نعود للنبش في الأسباب ( غياب تصميم التهيئة واحد منها ) التي جعلت عقدا من الزمن ( من 2012 إلى 2022 ) يتعطل فيه الحق في المدينة الذي كما سبق و أشارت لذلك السيدة أمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، وهو ” حق جامع يرتبط به الولوج للحق في السكن ، والصحة ، و والصحة ، والتعليم ، والماء ، والبيئة السليمة ، والولوج إلى الخدمات والمرافق العمومية والعيش الكريم وتكافؤ الفرص .. ” .
تفيد معلومات ولو شحيحة بأن مقر عمالة وزان كان يوم 2023/6/09 على موعد مع اجتماع اللجنة المعنية بدراسة ملاحظات المواطنات والمواطنين ومقترحات المجالس الجماعية المعنية بمشروع تصميم تهيئة وزان المدينة وضواحيها. ومن بين المعلومات التي أفاد بها مصدر موثوق الجريدة بأن المواطنات والمواطنين سجلوا حوالي 130 ملاحظة في سجلي البحث العلني لجماعتي وزان و بني كلة ، وحوالي 70 مقترحا من طرف مجلس جماعة وزان ومجلس جماعة بني كلة في دورتيها الاستثنائية المنعقدة في شهر شتنبر 2022. بينما لم يتم تدوين أي ملاحظة أو اقتراح من مواطنات ومواطني جماعتي أسجن و مصمودة و مجلسيهما . وقد خلص الاجتماع حسب نفس المصدر إلى التأكيد على أهمية وثائق التعمير التي من دونها لن يعرف المجال أي تنظيم عمراني ، ولن يتشجع المستثمر على المغامرة ( الرأسمال جبان) . لذلك فإن كل تعثر جديد في المصادقة على وثيقة تصميم التهيئة سيترتب عنه كبح تطلعات الفاعلين المحليين وشل انتظارات الساكنة ، وبالتالي تعطيل تفعيل بقعة أساسية من مساحة المدينة الناشئة .
الجدية …ومرسوم تصميم تهيئة دار الضمانة أية علاقة؟
الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 24 لعيد العرش لا يحتاج لمفاتيح لفهم ما جاء فيه من رسائل ، والجدية التي شكلت عموده الفقري ما كان لجلالته دعوة الجميع وبأي موقع كان اعتمادها قاعدة فعله ، وبوصلة لإدارة الشأن العام على كل المستويات، لولا ما حملته التقارير لجلالته من استهتار البعض بالمسؤولية ، وتعطيل مصالح المواطنات والمواطنين ، وفرملة مسلسل التنمية ، وهي الفرملة التي يؤدي فاتورتها الوطن في أكثر من مجال ، وفي مرحلة تاريخية استثنائية صعوباتها واكراهاتها .
من باب الجدية ، وبعد أن قطع مشروع تصميم تهيئة حاضرة وزان كل المراحل التي يحددها المشرع ، ونظرا لاقتناع الجميع بأهمية هذه الوثيقة في تحريك عجلة اقتصاد المدينة ، فإن القطاع الحكومي المعني مطالب بالتعجيل بالموافقة عليه بموجب مرسوم ، وإن كانت الموافقة قد تمت ، والمرسوم قد أصبح جاهزا ، فإن الوقت لا يرحم وبالتالي التسريع بالنشر بالجريدة الرسمية . غير ذلك فإن وزان ستظل في خصومة مفتوحة على أسوء الاحتمالات مع الاستثمار .
