الرئيسية مجتمع نساء يحصدن الضباب و يحولن رمال الصحراء لمروج خضراء‎

نساء يحصدن الضباب و يحولن رمال الصحراء لمروج خضراء‎

كتبه كتب في 31 مارس 2017 - 11:37

الساعة تشير لمنتصف النهار إلا ربع، تركنا خلفنا سيدي إفني مهد الرجال و مشتل الأبطال و عرجنا على طريق غير معبدة نطوي المسافات و نشق الغبار، العرق يتصبب من الجبين كيف لا و درجات الحرارة مرتفعة جدا في هاته المنطقة الصحراوية القاحلة.

حوالي ثلاثون كيلومترا قطعناها عبر السيارة وسط طريق وعرة لنتوقف فجأة قرب كوخ تظهر به بعض معالم الحياة، ترجلنا من السيارة و قصدنا أهل المكان نسأل عن أحوالهم و نستغيث قليلا من الماء نروي به الظمأ الذي أصابنا جراء هذا الطقس الجاف الذي يخيم على المنطقة و الذي تختلط فيه الرطوبة العالية بدرجات الحرارة المرتفعة و رياح الشركي العاتية.
طعم الماء هنا مختلف نوعا ما عن باقي مناطق المغرب الأمر الذي دفعنا للسؤال عن مصدره ليجيبنا “الحاج احماد” بكل عفوية: “في بحال هاد المناطق أولدي، طلب ليهم اللبن و لا العسل يجيبوه لك و لكن الما صعيب يفرطو فيه و يعطيوه لك”.
الحاج احماد” الذي يقطن بمعية زوجته الطاعنة في السن كوخا بمدخل المدشر على مقربة من قارعة الطريق غير المعبدة شرح لنا أن ندرة المياه أمر يؤرق بال الساكنة بالمنطقة و هو ما دفع عددا منهم لشد الرحال نحو وجهات أخرى.
و أضاف ذات المتحدث بأن المياه الجوفية بالمنطقة شبه منعدمة و حتى إن توفرت فهي بعمق كبير يتطلب مبالغ كبيرة للتنفع بها خاصة في ظل طبيعة و بنية تضاريس المنطقة، مؤكدا أنهم يعملون على جلب المياه من منبع مائي طبيعي يوجد على بعد حوالي عشر كيلومترات عن مقر سكناهم.
ودعنا “الحاج احماد” بعبارات الدعاء بالسداد و التوفيق في مهامنا و بالخير و الهناء في حياتنا و قبل ذلك “أكرم مثوانا” بقنينة ماء تعيننا على مشقة الطريق نحو وجهتنا و لسان حاله يقول “هذا جهدي عليكم يا شباب غير سمحو ليا”.
شح المياه بالمنطقة دفع بعض الدواوير للتفكير جليا في طريقة تعينهم على تدبر أمورهم اليومية بشكل عقلاني ، بعضهم فشل في إيجاد صيغة تعينه على فك خوارزميات هاته المعادلة المجهولة الأبعاد و آخرون استطاعوا ب”ضربة معلم” فك طلاسيمها بعد أن اهتدوا لحيلة ذكية من خلال اسثتمارهم في مناخ المنطقة باصطياد الضباب و تحويله لماء و من تم ضخ دماء الحياة في أرض قاحلة على شكل صحراء.
الحاجة أم الاختراع .. فكرة بسيطة أثرها عظيم
كل مشروع ينطلق من فكرة و كل فكرة تصبح واقعا إذا ما أمن صاحب المشروع بالحلم و رصد له كل سبل النجاح ، فوراء كل نجاح فكرة انطلقت صغيرة و كبرت مع توالي الأيام.
غيرت فكرة بسيطة قائمة على تحويل الضباب إلى ماء حياة سكان خمس قرى جنوب المملكة المغربية حيث جنبتهم مشقة قطع العشرات من الكيلومترات كل يوم من أجل الحصول على حاجياتهم من الماء الصالح للشرب.
فعلى ارتفاع ألف و مئتين و خمسة و عشرين مترا عن سطح البحر و فوق قمة جبل مطل على خمس قرى متاخمة لمدينة سيدي إفني في الجنوب الغربي للمغرب ، انتصبت أربعون شبكة ضخمة معترضة مسار الضباب حيث تشكل الشباك فخا لقطرات الماء المتبلورة من الضباب إذ تقوم بحصدها باستمرار لتتم معالجتها و خلطها مع مياه الأبار و نقلها بعد ذلك عبر أنابيب خصصت لهذا الغرض للقرويين القاطنين عند سفح الجبل.
الحصول مباشرة على مياه عذبة في مثل هاته المنطقة المميزة بمناخها شبه القاحل يعتبر ثورة في نظر السكان خاصة إذا علمنا أن من يقف وراء هذا المشروع الفريد من نوعه هم نسوة من أبناء المنطقة ، هبة بريس انتقلت لعين المكان و رصدت مميزات هذا المشروع و إيجابياته على ساكنة المنطقة و كيف غير حياة الكثيرين في منطقة يصعب العيش فيها في ظل خصائصها المناخية الصعبة.
سيدي إفني .. جوهرة على مشارف الصحراء
يقع إقليم سيدي إفني بجنوب المملكة المغربية بجهة كلميم واد نون، هذا الإقليم الذي يحده من الشمال إقليم تزنيت و من الشرق إقليم طاطا و من الجنوب إقليم كلميم، أما من الغرب فيحده المحيط الأطلسي ، حاضرة هذا الإقليم الشاسع هي مدينة سيدي افني المدينة المشهورة بالصيد البحري وفاكهة الصبار.
يتكون إقليم سيدي إفني من جماعتين حضريتين هما بلدية سيدي إفني و الأخصاص ، بينما يضم سبعة عشر جماعة قروية على مساحة تقارب الأربعة ألاف كيلومتر مربع و بتعداد سكني يناهز مئة و خمسين ألف نسمة حسب الإحصائيات المتوفرة.
تاريخيا ، استقلت المدينة عن الحماية الإسبانية سنة 1969 التي دامت أكثر من قرن وذلك بعد مقاومة وحصار قبائل أيت باعمران، حيث أخذت المدينة إسمها من ضريح سيدي علي إفني المتواجد بالمدينة، وقد كان يسميها الإسبان بسانتا كروز دي لمار بيكينيا “Santa Cruz de la Mar pequeña”.
يعتمد اقتصاد المدينة على الرواج الاقتصادي الذي يوفره الميناء من تصدير الأسماك خاصة السردين وتوفير الشغل لليد العاملة المحلية ، كما يوفر استغلال شجرة الأركان ونبات الصبار فرص عمل موسمي خاصة للنساء القرويات ، وتزدهر السياحة خاصة في فصل الصيف بالمدينة وضواحيها نظرا للطابع السياحي الفريد لحاضرتيها ووجود شواطئ جميلة على طول الشريط الساحلي و من بينها شواطئ ميراللفت ولكزيرة والشاطئ الأبيض.
ندرة المياه .. شبح يؤرق بال القبائل الباعمرانية
يسود المناخ الجاف مختلف مناطق إقليم سيدي إفني مع تأثيرات بحرية خاصة في الواجهة الأطلسية و يتراوح المعدل السنوي للتساقطات ما بين 250 إلى 300 ملم ويبلغ المعدل السنوي للحرارة 25 درجة، مع 33 درجة كحد أقصى في شهر غشت و18 درجة كحد أدنى في شهر يناير.
و نظرا للمناخ السائد بالمنطقة و لنوعية التضاريس الصحراوية و الجبال المحيطة بها ، يجد ساكنة عدد من الدواوير بقبائل أيت باعمران بسيدي إفني صعوبة كبيرة في الوصول للمياه خاصة الصالحة للشرب.
حسب المعطيات التي استقتها هبة بريس ، فقد سبق لمركز بحث عالمي و هو معهد الموارد العالمية (WRI) أن دق ناقوس الخطر حول ندرة المياه في عدد من الدول عبر العالم ومن بينها المغرب خاصة مناطق الجنوب و منها قبائل ايت باعمران.
و حذر المعهد في تقريره أن المنطقة المتاخمة لإقيلم سيدي إفني ذات الطبيعة الصحراوية يتهددها الجفاف الكامل بداية من سنة 2040 إن لم يتم اتخاد إجراءات استعجالية خاصة في ظل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم خلال السنوات الاخيرة والتطور الديمغرافي الذي يؤدي إلى ندرة المياه.
