الرئيسية منوعات الجامع الكبير بتارودانت…منارة إشعاع ثقافي حاز اهتمام الملوك والسلاطين

الجامع الكبير بتارودانت…منارة إشعاع ثقافي حاز اهتمام الملوك والسلاطين

كتبه كتب في 3 أبريل 2023 - 21:30

أمينة المستاري

الجامع الأعظم بتارودانت…أحد المعالم التاريخية المدينة وقلبها النابض بعبق التاريخ. نموذج معماري رائع متميز بالجدران السميكة، أتقنت هندسته وبناؤه وزخرفة سقوفه الساحرة وصومعته العالية الفاخرة، فقد كان منارة إشعاع ثقافي وديني واجتماعي وسياسي، وكان أعظم وأفخم من جامعي المواسين وباب دكالة بمراكش، واعتبر بدور مهم في استنهاض الهمم واستنفار الناس للجهاد ضد الغزاة الإسبانيين والبرتغال في عهد السعديين، وفي رحابه يتشاور الناس في أمورهم العامة والخاصة…
شهد رحاب الجامع قبل عقود خلت إرساء حلقات الحلقات الدراسية بإشراف من أشهر العلماء والفقهاء من داخل المغرب وخارجه، كابن جلال التلمساني، الفاطمي الشرادي، أبو عبد الله ابن الوقاد التلمساني، وعبد الرحمان بن عمرو الجزولي البعقيلي، وابراهيم الجزولي السملالي العباسي، ومحمد الجزولي التمنارتي…
كما كان قبلة للطلبة لإتمام دراساتهم العليا بعد استكمالهم مناهج المدارس العتيقة في السهول والجبال، علما أن الدولة السعدية ألحقت به مدرسة يقيم بها الطلبة الأفاقيون، إضافة إلى خزانة تتضمن نفائس المخطوطات قام بتحبيسها ملوك السعديين والعلويين…فكانت تحتوي على مخطوطات ومطبوعات من أهم الكتب الفقهية والعلمية الغير قابلة للنسخ أو للمقابلة، ولا يمكن إخراجها من الخزانة كصحيح البخاري ومؤلفات أخرى لأبرز العلماء والفقهاء…لكن الجامع افتقدها بعد أن فقد الجامع مكانته العلمية والتثقيفية وتقاعس النظار عن الضبط والحزم.
يرجح أن تاريخ بناء الجامع كان في عهد الموحدين الذي اهتموا بالمعمار، وما يؤكده شكل صومعته المربعة القاعدة، ونسبة طولها تماشيا مع مبدأ الموحدين في التناسب وانحراف قبلته إلى الجنوب.
عرف الجامع عدة عمليات ترميم وإصلاحات امتدت من عهد الموحدين واستمرت إلى عهد الدولة العلوية، حيث عرف في عهد المولى الرشيد ترميم ثلاثة قبب تفنن الصناع لزخرفتها، إضافة إلى الوقفية المنقوشة على الساريتين المواليتين للصحن من الصفوف الشرقية، وفي عهد المولى يوسف تم ترميم سقوف الجامع المتداعية والآيلة للسقوط، بعد أن استقدم الصناع من مراكش وفاس.
بعد مدة عرف الجامع إهمالا والخراب، فقامت إدارة الأحباس بتدعيم جدرانه وسقوفه بجذوع من الخشب شوهت منظره، بشهادة العلامة المختار السوسي الذي زاره وتأسف لحاله .
وفي سنة 1945 أمر المغفور له الملك محمد الخامس بالعمل على إنقاذ المعلمة الدينية، لكن بعد نفيه إلى مدغشقر، قام أحد وزراء ابن عرفة بتدشينه بعد الانتهاء من الترميم، لكن ساكنة المدينة قاطعته ورفضت الصلاة به تضامنا مع ملكها، الذي عاد وصلى به مع ولي عهده الحسن الثاني صلاة الجمعة في 29 ماي 1959 وألقى الخطبة العلامة محمد المختار السوسي وزير التاج.
أعيد ترميم الجامع سنة 1980، لكنه لم يبق على النقوش الأثرية المهمة بالجامع، وطمس معالم المقبرة الموجودة شرقه وزخرفة منارته، وفي سنة 1996 أعطى وزير الأوقاف آنذاك أوامره لإعادة ترميم وإصلاح الجامع لكن لم يشرع في ذلك إلى سنة 2002، حيث تمت على الطراز الأصلي للجامع، وتم فتحه في وجه المصلين سنة 2005.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *