الرئيسية مجتمع أبناء يقتلون من وهبهم الحياة “جرائم الأصول”

أبناء يقتلون من وهبهم الحياة “جرائم الأصول”

كتبه كتب في 17 فبراير 2013 - 13:27

وقائع مختلفة من حيث الزمان والمكان، لكن يجمع بينها عنوان دموي واحد «أبناء يقتلون آباءهم». جريمة يختمها المجتمع بطابع «السخط»، لكن الأسباب والظروف التي تقف وراء ارتكابها تتنوع كما هو الشأن بالنسبة إلى مرتكبيها الذين يكونون مرضى نفسيين تارة أو من ذوي السوابق العدلية تارة أخرى، بينما يتعلق الأمر في حالات أخرى بمجرمين خلقتهم الصدفة.

لم تكن تلك المرة الأولى التي تنهال فيها يده على جسدها، فقد اعتادت الأم أن تتجرع في صمت مرارة التعنيف المستمر على يد أقرب الناس إليها، وهو إبنها ذي الخامسة والثلاثين سنة.

ضرب متواصل…فقتل

كانت الأم ذات السادسة والخمسين عاما تعيش رفقة أبنائها في حي الطوبة الخارجي، أحد الأحياء الشعبية الواقعة شمال مدينة وجدة، في ظل غياب الأب الذي قام بتطليقها. فضلت هذه الأم أن تحتضن أبناءها معتمدة على ما كان يجود به عليها بعض أفراد عائلتها.

لكن يوم الثلاثاء 5 فبراير، سيحمل معه الحدث الأليم الذي سيعصف بمستقبل الأسرة، فالأم التي كانت تتعرض للضرب باستمرار على يد إبنها الذي يعاني اضطرابا نفسيا حسب ما أكده جيران الضحية ستلفظ أنفاسها الأخيرة، بعد أن تتلقى عدة ضربات في أنحاء متفرقة من جسدها بواسطة أداة حادة، كانت كافية لتسقطها جثة هامدة  في بركة من الدماء.

وتعود أسباب الواقعة حسب إفادة الجيران إلى كثرة الخلافات، التي كانت تدور بين الأم وابنها الذي يعاني اضطرابا نفسيا منذ أن كان طفلا يافعا لا يتجاوز 15 سنة، حيث كانت تنتابه في أحيان عديدة نوبة غضب شديدة لا يتوانى خلالها عن توجيه وابل من السب والشتم لوالدته، بل يصل به الأمر إلى حد الاعتداء عليها بدنيا من خلال تعنيفها.

فكيف تحولت علاقة إنسانية سامية بين الأم والابن لتصبح بهذا الشكل في ظل المرض النفسي الذي يعاني منه الابن؟ سؤال تجيب عنه الدكتورة حورية إيدومهيدي الاختصاصية في الأمراض النفسية والعصبية بالقول: «تعتبر العلاقة التي تجمع بين المريض النفسي ووالدته استثنائية، لأن السلوكات التي تصدر عن الأخيرة تحت وطأة الحالة النفسية التي تعيشها تكون متناقضة، فهي تقابل السلوكات العنيفة التي تصدر عن ابنها بتسامح، لكنها في أحيان أخرى قد تبدي الكراهية له، الأمر الذي ينتج عنه نوع من الحيرة لدى الابن، فيشعر بأن والدته لا تحبه، فتزداد سلوكاته العدائية حدة، وقد يصل الأمر حد ارتكاب جريمة قتل».

لم تكن الأم تجد أمامها من خيار سوى الصمت وتحمل أشكال العنف التي كانت تتعرض لها على يد ابنها، في غياب الإمكانيات المادية التي تضمن استفادته من العلاج في مصحة نفسية أو حتى استفادته من المواكبة على يد طبيب مختص، لتدفع حياتها ثمنا لصمتها المتواصل اتجاه ضرب ابنها لها بأمر من «لكبدا» ومشاعر الأمومة التي كانت أقوى منها.

يقتل والدته بهراوة

الخامس من فبراير الجاري سيكون موعدا لجريمة أخرى، لكن هاته المرة بدوار الخربة القابع بجماعة سيدي علي بنحمدوش القروية بدائرة أزمور، فصباح نفس اليوم، ستلقى أم يتجاوز عمرها العقد السابع حتفها والمشتبه فيه الأول لم يكن سوى ابنها الملقب ب«الظلمي».

تعرضت الأم الضحية إلى عدة لكمات وضربات بواسطة هراوة بمختلف أعضاء جسمها. ضربات كانت كافية لإزهاق روحها بعد ساعات من تعرضها لهذا الاعتداء العنيف.

