الرئيسية تمازيغت أسر من سوس: آل اشنكلي…قصة نجاح من “أشنكلة” الى سوس ماسة

أسر من سوس: آل اشنكلي…قصة نجاح من “أشنكلة” الى سوس ماسة

كتبه كتب في 3 أبريل 2023 - 18:30
لعل السمة الغالبة في الأسر السوسية العريقة، أن مجموعة من مؤسسيها “عصاميون” حققوا ذواتهم، منطلقين من نقطة الصفر…خاصة العائلات التجارية الممتدة التي بصمت عالم الاقتصاد، وتوارث الخلف ما تركه السلف فقام بتطوريه ليراكم الحفيد ما بدأه الجد وعصرنه الاب ، يحافظ الإبن والحفيد على نوعية النشاط التجاري والاقتصادي، والسير به على خطى المؤسسين الأوائل.
من الأسماء العصامية التي بنت نفسها بنفسها، الحسين بن امحند بن الحسين أشنكلي، سليل قبيلة أيت النص، أيت بوبكر بآيت باعمران، الذي يتحدر جده من “اشناكلة” بالصحراء المغربية.
تمكن الحسين أشنكلي المزداد سنة 1923، من بناء مستقبله “درجة درجة”، ولم ينس قط فضل أشخاص بصموا مسيرته الدراسية والمهنية، من قبيل جدته التي كان لها فضل في تربيته بعد انفصال والديه، ثم والدته وزوجها الضابط، وصديقه الذي كان سببا في تعلمه حرفة ” أكل منها الشهد” كما يقال.
على غرار باقي أبناء منطقته، التحق الحسين بالمسيد لفترة، وعاش مع جدته قبل أن ينتقل مع والدته وزوجها إلى الصويرة ومنها إلى “فونتي” بأكادير. وفي حوار إعلامي أجراه الراحل قبل وفاته، حكى أشنكلي كيف تحقق حلمه بتعلم “ميكانيك السيارات”، مهنة عصرية كانت حكرا على الأجانب الأوربيين في عهد الاستعمار، وقد دخل أشنكلي إلى عالم المحركات بفضل  صديقه الفرنسي الذي يعمل والده بشركة ساطاس وكانت في ملكية فرنسي يومها.
استرجع أشنكلي خلال ذلك الحوار مجموعة من الذكريات، عن فترة الاستعمار وكيف تدرج في العمل بعد حصوله على تدريب في شركة النقل المملوكة من قبل “باروتيل”، أثبت خلاله حنكته وجدارته، فحصل على ثقة مشغله، الذي عهد إليه بمهام كانت حكرا على الأجانب، وبعض اليهود المغاربة فقط، بل حظي باحترام الوجهاء والقياد بعد إتقانه مهنة ميكانيك السياراتـ، وتعلمه سرارها، ونبوغه في إصلاح المطاحن العصرية، وتركيب مضخات المياه، كما علم المئات من الشباب “الحرفة”، وأصبح يقصده الأجانب والمغاربة لإصلاح سياراتهم.
ذكريات وثقتها مجموعة من الكتاب والمؤلفين في كتبهم كعبد الله كيكر، والدكتور عمر أمرير، بالاعتماد على مصادر متعددة وقريبة من العصامي ” أشنكلي، وبعيدا عن المهنة، نما لدى الحسين أشنكلي الحس الوطني والوعي بالنضال من أجل طرد المستعمر مند سنة 14 سنة، حيث أثرت شخصيات معروفة في تربية الحس الوطني بداخله، من قبيل أحمد أولحاج أخنوش، ومحمد أباعقيل…
 لم يبقى أشنكلي حبيسا للتقاليد، بل تكونت لديه مبكرا هوايات  مختلفة، كان يهوى سباق السيارات، كرة القدم، والملاكمة…واعتبر من المؤسسين والمشجعين الأوائل لفريق حسنية أكادير.
لم يبقى أشنكلي بعيدا عن السياسة مثل عديد من الأعيان، فقد دخل غمارها حيث كان نائبا برلمانيا ثم مستشارا بمجلس المستشارين، وترأس غرفة التجارة والصناعة والخدمات منذ 1976 إلى 1993، ثم عاد ليراسها في سنة 2003.  وتمكن من أن يتقدم لائحة السوسيين العصاميين الذي كافحوا لبناء مستقبلهم وثروتهم، بل ارتبط اسمه باستيراد السيارات وماركات معروفة منها، فهو الذي تتلمذ على يد ميكانيكيين معروفين كالفرنسي فيراري.
