الرئيسية أخبار الجمعيات بعد الضجة :هذه حقيقة ما تعرضت له النقوش الصخرية بموقع ياكور الأثري

بعد الضجة :هذه حقيقة ما تعرضت له النقوش الصخرية بموقع ياكور الأثري

كتبه كتب في 23 أكتوبر 2012 - 18:18

توجهت يوم الأحد 21 أكتوبر 2012 لجنة مكونة من جمعية ياكور ومنظمة تاماينوت ممثلة في عضو من مكتبها الوطني وآخر بمجلسها الوطني وممثلين عن فرعيها في آيت أورير وإمي ن تانوت وذلك بالتنسيق مع المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، إلى موقع ياكور الأثري المتواجد بمنطقة الحوز بمراكش من أجل الوقوف على حقيقة الوضع هناك بعد الأخبار التي تناقلتها العديد من المنابر الإعلامية الوطنية والدولية، وتداولتها العديد من التنظيمات غير الحكومية حول تعرض هذا الموقع لأعمال تخريبية.

في بداية هذا التقرير لا بد من الإشارة إلى أن هذه الزيارة ليست هي الأولى من نوعها لهذه المنطقة، إذ جعلت جمعية ياكور ومنظمة تاماينوت من التعريف بما يكتنزه هذا الموقع ومن المطالبة بالحفاظ عليه، أحد أهم أولوياتهما منذ سنوات، كما حافظتا على زيارات دورية للمنطقة من أجل مواكبة ما يقع في ياكور اقتناعا بأهميته وقيمته، فالرأسمال الرمزي يكون له امتداد فيزيائي في الواقع يعبر عنه ويشهد به.

من خلال زيارة يوم الأحد تبيّن لنا بأن الموقع وبالمقارنة مع أخر زيارة والتي لا تتعدى ستة أشهر، تعرضت الكثير من لوحاته ورسوماته ونقوشه للهبش والتشويه والإتلاف بوثيرة سريعة وبشكل خطير مما طمس العديد من ملامحها وشوه الكثير من معانيها، فلوحة “تافوكت” (الشمس) المعروفة، تعرضت لخدوش و هبش داخل إطارها، كما خرب الجزء السفلي من الصخرة التي نقشت عليها، مما يضاعف من خطر إتلافها بشكل كامل، كما أن بعض النــقــوش الأخـــرى  – إذ أن موقع ياكور لا يحتوي فقط على لوحة تافوكت التي ركزت عليها الزيارات الرسمية الأخيرة – منها ما تعرض لإتلاف كامل ( ومنها نقوشات لحيوانات ولآلات قديمة ولحروف تيفناغ )، ومن خلال ملاحظاتنا واستجواباتنا الميدانية مع بعض الساكنة فإن أسباب إتلاف هذه النقوش كثيرة :

1-   العوامل المناخية ( الطبيعية ).

2-   بعض سكان المنطقة ( الرعاة ) من غير قصد نظرا لعدم الوعي بقيمتها.

3-   الاتجار الوطني والدولي في القطع الأثرية.

4-   تخريب بعض الأثرات من قبل المنقبين عن الكنوز.

5-   البناء فوق الأثرات وبصخور تحمل نقوشات من قبل الساكنة بسبب  عدم الوعي.

6-   التخريب من قبل جهات غير معروفة الهوية تسعى إلى طمس معالم المنطقة وضرب قيمتها التاريخية.

وقد كانت من النتائج الفادحة لهذه العوامل مجتمعة أن تقلصت مساحة النقوش الصخرية في بلادنا إلى عُشر مساحتها الأصلية، حيث أكد أخصائيون أكثر من مرة بأنه من أصل عشرة كيلومترات من النقوش الأثرية لم يتبق عمليا بعد نصف قرن من الاستقلال إلا تسعمائة متر، وهي نتيجة كارثية تقتضي التعبئة لتدارك ما تبقى من النقوش والآثار.

أما في ما يخصّ الأخبار التي أثيرت في الصحافة حول الأعمال التخريبية التي تعرض لها الموقع الأثري ياكور من قبل بعض السلفيين، فإن أغلب السكان الذين تحدثنا معهم أكدوا وجود التخريب والتشويه والهبش على مستوى النقوش الصخرية لكنهم لم يستطيعوا أن يحددوا هوية المخربين ولا مرجعيتهم ولا انتماءهم ولا أهدافهم، إذ أن أحد الساكنة أكد بأن مجموعة ما أتت إلى منطقة ياكور ليلا لكنهم غادروا المكان بعد انتباه بعض الساكنة لتحركاتهم، لكنه أيضا لم يجزم في هويتهم ولا أهدافهم.

تصادفت زيارتنا مع زيارة وفد من وزارة الثقافة وأطر من وزارة الداخلية بالحوز للموقع، مما دفعنا إلى طرح بعض الأسئلة على المسؤولين الذين رافقوه ، فتبينت لنا ملاحظتان أساسيتان.

1-   أن الهاجس الرئيسي للوفد هو الإنتقال إلى عين المكان من أجل تكذيب الأخبار التي تناولتها الصحافة الوطنية والدولية.