وأكدت المصادر القريبة من محيط الأسرة أن ابنة الضحية التي تتقاسم العيش مع أمها بالبيت، قد أقدمت مباشرة بعد هذا الاعتداء وبإيعاز من أخيها على تغيير ملابس أمها الملطخة بالدماء لنسج سيناريو مخالف للوقائع، حيث قدموا رواية مفبركة للجيران والدرك الملكي أن والدتهما تعرضت لهجوم من قبل مجهولين. لكن شهادة بعض المعارف أكدت أن المتهم اعتاد الاعتداء على أمه، مما أدى إلى كسر حوضها وقدميها في وقت سابق.

وفي هذا الصدد تؤكد الدكتورة حورية إيدومهيدي أن إصرار بعض الأسر التي تعاني من العنف الذي يمارسه عليها أبناؤها على رفض تدخل طرف ثالث في هاته المشكلة يزيد من تأزم الوضع، موضحة أن هذا الطرف الثالث قد يكون فردا من الأسرة، أو طبيبا مختصا في الأمراض النفسية عندما يتعلق الأمر بالاضطرابات السلوكية المفضية إلى العنف، بينما ينبغي اللجوء إلى مصالح الأمن في حالات أخرى لتفادي تطور تلك الاعتداءات الجسدية إلى جرائم قتل ضد الأصول.

يجهز على والده بدافع السرقة

في حالات أخرى تكون السرقة الدافع الوحيد لإقدام أبناء أعماهم الطمع على قتل أقرب الناس إليهم. وضع ينطبق على جريمة القتل التي كانت مدينة العرائش مسرحا لها، وظلت مصدر حيرة بالنسبة لعناصر الشرطة القضائية لأزيد من شهر، قبل أن تتمكن من فك لغزها.

فقد تم العثور على رجل سبعيني بحفرة رملية بجانب وادي «اللوكوس» بالقرب من حومة «طوراديو»، ممددا على ظهره، يرتدي ملابس النوم ملطخة بالوحل والدماء، وعلى عنقه آثار جرح بآلة حادة، والقاتل لم يكن سوى ابن الضحية الذي تم إيقافه وتقديمه إلى المحاكمة.

تم التعرف على هوية الضحية، بعد إجراء العناصر الأمنية مجموعة من التحريات استغرقت ثلاثة أيام، حيث تم الانتقال إلى منزله، وتبين أن الهالك له ابن كان دائم الخلاف معه، وأنه سبق وقضى عقوبة حبسية بعد إدانته بالعنف ضد الأصول إثر شكاية تقدم بها الأب والأم، التي توفيت نتيجة تعرضها لسكتة قلبية كان الابن سببا رئيسيا فيها حسب إفادات المقربين من الأسرة.

لم تكن المعلومات والتحريات الأولية التي توصل إليها المحققون، كافية للوصول إلى أسباب وقوع الجريمة ووجود الهالك داخل «حفرة» غارقا في دمائه، مما حذا بهم إلى تغيير وجهة التحقيق والتحري، ليتم الاستماع إلى أبناء الهالك، الذين أجمعوا على أن شقيقهم دائم الخلاف مع والدهم، خاصة بعد خروجه من السجن بعد انتهاء عقوبته في قضية العنف ضد الأصول، لرفض الأب استقباله بمنزله، وهو الأمر الذي دفعه إلى الانتقال للعيش بطنجة بمنزل أخته المتزوجة.

أمام الشكوك التي حامت حول  الإبن البالغ من العمر 38 عاما عمد المحققون إلى نصب كمين له بتعاون مع أقربائه، إذ حضر إلى العرائش بعد اتصالات هاتفية منهم، ليتم اعتقاله من طرف عناصر الأمن التي استمعت إليه في محضر قانوني، قدم خلاله اعترافا مفصلا بكونه هو من قام بذبح والده ورمى جثته بجنبات وادي «لوكوس».

انهار الجاني أمام المحققين الذين حاصروه بعدة أسئلة، وأوضح أنه رضخ لتحريض زوج أخته، الذي أوهمه بأن والده يتوفر على أموال وأشياء ثمينة بالبيت، وأنه يجب أن يأخذ حقه بيده خاصة بعدما طرده الهالك من المنزل، ليتوجهوا إلى غابة في ضواحي العرائش لمعاقرة كؤوس الخمر، قبل أن يلتحق بهم حفيد الضحية الذي مكنهم من مفاتيح البيت.

