الرئيسية سوس بلوس TV أشجار الزيتون بجماعة مدغرة بالرشيدية تحت رحمة الحشرات

أشجار الزيتون بجماعة مدغرة بالرشيدية تحت رحمة الحشرات

كتبه كتب في 3 يونيو 2013 - 12:02

إذا كانت العديد من المناطق الفلاحية «تنعم» منذ سنوات بثمار برنامج المغرب الأخضر، فإن زيتون واحة  جماعة مدغرة المحيطة بالرشيدية، مازال يعيش كما وجده رفاق الجنرال «ليوطي« و«جيرو»، وكما تركه أبناؤهم وأحفادهم بعد رحيلهم، عندما انتهى عهد الحجر والحماية وحل عهد الحرية والاستقلال.
فمع حلول فصل الربيع من كل سنة يحكي فلاح من الواحة، تتكلل أغصان شجر الزيتون على طول واحة مدغرة من قصر أولاد الحاج إلى قرية بوسعيد، بلون أبيض، يخاله الناظر إزهارا أو ثلجا وما هو بهذا ولا ذاك،إنها التعفنات يضيف الفلاح، التي تتكون حول عناقيد الإزهار الفتية، بسبب العسل الذي تفرزه يرقات حشرة معروفة تسمى «قملة الزيتون»، يقع اختيارها على عناقيد أزهار الزيتون قبل تفتحها، وتفرز عسلا يجتذب حشرات أخرى، محدثا تعفنات تؤدي إلى اختناق البراعم باكرا، وتأتي بذلك على قسط كبير من الغلة المأمولة والمرتقبة من أشجار ضعيفة أصلا. حشرة صامدة لا تزعجها إلا الرياح العاتية التي تهب في هذا الربيع أو ذاك، أو الزخات المطرية التي تجود بها السماء في بعض السنوات، و«تغسل» الأغصان فتحفظ قسطا من البراعم من الموت المحقق. 
ومن الراجح أن هذه الآفة كانت موجودة قبل خمسينيات القرن الماضي بكثير، ولم يكن لها لتدوم إلا لكون المزارعين البسطاء المغلوبين، كانوا يتعاطون معها كـ«قدر» محتوم، وتشل عقولهم وتعفيهم من المبادرة الفعالة.
لماذا تبقى هذه الحشرة/الآفة صامدة مع توالي السنين والعقود، مثلما كانت ولا تزال معضلة مرض «البيوض» الذي أتى على واحات النخيل بالمنطقة. فهل هو موت حس المبادرة لدى المزارعين بعد قرون الاستحواذ والخضوع للطبيعة وللبشر الآخر، أم هي الإدارة التي أسقطت من حسابها حال ومآل هذه الفئة من المزارعين سيئي الحظ ، الذين ظل كبارهم يتعايشون مع بؤسهم ، ويتجهون إلى السماء لتحل مشاكلهم الفلاحية. بينما انصرف الأبناء والأحفاد اليوم بحثا في الأرض الواسعة عن سبل أخرى للرزق.
هل هناك مرارة أكثر من أن يفتح قرويو هذه الواحة عينيههم على أشجار آبائهم، ويجدونها فريسة لمرض طفيلي يمكن علاجه، حيث تدفعهم إكراهات ضعف المردوية الفلاحية إلى الهجرة نحو آفاق آخرى، مما يهدد المنطقة بنزوح أهلها عنها وتحولها إلى أراضي قاحلة.

عبد الفتاح مصطفى/الرشيدية

مشاركة