و بحسب التقرير، خاصة مع حلول 2040، وذلك استنادا إلى مؤشر خاص يتم من خلاله قياس درجة ندرة المياه من 0 إلى 5، بناء على حسابات رياضية، فقد حصلت مناطق سيدي إفني بالمغرب على درجة 4.68، غير أنه من المتوقع أن تفقد المنطقة أكثر من 80 في المائة من مواردها المائية الحالية بعد مرور أقل من ثلاثة عقود.
حصد الضباب .. مشروع بديل يروي عطش الساكنة
و لأن الماء أساس الحياة، وإذا انعدم أو نضب في منطقة ما فإن الحياة فيها تصبح منعدمة، فقد فكر سكان الجنوب الغربي من المملكة المغربية في ابتكار تقنية جديدة ، بسيطة في ظاهرها غير أنها مؤثرة في نتيجتها، التقنية تعتمد على تحويل الضباب إلى ماء لتأمين الاستقرار لخمس قرى كانت تعاني نقصا حادا في الماء الصالح للشرب لسكانها ومواشيهم و الذين أضحوا يفتحون الصنبور ليتدفق الماء ويطرد الشقاء و العناء.
و يأتي مشروع “حصاد الضباب” الذي تبنته جمعية “دار سي حماد” كبادرة أساسية قامت بها رسميا مجموعة من النساء سنة 2013 الهدف منها هو سد النقص الحاصل في المياه بالمنطقة الجنوبية للمغرب.
و ساهم هذا المشروع المبتكر، الذي يستند على فكرة بسيطة قائمة على تحويل الضباب إلى ماء، في تغيير حياة سكان خمس قرى جنوب غرب المملكة، إذ جنّبهم مشقة قطع العشرات من الكيلومترات كل يوم من أجل الحصول على حاجتهم من ماء الشرب.
وبفضل هذا المشروع، الذي تم تصنيفه من قبل الأمم المتحدة كأكبر “نظام لجني الضباب التشغيلي في العالم” و الذي فاز مؤخرا بجائزة “التشجيع للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية” بقمة المناخ العالمية التي احتضنها المغرب ، لم تعد النساء ولا الأطفال يقضون وقتا طويلا من أجل جلب المياه من الآبار البعيدة، حيث أضحت تصلهم إلى غاية بيوتهم ، فكيف إذن انطلقت حكاية هذا المشروع؟
الثورة الناعمة .. كيف أصبح المستحيل ممكنا؟
لم تكن السيدة جميلة بركاش زوجة الدكتور عيسى الدرهم صاحب مؤسسة “سي حماد” للتنمية و التربية و الثقافة تعتقد أن القدر سيسوقها يوما لجبال سيدي إفني النائية و هي التي درست بعدة دول في العالم و تحصلت على شواهد عليا أهلتها للتدريس بكبريات المعاهد و الجامعات الدولية ، غير أن زيارة بسيطة لجبال قبائل ايت باعمران أذكيا في دواخلها رغبة دفينة في الابتكار و التميز خدمة للإنسانية فتفتقت فكرة مشروع “حصد الضباب”.
أمضت الأستاذة جميلة إجازتها السنوية لأيام معدودة بسيدي إفني ، هناك كانت ترى كل لحظة و حين عشرات النسوة و الأطفال الصغار يحملون قنينات بأحجام مختلفة على الأجساد النحيفة و يقطعون عشرات الكيلومترات مشيا على الأقدام لجلب الماء من مناطق بعيدة ، فاهتدت لفكرة بسيطة و هي تحويل الضباب إلى ماء خاصة أن المنطقة تتميز بكثافة الضباب و بارتفاعها عن سطح البحر.
كانت عائلة الدرهم تعيش في كندا، هناك حيث اطلع الزوجان معا على مجهودات شركة “فوغ كويست” للحلول المستدامة الرائدة في مجال حصد الضباب، وكانت قد انتهت لتوها من تنفيذ أولى مشاريعها في تشيلي بأميركا الجنوبية ، حيث يعتبر مشروع الضباب من المشاريع القديمة والصديقة للبيئة و التي انطلقت في دول سابقة كالمكسيك والشيلي وكران كناريا بإسبانيا والنيبال وإريتيريا.
و لأن للأستاذة الجامعية مشاغلها الخاصة فقد تركت هاته الفكرة ترعى و “تسمن” على مهل في مروج مخيلتها الخصبة منذ سنة 2005 ، ليتقرر سنوات بعد ذلك أن تتحول الفكرة الحلم لواقع بعد أن انطلقت دراسة ميدانية بمساعدة من جامعات غربية و مراكز بحث دولية رحبت بالفكرة و أمنت بها و وفرت الإمكانيات المادية و اللوجيستيكية لنساء المنطقة القروية الصحراوية للشروع في تنفيذها.
شبابيك ضخمة تعترض مسار الضباب و تحوله لقطرات ماء
تعتمد تقنية حصاد الضباب على شبكات مصممة خصيصا لالتقاط أكبر كمية ممكنة من رطوبة الضباب وتحويلها إلى قطرات ماء، حيث تجمع وتخزن وتصفى لتصير صالحة للاستهلاك البشري، سواء بغرض الشرب أو أغراض أخرى مثل الطهي أو الريّ أيضا.
فعلى ارتفاع 1225 مترا عن سطح البحر وفوق قمة جبل بوتمزكيدة المطل على خمس قرى متاخمة لمدينة سيدي إيفني في الجنوب الغربي للمغرب، انتصبت 40 شبكة ضخمة معترضة لمسار الضباب المخيّم على الجبل.
هذه الشباك تشكل “فخا” لقطرات الماء المتبلورة من الضباب، حيث تقوم بـ”حصدها” باستمرار لتتم معالجتها بعد ذلك وخلطها مع مياه الآبار ونقلها بعد ذلك عبر الأنابيب إلى القرويين القاطنين في القرى عند سفــح الجبل.
ويوضح عيسى الدرهم، رئيس جمعية “دار سيدي حماد للتنمية والتربية والثقافة”، أن فتح الصنابير بغية الحصول مباشــرة على مياه عذبــة في مثل هذه المنطقة ذات المناخ شبه القاحل، يعتبر “ثورة” في نظر السكان.
و تهدف الشبكات الضخمة المنتصبة في قمة جبل بوتمزكيدة إلى تزويد ساكنة العالم القروي بالماء الصالح للشرب حيث أن هاته الشبكات البلاستيكية المصنوعة من مادة “بروليبروبيلان” المعروفة بحساسيتها لاقتناص ما يحمله الضباب من رذاذ و رطوبة مصممة خصيصا لصيد الضباب في أماكن معروفة بمرور الضباب الكثيف المحمل بالماء حيث تصطدم السحابة بهذه الشبكة ومن تم تنزل قطرات الماء في أنابيب مفتوحة لتمر عبر عدة محطات للمعالجة الى ان تصل للمنازل لتزويد ساكنة المنطقة المستهدفة بالماء الصالح للشرب التي قد تصل إلى كمية 6.3 طن في اليوم من الماء الشروب.
و يصل عدد المستفيدين من هذا المشروع الذي تشرف عليه نساء من المنطقة إلى حوالي 400 شخص أي ما يفوق 100 أسرة، بالإضافة إلى ما يربو على 400 رأس من الماشية في هذه المنطقة التي تضم خمسة دواوير و مدرستين قرويتين ومدرسة تقليدية.
ويتكون المشروع من 600 متر مربع من الشباك المنصوبة بمعدل 20 وحدة من 30 مترا مربعا و خزانين بسعة إجمالية تصل إلى 500 متر مكعب و بئر و مد ما يزيد على 9000 متر من السواقي و نظام للتصفية والتعقيم، بالإضافة إلى أربعة خزانات فرعية و مرصد للضباب هو الأول من نوعه في العالم.
فكرة بسيطة غيرت حياة العشرات من “بسطاء” الشعب
استفادت خمس قرى من مشروع حصد الضباب ، حيث أضحى سكان كل من قرية أكني يحيا و إدسوسان و تامروت و تمتضا ثم قرية إدعاشور يجدون الماء في صنابير تصلهم لبيوتهم عوض رحلة الذهاب و الإياب كل يوم لعيون جوفية بعيدة عن مقرات سكنهم بحثا عن ماء صالح للشرب.
