الرئيسية مجتمع بعد مجموعة من الجرائم… سقوط “مهشم الرؤوس” في أيدي الأمن

بعد مجموعة من الجرائم… سقوط “مهشم الرؤوس” في أيدي الأمن

كتبه كتب في 13 مارس 2018 - 15:30

وضعت مصالح الشرطة القضائية بولاية أمن أكادير عشية يوم  السبت يدها على المتهم بقتل 8 متشردين بأكادير الكبير في أوقات متفرقة خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، التي تميزت بالبرودة، المتهم يبدو من خلال ملامح وجهه أنه في نهاية عقده الثاني، جرى توقيفه بمدخل مدينة أولاد تايمة في حوالي السادسة والنصف من مساء أول أمس، ونقل مباشرة إلى مقر الشرطة القضائية حيث بدأ التحقيق معه، وقد أنكر خلال مراحل التحقيق معه أن يكون هو القاتل المفترض رغم أن حمضه النووي يوافق عينات الحمض المستخرج  من واقي ذكري استعمله لهتك عرض واحد من الضحايا الذي كسر جمجمة رأسه بمدينة إنزكان.

وكانت مصالح الشرطة القضائية بأكادير، وبإنزكان حددت معالم المتهم مند ثلاثة أيام، وأضربت عليه رقابة قصوى، وفور خروجه من مخبئه من منطقة هوارة أطبقت عليه، واقتادته مباشرة نحو مصالح ولاية الأمن، فاستنفرت طواقمها، وحلوا على عجل في يوم عطلة لمتابعة مجريات التحقيق والتناوب على استنطاق المتهم.

قصة الماساة

هذه القضية اندلعت بعدما توالت عملية التصفية البشعة  في صفوف المتشردين يجهز عليهم مجهول فيكسر جماجمهم في الزوايا والهوامش  التي يتخذونها مكانا يأويهم بالليل، وقد كانت حصيلة إنزكان ثقيلة وصلت ستة متشرين والسابع عتر عليه بأكادير والثامن باشتوكة أيت باها، كما عثر على جثتين بحي السعادة بمراكش في أوقات متفرقة، وظل السفاح غير معروف، بعدما قامت مصالح الأمن بحملات تمشيط شملت أكثر من 120 متشردا تم التحقق منهم قبل إخلاء سبيلهم. كما اخلي سبيل المتهم المفترض الذي اعتقل أواسط الأسبوع الماضي بإيمينتانوت، وهو جندي سابق، اعترف تلقائيا بكون وراء عمليات قتل المتشردين، وتبين بعد التحقيق معه أنه مخبول وأن كلامه مجرد هذيان ينطق به بين الناس اعتباطيا

التحقيقات التي تباشرها ولاية أمن أكادير ستكشف بلا شك عن كثير من الاسرار التي جعلت أربعيني يتحول إلى سفاح لمتشردين في مثل عمره، يهتلك عرضهم ثم يصفيهم، بينما يعزف عن إيذاء المتشردين الصغار واليافعين الذين يكونون أكثر عرضة للاستغلال.

سقوط هذا السفاح جاء بعد مسار دموي سريع بدا أواسط شهر يناير من هذه السنة بعدما بلغ عدد ضحاياه خمسة وظلت لائحة الضحايا مفتوحة وشهية القاتل لسفك الدماء نشيطة.

توالت عملية تصفية المتشردين على مستوى تراب عمالة إنزكان أيت ملول من قبل هذا الشبح ظل مجهولا، فوصل عدد  الضحايا، خمسة قتلى منتصف يناير نفذ الشبح جرائمته في حقهم  بدم بارد بتهشيم رؤوسهم بشكل مقزز. ورغم حالة الاستنفار التي أعلنها الدرك الملكي برفقة مصالح الأمن وسط تكتم شديد، لم تسفر الأبحاث عن أي نتيجة، فالجاني يعمد ليلا إلى تهشيم رأس ضحيته بضربات غالبا ما تكون بالحجر ثم يتبخر من مكان جريمته دون أن يترك أي دليل، الأمر الذي حير كل الأجهزة وأربكها.

 عامل إنزكان يدخل على الخط

 مهشم رؤوس المتشردين استنفر كل السلطات من خلال اجتماع عاجل عقده عامل عمالة إنزكان أيت ملول، حميد الشنوري جمع  مصالح الأمن والدرك في لقاء ماراتوني بعمالة انزكان أيت ملول، تمت خلاله مقاربة كل التكهنات لتحديد ملامح هوية المجرم، والأسباب التي جعلته يفتح حرب إبادة  في صفوف متشردي إقليم انزكان بالخصوص.

الاجتماع خرج بخطة ثلاثية جمعت الداخلية والدرك الملكي والأمن الوطني من خلال استنفار أعوان السلطة والقياد والباشوات لتكثيف الجهود ، واعتقال عدو المتشردين قبيل أن يتمكن من خلق الترويع وسط كل المدينة.

