الرئيسية مجتمع معاناة بحارة إمسوان بأكادير بالصوت والصورة

معاناة بحارة إمسوان بأكادير بالصوت والصورة

كتبه كتب في 21 نوفمبر 2014 - 11:34

يقف المرء مندهشا أمام تلك المناظر والمشاهد المؤلمة لباحرة تعاونية إمسوان ،حيت يعيشون  أوضاعا أقل ما يمكن القول عنها إنها مؤثرة لا تتوفر معها أدنى شروط العيش الكريم ، حيث زاد من تفاقمها إختلالات وخر وقات تنظيمية لتعاونيتهم ، بالإضافة إلى التهميش واللامبالاة للمسؤولين محليا وجهويا ، مما فرض علي البحارة  واقعا سيئا يتجرعون مرارته كل يوم ، بل كل ساعة، حاولت جريدة هبة بريس نقله للرأي العام بالصوت والصورة عبر شريط فيديو يوثق لمعاناة هؤلاء البحارة .

ــ ميناء طوره اليابانيون وأخره مسؤولي التعاونية

يوجد ميناء إمسوان ، الذي يعود تجديد  إنشائه لسنة 1998، غرب مدينة أكادير على بعد 95 كيلومترا تقريبا ، يضم أزيد من 175 بحاريشكلون خليط  ممن نزحوا رفقة أسرهم من قرى ومدن مجاورة نتيجة عدة أسباب، منها الفقر والجفاف ، وكذا البحث عن الشغل بالقرب من المدينة …. ليعيشون  وسط بيوت قصديرية متناثرة هنا وهناك تشكل تجمعا سكنيا خاص بالبحارة يعيش أهله ظروفا مخالفة تماما عن تلك التي يعيشها الجوار.

ومعلوم أن ميناء إمسوان  منذ عقود من الزمن كان قبلة للبحارة أصحاب قوارب الصيد التقليدي قبل أن يتم تجديد نشأته سنة 1998 بتعاون من طرف دولة اليابان .

جريدة هبة بريس في زيارتها للميناء ، في الآونة الأخيرة، بشكل لافت للنظر ، وقفت على معاناة بحارة تعاونية إمسوان ، وفتحوا قلوبهم المليئة بالحزن ، ليحكوا للجريدة عن فضائح مسؤولي التعاونية اللذين تنكروا لواجبهم تجاه هؤلاء . زيارة يأمل من وراء هؤلاء إثارة انتباه المسؤولين إلى معاناتهم  و التدخل لأجل رفع الحيف عنها و تكسير عصا الإهمال و التلاعب بمستقبلها ، من أجل العيش الكريم وسط بيئة سليمة و مساكن لائقة و مرافق تلبي حاجياتهم ومحاسبة كل المتلاعبين بأموال تعاونيتهم .

 زيارة ميدانية لطاقم الجريدة ، رصدت خلاله جل مظاهر الإهمال وسط الميناء ،حيت كانت تصريحات البحارة  تصيح معلنة سخطها و استنكارها للوضع المعيشي ، شاجبة كل أساليب التماطل في إيجاد حلول جذرية منها مطالبة المكتب المسير للتعاونية الذي إشتغل أزيد من أربعة سنوات خارج القانون ولم يتم عقد الجمع العام رغم مطالب سابقة ، بل لم يتم تقديم تقارير مالية لعدد من السنوات ، البحارة الغاضبين رفعوا مطالب تتعلق بالسكن اللائق  و التزود بالماء الصالح للشرب و الكهرباء و إحداث مرافق حيوية … مطالبة الجهات المسؤولة ، إن على المستوى الإقليمي أو الوطني، بإيفاد لجان قصد الوقوف على حقيقة مآسيهم الاجتماعية التي يتخبطون  فيها والنظر بروح مواطنة لهمومهم قصد إنقاذهم  مما هم  فيه وعليه.

 الجريدة انتقلت بجل فضاءلت هذا الميناء الخاص بقوارب الصيد ، منها البيوت المخصصة للبحارة  والتي أصبحت جنباتها في وضع مقلق، حيث بدا التصدع على جدرانها في إشارة واضحة إلى الحاجة لترميمها .