هذا المشروع الذي يعتمد على فكرة بسيطة غيرت حياة كل سكان المنطقة ، حيث تقول “رقية أوبلا” و هي سيدة طاعنة في السن من نساء المنطقة : “كنت أحمل كل يوم قنينتين كبيرتين على ظهري و أقطع مسافة عشرة كيلومترات ذهابا و ما يعادلها إيابا لجلب الماء مرتين في اليوم، أما اليوم فأصبحت أجد الماء بصنبور المنزل”.
و تضيف هاته السيدة: “إنها هبة ربانية ، لم أكن أتوقع يوما أن تصبح الحياة بسيطة بهذا الشكل ، لقد أصبحت في غنى عن قطع كل تلك الطريق الوعرة و المسالك الجبلية بحثا عن الماء ، فعلا إنه شيء عظيم”.
أما السيد “لحسين بن محمد” و هو شخص في الخمسين من عمره ، فقد علق على هذا المشروع قائلا: “هذا المشروع جعلنا نستفيد من الوقت في أنشطة اقتصادية مدرة للدخل ، فعوض قطع عشرات الكيلومترات بحثا عن الماء أصبحنا نمضي ذلك الوقت في استخلاص زيوت شجرة الأركان و العناية بحقول الصبار”.
و كان لأطفال الدواوير المجاورة الحظ الأكبر من فائدة هذا المشروع ، حيث عوض قضاء ساعات طوال ذهابا و إيابا لجلب الماء أصبح هؤلاء الأطفال يمضون وقتا أكبر في المردسة طلبا للعلم و المعرفة ، فضلا على كون المشروع زود مدارسهم بالماء الصالح للشرب.
“دار سي حماد” .. نساء يسيرن مشاريع منطقتهن بأنفسهن
تعكف جمعية “دار سي حماد” حاليا على دراسة مشاريع عدة بهدف تعميم التجربة على أكبر عدد من القرى القريبة من الجبال، فضلا على قيامها بعدة أنشطة تربوية و ثقافية و بيئية موازية لفائدة نساء و أطفال الجبال.
و في هذا الصدد ، حرصت جمعية “دار سي حماد” التي يوجد على رأسها السيد عيسى الدرهم على تكوين نساء المنطقة لتدبير مشروع حصد الضباب الذي تديره السيدة جميلة بركاش بأنفسهن.
و تم لهذا الغرض توفير كل الإمكانيات المادية و اللوجستيكية لنساء القرى الخمس المستفيدة ليصبحن مشرفات على تدبير هذا المشروع من ألفه إلى يائه مع الاستعانة بخبرة شباب المنطقة من حملة الشواهد للإشراف على الأمور التقنية.
و خلق مشروع حصد الضباب ثورة و دينامية هائلة بالمنطقة ، سواءا في شقه البيئي و كذا في شقه الاجتماعي و الاقتصادي من خلال خلق فرص شغل و كذا تشجيع الاسثتمار و المقاولة الذاتية لتنمية المنطقة و ساكنتها.
“تيسلي نتاكوت” .. و تستمر الحكاية بجبال إفني
يحرص السيد عيسى الدرهم رئيس الجمعية في جل تصريحاته على نطق عبارة ”تيسلي تومنزار” ، بينما أصبح لقب زوجته السيدة بركاش وسط ساكنة المنطقة هو “تيسلي نتاكوت” بالأمازيغية أي “عروسة الضباب” لما قدمه هذان الشخصان من خدمات جليلة لمنطقة مع كامل الأسف تعيش تهميشا و ظروفا اجتماعية صعبة.
هي حكاية نساء خلقن الحدث و استطعن بإمكانياتهن الذاتية و أفكارهن التي لا حدود لها من كسر جدار العزلة و فض غبار التهميش لتحقيق الذات و تحسين ظروف الحياة عبر مشروع وصل صداه للأمم المتحدة فتوجته في أضخم ملتقياتها بجائزة دولية مستحقة.
حكاية تستحق فعلا أن تدرس و تعمم على باقي مناطق العالم التي تعاني من ندرة المياه ، ببساطة ، المستحيل ليس له مكان في أوطاننا يا سادة خاصة إذا كانت خلفه أطنان من الرغبة و الإرادة التي تكسر كل العراقيل و الصعوبات بحثا عن الحلم المنشود.
المصدر : هبة بريس
مشاركة