توجه الثلاثة ليلا إلى منزل الهالك الذي كان قد استسلم للنوم، فتسللوا بعد فتح الباب للسطو على كل ما هو ثمين بالبيت، لكن الضحية استفاق على صوت بعض الأواني، حيث أبدى مقاومة قبل أن يوجه إليه ابنه طعنة بسكين على مستوى العنق أردته قتيلا. حمل الثلاثة جثة الهالك على متن دراجة نارية مخصصة لنقل البضائع إلى منحدر بمنطقة «طوراديو» حيث ألقوا بالجثة. وأمام المعلومات التي تم التوصل إليها، بعد اعتراف الجاني، تم اعتقال زوج أخت الأخير البالغ من العمر 46 سنة، فيما تم نصب كمين آخر لحفيد الهالك الذي ألقي عليه القبض بتنسيق مع شرطة أصيلة بمنطقة «بوكنون» حيث كان يمارس الفلاحة بإحدى الضيعات، بعد الإيقاع به من طرف والده الذي اتصل به وأخبره بضرورة لقائه.

تقتل والدتها لأنها منعتها من الخروج

مازالت ساكنة درب الفقراء بالبيضاء تستحضر بحزن تفاصيل الجريمة التي راحت ضحيتها جارة مشهود لها بالطيبة والخلق الحسن. أما القاتل فلم تكن سوى ابنتها التي أجهزت عليها بواسطة سكين إثر خلاف بينهما بسبب رفض الأم مغادرة الإبنة للمنزل.

حاولت الإبنة ذات العشرين عاما، التي تقضي اليوم عقوبتها داخل السجن، التملص من فعلتها، حيث أخبرت رجال الشرطة أن أشخاصا هاجموا المنزل وحاولوا سرقته، إلا أن والدتها منعتهم، ليوجهوا إليها طعنة في القلب.

وعاينت الشرطة القضائية جروحا في يدي الضحية وخدوشا على وجهها، ما جعل الشكوك تحوم حول الفتاة التي بقيت منزوية في مكان في المنزل غير مستوعبة لما جرى، لتباشر الشرطة بحثا في المنزل، قبل أن تعثر على السكين مخبأ تحت سرير، لتزداد الشكوك حول أحد ابني الضحية، واستبعاد فرضية الهجوم من قبل لصوص، على اعتبار أن المتهم كان سيحمل أداة الجريمة معه حتى لا يترك بصماته عليها مما يسهل الوصول إليه.

نقلت جثة الضحية إلى مستودع الأموات من أجل تشريحها لمعرفة الأسباب الحقيقية للوفاة، فيما اصطحب ابنا الضحية إلى مركز الأمن من أجل الاستماع إليهما.

وصرح ابن الضحية أنه عاد من العمل فوجد جثة والدته مضرجة في الدماء، وبجانبها كانت تقف أخته وعلى لباسها آثار دماء، فخرج مسرعا وبدأ يصرخ مطالبا بإنقاذ والدته ظنا منه أنها مازالت حية.

رفضت الفتاة الإجابة على أسئلة المحققين، وواصلت البكاء قبل أن تتمكن عناصر الأمن من دفعها إلى الكلام، لتؤكد أنها كانت رفقة والدتها بالمنزل، قبل أن تفاجأ بأشخاص يهاجمونهما، ويطعنون والدتها بسكين ثم يلوذوا بالفرار.

أحس المحققون أن الفتاة غير صادقة في كلامها فوجهوا إليها أسئلة دقيقة، من قبيل سبب الخدوش التي شوهدت على وجه والدتها وأثاث المنزل الذي كان غير مرتب، فانهارت الفتاة لتعترف باقتراف الجرم.

اعترفت الفتاة بالجريمة، مؤكدة أنها كانت ترغب في مغادرة المنزل للقيام بجولة رفقة صديقاتها، غير أن والدتها أصرت على منعها، قبل أن تدخل معها في ملاسنات تحولت إلى تشابك بالأيدي، لتستعين الإبنة بسكين وتوجه به طعنة أصابت والدتها في القلب. وصرحت الإبنة أن والدتها تمنعها من مغادرة المنزل، خصوصا بعد رسوبها في الباكالوريا، ما دفعها إلى الهرب من المنزل والتوجه إلى مدن أخرى يقيم فيها بعض أفراد أسرتها، قبل أن ترجعها والدتها، غير أن تشددها الزائد دفع بالإبنة في نهاية المطاف إلى اقتراف الجريمة.

يقتله ضربا لأنه وصفه ب«لمسخوط»

في أكتوبر من السنة الماضية، اهتزت ساكنة دوار امين اغزر بجامعة أسيف المال نواحي شيشاوة على وقع جريمة بشعة راح ضحيتها مسن في الثانية والثمانين من عمره  إثر تعرضه لاعتداء شنيع على يد ابنه البكر ذي الاثني والخمسين سنة.

وتعود تفاصيل القضية، إلى يوم الأربعاء 10 أكتوبر 2012 عندما تطور نقاش عادي بين الابن البكر وأبيه المسن طريح الفراش بسبب معاناة طويلة مع مرض عضال، إلى ملاسنات ساخنة جراء اتهام الأب لابنه بالإهمال وعدم الاكتراث بالوضع الصحي لوالده، واصفا إياه ب«المسخوط» عديم المسؤولية.