2-   أن أغلب مسؤولي وزارة الثقافة ليست لديهم دراية كافية بالموقع وبخصائصه، بل أكثر من ذلك أكد لنا أحد هؤلاء المسؤولين وهو أبوالقاسم البشري أن الوزارة خصصت حارسا لمراقبة موقع ياكور في الوقت الذي لم يسبق أن حظي هذا الموقع بأية حراسة، بشهادة السكان أنفسهم.

حاولنا مناقشة الإجراءات التي أقدمت عليها الوزارة، فطلبنا من مسؤوليها أن يدلوا لنا بمثال على إجراء عملي واحد أقدمت عليه الدولة في شخص وزارة الثقافة لحماية موقع ياكور إلا أننا لم نتلقّ أي جواب ، وفي نوع من الاستخفاف بمطلب حماية الموقع الأثري قال لنا المدير الجهوي لوزارة الثقافة بمراكش أن : ” وزارة الثقافة ميمكنش لها تدير عساس على كل حجرة حيث هدشي فيه ألاف الهكتارات ” ، يبدو أن نعث نقوش صخرية تمثل كنزا ثقافيا مهما وإرثا إنسانيا ووطنيا أمازيغيا ذا أهمية كبيرة بـ”الحجرة” واستكثار الحارس عليها هو ترجمة أخرى لغياب إرادة حقيقية من أجل صون إرث تركه لنا أجدادنا أمانة في أعناقنا، فقد أدار المسؤولون ظهورهم لمناشدة الجمعيات المحلية والوطنية ومراسلاتهم للمطالبة بتحمل الدولة مسؤولياتها في هضبة ياكور، فلابد من الإشارة إلى أن موقع ياكور لم يسبق أن خصص له حراس لحمايته كما أن الساكنة والجمعيات المحلية أكدوا أن مؤسسات الدولة لم يسبق لها في أية مرحلة من المراحل أن قامت بتحسيس الساكنة بأهمية النقوش الصخرية، مما يجعلنا نتساءل عن ما إذا كان ترك هذا الإرث الحضاري القيم للموت البطيء هو هدف واعي، متفق عليه ومسطر سلفا أم أنه مرتبط بمزاجية وقناعات المسؤولين المحليين نظرا لغياب أية مراقبة و لا محاسبة لهم، أو  في غياب أي تصور للدولة في هذا المجال.

من جهة أخرى لم يفتنا أن نلاحظ أن ياكور لا يظهر أي تواجد لمؤسسات الدولة، فهذه المنطقة جد معزولة وليس بها لا طرق تؤدي إليها ولا مستوصفات ولا مدارس فهي منطقة أخطأتها كل مشاريع الدولة ومخططاتها مما أغرق سكانها في واقع الأمية والفقر والمعاناة ، إذ أن أغلب سكان المنطقة يعيشون على الرعي والفلاحة التقليديين وبمجهودات ذاتية، كما يعانون من مشاكل تحديد الملك الغابوي وانتزاع الأراضي من مالكيها من طرف الدولة، كما أن كل الساكنة تقريبا لم يعرفوا طريقهم إلى المدرسة ويعيشون في فقر مدقع رغم الثروات الهائلة التي تتميز بها منطقتهم.

ولكي لا نكتفي بالملاحظة والوصف فإننا نقدم فيما يلي خمسة إجراءات نظن أن من شأنها حماية هذا الموروث وتوظيف قيمته الثقافية والاقتصادية :

1-   وضع حراس في الموقع من طرف الدولة.

2-   تحسيس الساكنة والزائرين بأهميته وقيمته.

3-   إقامة مركز خاص بالنقوش الصخرية لياكور في عين المكان من أجل تعميق البحث العلمي في الموقع والتعريف به وتوثيقه واستقبال طلبة المدارس والكليات المهتمين والباحثين.

4-   نهج المقاربة التشاركية مع السكان لخلق برنامج مشترك يستهدف تنمية المنطقة على جميع الأصعدة.

5-   فتح ورش مندمج يهدف إلى التعريف بالكنوز الأثرية بالمنطقة، وتوعية الساكنة بها، وتأهيل مجتمعها المدني، إضافة إلى القطع مع سياسة تهميش المنطقة وكأنها لا تنتمي إلى المغرب وإحقاق حقوق سكانها.

نهاية، نتمنى أن تجد مناشداتنا هذه المرة آذانا صاغية وإرادة حقيقية للحفاظ على موقع ياكور، تترجم على أرض الواقع بإجراءات عملية ومستعجلة من جهة كما ندعو الساكنة المحلية وتنظيمات المجتمع المدني إلى بذل كل المجهودات لصون رأسمالنا الرمزي بهضبة ياكور من جهة أخرى.

ملاحظة :

اعتمد في صياغة التقرير على اللقاء المباشر مع ساكنة ياكور، كما تم تصوير أهم مراحل الزيارة، بما فيها شهادات أفراد من الساكنة.

جمعية ياكور               منظمة تاماينوت               المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات

الإثنين 22 أكتوبر 2012

تيغدوين

مشاركة