الرئيسية مجتمع مهاجرون من جنوب الصحراء يشتبكون مع الأمن ويرفضون تسليم جثة…

مهاجرون من جنوب الصحراء يشتبكون مع الأمن ويرفضون تسليم جثة…

كتبه كتب في 7 ديسمبر 2013 - 16:32

عاد الهدوء صباح أمس الخميس إلى منطقة مسنانة بمقاطعة طنجة المدينة، بعد ليلة غير عادية، كان خلالها الطقس باردا، قبل أن ترفع أجهزة الاتصالات درجة الحرارة، حين هرعت إلى عين المكان مختلف فرق القوات العمومية لمواجهة مسيرة حاشدة لمهاجرين أفارقة كانوا يطالبون ب “القصاص”.

مجموعة كبيرة من المهاجرين ينحدرون من مختلف دول جنوب الصحراء، حملوا على أكتافهم جثة زميلهم، وتوجهوا في مسيرة نحو وسط المدينة، يرددون شعارات تصف عناصر الشرطة ب “القتلة”، ويحتجون ضد “العنصرية”، في مشهد أثار انتباه سكان المنطقة، خاصة بعد دخول بعض الشبان من أهالي المنطقة في مواجهات مع عدد من المهاجرين المتظاهرين، حين قاموا برشق السيارات وبعض المرافق العامة والخاصة بالحجارة.

شرارة غضب المهاجرين انطلقت بمجرد ما انتشر بالمجمع السكني “العرفان” بمنطقة بوخالف، خبر وفاة مهاجر ينحدر من دولة الكاميرون، إثر سقوطه من الطابق الرابع لإحدى العمارات ، بعدما حملوا المسؤولية لمصالح الأمن ، حين اتهموا عناصر من الشرطة بالوقوف وراء هذا الحادث، وهو ما دفعهم إلى الاحتجاج والقيام بأعمال شغب، ورفضهم تسليم الجثة إلى السلطات المحلية، بعدما حملوها المسؤولية ليتوجهوا في مسيرة أغلقت الشارع الرئيسي الذي يصل مسنانة بالزياتن في وجه حركة السير.

القوات العمومية وأمام حالة الهيجان، التي كان عليها مجموعة من المحتجين، اضطرت إلى تطويق المنطقة، ومنع المتظاهرين، الذين بلغ عددهم حوالي 200 مهاجر، من مواصلة مسيرتهم في اتجاه وسط المدينة، الأمر الذي تطور إلى وقوع اشتباكات بين الجانبين، استعملت خلالها الهراوات والحجارة، تسببت في إصابة بعض رجال الشرطة والقوات المساعدة بجروح متفاوتة الخطورة ، وكان من بين المصابين نائب رئيس مصلحة الاستعلامات العامة ومفتش شرطة تعرض لعدة كسور في رجله.

المفاوضات مع المحتجين، الذين كانوا يطالبون بمحاسبة من يقفون وراء مقتل زميلهم، استمرت لعدة ساعات بحضور رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان ونائب الوكيل العام للملك باستينافية طنجة، قبل أن يوافقوا على تسليم الجثة، ليتم نقلها بمرافقة مجموعة منهم إلى مستودع الأموات بمستشفى طوفار، بعدما تلقوا وعودا بفتح تحقيق حول هذا الحادث وكشف ملابساته.

مصالح ولاية أمن طنجة نفت أن يكون عناصر الشرطة قد تسببوا في سقوط الضحية، وأكدت على إشعارها بوقوع هذا الحادث قصد معاينة الموقع وجثة الضحية، إلا أن تجمهر مجموعة من المهاجرين ومحاولتهم استغلال الحادث، وفق نفس المصادر، حال دون قيام المصالح المعنية بمهامها لكشف أسباب وظروف هذه الواقعة، كما اعتبرته بعض المصادر الجمعوية حادثا عرضيا، قد يكون نتيجة محاولة الهالك الفرار خوفا من حملة لتوقيف المهاجرين غير الشرعيين، وهي الحملات التي اعتادت القوات العمومية القيام بها بالمنطقة المذكورة المعروفة باستقبالها لأعداد كبيرة من مهاجري دول جنوب الصحراء المتوافدين على المدينة ، لكن مكتب فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تبنى فرضية دفع الضحية من قبل رجال الأمن من خلال البلاغ الذي أصدره، في انتظار ما ستكشف نتائج البحث الذي يتم تحت إشراف النيابة العامة.

هذا الحادث يعد الثاني من نوعه بعد مرور حوالي شهر ونصف على وفاة مهاجر سينغالي، كان قد سقط من الطابق الرابع للشقة التي كان يقيم بها بنفس المجمع السكني، وفارق الحياة بعد نقله إلى مستشفى محمد الخامس نتيجة إصابته بنزيف داخلي، وهو ما أثار موجة من الاحتجاجات في صفوف باقي المهاجرين، الذين عبروا عن استيائهم من حملات مصالح الأمن، خاصة بعدما كان مهاجر سينغالي آخر قد فارق الحياة جراء تعرضه لإصابة بليغة، حين قفز من السيارة، التي كانت تنقله رفقة مجموعة أخرى من المهاجرين صدر في حقهم قرارا بإبعادهم نحو الحدود الجزائرية نتيجة دخولهم التراب المغربي بطرق غير شرعية، وذلك خلال أكبر حملة شنتها السلطات المحلية في شهر يوليوز المنصرم، ضد المهاجرين من دول جنوب الصحراء، الذين أصبحوا يحتلون مجموعة من التجمعات السكنية بضواحي المدينة، ويقومون من حين لآخر بتنظيم عمليات “الحريك” في اتجاه الضفة الأخرى.

المجمع السكني “العرفان”، الذي يتشكل من 209 عمارة، تضم 3670 شقة مصنفة كمنتوج للسكن الاقتصادي، صار أغلب سكانه (المجمع) من المهاجرين الأفارقة، الذين يتوجهون طنجة باعتبارها محطة انتظار مؤقتة إلى حين تحقيق حلمهم في الهجرة نحو اسبانيا انطلاقا من سواحل المدينة ، قبل أن يصبحوا مقيمين دائمين، بعدما شكلوا منطقة عازلة خاصة بهم، لدرجة أن العديد من أصحاب المساكن بتلك المنطقة اضطروا إلى عرضها للكراء بعدما كانوا قد اقتنوها بقصد الاستقرار فيها مع أسرهم.

الحملات التي تقوم بها السلطات العمومية في إطار محاربة المهاجرين غير الشرعيين الذين يتوافدون على المدينة، أصبحت تتم بشكل يومي خلال الأشهر الأخيرة، وتعلن ولاية جهة طنجة تطوان عبر بلاغات صحفية عن أعداد المهاجرين الذين يتم إيقافهم من خلال إحباط محاولاتهم للهجرة بطرق غير قانونية انطلاقا من سواحل الجهة ، لكن هذا المجهود يصطدم بقوانين تنظيمية غير واضحة ، فهي تسمح للمهاجرين الذين يتم إيقافهم من أجل انتهاء صلاحية أوراق إقامتهم بالمغرب بالحصول على فرصة لتسوية وضعيتهم من أجل عودتهم إلى بلدان إقامتهم ، كما تجد مصالح الأمن صعوبة في تحديد هويتهم وتنفيذ قرارات ترحيلهم ، الأمر الذي فرض وجودهم على أرض الواقع بعدما صارت أعدادهم في تزايد يوما بعد يوم ويتكتلون أكثر وأكثر في مواجهة حملات السلطات المحلية.

محمد كويمن

مشاركة