سلوك الأب لم يطقه ابنه البكر الذي استشاط غضبا، مما دفعه إلى الاستعانة بهراوة هوى بها بهستيريا على رأس والده، فدخل في غيبوبة حادة استدعت نقله نحو مستشفى ابن طفيل بمراكش، لكن جميع محاولات الفريق الطبي لإنقاذ الوالد باءت بالفشل، ليلفظ أنفاسه الأخيرة متأثرا بجروحه.

بالموازاة مع الحادث وبناء على شكاية الشقيق الأصغر للجاني، أقدمت عناصر الدرك الملكي بمجاط على اعتقال الجاني في نفس اليوم الذي فارق فيه الأب الحياة، قبيل تنفيذ الجاني لمحاولة الفرار من الدوار، حيث اعترف بالمنسوب إليه، لتتم إحالته على أنظار الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بمراكش، بتهمة الضرب والجرح المفضي إلى موت أحد الأصول، وسط حالة من الذهول والحزن التي خيمت على ساكنة الدوار وعائلة الضحية والجاني والمقربين.

يقتل أمه لرفضها زواجه من عشيقته

وحدها الصدفة ستكون وراء دخول عبد الواحد الجريمة من بابها الواسع بعد إقدامه على قتل والدته لأنها وقفت حجر عثرة في طريقه نحو الاقتران بالفتاة التي أحبها.

ظل الشاب ذو السادسة والعشرين عاما على علاقة حب مع فتاة، تصغره بثلاث سنوات، وسعى إلى إقناعها بكل ما يملك، من أجل أن يقترن بها وتستقر معه بمنزل والديه.

هكذا ظل العشيقان يعيشان على أمل عقد القران، بعد أن طلب عبد الواحد من كريمة بعض الوقت، لتحضير البيت وضمان قدر من المال لإقامة حفل الزفاف.

الشاب كان يعيش وضعية اجتماعية بسيطة، حيث يمتهن الفلاحة إلى جانب والده، ويمارس تجارة متجولة بين الفينة والأخرى. ومع ذلك، لم يشكل هذا الوضع حاجزا في وجه علاقة الحب التي كانت قائمة بين العشيقين، فقد انجذبت الفتاة إليه، رغم انتمائها إلى أسرة ميسورة الحال نسبيا، إلا أنها اقتنعت في الأخير بأن مستقبل حياتها لن يستقيم مع غير هذا الشاب الذي منحها كل العطف والحب.

لكن أمرا مستفزا طارئا عكر صفو هذه العلاقة، ففي الوقت الذي كان فيه العشيقان يتأهبان لعقد القران، فإذا بوالدة الشاب تقرر عدم الموافقة على زواج ابنها البكر من فتاة بعيدة عن محيط الأسرة.

حاول الشاب إقناع أمه بكل ما أوتي له من سبل الإقناع، من أجل عدولها عن قرارها والسماح له بالزواج بمن يرغب، لكن الأم ظلت مصرة على قرارها، ولكي تتمادى أكثر في رفضها، وضعته أمام خيارين لا ثالث لهما: «إما الرضا أو السخط».

طفح الكيل بالشاب، ولم يجد من حيلة لإقناع أمه بالتخلي عن قرارها، لكن تصاعد الجدل بينهما، ليستشيط الإبن غضبا، ويرفع عصا كانت في يديه ويهوي بها بكل قواه على رأس والدته، سقطت على إثرها صريعة في الحال.

لم يفكر الشاب في عواقب ما نفذت يده، فانتابه الارتباك والفزع، وقرر إخفاء معالم الجريمة، مستغلا غياب والده وأشقائه في تلك اللحظة عن المنزل، وعدم إصدار الأم الهالكة صيحات الألم والاستغاثة قبيل وفاتها.

حمل جثة أمه، ورامها في البئر، اعتقادا منه أنها الكيفية المثلى لإخفاء جريمته، لكن أفراد الأسرة سرعان ما تفطنوا إلى وجود لبس في اختفاء الأم. وخلال بحثهم عنها، تبين لهم على الفور أن أحد زوجي الحذاء الذي كانت تنتعله قبل وفاتها، بدا مرميا قرب البئر، ما جعلهم يشكون في احتمال سقوطها به بعد انتشالها وإخضاعها للتشريح الطبي تبين أن وفاتها كانت ناتجة عن تعرضها للضرب على رأسها. وبعد عملية تحقيق لم تستغرق طويلا، انهار الإبن أمام هول ما اقترفه، واعترف تلقائيا بجريمته البشعة.

شادية وغزو

سوس بلوس

مشاركة