الرئيسية سوس بلوس TV نصاب مغربي مقيم يوقع بضحاياه عبر الأنترنيت

نصاب مغربي مقيم يوقع بضحاياه عبر الأنترنيت

كتبه كتب في 26 يناير 2013 - 12:52

نصاب محترف يختار ضحاياه بإتقان من دول العالم. لم يختر سوى  بلاد حريم السلطان مكانا مناسبا  لينصب كمائنه لزبناء افتراضيين. والوسيلة  الوحيدة التي بواسطتها يلج بيوت المغاربة كانت هي الشبكة العكبوتية، وبالضبط من خلال أحد المواقع الاجتماعية التي تستقطب اعداد كبيرة  من المبحرين للتعارف والتواصل.

لم يكن هذا النصاب المحترف إلا مغربيا يتقن لغات كثيرة. اختارالديار التركية لينصب كمائنه  بحبكة واحترافية حتى لا يترك مجالا للشك فيما يدعيه . ذو قدرة خارقة على التسلل إلى أعماق مخاطبه والسرعة في العزف على أوتار الحاجة الملحة حسب السن والمستوى الدراسي للضحية المستهدفة. يعرف كيف يقرأ مكنون  رغبات وأحلام الشباب المغربي المكتوي بنار البطالة والمتعطش لعمل قار في أي مكان، اللاهت وراء ضمان  راتب محترم يبني من خلاله مستقبله. هذه الأحلام الوردية التي يركز عليها النصاب لتنفيد خططه الاحتيالية، يختصرها أحد ضحاياه في بناء أسرة وبيت بعد تسديد ما بذمته من دين  كمصاريف هذه السفرية  التي حاك خيوطها بدقة عالية نصاب محترف استطاع أن يتفنن في إرسال رسائل مع كل اتصال تبدأ بالاطمئنان على أحوال الأسرة ببرودة دم إلى تبليغ التحايا لأعز الناس بالنسبة للضحية  كالأب والأم العزيزين …وبعض المقربين من أفراد الأسرة.

كل الأمور تأخذ مجراها الطبيعي حسب الضحية،  الذي يتبع كل التعليمات ويستجيب لكل توجيهات النصاب بلغة دارجة يردد فيها بإلحاح عبارة «إياك ثم وياك لا تبح بأية معلومة..لأي كان ..». ومع مرور الوقت يصبح الحصول على عقد عمل مثلا  في دولة الإماراة  العربية المتحدة أقرب إلى التحقق . الضحية يجد نفسه منساقا للدخول في كل الترتيبات.  يستعين بالأسرة أو أقرب الأصدقاء من أجل إنجاز الوثائق الضرورية، حيث عليه أن ينفذ بدقة ما يتلقاه من تعليمات انصاب. أول خطوة وضع المبلغ  25000 درهم في الجواز  بعد التوصل بعقد العمل، الذي يحمل معطيات ومعلومات تعود إلى خارجية دولة الإماراة العربية المتحدة، وصورة الضحية المعني بالأمر.

يبدأ الضحية في  الاستعداد للسفر إلى تركيا، بعد تلقي تعليمات النصاب، التي لا تترك مجالا للشك، مما يزيد من اطمئنان الضحية وسقوطه في لعبة الخداع الماكر، حيث ينتقل النصاب إلى مرحلة أخرى من فنون الاحتيال عن طريق طلبات تبدو طبيعية، يكشف عنها للضحية بلباقة وكلام معسول، منها تحديد قائمة لبعض أنواع التوابل  والسمن البلدي وشهيوات أخرى، يدعي أنه في حاجة ماسة إليها ليشم عبر عبقها رائحة البلاد، خصوصا أن هذا النصاب يقدم نفسه إلى ضحاياه بأنه ينحدر من مدينة فاس .

وبدافع المجاملة ورد المعروف، لا يتردد الضحية في الاستجابة لرغبات النصاب المتمرس، الذي يصبح في نظر ضحاياه أشبه بشخصية نافذة تملك العصا السحرية، حيث اعتقد أحد الشبان من أبناء الدار البيضاء، أنها فرصة العمر، التي سنتقده من البطالة القاسية. جمع متاعه ووثائقه وحزمة من الآماني، توجه إلى الديار التركية، وهو في طريقه إلى المطار طرد كل الشكوك التي حامت حول إلحاح النصاب على التكتم عن بعض الأشياء، بدت للضحية غير قابلة للتصديق.  ومع ذلك غلب الشاب الحالم كفة الثقة العمياء على أحاسيس التوجس . مع أول خطوة نحو الطائرة حسم المسافر المنتظر مع هواجس الشك. التي استبدت بخاطره. وفي الجو بدأت الأحلام تمر كشريط ممزوج بكل الاحتمالات إلا الأسوأ منها. بقاعة الانتظار بمطار البلد المضيف وجد الضحية في استقباله من سيأخده بواسطة سيارة فارهة.  فكانت الوجهة أحد الفنادق االفاخرة، التي حجزت فيها للوافد غرفة مريحة، مع استقبال لائق بكل حفاوة وعبارات لطيفة لا يمكن إلا أن تزيد من حجم ثقة الضحية.

«خود دوش ورتاح مع راسك … ما تخصك حتى حاجة إلى اللقاء». هكذا خاطب رسول النصاب الضحية، الذي تخاطب مع النصاب عبر عشرات المكالمات الهاتفية، التي زادت بدورها من اطمئنان الضحية  رغم تكلفتها الباهضة. في اليوم الموالي كان كل شيء معدا مسبقا باحترافية. سحب من المعني بالأمر المبلغ المالي الذي قدر ب25000، زائد 1500 درهم مبلغا إضافيا. غاب «بائع الوهم» عن أنظار الضحية، وتركه يطوف بنظراته في زوايا الغرفة تارة، وفي بهو الفندق تارة أخرى. مرت الساعات كالجحيم،  وبدأت الاحتمالات الأسوأ تجثم على أنفاس الضحية، الذي  فطن بعد فوات الأوان أنه وقع في شباك نصاب محترف. حزم حقيبته وتفحص جواز سفره للتأكد من تذكرة العودة، حيث كانت الوجهة مطار عاصمة دولة الأتراك، ثم حط الرحال بمطار محمد الخامس،  وقطع المسافة إلى بيت الأسرة على وقع الصدمة وخيبة الأمل، بعد تحول حلم الشغل في الخليج العربي إلى مجرد رحلة سياحية قصيرة ومكلفة ماديا ببلاد العثمانيين.

محمد فايح

مشاركة