الأبحاث تمركزت حول المتشردين مرجحة أن يكون الجاني عاش بدوره التشرد، وعانى خلال مسار حياته من الاستغلال وسط هذه الفئة فتكون لديه الحقد وقرر أن يصفي كل الكائنات الآدمية الليلية التي تفرض سطوتها على المدينة عندما ينام المسؤولون وتخلد المدينة إلى السكينة .

المتهم وجد في تراب عمالة إنزكان ايت ملول شهيته، لأن  هذا  الإقليم يعج بالمتشردين والحمقى والمعتوهين نظرا لوجود مؤسسات تلفظهم من بينها مستشفى الأمراض العقلية، والسجن المدني بأيت ملول والسجن المحلي بإنزكان، إلى جانب وجود أكبر محطة طرقية بجنوب المغرب تستمر بها الحركة وليلا ونهارا بدون توقف، كما تحتضن المدينة أسواق وهوامش بوادي سوس تمكن من استقرار المتشردين، فلا يبرحونها نحو وجهة أخرى.

 مهشم الرؤوس يتحدى ويرفع عدد قتلاه

يوم 23 يناير أختار السفاح بعد 10 أيام من إعلان الاستنفار الأمني أن يتحدى المسؤولين ويكسر ذلك التحالف الثلاثي الذي خرجت به عمالة إنزكان، فوصلت حصيلة قتلاه سبعة، بعدما كانت في حدود خمسة،  ففيما يشبه التحدي يزداد عدد الضحايا، ومعهم يزداد خوف السكان، وحيرة المسؤولين. خمس حالات سجلت بإنزكان ، وواحدة بأكادير والسابعة بإقليم اشتوكة ايت بها، بمناطق نفوذ الدرك الملكي والأمن الوطني، وقد تضافرت جهود هذين الجهازين للكشف عن الحقيقة، وانضافت إليهم مختلف عناصر السلطات المحلية بالأقاليم الثلاثة من أجل اعتقاله، لكن كل الجهود باءت بالفشل .

حملة واسعة من الاعتقالات تمركزت بمقر الشرطة القضائية بولاية أمن أكادير دشنت مجموعة من الاعتقالات في صراع مع الزمن، وقد تردد خلال مرات بأن المتهم اعتقل وتداول فايسبوكيون صورا على نطاق واسع، لكن بعد مدة يتم نفي الخبر والتأكيد على أن كل الموقوفين مجرد متهمين. تسلل الإحباط إلى نفوس المحققين بعد اعتقال صاحب البصمات وتبين أنها ” طلقات فارغة ” لم تصب الهدف ليبدأ التحقيق من نقطة الصفر.

 إيواء المتشردين لم يوقف النزيف

إبادة المتشردين خلقت رعبا  حقيقا وسط هذه الشريحة التي قررت البحث عن مناطق آمنة بأكادير وهوارة، بالمقابل عملت مصالح عمالة إنزكان أيت ملول على حماية هذه الشريحة من غزوات مهشم الرؤوس وذلك بالقيام بأكبر عملية إيواء لهم بمراكز التعاون الوطني والجمعيات المهتمة بالدشيرة وإنزكان وايت ملول، وتركز الاهتمام حول المتشردين الذي يتخذون من مناطق خطيرة مأوى لهم، واعتبر أحد المسؤولين يومها أن حملة مصالح عمالة إنزكان على المتشردين تدخل في إطار الإجراءات الوقائية من موجة البرد وأنها سبقت الضجة التي أثيرت حول مهشم الرؤوس، تقوم بها مصالح العمالة خلال كل سنة وتشمل الغطاء والطعام، والإيواء، حملة اصطدمت بقلة الإمكانيات اللوجيسنيكة والبشرية التي توظفها مصالح التعاون الوطني، فبقي السفاح نشيطا، يسفك الدماء.

 التحدي: ضحية ثامنة بإنزكان وتاسعة وعاشرة  بمراكش

خلال الأسبوع الماضي، تبين أن السفاح ماض في جرائمه، من خلال تصفيته ضحيته الثامنة بإنزكان، إلى جانب ظهور ضحيتين بمراكش في صفوف المتشردين قتلا بنفس الطريقة، رفع الأمن من درجة البحث، وعقد هذه المرة تنسيق أمني عالي بين ولايتي أمن أكادير ومراكش وانتقل فريق أمني من أكادير ليباشر التحقيقات مع أكمن مراكش، فاعتقلوا ضحية بإمينتانوت تبين أنه مجرد جندي سابق مخبول ينسب لنفسه ما لم يفعله، فخاب الأمل من جديد إلى غاية يوم أول امس، سقط الفاعل الحقيقي ، ينفي الجرائم المنسوب إليه لكن حمضه النووي يدينه علميا، و من المنتظر أن ترشح الساعات المقبلة بكثير من التفاصيل بعد الانتهاء من التحقيق معه.

 

ادريس النجار

الأحداث .م

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *