الرئيسية عدالة شمهروش يقع بقبضة العدالة

شمهروش يقع بقبضة العدالة

كتبه كتب في 17 سبتمبر 2013 - 11:16

بعد أزيد من ثلاث سنوات من النصب والاحتيال وممارسة الشعوذة والدجل، وبيعه الناس الأوهام، وفراره من قبضة الأمنيين بالدار البيضاء، تمكنت عناصر الشرطة القضائية التابعة للمصالح الولائية بمكناس بتنسيق مع إحدى الضحايا منتصف الأسبوع المنصرم من نصب كمين ناجح، قادهم لإيقاف المحتال »شمهروش»، وتقديمه يوم الجمعة الأخير في حالة اعتقال أمام أنظار النيابة العامة بمكناس. ويتعلق الأمر بامرأة جزائرية مقيمة بفرنسا كانت قد لجأت للمحتال »شمهروش» بناء على توصية من صديقتها المغربية المقيمة ببلاد المهجر كي يجد علاجا لزوجها الفرنسي الذي يعاني عجزا جنسيا، فأوهمها أنه مختص في مثل هاته الحالات، وأن بإمكانه أن يعيد الفحولة المفقودة لزوجها، حتى يعاشرها وفق ما تقتضيه الطبيعة الإنسانية. بيد أن مرور الزمن وتوالي السنوات، جعلها تدرك أنها كانت ضحية نصب واحتيال من طرف نصاب محترف، امتهن استغلال مآسي وآلام الآخرين لتحقيق مكاسب دنيوية زائفة، فكان أن تقدمت بشكاية لدى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بمكناس، هذا الأخير الذي أحال الشكاية على أنظار الشرطة القضائية مرفوقة بتعليمات توجيهية لمباشرة البحث في الملف وربط الاتصال به. بدأت العناصر الأمنية بحثها التمهيدي بالاستماع إلى الضحية، وتدوين أقوالها في محضر رسمي أعد لذلك، فأفادت المشتكية أنها تزوجت بشخص من أصول فرنسية سنة 2006، وفي أول التقاء حميمي بينهما، اكتشفت إصابته بالبرود الجنسي وعدم قدرته على الانتصاب، وهو السبب ذاته الذي جعل زوجته الأولى تطلب الطلاق منه، غير أن حبها له، ورغبتها في الاستمرارية في العيش معه، جعلها تشجعه على زيارة الطبيب المختص، فزارا الطبيب تلو الآخر، دون أن يفلحا في مسعاهما، وظلت الحالة على ما هي عليه، حزينة بئيسة مثل زوجة المنحوس “ما هي مطلقة، ما هي عروس”، ولما أعياها الصبر والصمت، لجأت لصديقتها وجارتها المغربية، فحكت لها حظها التعس، بيد أن هذه الأخيرة فتحت أمامها بوابة الأمل، وأسرّت لها بمعرفتها بشخص مقيم بالمغرب، خبير في هذا المجال، دواؤه فعال، وسحره بتار، وعلاجه ليس له مثيل، فطارت المسكينة فرحا، ونقلت البشرى لزوجها، فطارا إلى المغرب في أول مناسبة سنحت لهما، ثم سافرا إلى مكناس حيث التقيا بالشخص المطلوب “ي.ح”، وحكيا له أعراض مرض الزوج الذي كان سببا في تعاستهما. جلس »شمهروش» “المعالج !”، في جو طقوسي غريب ورهيب، والشموع المختلفة ألوانها وأشكالها على يمينه وشماله، يحلل في سيكولوجية مريضه الضحية، ويعطيها تفسيرات ميتافيزيقية حول طبيعة المرض وأسبابه ومسبباته، وأقنعهما بأن لديه إكسير الشفاء، ووصفة العلاج، الذي سيقهر العطب، ويرجع السحر للعصا. اقتنعت الضحية بما قاله »شمهروش»، ذاك الفقيه الخبير والعليم بأسرار الجن والعفاريت، وبدأت في تلبية طلباته “طلبات الأسياد، صحاب الحال، الساكنين المكان”، على مدى ثلاث سنوات متتالية، حتى فاق مبلغ النفقات 300.000,00 يورو، موزعة بين عطايا نقدية وعينية، في حين ظلت حالة الفرنسي على ما هي عليه، فقط الصحوة من الغيبوبة والسبات الديماغوجي الذي كانا يعيشانه تحت تأثير كلمات وترتيلات الشخص المحتال. بعد ذلك، نسق المحققون الميدانيون مع الضحية، ونصبوا كمينا ناجحا للمتهم، مكنهم من إيقافه بأحد المقاهي المعروفة في المدينة الجديدة “حمرية”، فاقتادوه نحو المصلحة لمباشرة التحقيق معه، والاستماع إليه في ما نُسب إليه من اتهامات. وفي إطار إجراءاتهم الاعتيادية في مثل هاته القضايا، عمد المحققون إلى تنقيط المتهم “pointage” عبر الناظم الآلي، فتبين لهم أن الشخص الماثل أمامهم مبحوث عنه من طرف أمن الدار البيضاء، وأنه من ذوي السوابق القضائية في مجال النصب والاحتيال، لتتعزز بذلك أقوال المشتكية في اتهامه له، حيث لم يجد بدا من الاعتراف، والقول بالحقيقة. ولاستكمال البحث والتحريات، انتقلت عناصر الشرطة القضائية رفقة المتهم إلى منزله، وأجروا تفتيشا دقيقا، مكنهم من حجز وصولات استلام مبالغ مالية باسمه واسم شريكه “إ.م”، وتجهيزات منزلية ثمينة كانت قد أهدتها له الضحية المشتكية، كما حجزوا أيضا قطع ثوب وأقمشة نسائية عليها آثار سائل منوي تخص أزواج وخلان زبوناته من النساء. وبعد استكمال البحث والتحقيق، وجمع كافة الأدلة والحجج، تم تقديم المتهم في حالة اعتقال أمام أنظار النيابة العامة يوم الجمعة الأخير، ليودع بأمر منها سجن تولال المحلي بمكناس في انتظار تقديمه للعدالة لتقول كلمتها فيه.

مكناس : عبد الرحمن بن دياب

 

مشاركة