وارزازت تودع أربعة من أطفالها، وتازناخت تنقذ صاحب سيارة وابنه من مخالب الوادي نمل مرعب يغزو أكادير، وبياض الثلوج ينعش ساكنة الاطلس الصغير

 في جو من الحزن والأسى شيع السكان جثامين التلاميذ الأربعة إلى متواهم الأخير في دوار تغرارات بجماعة إزناكن إقليم ورزازات .الأطفال جرفتهم سيول أحد وديان منطقة تازناخت مساء الإثنين المنصرم بينما كانوا في طريق عودتهم من المدرسة التي توجد في قرية مجاورة على بعد حوالي ثلاث كيلومترات ،وتتراوح أعمارهم بين ثماني و إحدى عشر سنة.

بينما كانوا يقطعون الوادي وفي المنتصف  فاجأتهم المياه الجارفة للتساقطات المطرية التي تهاطلت بغزارة خاصة في المناطق البعيدة عنهم ،حاول الثلاثة الاستغاثة ،وكان زميل لهم الذي يتابع دراسته في المرحلة الإعدادية قد لمحهم واتجه اليهم مسرعا ليلبي نداؤهم، غير أن قوة جريان المياه وعمق الوادي بحوالي ستة أمتار جعل مهمة الانقاذ صعبة ليلقى حتفه بعد غرقه.

رجال ونساء وأطفال كانوا شاهدين على اللحظات الأخيرة للفاجعة التي وثقها أحدهم بتصوير فيدو من بضع ثوان نشر على الفايس بوك،تعالت الصيحات والصراخ استعملوا حبالا لعلها تنقذهم،تمسك الضحايا بنباتات وأشجار وقاوموا لعلهم يظفرون بالنجاة،وصراخ النساء يعلو ويعلو ولم تتمالك بعضهن أعصابهن في رغبة للارتماء في الوادي لإنقاذ فلذات الأكباد وكادت الأمور أن تتحول إلى فاجعة أكبر، لكن قوة المياه كانت لكل المحاولات وللجميع بالمرصاد .واستسلمت الأجساد الضعيفة للصغار للجبروت والقوة الجارفة ،وشهدت كل القرى المجاورة حالة من الاستنفار من الخامسة مساء (وقت الحادث) إلى فجر اليوم الموالي  للبحث عن الجثث التي جرفتها المياه الى ازيد عشرة كيلومترات من مكان الحادث.

 ويسود سكان القرية إحساس عارم بالحزن والأسى لفقدان فلذات أكبادهم والاستياء بسبب عزلة وعدم استجابة الجهات المسؤولة لطلباتهم المتكررة في شأن إحداث مدرسة في القرية.

تظافرت جهود ساكنة تازناخت بإقليم وارزازت في موقف بطولي لتنقذ يوم الأحد سائق سيارة من نوع بيكوب من بين مخالب وادي تالوست، وأظهر شريط فيديو على اليوتوب، كيف هب السكان لإنقاذ الاب والابن من داخل الوادي باستعمال حبال طويلة  يشدها الرجال من خارج الوادي والطرف الآخر منها يشد صدر المتطوع للقيام بعملية الإنقاذ.

على وقع التكبيرات وطلب اللطيف تم إخراج اب وابنه علقا وسط الوادي برفقة سيارتهما المحملة بالتمور المتوجهة نحو أكادير، أصر الأب وأرغم الابن على دخول الوادي، فحاصرتهما السيول، وفشلت السيارة في التقدم، ليرتقيا طرفها العلوي حيث ظلا يرددان اللطيف إلى أن جاءت فرق الإنقاذ الشعبية من المواطنين عوض انتظار مصالح الوقاية المدنية

. الاب بعد إخراجه ندم على الأوامر التي اصدر لابنه الذي تردد طويلا قبل أن يرضخ لضغوطه، اعتبر النجاة ولادة جديدة بعدما ظل لأزيد من ساعتين يردد الشهادة، ويستعد للانتقال إلى الدار الأخرى، في وضع لا يحسد عليه دون توديع أسرته.مجموعة من المواطنين بقوا عالقين بضفة الوادي، وقد تكفلت الساكنة المجاورة لوادي تالوست بتقديم المساعدات الغذائية والأغطية إليها، وحتى ما توفر من أدوية.

التساقطات المطرية ليوم الجمعة والسبت ادت لانقطاع حركة المرور بممر تيشكا، عبر الطريق رقم 9، بسبب تصدع إحدى القناطر بمنطقة تورجدال، الدرك الملكي على مستوى إقليم الحوز وضع حاجزا يمنع المرور نحو تيشكا، وألزام مستعملي الطريق  المتوجهين من مراكش نحو وارزازت لسلك الطريق الوطنية رقم 10 التي تربط أكادير بوارزازات، مع العلم ان هذه الطريق تعرف إصلاحات مند ثلاثة شهور، وتعرف انحرافات تمتد أحيانا على طول كيلومترات.