عند إطلالتنا على وسط الميناء ، رصدنا انتشار للأزبال وانبعاث روائح نثنة من أكوامها ، رسمت صورة حقيقية عن مدى الإهمال والتهميش الذي يعاني منه الميناء  ، في تلك اللحظة استحضرنا المثل القائل « من باب الدار تعرف الأخبار »! فمقرفرع  مندوبية الصيد لم يعد يحمل من ذلك سوى الاسم ، بعد أن بقي عمود حديدي يتيما في أعلى بناية المقربعد أن اختفى العلم الوطني رغم أن زيارتنا ذلك اليوم صادفت عيدا وطنيا خاص باستقلال البلاد ، فقررنا أن نغير الوجهة بعد أخد صور توثق لذلك  قبل أن نعبر لنصل بعدها إلى بعض “السقايات”  المتواجدة وسط الميناء  ، هناك لم نجد أي صنابير لمياه الشرب بل عوضت بأكوام من النفايات وسط أحواضها، اقتربنا من بعض البحارة وسألنا بعضهم عن ظروف معيشتهم وما يعانونه من مشاكل، فكان أن صرح أحد البحارة قائلا « ها أنت ترى الحالة التي نحن فيها ، فالميناء لا يتوفرعلى مياه للشرب، عايشين مكرفسين أخويا ، كنتوضاو بمياه البحر وكنشريوالماء من الحانوت ب10 دراهم لخمسة لتر، بيوت السكن ..البرد فينا والحر فينا ولا من انتبه لحالنا مسؤولي التعاونية لصوتنا عليهم غابوا عن الأنظار منذ سنوات ولم يعقدوا أي جموع عامة كلشي  مشا ملايين من عائدات التعاونية اختفت لا وجود لأي تقرير مالي لحدود الساعة، خلاصة القول القهرة نحن فيها وكأنها قدر كتب علينا »! بينما كنا نتحدث ، وبعدما أن اطمأن إلينا أفادنا بحار يبلغ من العمر حوالي 55 سنة ، بكون البحارة طالبوا أعضاء المكتب المسير للتعاونية بالجلوس لطاولة الحوار، لكن أحدهم هددهم بالوعيد وسوء المصير، وبأنه هو من يحكم إمسوان لوحده بعد أن شتم كل مسؤولي الجهة أمام مسمع البحارة .

البعض منهم تحدث عن انعدام الإنارة العمومية و الصرف الصحي والماء الصالح للشرب وأكد أن حتى أضواء الإشارة الخاصة بتوجيه البحارة نحو الميناء انطفأت ولم تعد شغالة مما يهدد البحارة بتيهان وسط البحر وحياتهم في خط .شيء محزن فعلا أن نرى اليوم في ظل مخطط أزرق خصصت له الدولة أموالا طائلة لم تجد طريقها لبحارة إمسوان، إلى جانب ذلك الإهمال واللامبالاة من الجهات المسؤولة التي بادرت  مؤخرا لإرسال لجان في إطار مطالبة أعضاء مكتب التعاونية بتقديم أربع تقارير مالية وإجبارها بإفتحاص مالي وضرورة عقد جمع عام للتعاونية حدد له تاريخ بحسب محضر إجتماع ضم عددا من المصالح الخارجية  خلال شهر فبراير الماضي ، لكن لاشيئ تحقق وبقي الوضع يتجه للأسوأ ، اختفاء للملاين من الدراهم من خزينة التعاونية يقابله الحرمان من الكهرباء والماء الصالح للشرب ومجاري الصرف الصحي . السيد أحمد بحار يقول في هذا الصدد « البحارة اليوم ملزمون بأداء درهمان قصد قضاء الحاجة ، بينما هناك عدد كبير ممن يؤدي 5 دراهم للاستحمام في مرحاض  …» يضيف بصوت يعبر عن مدى إحساسه بالتهميش والإهمال الذي طال الميناء « هذه ليست عيشة …» . معاناة البحارة  في هذا الجانب، وخصوصا في أيام البرد والشتاء، كثيرة قد يصابون بأمراض مختلفة لا يشعرون بها إلا بعد فوات الأوان بالإضافة إلى ما يواجهونه من خطر نتيجة الظلام الدامس و خطورة المكان في حين مازال البحارة يعتمدون  في التغلب عن الظلام بداخل بيوتهم على « الشمع » أو « البوطة » قصد إنارة المكان رغم ما تشكله من مخاطر على سلامتهم و صحتهم و حتى ممتلكاتهم . دون الخوض في الأمراض الممكن التقاطها بسبب النفايات والروائح الكريهة المنبعثة من الميناء  وانتشار الكلاب والقطط الضالة والفئران وتناسل الحشرات السامة والمضرة كالعقارب والناموس والبعوض …. كما ترتفع درجة الروائح الكريهة، لتصبح مصدر قلق وإزعاج للجميع خصوصا زوار الميناء أغلبهم أجانب.

