الرئيسية تمازيغت حكومة العثماني تخلق “تفاؤلا حذرا” وسط الحركة الأمازيغية

حكومة العثماني تخلق “تفاؤلا حذرا” وسط الحركة الأمازيغية

كتبه كتب في 5 أبريل 2017 - 10:31

بعد خمس سنوات من شدّ الحبل بين رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، ومُكوّنات الحركة الأمازيغية، تترقب الأخيرة شُروع رئيس الحكومة الجديد، سعد الدين العثماني، في مباشرة عمله، آملة أن يدفعَ في اتجاه تفعيل ما جاء به دستور المملكة بخصوص ترسيم الأمازيغية.

ويسودُ تفاؤُل حذر وسط مكوّنات الحركة الأمازيغية بعد تعيين العثماني رئيسا للحكومة، لكوْنه عبّر في مناسبات عدّة عن توجّهٍ مختلِف عن توجّه رئيس الحكومة السابق بشأن القضية الأمازيغية، كما دعا، أكثر من مرة، إلى التسريع بإخراج القانونيْن التنظيميين المتعلقين بترسيمها.

في هذا الصدد يقول رشيد الحاحي، المنسق الوطني للجمعيات والمنظمات الأمازيغية بالمغرب: “إنَّ استحضار المواقف الإيجابية التي عبّر عنها العثماني بشأن الأمازيغية يجعلنا نتوقع أن يعملَ على تدارُك الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة السابقة، التي كانت حصيلتُها مُحبطة جدّا”.

وتتمحورُ أهمُّ الانتقادات التي وجّهتها الحركة الأمازيغية للحكومة السابقة حول مشروعيْ القانونين التنظيميين لترسيم الأمازيغية، اللذين تقول إنهما لا يستجيبان لتطلعات الأمازيغ، إضافة إلى أنّ إعدادهما جرى في غياب إعمال المقاربة التشاركية.

ومازالت الحركة الأمازيغية تواصلُ جهودها لإقناع الأحزاب السياسية المُمَثلة في البرلمان بعدم المصادقة على مشروعيْ القانونين التنظيميين المتعلقين بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، في صيغتهما الحالية.

وتواصلُ مجموعة من الإطارات الأمازيغية المرافعة من أجْل تعديل مشروعيْ القانونين التنظيميين سالفيْ الذكر، واللذيْن أحيلا على البرلمان يوم 6 أكتوبر الماضي، أيْ عشيّة الانتخابات التشريعية، وهو ما اعتبرتْه عدّة أصوات أمازيغية استهتارا بهذا الملف.

ويثير مشروعا القانونين التنظيميين سالفي الذكر توجّسا كبيرا لدى مكونات الحركة الأمازيغية؛ ففيما يتعلق بمشروع قانون إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية تتخوَّف إطارات أمازيغية من أنْ يؤدّي إحداثه إلى إقبار المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

وترى بعض الأصوات الأمازيغية أنَّ المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سيصيرُ مجرَّد مديرية تابعة للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية المُزمع إحداثه. وفي هذا الإطار يشدّد رشيد الحاحي على ضرورة إبقاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مستقلا، على أنْ يشتغل في إطار التنسيق مع المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.

ثمّة نقط أخرى تثير مخاوف مكونات الحركة الأمازيغية بشأن مشروع القانون التنظيمي لهذا المجلس، منها غياب ضمانة لأن تكون الأمازيغية ممثّلة فيه. كما أنّ المشروع يتحدث عن التعبيرات الأمازيغية، وليس اللغة الأمازيغية المعيارية، كما ينصّ على ذلك الدستور، وفتْح المجال لإعادة النقاش حول مسألة كتابة الأمازيغية بحرف “تيفيناغ”، الذي قال الحاحي إنه “لا يُمكن التراجع عنه أبدا لأنه أمر محسوم”.

وبخصوص مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، تُطالب مكونات الحركة الأمازيغية بمراجعة عدد من بنوده، ومنها البرْمجة، التي حُدّدَ أفقُها في 15 سنة، وتثمين التراكم الذي تحقق للأمازيغية؛ وذلك بوضع آلية قانونية لتتبُّع وتقويم ما تحقق بشكل صارم، “لا أنْ يترُك أمرُ تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية لرغبات الأفراد”، يقول الحاحي.

وأضاف المتحدث ذاته أنَّ القانون المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية يجب أن يكون واضحاَ ومُلزما، لافتا إلى أنَّ إدماجَ الأمازيغية يتطلبُ، أيضا، أن يكون القانون التنظيمي للأمازيغية واضحا في ما يتعلق بتوفير الاعتمادات المالية والبشرية، الكفيلة بتحقيق هدف تنزيل ما جاء به الدستور.

وإذا كان القانونان التنظيميان المتعلقان بترسيم الأمازيغية قدْ تأخّرت إحالة مشروعيْهما على البرلمان إلى اللحظة الأخيرة من ولاية الحكومة السابقة، فإنَّ الحاحي يحمّل مسؤولية هذا التأخر لرئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران.

وأضاف المتحدث ذاته: “لقد تعاملنا بشكل موضوعي مع رئيس الحكومة السابق، منذ أن قدّم برنامجه الحكومي، لكنّه لم يلتزم بالمخطط التشريعي، وأخلَّ بمبدأ التشارك، بل إنه استهزأ بملف الأمازيغية حينَ دعانا إلى بعث مذكراتنا إلى اللجنة المشرفة على مشروعي القانونين التنظيميين عبر البريد الإلكتروني… وهذه المعطيات تجعلنا نحمّل له المسؤولية القانونية والأخلاقية أيضا”.

في المقابل، يرى المنسق الوطني للجمعيات والمنظمات الأمازيغية بالمغرب أنَّ رئيس الحكومة الجديد، سعد الدين العثماني، سيعتمد تعاطيا مع ملف الأمازيغية مختلفا عن سلفه، وزاد موضحا: “مقاربة العثماني لملف الأمازيغية قريبة من مقاربتنا، ونأمل أنْ يُراجع القانونين التنظيميين، بما يمكّن من إخراج قانون يستجيب لانتظاراتنا، وتوفر الضمانات الكفيلة بإنصاف الأمازيغية، والتملّك الجماعي لها”.

محمد الراجي

مشاركة