الرئيسية مجتمع قتل الأطفال: مختطفوا، مغتصبو، وقاتلو الأطفال أشخاص يعكسون ما تعرضوا له في طفولتهم

قتل الأطفال: مختطفوا، مغتصبو، وقاتلو الأطفال أشخاص يعكسون ما تعرضوا له في طفولتهم

كتبه كتب في 2 ديسمبر 2013 - 14:12

يحتار القارئ في تحليل الجرائم المتكررة التي يقع ضحيتها الأطفال، إلا أن علم النفس الاجتماعي له وجهة نظر حول انتشار الظاهرة. ففي تحليل للظاهرة يرى الأستاذ عبد الرحيم عمران، أستاذ علم النفس الاجتماعي أن موضوع اختطاف أطفال واغتصابهم وأحيانا قتلهم  أثار الرأي العام والجانب المؤسساتي ومنظمات المجتمع المدني. هذه الجرائم والحوادث تمس الطفولة خاصة في سن مبكر، التي تعتبر حمايتها من مهام المجتمع، من خلال وضع القوانين وتحمل مسؤوليته، إلى جانب الأسرة والأمن والقضاء.

يرى الأستاذ أن ” حماية الطفل شرط وجوب على الأسرة التي يفرض عليها حماية أطفالها، وعلى الجهاز الأمني الذي يقع على عاتقه الحيلولة دون تعرض الطفل  للاغتصاب والعنف أوالقتل. لكن ورغم هذه الحماية فنحن نجد أنفسنا أمام حالات تنتهي بعد الاغتصاب بالقتل. فقتل الأطفال غير وارد، لأنهم رمز المحبة ، الحنان… وبالتالي تعرضهم للتعنيف والاغتصاب والقتل يدخل في باب الممنوع ، فكل المجتمعات البشرية تعاقب الفاعل في مثل هذه الجرائم في حق الطفولة، من طرف حالات مجتمعية “غير سوية” استطاعت أن تغتصب ثم تقتل طفلا هو رمز الحياة. أرى أن قتل طفل هو قتل حياة، فهو لم يبلغ الرشد ولم تتوفر لديه سبل حماية الذات، لذا فكل الديانات والقوانين الوضعية والسماوية حرمت القتل خاصة الأطفال  والأيتام: ” لا تقتلوا النفس التي حرم الله “.

فقتل الأطفال يدخل في خانة ” الشاذ”، لكنه يحدث. ما الأسباب في هذه الحالات؟ هنا المقاربات تتعدد، فندخل في علم الإجرام فنبحث عن الأسباب التي تدفع بعض الأفراد بشخصياتهم ومواصفاتهم إلى القيام بهذه الأفعال التي ينبذها الجميع، ويحرم قتل الطفل من المرجعية الدينية إلى المرجعية المدنية .

لكن ما هي مواصفات المختطفين والمغتصبين الذين ينتهي الأمر ببعضهم إلى قتل الضحايا؟ تدخل حالات اختطاف واغتصاب وقتل الأطفال في إطار علم النفس المرضي: من يقوم بقتل حياة؟ هؤلاء أناس يتميزون ببنية مرضية خاصة، تدفعهم شخصيتهم ويقبلون على القتل دون الشعور بتأنيب الضمير أو الندم، فبنيتهم النفسية تجعلهم خارج النسق المجتمعي والوجداني، هؤلاء يدخلون في خانة المرضى والمجرمين، لا يتقاسمون معنا الأبعاد الإنسانية، يدخلون في خانة المجرمين، لذا عقابهم وسجنهم مدى الحياة يصبح شرط وجوب، حيث أن المجتمع  يعاقبهم بأقصى العقوبات….لجماية الطفولة و…ليحمي نفسه أيضا. لذا تجد كل المجتمعات تصدر أقصى العقوبات في حقهم.

يعد هؤلاء الأشخاص – حسب علم النفس المرضي – خارج المرجعية الإنسانية المجتمعية، الذي يثبت أننا أمام أشخاص يتموقعون في مرجعية ” المجرمين” وهي قليلة لكنها موجودة، يميزها عدم الشعور بالندم، وسواء تقرر عقابهم أو علاجهم فيجب أن تتم مراقبتهم، كما هو معمول في بعض الدول الأجنبية كفرنسا.

هذه الشريحة حسب الطب النفسي، علم النفس المرضي، علم الإجرام نجب أن يحاصرون بعدد من الإجراءات التي تضعهم خارج النسق المجتمعي مثلا السجن المؤبد، لكونهم يهددون سلامة وأمن المجتمع بل أمن الطفولة،  التي تتمتع في المرجعية الإنسانية بالتقديس: المحبة، الحنان ” فلذة الكبد”هذا يعني أن النسق المجتمعي يعطي مرتبة مقدسة للطفل في العلاقة الأسرية مع الآباء وخاصة الأم.

عندما نقتل طفل في سن مبكر، حسب الحالات التي وقعت في الآونة الأخيرة، تقتضي “الظاهرة ” التحسيس والرعاية لكن لدينا معادلة صعبة، فأمام حقوق الطفل نجد حقوق الإنسان، هناك المجرم والجريمة ما يطرح تساؤلا حول : هل المجرم يكون دائما مجرما بالفطرة؟  يكمن الجواب في أن كل  سلوك إجرامي يدخل في معادلة إمكانية التقويم، والقانون دائما يميل للعلاج والتقويم والإصلاح ، لكن يشترط ذلك بوضع احتياطات من قبيل” آلات تقنية إلكترونية لمراقبة تحركات المجرم، تقديم نفسه بصفة دورية للأمن، …… أي الاحتراس الأمني والمراقبة المستمرة والعلاج النفسي، لأن هناك احتمال ارتكاب حالة ” العود”، فالجاني لا يتحكم في نفسه وسلوكه لأن سلوكه” قهري”، “إجرامي” يتجاوزه، فهو سجين سلوكاته الإجرامية.

إذا كان قتل الأطفال منتشر وبحدة وباستمرار، فتفسيره أن هناك مجموعة لها سلوكات مرضية، يجب علينا معرفة أسبابها والتي أرى أنها تتعلق بأسلوب التربية الأسرية. فيجب أن نتساءل عن الممارسة التربوية، فالأسرة التي تنظر باحتقار إلى الطفل ولا تتعامل إلا بتعنيف وتهمش الطفل وتعنيفه، تخلق لدى الطفل النزعة الإجرامية والرغبة في الانتقام كنتاج للتنشئة الأسرية، بمعنى أن الأشخاص المجرمين نتاج تربية أسرية يميزها العنف وتبخيس الطفل، ينتج خلال المراهقة وسن النضج الحقد ويتوجه الشخص للعنف وقتل الأطفال، بعد تعنيفهم واغتصابهم. هم أناس مروا بطفولة قاسية يعكسون بشكل قاس ما عاناه في طفولتهم، منهم من سبق له التعرض للاغتصاب.

مختطفوا، مغتصبو، وقاتلو الأطفال أشخاص يعكسون ما تعرضوا له في طفولتهم: يقومون بإغراء الأطفال واختطافهم باقتيادهم لأماكن  مهجورة وخالية لاغتصابهم وقتلهم. فلا يمكن لنا تصور بشاعة الفعل الإجرامي في حق طفلة، وقتلها بحجر أن سلاح أبيض وهي تصرخ أو تستنجد…فهو ليس سلوكا إنسانيا بالمرة.

غالبا ما يوصف المجرمون هنا بالمكر. فمجموعة منهم يتميزون بالكفاءة والمتابعة والتخطيط واختيار الضحية ، الفطنة، الملاحظة … فيمارسون نوعا من الإغراء والممارسة الشاذة واللاإنسانية. إن استمرار الأسلوب التربوي المعتمد على تبخيس الطفل وتعنيفه وتهميشه يطبع شخصية الإنسان، وينعكس عليه فيقوم بأفعاله الإجرامية في حق الطفل. هذه العينة ستتواجد باستمرار  موازاة مع استمرار  الأسلوب التربوي الأسري الذي يبخس الطفل.”

 أمينة المستاري

مشاركة