الرئيسية عدالة الفقهاء القضاة بسوس: أحمد المسلوت بتارودانت…أحبه الناس وشيعوه في جنازتين

الفقهاء القضاة بسوس: أحمد المسلوت بتارودانت…أحبه الناس وشيعوه في جنازتين

كتبه كتب في 17 أبريل 2023 - 16:30

أمينة المستاري

 

كان القضاء قبل ظهور الإسلام بالمغرب، تنظمه الأعراف حسب البنية السوسيو- اقتصادية لكل منطقة، وأطلق عليها اسم ” أزرف”، وكانت القبائل ترضى بأحكام العرف لأنه صادر عن الجماعة، وكان بعض تلك الأعراف يقوم بتدوينها فقيه القبيلة فيما يعرف ب”الألواح” أو “تعقيدت” والتي تقنن الجانب الجنائي كالقتل والضرب والجرح…وتنظم أيضا الزواج والطلاق والرعي..وتوضع الألواح بضريح رجل صالح بالقبيلة، فيما يطلق على المحكمة اسم “تعقيدين” وتتكون من رئيس منتخب وأعضاء يختارهم أهل العشيرة…

وفي القضاء المدني الأمازيغي كان الحاكم يتم اختياره من طرف الأطراف في نزاع، حسب ما جاء في بحث للأستاذ خالص مخلص محامي بهيئة المحامين بالرباط، وبعد مجيء العرب للمغرب، تم إقرار الفقه الإسلامي بشكل كبير وأصبح العرف يطبق بشرط عدم تناقضه مع الشرع.

بسوس ظهر قضاة فقهاء تمدرسوا ونهلوا من العلوم الشرعية ما يكفي لجعلهم يتقلدون منصب قضاة.

القاضي أحمد بن الحاج امبارك المسلوت، أحد قضاة سوس، يتحدر من أسرة عالمة فهو ابن العالم الحاج امبارك المسلوت وحفيد الفقيه الصالح سيدي عبد الله المعروف ب”ابن نبيكة” الذي أخذ العلم عن علماء أجلاء معروفين بسوس وفاس، وعرف بالإفتاء بمنطقة هوارة، وعرف عنه إعراضه عن تقلد مهام القضاء، لكن كان مرجعا في معضلات النوازل في زمانه.

ولد القاضي أحمد سنة 1303 بقبيلة يحيي زمن قدوم السلطان الحسن الأول إلى سوس. درس عن مشايخ معروفين بسوس من قبيل محمد أوعمو، محمد بن عبد الله الصوابي، الفاطمي الشرادي قاضي المحروسة تارودانت، وتتلمذ أيضا على يد والده كما ورث عنه تواضعه وعدم التكبر بعلمه، يرفع راية الحق ولا يعرف المداهنة.

حرص والده العلامة الحاج امبارك على أن يخلفه أولاده ( سيدي محمد وسيدي أحمد وسيدي رشيد) في طريقة فضه للنوازل، فكان يلزمهم بحفظ المتون في سن مبكرة وحفظوه.

قام القاضي أحمد بالتدريس بالجامع الكبير بتارودانت حوالي 15 سنة، تولى رئاسة مجلس الشورى العلمي وناب عن القاضي سيدي موسى بن العربي، الذي كان يحبه ويجله،  وفي مرحلة، قلده السلطان محمد بن يوسف خطة العدالة بأكادير سنة 1355 فمكث بها سنتين وبضعة شهور،  قبل أن ينتقل إلى تمنار بقبيلة حاحا سنة 1357، وبقي هناك 8 سنوات.

عرف بورعه وحسن تفكيره ورزانة عقله في تعاطيه مع القضايا المعروضة عليه، حيث ذكر المختار السوسي في “المعسول” أن السلطان بلغه من حزم ونزاهة القاضي واعتنائه بأمور الدين  ما جعله يرقيه، ثم عين قاضيا بتيزنيت 1365 خلفا للقاضي محمد أعمو المتقاعد.

يشهد له أهل تيزنيت بكونه مثال للقضاء الإسلامي الحقيقي عدلا ونزاهة والأخلاق، لا يتوقف على المذاكرة دؤوب، محبوب محترم عند الخاصة والعامة، وكريم إلى درجة حاتمي، لكن الميزة وكان القاضي أحمد بن امبارك المسلوت يجالس أعيانها وعلمائها حتى أصبح من الشغوفين بالخوض في النقاشات العلمية معهم، إلى أن توفي سنة 1374، ولحب الناس له أقيمت له جنازتان واحدة بتيزنيت والأخرى بتارودانت.

 

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *