الرئيسية مجتمع سيدي دانييل .. نبي بُعِث في الشرق و”دُفِن” في طاطا

سيدي دانييل .. نبي بُعِث في الشرق و”دُفِن” في طاطا

كتبه كتب في 27 يوليو 2014 - 01:24

عندما يهطل المطر، غالبا ما تقطر أسقف بيوت القرويين الطينية، وقد يقطر سقف بيتك ويصير إصلاحه أمرا متعبا..هناك حل فريد، يوجد فقط “تاكموت” في إقليم طاطا، هو أن تُصلح سقف ضريح الولي سيدي دانييل، فتقوم “قوى خفية” بإصلاح سقف بيتك.

يبدو الأمر سخيفا وغير عقلي، لكن المعتقدين ببركة سيدي دانييل لا يقبلون تفنيد الأمر،إذ يؤمنون بذلك إيمانا شديدا.. وما عليك سوى تصديق ذلك أمام إلحاحهم.

هذه فقط إحدى الكرامات البسيطة لضريح سيدي دانييل المدفون بتاكموت، وبحسب شيوخ المنطقة وبعض الفقهاء في المدرسة القرآنية فإن بركات وكرمات هذا الرجل لا تُعَدّ ولا تُحصى، ولعل أهمها هو ما انبنت عليه أسطورة سيدي دانييل المرتبطة بالماء.

وهي أن سكان طاطا استقدموا النبي دانييل من نواحي العراق بسبب الجفاف الذي حلّ بتاكموت ونواحيها، فأرسلوا وفدا سوسيا رفيع المستوى إلى العراق بحثا عن هذا النبي، فشكوا له حالهم مع الجفاف وندرة الماء وشح الموارد، فما كان من هذا النبي سوى أن جاء بنفسه لنجدتهم، ودعا ربه بأن يغيث هؤلاء الضعفاء العطشانين، ويسقيهم ويسقي بهائمهم العجاف، فاستجاب الله لدعوته.

تقول الأسطورة أن النبي دانييل ومرافقيه من أهل المنطقة لم يدخلوا الدوّار حتى بدأ المطر بالنزول. لدرجة أن المطر زاد عن حاجة السكان وبدأ يُشكل تهديدا لحياتهم وصمود منازلهم البسيطة، فطلبوا من “النبي” دانييل أن قُل لرَبّك إن حاجتنا للمطر قد قُضيت.

يعتقد الكثير من المسنين في تاكموت اعتقادا لا يقبل الضحد أن الولي المدفون هناك والمسمى سيدي دانييل هو قبر نبي الله دانييل المبعوث في الشرق قبل 44 قرنا تقريبا. ففي حديثنا مع إمام مسجد وفقيه إحدى الدواوير القريبة جدا من مُحيط قبر الولي سيدي دانييل أكد أن “الجسد المدفون داخل الضريح يعود لنبي غير مُرسل للعالمين أُوحِيَ إليه بغيب ولم يُؤمر بتبليغه”.

ذات المتحدث يضيف أن ” هذا النبي عاش في زمن الجبّار بَختنصر”، وبلغة المؤرخين الواثقين يحكي إمام المسجد عن النبي دانييل قصصا عجيبة وقعت له مع بختنصر الجبار (ملك بابل نبوخد نصر)، إلى أن استقبل الوفد السوسي الذي استقدمه إلى تاكموت، ليتوفى ويوارى الثرى في إقليم طاطا، ويصبح مزارا يعتقد الكثيرون أن ببركاته توَفّر الماء لأهل تاكموت، فلا خوف عليهم من العطش والظمأ مادام الضريح على أراضيهم، وماداموا يؤمنون ببركته ويزورونه..

طول القبر أزيد من 6 أمتار، وأعلاه في السقف كوّة صغيرة بقطر 15 سنتمتر تقريبا، يتم إغلاقها في الغالب، ولا حاجة للسكان لصلاة الاستسقاء عندما يعوزهم المطر، إذ أنهم يعمدون منذ القدم للاستسقاء بكشف غطاء الكوة الصغيرة والسماح لأشعة الشمس بأن تنفذ جهة قبر سيدي دانييل فتظهر علامات الغيث وما هي إلا أيام حتى يبدأ هطول المطر، أو هكذا يقول المريدون والمؤمنون ببركة الولي “نفعنا الله ببركته” كما يحرص الفقهاء والطْلبة من المدرسة القرآنية على أن يُرَدّدُوا.

لا تقتصر خدمات الولي الصالح سيدي دانييل دفين طاطا على “ضمان” حاجة المنطقة برمتها من ماء السقي والشرب، كما يعتقد بذلك المؤمنون والمؤمنات، لكنه يُقدّم لزواره من المريدين خدمات أخرى، خاصة ” أهل النية الصافية”.

إذا يوجد قرب القبر الطويل المغطى بثوب أخضر ثقبان غائران على الحائط، يُتبَرّكُ بهما بطريقة عجيبة. يقصد المكان من يشكو مرضا استعصى على الحكماء والأطباء، ويضع يده في ذلك الثقب لوقت معيّن، وطبعا كما يؤكد مرشدنا وهو الذي يؤمن يكل كلمة يقولها” لا يشفى المرض لأي زائر لم يؤمن إيمانا خالصا ببركة سيدي دانييل، ولا مجال لشفاء الساخرين والذين يفعلون ذلك بقصد التجريب وتبيان بطلان البركات” ، هذا مع حرص واضع تلك الثقوب على أن تكون مختلفة تسمح بتبرك فئات عمرية مختلفة وأيادٍ مختلفة الأحجام.

معتقدات قديمة، كَانت تُمارس قبل الإسلام، وبناية قديمة يتم ترميمها بين الحين والآخر، حتى أن باب الضريح عمره ثلاثة قرون وربع، وقد صُنعَ في إدَاوْكنسوس بحسب شيوخ المنطقة.

تتم زيارة الضريح في أي وقت، ويزوره الطْلبة والفقهاء كل جمعة، بينما يُقام الموسم الرسمي في عيد الأضحى، إذ يجتمع الفقهاء والمهتمون من تارودانت وطاطا والنواحي ويقومون بقراءة ختم صحيح البُخاري.

بقي أن نشير أنه بمدينة آسفي يوجد ضريح مشابه وباسم مشابه وقصة مشابهة، فقط الاختلاف أن هناك من ينطقه في آسفي بسيدي دانيان، يُزار تزامنا مع المولد النبوي، قبر بطول ستة أمتار كذلك، مع تنوع الروايات بالنسبة لـ”نبي آسفي”، إذ هناك من يقول أنه “جاء مع اليهود إبّان هجرتهم للمغرب”، ومن يقول أن “أهل عبدة من آسفي أرسلوا أربعين رجلا إلى الشرق بعد أن لحقهم جفاف لسبع سنوات ليستقدموا رجلا ورعا مباركا يرفع عنهم الغضب والجفاف”، وروية تقول أن “اليم حمل التابوت الطويل ورسى في شاطئ آسفي، فأعاد الناس دفنه وتبرّكوا به” وغير ذلك من الروايات…

 ميمون أم العيد

مشاركة