الرئيسية أخبار الجمعيات تنغير : تفاصيل مثيرة حول حركة “أيت غيوش” + فيديو

تنغير : تفاصيل مثيرة حول حركة “أيت غيوش” + فيديو

كتبه كتب في 9 مايو 2013 - 15:58

في سنة 2009 شهدت عمالة تنغير ـ من بين العمالات المحدثة في التقسيم الإداري الأخير لوزارة الداخلية ـ احتجاجات صعبة بسبب تفشي العطالة وسط خريجي الجامعات بالمنطقة، وتردي البنيات التحتية، وتدهور الخدمات في جل القطاعات العمومية، وخاصة المستشفيات، والمصالح الإدارية التابعة لوزارة الداخلية. وخرجت أفواج المواطنين والمعطلين وقطعت الطرقات.

وتتبنى حركة “أيت غيوش” جل الإحتجاجات التي تشهدها منطقة الجنوب الشرقي والتي تعتبر “مدينة تنغير” أبرز قلاعها. وتعرف هذه الحركة التي خرجت من صلب الفعل الجامعي إلى المجتمع بتوجهها المدافع عن الأمازيغية. وترفع شعارات راديكالية في إطار طرحها لهذه القضية، وتعتبر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية “كذبة مخزنية” يرمي إلى امتصاص نضالات الحركة الأمازيغية، في وقت يصفق فيه جل النشطاء من نخبة الحركة الأمازيغية لقرار إحداث هذه المؤسسة في سنة 2001، ويعتبرونه مكسبا تاريخيا مهما لخدمة القضية الأمازيغية.

وتركز هذه الحركة في تحركاتها على منطقة الجنوب الشرقي ـ وضمنها مناطق ورزازات والراشيدية وتنغير وفكيك وبوعرفة والبلدات الصغيرة الموجدة في المنطقة، ومنها بلدة “كولميمة” والتي سبق لها أن عاشت في فاتح ماي من سنة 1994 اعتقالات في صفوف جمعية “تللي” (الحرية) بعدما خرج نشطاؤها في تظاهرة فاتح ماي رافعين لافتات مكتوبة بحرف تيفيناغ تطالب بإعادة الإعتبار للمكون الأمازيغي. وكان وقتها من الطابوهات رفع مثل هذه الشعارات، ما دفع السلطات إلى اعتقال عدد من رموزها، قبل أن يفرج عنهم، ويتقرر في أول خطوة رسمية لـ”المصالحة” مع الأمازيغية إقرار “نشرة اللهجات” في الإعلام السمعي البصري. واتخذ الملك محمد السادس قرارات جريئة في هذا الشأن. ولم يعد الخطاب الرسمي يتحدث عن “اللهجات”، وأصبح الخطاب الرسمي يتحدث عن الأمازيغية كلغة، ومكون أساسي من مكونات الهوية المغربية. وشكل خطاب الملك في بلدة أجدير بنواحي مدينة خنيفرة في سنة 2001 ـ البلدة لها رمزيتها التاريخية في أدبيات المقاومة المسلحة في مقابل مقاومة اللطيف للحركة الوطنية ـ، أكبر تحول في الخطاب الرسمي تجاه الأمازيغية.

وتقول أدبيات حركة “أيت غيوش” إن منطقة الجنوب الشرقي تتعرض للتهميش. ولم تقر الدولة أي برامج للنهوض بهذه المنطقة التي تصنف ضمن أفقرا مناطق المغرب، بالرغم من أنها تتوفر على إمكانيات معدنية وطبيعية وسياحية وبشرية مهمة. ويضطر أبناؤها إلى مغادرتها في اتجاه دول أوربا الغربية. وتعتبر المنطقة ـ خاصة مدينة تنغير ـ من أكبر المناطق المصدرة للعمال لفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وهولاندا…وتصدر المناطق الأخرى المحيطة أبناءها قسرا للعمال في قطاع البناء كمياومين في عدد من مناطق “المغرب النافع” التي تعرف انتعاشة في مجال البناء والتشييد.

وباستثناء المجهود الذي يقوم به أبناء المنطقة، فإن السلطات لم تعتمد أي مشاريع من شأنها أن تساهم في فك العزلة على مداشرها وقراها. ولا زال سكان قرية “إميضر” المنسية والمعروفة باحتضانها لأكبر منجم للفضة تعتصم منذ أكثر من سنة في جبل “ألبان” للمطالبة باعتماد برامج تنموية في القرية، وتمكين سكانها من الإندماج في الحياة العامة بشكل يحترم كرامتهم، وبشكل ينصف المنطقة، خاصة وأنها تحتضن أكبر منجم للفضة.

وشهدت منطقة الجنوب الشرقي، في سنوات الستينات والسبعينات من القرن الماضي، محاولات “احتجاج” ضد النظام، واتهم تيار “الاختيار الثوري” للزعيم الاتحادي الراحل محمد الفقيه البصري بتزعم هذه الأعمال. واضطر عدد من رموز هذا التيار بالمنطقة ـ وعدد منهم كانوا يعدون من الأعيان في منطقتي “كولميمة” و”تنغير” ـ إلى الفرار نحو الخارج، وخاصة نحو الجزائر. ولم يعودوا إلى المغرب إلا بعفو ملكي شمل عددا من المعارضين في نهاية التسعينات من القرن الماضي.

ويبرز ضمن هؤلاء الراحلين حدوا للوزي بكولمية وحمو أوباعالي بتنغير. ولم تحظى عودة هؤلاء إلى المغرب بأي اهتمام إعلامي، عكس عودة الفقيه البصري وعبد الرحمان اليوسفي وأبراهام السرفاتي، كما هي الأوضاع في هذه المنطقة المنسية التي لا تحظى بأي متابعة إعلامية، فيما سكانها يكتوون بنيران التهميش والإهمال. وبالرغم من أن هؤلاء المعارضين ـ جلهم رحل إلى دار البقاء ـ لا يعرفون العربية ولا الفرنسية، ولا غيرها من لغات الصالونات، ولم يقرؤوا كتب كارل ماركس وإنجلز، ولم يدخلوا إلى حقل المعارضة من بوابة الجامعات أو من جامع القرويين..، ولا يعرفون معنى تيار  “الإختيار الثوري”، حينها، ولا ارتباطاتها الداخلية والخارجية، إلا أنهم ولجوا السياسة من باب المطالبة بالعدالة الإجتماعية والكرامة.. ودافعوا عن هذه المبادئ باللغة الأمازيغية، وذاقوا مرارة المنافي والسجون..وفقدت عائلاتهم جل الممتلكات التي راكموها.

وأقرت هيئة الإنصاف والمصالحة مبدأ جبر الضرر الجماعي في محاولة منها لطي صفحة الماضي، وذلك غلى جانب مبدأ جبر الضرر الفردي لعدد من السياسيين المعارضين الذين أنهكهم الإعتقال، في إشارة رسمية إلى أن المنطقة تعرضت لتهميش ممنهج. لكن الجبر بقي حبرا على ورق..ولا زالت المنطقة تعاني من التهميش والإهمال، إلى حد أن الإدارات المركزية عندما تريد أن تعاقب أحد موظفيها ترسله إلى المنطقة، في إطار إجراءات تأديبية تتخذها في حق موظفين في حالة ارتكاب أخطاء.

 سوس بلوس ,
مراد أجديك ـ

مشاركة