الرئيسية الصحة تنغير : قصة معاناة فتاة تزن 500 كيلوغرام

تنغير : قصة معاناة فتاة تزن 500 كيلوغرام

كتبه كتب في 28 أكتوبر 2016 - 16:11

انتشر شريط فيديو لشابة تبلغ من العمر 25 سنة، تعاني السمنة المفرطة، إذ تزن أكثر من 500 كيلوغرام. واستنجدت الشابة بالمحسنين من أجل مد العون لها، خاصة وأنها تنتمي إلى أسرة فقيرة بدائرة النيف بإقليم تنغير، جهة درعة تافيلات.
وظهرت نورا في الشريط رفقة أختها الصغيرة ذات الست سنوات، والتي تعاني هي أيضا من نفس المرض، مما زاد من ثقل كاهل الأسرة.
تقول نورا: «أعاني من السمنة المفرطة والتي ستؤدي إلى وفاتي إن لم أتلق العلاج، فحلمي الوحيد أن أعيش كسائر الفتيات، وأن أعود إلى مقاعد الدراسة، لذا أطلب المساعدة من الجميع».

معاناة نورا مع مرض السمنة
بدأت قصة معاناة نورا أبعوث مع المرض منذ مرور أربعين يوما على ولادتها، حيث بدأت تلاحظ والدتها تزايد وزنها بشكل كبير.
تحكي والدة نورا خلال حديثها ، أن ابنتها التي تعاني من السمنة المفرطة تجد صعوبة في الحركة والتنفس.
وبسبب المرض اضطرت نورا إلى الانقطاع عن الدراسة حيث كان التلاميذ يستهزئون منها ويلقبونها بـ«الخنشة»، و«الدبوزة»، مما أثر في نفسية نورا فقررت الابتعاد والعزلة.
وتقول والدة نورا بنبرة حزينة: «نورا وآية تعانيان من مرض السمنة ولا أستطيع علاجهما بسبب الفقر، تأخرت كثيرا لكن أتمنى أن يتم إنقاذهما». وتشير إلى أنها ذهبت إلى المستشفى رفقة ابنتيها لمعرفة ما إذا كانتا ستخضعان إلى عملية جراحية غير أنها مازالت تنتظر نتائج الفحوصات والتحاليل التي أجريت لهما». وتطلب والدة نورا وآية يد العون من أجل إنقاذ حياتهما.
الطبيب المشرف على الحالتين أفاد ، بأن نورا وآية تعانيان من السمنة المفرطة، فحاليا يقوم بإجراء الفحوصات والتحاليل لهما لتشخيص الحالتين ومعرفة ما إذا كانتا ستحتاجان لعملية جراحية، مضيفا أن الزيادة في الوزن بشكل كبير قد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة على مستوى القلب والشرايين والجهاز التنفسي.

الطفلة آية ومرض «برادر ويلي»
آية طفلة تبلغ من العمر 11 سنة، تعاني هي الأخرى من مرض السمنة المفرطة، وتحديدا مرض «برادرويلي». ورغم الألم الذي يعتصر قلبها إلا أن الابتسامة لا تفارق وجهها البريء، حيث لاقت تعاطفا كبيرا من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
يحكي والد الطفلة خالد فالي أن ابنته تعاني من مرض جيني نادر يدعى «Prader willi» لم يكتشفه إلا بعدما بلغت أربع سنوات وذلك لجهله بالمرض وأعراضه.
ويضيف أنه طرق جميع الأبواب من وزارة الصحة إلى وزارة الأسرة والتضامن فوزارة التربية والتعليم، لكن دون جدوى، كما أن بعض الأطباء عجزوا عن تشخيص المرض، ومنهم من «خاف منها»، على حد تعبير الوالد.
بعد ازدياد وزنها المفرط (200 كيلوغرام) لم يكن أمام والد آية سوى حملها لإحدى المصحات الخاصة، لكن لضيق ذات اليد لم يستطع مواصلة العلاج بالمصحة، فما كان منه إلا أن ذهب بها إلى مستشفى عمومي. ويؤكد والد الطفلة أنه لم يجد الرعاية المناسبة لابنته، خصوصا أن المستشفيات العمومية لا تتوفر على التجهيزات الملائمة لمثل حالتها، فاضطر إلى إعادتها إلى المنزل.
مع بلوغ «آية» سن الدراسة، قرر والدها أن يدخلها لإحدى المدارس التي تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة؛ حتى لا تحرم من التعليم، غير أن الأمر زاد من تأزيم نفسية آية، حيث كانت تتعرض للتعنيف النفسي والبدني من طرف الأطفال الذين كانوا معها في القسم، ومن قبل المعلمة كما طردها مدير المدرسة بدعوى أنها «ترعب الأطفال» لضخامة حجمها.
يقول والد آية: «إن المؤسسة لا تتوفر على الأطر المتخصصة بمثل حالة آية، حيث قاموا بوضعها مع باقي الأطفال الذين يعانون من أمراض مختلفة، فكانوا يضربونها ويسخرون من حجمها، ما سبب لها أزمة نفسية، حتى باتت تكره المدرسة ولا تريد العودة إليها، وهي الآن منقطعة عن الدراسة إلى أن تتحسن حالتها».