لم يغب عن باله في كل لحظة ما قامت به جدته وزوج أمه في حقه، فقام سنة 2004 ببناء “معهد التكنولوجيا التطبيقية فاضمة البوهالي” أقيم على أرض في ملك والدته بمسقط رأسه، وأطلق عليه اسم جدته، إضافة إلى مركز التكوين والمساعدة على خلق المقاولات، فهو أول العارفين بالصعوبات التي تعترض الشباب من أجل إحداث مشاريع خاصة بهم، لأنه عاش التجربة بعصامية ومن الداخل فكان هذا العمل الإحساني ذا ابعاد تختبر في الإنسان الذكاء وتحفزه على العطاء أسسه من منطلق ” لا تعطيني سمكة بل علمني كيف أصطادها” وهو النهج الذي سارت عليه هذه المؤسسة إلى يومنا هذا.
الحسين أشنكلي عرف بالترافع عن القضايا الكبرى التي تترك النفع العام المستدام، حيث دافع عن مجموعة من المطالب التي كانت تعد من المستحيلات، كان من البرلمانيين السوسيين الذين طالبوا بإنشاء جامعة ابن زهر، ورافع من أجل علم كان جزء من الخيال ليصبح أمرا واقعا: الطريق السيار بين مراكش وأكادير، حيث كان واحدا من الذين يدركون محن التنقل عبر الطريق الوطنية، كما يدرك كيف بقيت أكادير معزولة سياحيا واقتصاديا غير منفتحة بسبب وعورة الطريق، وغياب الطريق السيار، رهانان اساسيان عند اشنكلي لإيمانه أن أبناء سوس بعد حصولهم على شهادة الباكلوريا كان عليهم الانتقال إلى مراكش وما يكتنفه السفر من مشاق في ظل غياب طريق مباشر.
كون أشنكلي أسرة ودرس أبناءه، وجبلهم على روح العمل والمتابرة، وحب الوطن وخدمته، فلم يذهب زرعه هباء منثورا، حيث تمكن أفراد أسرته من نحث مسارهم، ولعل كريم أشنكلي الإبن خير نموذج. سار على نهج الأب، حيث ورث حب السيارات عن الأب، ويعد حاليا من كبار مزوي السوق السوسية بالسيارات ذات العلامة التجارية الرفيعة. حتى أصبحت هذه العلامات أكثر رواجا بالمنطقة وسط عشارق السيارات الممتازة.
كما ورث عن الأب العمل السياسي، فبعدما عايش تجربة الوالد عن قرب وهو طفل، دخل الميدان ليصبح رئيسا لغرفة التجارة والصناعة والخدمات التي ترأسها الحسين اشنكلي خلال عمر من الزمان، وكان كريم يدخلها طفلا، ولم يكن يعلم أنه سيشمر عن ساعديه ليكمل ما بدأه الاب ومعه آخرون.
بعد تمرسه داخل الغرفة، وصقل تجربته السياسية والتدبيرية في المجال السياسي، انتقل مند ستة اشهر  إلى تجربة كبيرة بتحديات أكبر، بتراؤسه لأكبر جهة ترابية، سوس ماسة التي تبسط حدوها مع دولة الجزائر، تجربة سياسية تدبيرية جديدة برهانات الجهوية الموسعة. ورغم أن كريم خرج من الغرفة ليدير الجهة، لم يكن سهلا عليه أن يغادر  غرفة التجارة ” بيت الوالد ومعبده” حيث يوجد مدرج للندوات يحمل اسمه، ففي حفل تسليمه المهام لسعيد ضور الرئيس الجديد، ذرف الدموع أمام الحضور نظرا للحنين الذي خلفه هذا المكان في دواخله منذ صباه، مرورا بمرحلة رئاسته، ف”رائحة الوالد” وما راكمه بمحراب الغرفة تبقى شاخصة بين تلك الجدران.
كريم ورث عن والده الحسين حب كرة القدم، وفريق حسنية أكادير، فسار على نهجه في حب الفريق ودعمه، والغيرة عليه، والرغبة في حسن تدبير أموره والرقي به ليحقق الألقاب ويسعد جماهيره الواسعة، لأن حب الحسنية لا يقف في حدود أكادير بل يتعداه لعموم تراب سوس ولجماهير واسعة بالمغرب وبالدار البيضاء على الخصوص، فالأنصار يعتبرون الفريق في المنتهى هوية وانتماء.
مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *