الرئيسية مجتمع طلب رخصة للتسول !

طلب رخصة للتسول !

كتبه كتب في 29 أبريل 2014 - 18:49

«سيدي، أنا شاب مغربي في العشرين من عمري وأنا ثالث أخوتي لا أتكلم، لا أسمع، لا أستطيع إمساك شعرة لا أمشي، عفوا لا أحبو حتى‪…‬ شربت صيدلية من الأدوية بدون جدوى. السكانير والراديو لم يكشفا عن شيء مرضي كل ما قيل لي إن اسمه: ا. م. س. أظل طوال الليل والنهار مستلقيا على ظهري دون حراك.
سيدي، إنني أكبر وتكبر مشاكل أسرتي الضعيفة فالمصاريف كثيرة واليد قصيرة.. أكتب لسيادتكم طالبا رخصة للتسول
مع فائق احترامي وتقديري…».
هي رسالة خطتها أنامل حمدون عبد النبي إلى مجلس مدينة الدارالبيضاء وعدد من المسؤولين بعد أن سدت في وجهه كل الأبواب، يتحدث فيها بلسان ابنه مراد الذي تجاوز عشرين سنة والذي يعاني إعاقة شاملة (ذهنية وحركية) بحيث لا يقوى على الحركة والكلام، ويمضي سحابة يومه ممدا داخل البيت، لا يعي ما يجري حوله.
الأب أبى إلا أن يشاطر معاناته وحياته الأليمة مع باقي المغاربة، من خلال القصة التي يروي فيها عن يوم مراد الطويل جدا
يقول الأب: «مراد هو شاب معاق كليا جمع الإعاقة الذهنية والحركية. مراد عبارة عن جثة جامدة ممدة أو خشبة مسندة. يظل طول الليل والنهار مستلقيا على ظهره وسط البيت وحيدا متخذا من وسطه قاعدة له ناذبا حظه التعس. مراد طفل لا يتكلم لا يستطيع إمساك شعرة لا يهضم بل يبلع طعامه، فقط والأخطر أنه لا يحبو، تصور سيدي إنسان في الواحدة والعشرين من عمره لا يحبو ولا يستطيع حتى تغيير وضعه من جنب إلى آخر…»
في رسالته يصف والد مراد تفاصيل المعاناة التي يعيشها ابنه يوميا ومعه بقية أفراد الأسرة القاطنين ببلوك الكدية في الحي المحمدي بالبيضاء، يقول:
«مراد والمرض: عندمايمرض مراد -وهو مريض أصلا- فالحيرة والسكون والخوف يسيطرون على المكان، لا نعرف ما نقدم وما نؤخر والطبيب نفسه لا يعرف من أين يبدأ فهو أمام دمية حية!! كيف تعرف أنه مريض وأي وجع ينتباه؟
مراد والأكل: مراد يأكل كما تأكل أو تطعم الطيور فراخها بفرق واحد أن الفراخ عندما تكبر تستقل وتبحث عن رزقها ومراد لن يفعل ذلك أبدا أبدا…
مراد.. الحمام وتغيير الملابس: يجب أن تكون رياضيا وقويا وصبورا وذا نفس باردة حتى تستطيع تغيير ملابسه وذلك راجع إلى تفكك عظامه وتصلبها.. أما تحميمه فكأنما تغسل ميتا لا تنقص إلا الشعائر فجسده عبارة عن عظام وضلوع وأعصاب بدون حركة.
ازداد الأمر سوءا عندما أفلست الشركة التي كنت أعمل بها وأقفلت أبوابها وتركتنا للمجهول فأصبحنا معاقين اثنين لا واحدا.
المصاريف كثيرة واليد أصبحت مقطوعة لا قصيرة فقط، حتى أني أصبحت عاجزا عن شراء الحفاظات فما بالك بمصاريف الكراء والضوء والماء والدواء والأكل واللباس، والكل مقسوم على صفر يساوي يأس وإحباط موت بطيء…
كاتبت وزارة الداخلية عدة مرات طالبا منحي رخصة لسيارة أجرة، ووضعت ملفي كاملا بعمالة عين السبع الحي المحمدي، وراسلت عدة إدارات ووزارات ومصالح معنية بذوي الاحتياجات الخاصة…
كاتبت العمالة ومجلس المدينة طالبا منحي رخصة كشك أستعين به على الحياة عدة مرات
أما قصتي مع وزارة التنمية والأسرة والتضامن فهي قديمة جدا، عاصر من خلاها مراد عدة وزارة: نزهة الشقروني، نزهة الصقلي، وأخيرا السيدة بسيمة الحقاوي. كاتبت السابقين عشرات المرات، وراسلت آخر وزراء هذه الوزارة (الحقاوي) عدة مرات آخرها طلبي للحصول على كرسي خاص وسرير طبي خاص لهذا النوع من الاعاقة، فضلوع ابني بارزة تكاد تثقب بطنه، وعظام الحوض بادية بأكثر من عشر سنتيمترات، بالاضافة إلى إعوجاج ظهره.
جمعت كل الوثائق المطلوبة حسب المرسوم 2‪.‬01‪.‬409 الصادر في 29 مارس 2002.. تكلفت وتسلفت وذهبت إلى الوزارة.
الجواب إلى الآن.. صمت القبور
لما تعبت من سير وآجي وسنفعل وسنرى وتركيب الجمل التي لا تسمن ولا تغني، من جوع طالبت مجلس المدنية منحي رخصة للتسول – أعرف أن لا وجود لرخصة تحمل هذا الاسم لأن القانون يجرم هذه العملية- لكن فقط كان دافعي هو تحسيس المسؤولين بحدود معاناتي..
أية حقوق لأي معاق؟ هو السؤال الذي مافتئت أطرحه على نفسي، إن كان هناك مرسوم لتمدرس المعاق فالحالة التي بين أيديكم لا يمكن أن تستفيد منه بالمرة.
إن كان هناك مرسوم يضمن حق المعاق في العمل فالحالة التي بين أيديكم لا يمكن أن تستفيد من هذا المرسوم المرة.
إن كان هناك مرسوم يضمن التأطير والتكوين والادماج فالحالة التي بين أيديكم لا يمكن أن تستفيد بالمرة…
لا فائدة من كل المراسيم وإن طبقت حرفيا لمثل هذه الحالة.. بالنسبة لابني.. لا تمدرس لا عمل لا تكوين لا تأطير لا إدماج لا ولوجيات.. فقط عيناه المفتوحتان على البراءة تشعرني كل لحظة بالذنب دون أن يمتد هذا الذنب إلى باقي المسؤولين والادارات والمصالح والقطاعات الوزارية ذات الصلة بمعاناة ذوي الاحتياجات الخاصة جدا..». والد مراد يطلب مساعدته على عنوانه بالدارالبيضاء بلوك الكدية 14 الزنقة 11الرقم 21 أو بالاتصال به في 0660956568.

الأحداث المغربية

مشاركة