آية تنقص من وزنها
بعد التعاطف الذي لاقته الطفلة آية من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، تكفل الدكتور كريم التازي المشرف على مصحة «السويسي» بالرباط، بالطفلة آية، حيث خضعت لمجموعة من الفحوص الطبية من أجل الحصول على كشف عام لحالتها الصحية.
وأوضح التازي أن آية لا يمكنها أن تخضع لأي عملية جراحية كعملية شفط الدهون أو تصغير المعدة، لأن ذلك سيشكل خطرا على حياتها، وذلك حسب ما أكده مجموعة من الخبراء بفرنسا، وأضاف التازي أنه «حتى وإن نجحت العملية الجراحية فإن نتيجتها لن تكون دائمة، إذ إنه بعد عام ونصف يمكن أن يعاودها مرض السمنة».
وفي السياق نفسه، أكد التازي أن الحل الذي خلص إليه الطاقم الطبي المشرف على حالة آية هو «إخضاعها لنظام غذائي محدد، وذلك لمدة أربع سنوات، على أمل أن يتم تخفيض 50 كيلوغرام سنويا، إلى جانب عمليات الترويض». بعد خضوع آية لحمية غذائية بالإضافة إلى قيامها بالتمارين الرياضية تحت إشراف طبي تمكنت من نقص وزنها من 200 كيلوغرام إلى 153 كيلوغراما، لينعكس ذلك بشكل إيجابي على صحتها النفسية.

«جمعية برادر ويلي»
أعلنت جمعية برادرـ ويلي المغرب عن قرب تأسيس مركز متخصص في استقبال وتعليم وتمدرس الأطفال المصابين بمتلازمة برادرـ ويلي. وجاء ذلك على خلفية الضجة التي أثيرت حول الحياة اليومية للطفلة آية، ذات الـ11 ربيعا، التي تعاني من السمنة المرضية، حيث تزن حوالي 200 كلغ، وذلك بسبب مرض وراثي مرتبط بتلف عرضي للصبغي 15.
وفي هذا الصدد شدد الدكتور محمد كسوس، الطبيب المختص في الجراحة التجميلية، والرئيس الشرفي للجمعية المذكورة، على ضرورة التحسيس بخطورة هذا المرض، وكذا تأثيره على الأطفال من الناحية الطبية والاجتماعية. وأضاف في ندوة صحافية أن التشخيص المبكر لأي مرض يضمن العلاج بنسبة كبيرة.
ومن جهتها أوضحت بلحسن، بصفتها أما لأحد الأطفال المصابين بمتلازمة برادرـ ويلي، أن هذا المرض يسبب العديد من الاضطرابات المرتبطة بالزيادة المفرطة في الوزن ابتداء من السنة الأولى، حيث يصبح الأطفال نهمين، ويتناولون الطعام بشكل مستمر، مما يشكل عقبة كبرى في الاعتماد على الذات وفي متابعة الدراسة. وأضافت أن توجيه وتأطير السلوك الغذائي للأطفال أمر أساسي في سن مبكرة، واستدلت على ذلك بحالة ابنها، البالغ من العمر الآن 20 سنة، الذي استعاد وزنه الطبيعي، وحصل على شهادة الباكلوريا، كما يتابع الآن دراسته الجامعية وتتجلى مهمة جمعية برادرـ ويلي المغرب في دراسة طلبات المساعدة للأطفال المصابين بهذه المتلازمة، حيث تقوم لجنة طبية واجتماعية باستقبال ودراسة كل ملف من أجل تقديم المساعدة الممكنة للمحتاجين. إضافة إلى الربط بين الآباء والمصالح الطبية والمصحات، كما أسست الجمعية لشراكات مع منظمات أخرى في كل من أوروبا وأمريكا الشمالية بهدف البحث عن الدعم.

مضاعفات السمنة
يؤدي مرض السمنة إلى إصابة الأطفال بأمراض خطيرة كالقلب والشرايين، بالإضافة إلى ضيق التنفس. وكشفت دورية علمية متخصصة في السمنة أن 4 ملايين من هؤلاء الأطفال معرضون للإصابة بالسكري من النوع الثاني، و27 مليونا منهم معرضون للإصابة بارتفاع ضغط الدم، و38 مليونا سيصابون بتشحم الكبد، أو تراكم الدهون على الكبد بسبب السمنة.
وكشفت الدورية ذاتها أن 268 مليون طفل قد يكونون عرضة للإصابة بهذا المرض على الصعيد العالمي بحلول العام 2025، ما لم تتخذ التدابير اللازمة للسيطرة عليه.
وأوضحت الدراسة، التي نشرتها دورية “بيدياتريك أوبيزيتي” المتخصصة في عرض الدراسات المتعلقة بالسمنة عند الأطفال، أن الأطفال المعرضين للخطر تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاما.
وفي هذا السياق قال الدكتور تيم وبشتاين، مدير السياسات في الاتحاد العالمي للسمنة في لندن، والمؤلف المشارك في الدراسة إن “هذه التوقعات يجب أن تكون بمثابة جرس إنذار للحكومات ومهنيي الصحة، الذين سيضطرون إلى التعامل مع تداعيات هذه الزيادة الكبيرة في أعداد المصابين السمنة»، مطالبا الحكومات باتخاذ تدابير للحد من البدانة في مرحلة الطفولة.
وكانت دراسات سابقة كشفت أن عدد الأشخاص الذين يعانون من السمنة في ازدياد مستمر، بسبب تغير أنماط الحياة والعادات الغذائية، بالإضافة إلى زيادة استهلاك الدهون والسكريات، والنشويات.

كوثر كمار

مشاركة