مصالح المديرة الإقليمية للتجهيز والسلطات المحلية بادرت بإصلاح العطب لتعود الحياة إلى الطريق يوم الأحد.

حاصرت السيول مناطق بتودغى السفلى،مثل حارة اليمين وأيت حمي أمزور واكال والمرابطين واخبا خلال يومي الجمعة والسبت، وادت لتصدع عشرات المنازل،وسقوط جزء من بعضها. وبمنطقة دادس تضررت قنطرة الوادي على مستوى ممر سرغين، وممر إعطاشن بتنيزي.

وبقلعة مكونة اضطر المواطنون بالدواوير المجاورة،  لقطع  قرابة 20 كيلومترا للوصول إلى مركز القلعة، بسبب ارتفاع منسوب الوادي وغياب قنطرة توصلهم إلى المدينة المتواجدة على مرمى حجر منهم. فيضان واد امكون فرض العزلة وتسبب في انقطاع الدراسة لعدم تمكن المعلمين من الوصول، وانقطاع خدامت الصحية.

—

الاضرار وصلت إلى الجماعة القروية تكموت بإقليم طاطا حيث تهدمت منازل، وجرفت السيول قطعانا من المواشي، وأشجار النخيل،  وبمركز اقا الحضري تضررت البنيات التحتية، وغرقت الشوارع في الأوحال، وعرفت الأحياء حالة انقطاع متكررة للتيار الكهربائي. ولم يتمكن الباحثون والباحثات من إيصال ما عبؤوه من لوائح الغحصاء بمناطق خارج المدينة، كما لم يتمكن مرشحون لاجتياز مباراة الشرطة من الوصول إلى المدينة لاجتياز مبارا ة تنظمها المديرية العامة للأمن الوطني، واد اقا وكورجين فرضا الحصار على مجموعة من المناطق. فلم يتمكن موظفون ورجال تعليم من الالتحاق بمقرات عملهم.

عرفت تارودانت على مستوى منطقة الدوسان، وإداوكنضيف وجماعة اضار بمنطقة إيغرم اضرارا أدت لقطع الطريق رقم 106  الرابطة بين أضار وتاليوين بسبب الانهيار الصخري، وانجراف القناطر ، كما لحقت خسائر بممتلكات الساكنة، الطريق انقطعت بشكل شامل، عامل الإقليم  قام بزيارة ليعاين الأضرار كما تفقد سير الاشغال التي تمت مباشرتها لإزالة الأحجار والأوحال التي قطعت حركة المرور.

عرفت مدينة الانبعاث كغيرها من المناطق تساقطات جاءت في وقتها ” على قد النفع”، لم تعرف المدينة اية مشاكل على مستوى تصريف المياه، سوى هحوم نمل مرعب كثيف عليها، اسراب النمل قدمت من الجبال المجاورة مثل سحابة، وغزت حي تليلا والحي المحمدي، فاضطر الناس للدخول وإغلاق النوافذ.

السيول التي عرفتها الجبال المجاورة جعلت النمل يخرج من جحوره فانطلق باتجاه المدينة ليجد في الحيين المتاخمين للجبل ملاذه الآمن.

ارتفاع حقينة السدود، وامتلاء ” المطفيات”

عرفت السدود بجهة سوس ماسة درعة نسبة ملء لا بأس بها بعدما كان الجميع يضع يده على قلبه، فقد تراجعت حقينتها إلى نسب ضئيلة قياسية، مثل المنصور الذهبي الذي وصلت حقينته 17،7 بالمائة إلى غاية يوم الجمعة الأخير مع العلم ان هذه النسبة تضم نسبة كبيرة من الأوحال المترسبة بالقعر، حقينته وصلت حاليا 40 بالمائة. سد يوسف بن تاشفين وسد اولوز تراجعت حقينهما إلى 23 بالمائة، وسد عبد المومن إلى حدود 24 بالمائة معظمها عبارة عن ترسبات… وقد انتعش السدان من هذه الأمطار، بزياة تجاوزت ضعف وضعيتهما السابقة.

الامطار برغم ما خلفته من اضرار مكنت الساكنة من تجميع  مخزون شهور من الماء المستعمل للشرب داخل الظفائر ” مطفيات”، كما أنقذت واحات النخيل وأعادت غليها نظارتها، وأنعشت الفرشة المائية بعودة المياه إلى الآبار.

تحولت مناطق جبلية بإلأطلس الصغير إلى بياض بفعل التساقطات الثلجية والبرد يوم الجمعة والسبت الاخيرين، وقد هبطت درجة الحرارة بمناطق إبركاك وإداوزكري إلى أدنى الدرجات فالتزمت الساكنة البيوت وأوقدت المدافئ، وتعطلت الدراسة جزئيا بتلك المناطق، وقد تحولت تلك الثلوج أول امس ا إلى أخاذيد مائية متدفقة عبر ” الشعبات”، استعاد السكان بالأطلس الصغير حيوتهم ونشاطهم وابدوا استعدادا أكبرن رغم تصدع الطرقات.