ما يجهله الكثير من المغاربة هو أن عددا من الجزارين، المختصين في بيع لحوم البقر والغنم، يعمدون إلى استخدام مادة كيميائية غير عضوية يلقبونها بـاميمِّيب، وذلك لإضفاء لون أحمر جذاب على اللحوم واللحوم المفرومة، بيد أن لونها الأصلي ليس كذلك.
هذه المادة الخطيرة تدخل في خانة المواد الحافظة وتصنف ضمن أملاح النيترات (نيترات البوتاسيوم ونيترات الصوديوم) المستعملة بالأساس في تحميض الأفلام الفوتوغرافية.
تشير عدة دراسات علمية إلى أن وجود أملاح النيترات بنوعيها (نيترات البوتاسيوم ونيترات الصوديوم)، في المواد الغذائية، يؤدي إلى تكون مادة يطلق عليها «النيتروزامينات» المسببة للسرطان، إذ تم ربط هذه الأملاح بارتفاع خطر أورام الجهاز الهضمي السرطانية. لكن بعض الجزارين، وأمام هاجس الربح وجذب أكبر عدد من الزبناء، لا يضعون في اعتبارهم الأول الجانب الصحي؛ فيقومون بإضافة هذه الأملاح المعروفة باسم «ميمِّي» (وهو لقب سري) إلى اللحوم واللحوم المفرومة بصفة غير قانونية، حتى تكتسب لونا أحمر يثير انتباه المارين من أمام محلات الجزارة. إنها واحدة من الأمور التي تندرج ضمن أسرار مهنة الجزارة بالمغرب، التي لا يعلم عنها المستهلك إلا قليلا.
يسقط الكثير من الزبائن في حبال أصحاب محلات بيع اللحوم؛ فتحت إغراء لونها الأحمر ينجذبون نحوها لاقتناء كميات منها لأجل إعداد وجباتهم اليومية. لكن خلف ذاك اللون الجذاب تختفي حقيقة صادمة: إن البريق الظاهر مرده إلى استخدام مادة كيميائية خطيرة يعمد الجزارون إلى خلطها مع الماء.
الهدف من استعمال مادة «ميمِّي»، كما يطلقون عليها، هو أن تظهر اللحوم بمظهر يوحي بأنها ذات جودة عالية وطراوة لافتة، لكنها تخفي وراءها سرا قاتلا لا ينكشف إلا مع مرور الوقت، بانتقال مستهلكي تلك اللحوم إلى أخصائيي السرطان للكشف عما أصابهم بسبب مادة «ميمِّي».
مادة «ميمِّي»، كما يفضل أن ينعتها عدد من محترفي الغش في اللحوم، هي التي يطلق عليها علميا أملاح النيترات (نيترات الصوديوم Sodium (Nitrite de المعروفة بـ E250، و(نيترات البوتاسيوم Nitrite de Potassium) المعروفة بـ .E249 أملاح النيترات تستخدم عادة لتحميض الأفلام الفوتوغرافية وتلميع «الصواني» المصنوعة من مادة «الإينوكس»، كما تدخل هذه المادة في صناعة أنواع من الطلاء وملمعات الأحذية.
يباع مسحوق «ميمِّي» بسعر 40 درهما للكيلوغرام الواحد، إلا أنها تسلم بحذر للجزارين فقط، الذين سبق التعامل معهم، كما يكشف مساعد جزار رفض الكشف عن هويته، قبل أن يضيف أن عددا من الجزارين يعمدون لمزج المسحوق مع الماء قبل أن تطلى به اللحوم لتبدو حمراء تشد الأنظار.
اقتناء أملاح النيترات بكميات كبيرة ليس بالأمر السهل، والقائمون على بيعها يحيطون العملية بتكتم شديد. من ضمن الاحتياطات التي يتخذونها أن أي شخص مشكوك في أمره لن يتمكن مطلقا من شراء هذه المادة الخطيرة، ويفضلون التعامل فقط مع الزبناء المألوفين لديهم. «الأخبار» حاولت الوصول إلى أحد هؤلاء الباعة السريين، لكن لا أحد من محترفي الجزارة وافق على تقديم ما يساعد على كشف مصدر اقتناء مادة «ميمّي».
نورا أفرياض