ـ أموال طائلة اختفت من عائدات البنزين

 أجمع جل البحارة اللذين إلتقتهم الجريدة أن أموال ضخمة من عائدات البنزين المدعم من طرف الدولة قد اختفت، مؤكدين أن مسؤولي التعاونية قد قاموا بزيادة 0.75 سنتيم للترالواحد من البنزين دون وجه حق. وحاولت الجريدة بتعاون مع البحارة القيام بعملية حسابية لاكتشاف حجم الأرباح من هذه الزيادة الغير المشروعة بعد الاعتماد على الاستهلاك اليومي لكل قارب والذي يعادل 60 لترفي اليوم، وإذا أخدنا المعدل المتوسط للعدد القوارب في 500 قارب سنكتشف أن حجم عائدات البنزين الغير المشروعة تصل إلى 200 مليون سنتيم كل ثلاث أشهر،تخيلوا معي كم سيصبح المبلغ في السنة الواحدة.

سألنا بحارة إمسوان عن مبلغ البنزين بالميناء فأجابوا أنه 11 درهم ، فسألنا هل هو ثمن للعموم ، فأكدوا أن بحارة ميناء أكاديرحدد لهم ثمن اللترالواحد 8.40 دراهم، إنه فعلا فرق شاسع بين بحارة الميناءين ـ أكادير وإمسوان ـ فطرحنا بدورنا سؤال مشروع أين إختفت هذه المبالغ وهل هناك جهات أخرى استفادت من هذا الريع والتزمت الصمت إزاء خروقات التعاونية؟.

ــ معمل لصناعة الثلج عشوائي ويفتقد لشروط الجودة

 بمباركة من مكتب التعاونية ، أحدث أحد الأشخاص معمل صغير لصناعة الثلج دون توفره على تراخيص من مصالح وزارة الصيد واستغلال الموانئ أو حتى مصالح جماعة إمسوان، بعد أن استغل أحد الأشخاص جزءا من مقهى بجانب الميناء وحولها لمصنع عشوائي.

تحويل المياه المجهولة المصدر هل هي مياه البحر أمياه الأمطار،أحد يعرف طبيعة ذلك الثلج المصنع والذي يفتقد للجودة لأنه لم يخضع لمراقبة الجهات المختصة. لكن مقابل ذلك فصاحب المصنع يبيع الكيس الواحد من الثلج بمبلغ 60 درهما لحوالي 200 قارب صيد أي مايعادل 14 ألف درهم في اليوم الواحد من الأرباح أي أن دولة تخسرالملايين من عائدات الضريبة عن الدخل.

ـ جرارعبارة عن هبة ملكية متوقف عن العمل … والأكتاف تعوضه لحمل القوارب

 من اللقطات التي يحملها شريط الفيديو هي تلك المعاناة التي يتكبدها البحارة صباح مساء من أجل حمل مراكب الصيد يصل وزن كل واحد منها 500 إلى600 كيلوغرام ، يحملونها على الأكثاف والعرق يتصبب من أجسادهم المنهكة من شقاء الصيد، مقابل ذلك لاحظنا وجود جرار قيل أنه هبة ملكية لفائدة التعاونية مركونا بداخل الميناء لا يعمل إلا وقت ما يشاء.

البحارة كشفوا للجريدة أنه رغم أن الجرارهبة ملكية قدمت للتعاونية قصد تمكينهم من جر مراكب صيدهم، لكن مكتب التعاونية فرض على البحارة أداء مبلغ 70 درهما لكل مركب بشكل يومي أي ما يعادل 42 مليون في الشهر الواحد كعائدات اختفت أموالها .

 هذا هو حال بحارة إمسوان اليوم رصدناه عبر حلقة ثانية  تحمل بالصوت والصورة معاناة يومية ،أما المستقبل فسيكون أسودا إذا لم تتدخل الجهات الوصية على القطاع لوقف النزيف ومحاسبة المكتب المسيرللتعاونية تحقيقا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة .

 


 بركة

مشاركة